احدث الاخبار

سياسة التجويع والترويع ل إخماد ثورة مصر؟

سياسة التجويع والترويع ل إخماد ثورة مصر؟
اخبار السعيدة - بقلم - أ د. محمد سعد عبد اللطيف         التاريخ : 09-02-2011

منذ اللحظة الأولى لانطلاق شرارة الثورة الشعبية في مصر لجأ النظام لإجراءات مدروسة ومرتبة بشكل مسبق لمحاصرتها وتضييق الخناق عليها.

المستويات المتدرجة لخطة وطريقة القيادة المصرية الحالية بدأت تظهر تباعاً رغم غياب هذه القيادة بوجوهها المعروفة طيلة الأيام الماضية باستثناء يوم الأحد الذي شهد ظهوراً ملفتاً لهؤلاء في رئاسة أركان الجيش وأمام مبنى الإذاعة والتلفزيون الرسمي.

في المستوى الأول للتعامل مع الانتفاضة الشعبية كانت المعالجات موضعية وتمس المحتجين مباشرة وكثرت فيها عمليات القتل والخطف والاعتقال مع ظهور مكثف للأمن المركزي وشرطة مكافحة الشغب واستمر ذلك حتى يوم الجمعة 28 / 1 والذي شكل محطة نوعية في حياة الثورة مع خطاب الرئيس المصري وإجراءاته الإدارية بتعيين مدير المخابرات نائباً له وتسمية رئيس وزراء جديد بعد حل الحكومة السابقة التي بقيت تمارس مهامها حتى اللحظة.

الثورة اتسع نطاقها وبدا واضحاً للنظام أن المتظاهرين والمحتجين مصممون على مطالبهم وعلى الأخص مطلب رحيل مبارك وإسقاط النظام فبدأت المرحلة الثانية من خطة المواجهة بتسليط الضغط على الناس والمجتمع ككل بإفقاده الأمن والأمان عبر مجموعة من الخطوات والممارسات بدأت بإفراغ الشوارع والمراكز من رجال الشرطة واختفاء مظاهر الأمن المعروفة من الأحياء في معظم المدن المصرية وخاصة في العاصمة والإسكندرية والسويس.

ترافق ذلك مع ظهور مجموعات من البلطجية والخارجين على القانون، أكثريتهم ممن أطلق سراحهم من السجون والمعتقلات بشكل قصدي، وبدء حملة التعديات واسعة النطاق في معظم المحافظات المصرية على البيوت والأحياء كما الممتلكات الخاصة، وانتشار شائعات أطلقها أزلام الحكومة والنظام لترويع الجماهير وإبعاد اهتماماتهم عن شعارات الثورة ومطالبها العادلة، كما لإظهار النتيجة السلبية لهذه الانتفاضة وانعكاساتها في الشارع والمجتمع المصري. وقد نجحت هذه الطريقة في إبعاد نسبة كبيرة من الشباب عن مراكز التجمع المعروفة لاستمرار التجمهر والتظاهر لتحقيق مطلب رحيل النظام.

إن ما جرى في كافة المحافظات على هذا الصعيد قد تم تضخيمه بطريقة واضحة ولأهداف بات يعرفها الجميع.

الجماهير مصممة على نيل حريتها في اختيار رئيسها وحكومتها بعد إسقاط النظام، ولم تتغير الشعارات ولا المطالب رغم نزول الجيش لحفظ النظام والحفاظ على الممتلكات العامة وتأمين المباني الاستراتيجية في مراكز المحافظات فكيف تتصرف الحكومة والقيادة المصرية التي يستهدفها هؤلاء بشعاراتهم وهتافاتهم؟

بعد يومين من وقائع جمعة الغضب التي ترافقت مع سياسة الترويع وفقدان الأمن بدأت المرحلة الثالثة في خطة مواجهة الانتفاضة بمظاهر اختفاء السلع التموينية، خطة باتت تتدحرج ككرة الثلج لتصل قريباً حدا الأزمة الخانقة أو ما يمكن تسميته بسياسة التجويع.

يمكن القول بعد إعادة تشغيل وزارة الداخلية وعودة الشرطة إلى مراكزهم واستمرار تشبث الرئيس ودائرته بمواقعهم القيادية إلى أن النظام ورأسه ومشايعيه لم يفهموا حتى اليوم ماهية الثورة التي يواجهون، تماماً كجهلهم بعمق الأزمة التي وضعوا بلدهم وشعبهم في أتونها منذ سنوات طويلة.

يجب أن يقال لهؤلاء أن جروح مصر كبيرة وكثيرة، وأن ألم بنيها وشبابها أكبر من معالجات شكلية، وأن إرهاب الدولة الذي يمارس اليوم لإفشال الثورة وأهدافها لن ينجح.

مصر العربية تواجه اليوم مفترق طرق نوعي هو الأخطر في تاريخها المعاصر، ولن يجدي العناد والعنف نفعا مع شعب مصمم على الحرية وحفظ الكرامة له ولأمته العربية، ومصمم على عودة مصر إلى قلب الخارطة العربية.

إن سياسة التجويع تدل على قصر نظر فيمن خطط لها وينفذها، وشعب مصر لن يركع أمام أي ضغط يمارس عليه من الداخل والخارج وقد قال العرب قديماً: تجوع الحرة ولا تأكل من ثدييها

عدد القراءات : 2244
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات