احدث الاخبار

بعد ثورتي تونس ومصر العربية............ ما هو مستقبل الاحزاب التقليدية؟

بعد ثورتي تونس ومصر العربية............ ما هو مستقبل الاحزاب التقليدية؟
اخبار السعيدة - بقلم - صلاح عمر العلي         التاريخ : 06-02-2011

تؤكد ثورتا تونس ومصر العربية جملة حقائق مهمة، يأتي في مقدمة تلك الحقائق ان عالمنا المعاصر يشهد منذ سقوط الاتحاد السوفييتي وباقي الدول الاشتراكية تزامنا مع ظهور ثورة المعلوماتية والاعلام العابر للقارات وبداية اشتغال الشبكة العنكبوتية التي وفرت للانسان من المعلومات المجانية بسرعة خارقة ما لم يحلم به من قبل، دخوله في عصر جديد مختلف في العديد من المسائل الجوهرية عن عصر ما قبل ذلك، حيث اندثرت أو توشك على الاندثار قيم ومفاهيم وممارسات كانت سائدة منذ زمن بعيد ولم تعد صالحة للحياة الا على رفوف المكتبات او في قاعات المتاحف، وفي المقابل برزت او اوشكت على البروز قيم ومفاهيم وممارسات مختلفة بدات تشق طريقها بسرعة فائقة، لتستقر في عقول ابناء هذا العصر وتحرك مشاعرهم ومواقفهم ازاء متطلبات حياتهم الجديدة لتحل محلها.

ففي الحقبة السابقة مثلا كان للعمل الحزبي المنظم باشكاله وممارساته والتزاماته التقليدية، نيابة عن او باسم الجماهير يقوم بمهام رائدة ومتقدمة وخطيرة في قيادة الجماهير من اجل تحقيق امالها وتطلعاتها نحو اهدافها الكبرى قبل ان ينتهى دورها او يوشك على الانتهاء، بعد ان ادت ما عليها من التزامات سلبا او ايجابا، ليحل محلها اسلوب العمل الجماهيري الارادوي بعد ان لم تشعر تلك الجماهير بالحاجة الفعلية لمن يتكفل بالعمل أو يخطط نيابة عنها او باسمها أو يفكر نيابة عنها. فقد تنامى الوعي السياسي بوتائر متسارعة بفضل ما تقدمه وسائل الاعلام المختلفة من خدمات غير محدودة في هذا المجال. وعلى هذا نجد ان الجماهير في مختلف بلدان العالم أمسكت بزمام مصيرها بيدها بصورة مباشرة بعد ان اسقطت من حساباتها امكانية الاستمرار بقبول من يعمل نيابة عنها من الاحزاب والحركات السياسية.

ففي العام الماضي فوجئت السلطة في العراق باندلاع مظاهرات جماهيرية واسعة شاركت فيها اعداد هائلة من المواطنين العراقيين من مختلف الفئات في محافظة ألبصرة ثم توسعت وانتشرت في عدة محافظات عراقية وصولا الى العاصمة بغداد إحتجاجا على غياب الخدمات العامة شبه الكامل مثل الكهرباء والماء والغاز بانواعه واستعمالاته المختلفة وارتفاع اسعار المواد الاستهلاكية بصورة قاسية مما زاد من صعوبة الحياة بالنسبة للطبقتين الفقيرة والمتوسطة، وكان من اهم المميزات التي اتصفت بها تلك المظاهرات التي جوبهت من قبل اجهزة الامن المختلفة باساليب وحشية استخدمت فيها الاسلحة النارية، فسقط عدد من القتلى والجرحى بين المتظاهرين، انها كانت تظاهرات عفوية تلقائية لم يقف خلفها ولم يخطط لها اي حزب من الاحزاب الوطنية التقليدية القائمة في العراق وانما فوجئت تلك الاحزاب كما هي السلطة واحزابها، ووقفت حائرة وعاجزة عن فعل اي شيء فمنهم من سكت ومنهم من اكتفى باصدار بيان لتسجيل موقف أو رفع عتب ومنهم من هاجمها تحت مبررات وتفسيرات شتى لانها كشفت عن عوراتهم وفضحت تخلفهم في التعبير عن نبض ومشاعر المواطنين ومعاناتهم الحقيقية في ظل نظام قمعي يستشري فيه الفساد بصورة غير مسبوقة.

