احدث الاخبار

تظاهرات الغضب العراقي .......... ومواقف المثقفين العراقيين

تظاهرات الغضب العراقي .......... ومواقف المثقفين العراقيين
اخبار السعيدة - بقلم - صلاح عمر العلي         التاريخ : 20-02-2011

اعتمادا على معلوماتي المتواضعة في التاريخ وربما في الجغرافيا ايضا, فان اغلب أو جميع ألثورات ألكبرى في التاريخ الانساني بدأت بمطالب متواضعة كالاحتجاج على سوء الاحوال المعاشية او بسبب الظلم والقهر والفساد. وبعد نزول الجماهير الى الشارع لمواجهة الظلم والظالمين وبعد سيادة الجماهير على الموقف وفرض السيطرة عليه ودخولها مرحلة المواجهة والصراع المباشر مع تلك السلطة تتفاعل وتتطور تلك المطالب وتتعمق في تفكير وسلوك الجماهير الزاحفة نحو بؤر الفساد والطغيان لترتقي الاحتجاجات الى مستوى الثورة، والمطالبة بمعالجة الفقر والفساد والظلم والارهاب، الى برنامج متكامل للثورة الشعبية وصولا نحو المطالبة باقتلاع مسببي تلك المظالم نظاما وحاكمين، ورميهما خارج مسار التاريخ، وحصريا في مزابله، لفسح المجال لبناء نظام جديد يعبر عن ارادة الشعب وحاجاته الاساسية في العدل والحرية والمساواة بين المواطنين واحترام ارادة الشعب في اختيار من يمثله داخل المؤسسات التشريعية والقضائية والتنفيذية. فميثاق جبهة الاتحاد الوطني التي شكلت في العراق عام 1957 وضمت الاحزاب الوطنية الاربعة حين ذاك والتي كانت على اتصال وتنسيق مع منظمة الضباط الاحرار، لم يتضمن المطالبة باسقاط السلطة الملكية رغم الفساد الذي كان يستشري في مختلف مفاصل الدولة وبين كبار مسؤوليها وسياسة القمع والارهاب، ولا المطالبة برحيل القوات البريطانية من العراق، وانما اقتصر على شعارات مطلبية تتعلق بحياة الناس وبالحريات العامة للمواطنين، ولكنها تمكنت من قيادة وتوجيه الصراع مع السلطة الملكية حتى تفجرت ثورة 14 تموز 1958، وكم شهد التاريخ الانساني حكاما ظلمة وطغاة تجبروا وتفرعنوا على شعوبهم وخانوا الامانة التي ائتمنتهم عليها شعوبهم، فكان مصيرهم في الدرك الاسفل من مزابل التاريخ ، وهو ما حصل في الثورة الفرنسية وفي الثورة الشيوعية واخيرا وليس أخرا ما حصل في كل من تونس ومصر العربيتان، وكما يبدو فان الحبل على الجرار، فهذه جماهير ليبيا الثائرة وتلك جماهير اليمن التي تعيش غليانا من الغضب والثورة منذ فترة طويلة وهي تقارع نظاما فرديا استبداديا وراثيا لا نظير له في المنطقة، ولسنا بحاجة الى مزيد من التفصيل في الحديث، فالمعلومات اصبحت شائعة وموفورة لدى القاصي والداني.

ان الوضع العراقي له خصوصية تميزه عن باقي البلدان العربية الاخرى فهو ما زال يعاني من احتلال شرس ومن وجود العملية السياسية المشؤومة التي بنيت على اسس المحاصصة المذهبية والدينية والاثنية، التي تهدد العراق بالتقسيم ومن محاولات لتقسيم المجتمع العراقي وفق مقاييس غريبة ومرفوضة من هذا الشعب وتدمير بنيته ونسيجه الاجتماعي تمهيدا لتقسيم العراق. كل ذلك اختزن في صدور ملايين العراقيين غيضا وحقدا وكراهية ورغبة في الانتقام، وتراكم بكيفية لم تعد تطاق، الامر الذي وفر اسبابا مثالية لانفجار غضب تلك الملايين من العراقيين بمجرد قدح زناد الانفجار، وجاءت قدحة زناد الثورة والغضب الاولى هذه المرة على ايدي ثوار تونس الابطال الذين اقتلعوا بنضالهم ودمائهم الزكية وبتضحيتهم اشرس وابغض نظام في الوطن العربي ، ثم تلا ذلك قدحة زناد ثانية اكثر عمقا وتاثيرا على ايدي شباب مصر العربية لتمنح ملايين الشباب في كل اقطارهم افضل وابلغ الدروس في مجالي تكتيك العمل الثوري وستراتيجته، فلم نجد من بين الشعارات التي رفعها عشرات الملايين من ابناء مصر في جميع انحاء البلاد شعارا واحدا يندد مثلا باتفاقيات كامب ديفيد التي كبلت شعب مصر وفرضت عليه قيودا مذلة لا يرضاها، كما لم نشاهد شعارا واحدا ضد امريكا او غيرها من البلدان التي ساندت ودعمت نظام مبارك، وانما اقتصرت شعاراتهم على اسقاط النظام وراسه وكلهم ينادي (الشعب يريد اسقاط النظام) . و كان هذا الزناد كافيا لاشعال الغضب العراقي الذي تراكم قي نفوس ابنائنا الشجعان، لولا الحماية التي تلقتها سلطة المنطقة الجرباء وما زالت من قوات المحتل الامريكي وتسترها باستار بالية لا تليق بشعبنا ولا تصلح لمثل تلك المهمة في مختلف مراحل تاريخنا القديم والحديث والمتمثلة بالتفرقة المذهبية او الدينية والقومية، التي مزقها العراقيون ورموها تحت اقدامهم بعد ان اكتشفوا بام اعينهم حجم الخديعة والتظليل واللعب الذي مارسته هذه السلطة في تمريرها علينا طوال الاعوام الثماني من عمر الاحتلال.