ومع ان المتظاهرين لم يحققوا هدفهم المركزي الذي تظاهروا من اجله، لكنهم تمكنوا من تحقيق اكثر من هدف مهم واول الاهداف التي تحققت هو كسر حاجز الخوف لدى المواطن العراقي وهو ما سيتم البناء عليه في الايام المقبلة من مواقف ومفاجأت ربما تحذو حذو اشقاءهم في تونس والقاهرة، ويمكننا القول بان ما حدث قبل عام يمثل اول مؤشر على أفول دور الاحزاب السياسية في العراق ونخبنا المثقفة المنشغلة عن هموم شعبها بصورة مقحعة الا ما رحم ربي.

وجاءت التظاهرات الشعبية العارمة في تونس ضد نظام زين العابدين بن علي الذي يعتبر توأما لنظام بغداد وشريكه في الفساد والعمالة والارهاب، لنفس الاسباب والمبررات، التي حركت جماهير البصرة وبغداد ومحافظات اخرى، ومع الاخذ بنظر الاعتبار إختلاف الظروف بين البلدين الشقيقين حيث ان العراق ما زال يخضع لاحتلال عسكري مباشر، فقد تطورت وتوسعت تلك المظاهرات وامتدت الى باقي المدن التونسية حتى اصبح من غير الممكن لنظام زين العابدين التغلب عليها واحباطها فزحفت الجماهير نحو مواقع السلطة لتسقطها الواحد تلو الاخر، فلم يجد طاغية تونس من خيار امامه افضل من ترك البلاد والنجاة بجلده. فاصبحت ثورة تونس المظفرة تمثل المثال الاعلى لثورة الجماهير العفوية، بغياب اي دور لاحزاب المعارضة في تونس.

ولعل في طليعة من أدرك هذه الحقيقة وسلم بها وتجاوب مع منطقها وشروطها هو المفكر المجاهد الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الاسلامية في تونس، حين اعلن بعد عودته من منفاه القسري الذي قضى فيه عقدا ونصف من الزمن مؤكدا في اول تصريح صحفي بانه ليس الخميني، وانه سوف لن يرشح للرئاسة القادمة، واعترافا ضمنيا بانتهاء عصر الاحزاب التقليدية في حياة الشعوب قال بانه سيقدم استقالته من قيادة الحزب ايضا. ولم يقتصر الحال او يتوقف عند حدود ما قرره الغنوشي وانما تعداه فشمل جميع الاحزاب السياسية التونسية التي كانت تعارض نظام الدكتاتور زين العابدين بن علي حين اصدرت برنامجها الوطني بعد اندلاع ثورة الشعب التونسي بمعزل عن تاثيراتها مجتمعة، الذي جاء في مقدمته اعتراف ضمني بان ثورة الياسمين كانت ثورة الشعب وليست ثورة الاحزاب، حيث وردت في مقدمة البيان عبارة تقول: "تأكيدا لانخراطنا في ثورة شعبنا الذي ناضل من أجل حقه في الحرية والكرامة الوطنية ........الخ ولم تقل مثلا "تاكيدا على دور الاحزاب الوطنية التونسية في قيادة الثورة او قيادة الجماهير" وانما قالت تاكيدا لانخراطنا، وهو ما يعني بان الاحزاب التحقت بالثورة بعد اندلاعها.

وما تشهده ارض الكنانة منذ يوم الخامس والعشرين من الشهر الماضي من ملحمة ثورية بطولية اشترك فيها الملايين من ابنائها الشجعان ضد نظام اجرامي فاسد ارتكب كل الموبقات ومارس جرائم كبرى بحق ابناء شعب مصر العربي الابي ، متجاوزين دور الاحزاب المعارضة، في تحركهم واعلان ثورتهم على طاغية مصر، قبل ان تصحو تلك الاحزاب من هول المفاجأة لتلتحق تلك الاحزاب لاهثة بثوار من نوع مختلف عن الانماط القديمة للثوار في عالمنا العربي وفي العالم، يؤكد من جديد بان عصر الاحزاب قد انتهى او يوشك على الانتهاء، في وقت نشهد بداية عصر سياسي جديد يتسم بقدرة الشعوب على أخذ المبادرة في التحرك ضد الظلم اينما وجد دون البحث عن وسيط او وكيل ينوب عنها في الثورة او الاحتجاج على من يمارس الظلم بحقهم. وعودة الى المشهد السياسي العراقي وما يشهده في الايام الاخيرة من احداث وتطورات هامة، اترككم مع ما يقوله الباحث والكاتب البارع السيد صافي الياسري: " اما رياح التغيير التي يرى البعض ان انسامها قد بدات تداعب العراقيين فهم يعتمدون على ما شهدته بغداد الجمعة من تظاهرات سلمية في عدد من المناطق، وهذا تقرير نشرته صحيفة الحياة - راوحت مطالبها بين توفير الخدمات ووقف تجاوزات الأجهزة الأمنية من جهة، وانتقاد الأداء السياسي في البلاد من جهة ثانية، فيما نفت الحكومة المحلية في محافظة الديوانية ، سقوط قتلى خلال تظاهرة الخميس في قضاء الحمزة احتجاجاً على تردي الخدمات وخلفت نحو أربعة جرحى على يد رجال الشرطة.

وشهد شارع المتنبي ومنطقة الحسينية ذات الغالبية الشيعية وساحة الفردوس وسط بغداد الجمعة ، تظاهرات شارك فيها المئات من الشباب والناشطين في حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني وعدد من المثقفين والصحافيين.

وتجمع العشرات من أهالي منطقتي المعالف والمواصلات الواقعة جنوب بغداد في ساحة الفردوس احتجاجاً على القوات الأمنية التي اقتحمت المنطقة قبل أيام . وقال رحيم شاكر، وهو احد المنظمين للتظاهرة إن «قوة أمنية دخلت منطقتي المواصلات والمعالف ونفذت حملة اعتقالات واسعة واقتحمت منازل وضربت النساء والأطفال وعندما اعترضها احدهم قتلته على الفور».

وأضاف أن «القوة الأمنية المسؤولة عن حماية المنطقة منذ شهور لا تعرف من دخل المنطقة، وقيل إنها مرتبطة بمكتب مكافحة الإرهاب التابع لرئيس الوزراء نوري المالكي».

وأضاف أن «هذه القوة التي لم تكشف نفسها ولم تظهر أوامر قضائية اقتحمت عدداً من المنازل وقامت بضرب النساء والأطفال أمام رجال المنطقة الذين لم يستطيعوا مقاومتها».

ورفع المتظاهرون، بينهم نساء وأطفال شعارات منددة بالقوات الأمنية ورددوا شعارات مطالبة بإعادة «الحقوق المنتهكة وتعويض المتضررين ومحاسبة المقصرين».

إلى ذلك، تظاهر الجمعة ايضا المئات من أهالي منطقة الحسينية شرق بغداد احتجاجاً على سوء الأوضاع الخدمية والبلدية وطالبوا الحكومة بالإسراع في توفير الخدمات .

وقال علاء رزوقي، احد المنظمين، في اتصال مع «الحياة» إن «التظاهرة ضمت وجهاء وشيوخ المنطقة ومنظمات مجتمع مدني الذين خرجوا بشكل عفوي للمطالبة بحقوقهم المسلوبة». وأضاف أن «التظاهرات في المنطقة ستستمر حتى تحقيق مطالب الأهالي».

وشارك في التظاهرة المئات من سكان المنطقة الذين حملوا شعارات استنكار بينها «اين الكهرباء؟» و»أوقفوا الفساد الإداري» و»يجب محاسبة المقصرين».

وشهد شارع المتنبي الثقافي في بغداد الجمعة أيضاً تظاهرة قادها شباب من بغداد وعدد من المثقفين والمفكرين والأدباء والصحافيين مطالبين الحكومة بتغيير سياساتها وإيجاد سبل لتحسين الخدمات».

واتهم المتظاهرون أعضاء البرلمان بالطائفية ونددوا باستخدام الأعيرة النارية في تظاهرة «الحمزة» الخميس في محافظة الديوانية، التي أدت إلى مقتل وإصابة أربعة مواطنين، داعين إلى عدم فرض القيود على الحريات وعدم استخدام سياسة تكميم الأفواه.

وأبلغ نائب محافظ الديوانية فيصل النائلي أن التظاهرة التي أجريت الخميس في قضاء الحمزة خلفها جهات سياسية في المحافظة». نافياً سقوط قتلى .

وقال مدير مكتب الصدر في الديوانية الشيخ نضال النعماني إن «إطلاق النار على المتظاهرين أمر مرفوض ولا يجوز شرعاً»، وأضاف أن «العراق الجديد مبني على الديموقراطية وحرية التعبير كيف نواجه مضطهدين مسلوبة حقوقهم بالرصاص الحي؟».

وكان آلاف من أهالي حي الحمزة نظموا تظاهرة تخللتها أعمال عنف فتحت قوات الشرطة خلالها النار على المتظاهرين ما أدى إلى إصابة 4 منهم .

خطباء المساجد يحذرون

وحذر خطباء الجمعة في العراق السياسيين من غضب شعبي على غرار ما يحدث في مصر وتونس واليمن حيث بدأ القادة "يتهاوون" بسبب "الفساد والقهر والظلم".