وقبل التوغل في ما نريد قوله واستخلاصه من هذا المقال نذكر ونبصر كل من وضع عصابة سوداء فوق عينيه ليحجب الرؤية الحقيقية لصورة الاوضاع المفجعة والكارثية والملتبسة التي يعيشها ويعاني منها شعبنا العراقي في ظل احتلال عسكري شرس واجرامي ليس لاجرامه حدود أو نهاية، وفي ظل سلطة اكثر اجراما وفسادا وعدوانية من اسيادهم المحتلين.

ان مثل هذه الاوضاع المأساوية في العراق تضيف عامل تعقيد وصعوبة على ما كان يعيشه الشعبان في تونس ومصر العربيتان، الامر الذي يفرض على من يخطط ويعمل على مواجهة السلطة القمعية في بغداد ان يكون اكثر حذرا وحيطة واستعدادا ووعيا في توفير المناخات اللازمة لاعادة الثقة في النفوس المنكسرة من العراقيين وتحطيم حاجز الخوف لديهم واعادة لحمة مجتمعنا العراقي التي اصيبت ببعض الندوب هنا وهناك، بتاثير عملية غسيل الدماغ المكثفة التي مارسها وما زال يمارسها اعلام السلطة والمحتل معا، وان يحسب لكل خطوة يخطوها الف حساب لان مجابهة النظام في العراق تعني ايضا مجابهة مباشرة للمحتل ومشروعه السياسي والاقتصادي وافشاله، ليس في العراق حسب وانما في المنطقة كلها. اما ما يكتب هنا او هناك في بعض الصحف ومواقع الانترنيت من مقالات سلبية مشككة ومحبطة من قبل بعض اخوتنا واحبتنا وابناء شعبنا من الكتاب والمثقفين (البطرانين) الذين عاشوا ثماني اعوام الاحتلال بعيدين ومنقطعين تماما عن هموم ومعاناة شعبهم ومنشغلين بطوباوية افكارهم، فعلينا ان نقول لهم اكرمونا بسكوتكم أو انصفوا ابناءكم وشجعوهم على المضي في طريق النضال اذا شئتم، وارشدوهم والفتوا انتباههم في ذات الوقت من الوقوع في بعض المطبات التي قد تلحق ضررا في مسيرتهم المباركة التي ندعو الله لها ولهم النجاح في تحقيق اهدافها، اما توجيه الاتهام لهذه الجموع التي تتظاهر منذ اكثر من عشرة ايام في مختلف المحافظات والمدن والتشكيك بنواياها وتوجهاتها وانها تسعى لشرعنة الاحتلال او أن ما يقومون به جاء بتخطيط وتفكير من سلطة المالكي، أو انها تعبير عن صراع بين هذا وذاك من الناس أو انها شيعية او سنية التوجه والهدف، فانه اتهام خارج سياق المنطق السليم ولا يقبله العقل ولا يليق بشعبنا، ولا يجوز أو يقبل، خصوصا عندما نعلم بان من يتصدر ويقود هذه الفعاليات الجريئة في الميدان وليس بالرموت كونترول ويعرض حياته في كل لحظة الى شتى المخاطر هم اناس فوق الشبهات وتتوفر فيهم الخبرة والدراية والاخلاص وهو ما لا نتمناه لكل حملة الاقلام العراقيين وانما نتمنى عليهم التخلي عن سلبيتهم وتشكيكهم القاتل بمن يضع نفسه في مواجهة بوز مدافع السلطة التي لا ترحم احدا والأنتقال الى خندق المواجهة مع المحتل واعوانه ولو باقلامهم فقط.

عدد القراءات : 3653
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات
lubna
سلام عليكم اخوان اتمنى انكم تعلقون صورة البطل العراقي الاصييل الفريق عبد العزيز الكبيسي في الثورة اتمنى واكون لكم من الشاكرين وعفية عليكم وعلى جهودكم الله يبارك فيكم يا ابطال