وقال محمد الجبوري خطيب مسجد ابو بكر الصديق في ناحية الحويجة غرب كركوك "قد نشهد في العراق شرارة مثل تلك التي تجتاح بلدانا عربية لكنها ستكون الاخطر في المنطقة نتيجة الفساد والصراع السياسي ووجود القوى التي تخالف القانون وتمتلك السلاح فهي لا تريد للعراق ان يكون قويا بجميع مكوناته". واضاف ان "ما تشهده بلدان عربية خصوصا الزلزال في مصر واسبابه يعاني منها الشرق الاوسط باكمله، فهؤلاء حكام اجرموا بحق شعوبهم ومارسوا الفساد والقهر".

وفي كركوك، دعا سوران عبد الله عبد الرحمن امام وخطيب مسجد "امير المؤمنين" الحكومات المحلية والمركزية الى "الاسراع بخدمة الشعب والا فان التغيير قادم (...) لان ثورة المصريين والتونسيين كانت نتيجة الظلم والحرمان".

من جهته، قال عبد الستار الجنابي امام وخطيب الجمعة في مسجد الامام ابي حنيفة النعمان في بغداد، "اشتعلت الازمات في البلدان العربية وبدأ الحكام يتهاوون الواحد تلو الاخر والسبب معلوم لدى الجميع وهو ظلم الحكام لشعوبهم".

واضاف "اتمنى من (الرئيس المصري حسني) مبارك ان يراجع التاريخ ويعمل بالنصيحة التي قدمها ل(الرئيس السابق) صدام (حسين) عام 2003 ارحل واترك العراق لشعبه واقول لك ارحل ولا تدمر مصر كما تدمر العراق"، وقال "الكثير من العرب يطالبون بمساواتهم مع حقوق الحيوان في الغرب".

وفي كربلاء اشار عبد المهدي الكربلائي الوكيل الشرعي للمرجع الشيعي علي السيستاني في مرقد الامام الحسين الى "وجود فساد مالي كبير وطبقة حاكمة تنهب ثروات واموال الشعب".

وحذر السياسيين قائلا "لا يكفي التداول السلمي للسلطة (...) لا بد من توفر النزاهة والعدالة وعدم توظيف المناصب لتحقيق امتيازات شخصية".

وقال "من الضروري ان تدرس جميع الحكومات، حتى من تعتمد النهج الديمقراطي، اسباب الغضب الشعبي العارم وهذا الغليان الجماهيري ضد الانظمة السياسية".

وفي الكوفة، قال ضياء الشوكي خطيب الجمعة ان "الحكومات المركزيه والمحلية نهبت الاموال العامة من خلال مشاريع وهمية".

وندد بقمع المتظاهرين في الديوانية الخميس، قائلا "نستغرب هذه التصرفات (لان) المتظاهرون لم يطالبوا بتغير الحكومة كما يحدث في مصر او كما حدث في تونس، انما طالبوا بالبطاقة التموينيه وتحسين الخدمات اليست هذه مطالب مشروعة؟".

واصيب اربعة اشخاص بجروح اثر اطلاق الشرطة النار على متظاهرين في قضاء الحمزة الشرقي، جنوب الديوانية.

وفي النجف، قال صدر الدين القبانجي خطيب الحسينية الفاطمية "انتهى عهد استحمار الشعوب وامتطائها وانتهى عهد الانقلابات السياسية والدكتاتوريات".

واضاف ان "ثورة شعب تونس كانت بسبب البطالة وفي مصر كذلك وليس لاسباب سياسية".

بدوره، قال مهند الموسوي خطيب الجمعة في مدينة الصدر "على جميع الحكومات ان تبادر الى اصلاح اوضاعها وخدمة شعوبها فما يجري في المنطقة سريع العدوى والانتشار فليسمع ذلك من يجلس على الكراسي في العراق"، وتابع ان "الجوع لا يعرف قانونا ولا نظاما، فحذاري من هذه العدوى".

وفي الفلوجة، قال احمد علي الدلي امام وخطيب الجمعة في مسجد ابي عبيدة بن الجراح "على الرؤساء العرب جميعا ان يتعظوا مما اصاب مصر وتونس وان يخضعوا لمطالب شعوبهم ويغيروا دساتيرهم ويبتعدوا عن حكم البلاد بطريقة ديكتاتورية". وقد تظاهر العشرات ايضا في منطقة الشعب والحميدية في مدينة الصدر السبت مركزين على انتقاد اداء الحكومة في مضامير الخدمات وبخاصة الكهرباء ، وانكماش مفردات البطاقة التموينية، اما الحديث عن تغيير سياسي في بغداد فيبدو لي بعيدا عن الواقع ذلك ان الظرف التونسي ونضجه يختلف عن الوضع والظروف العراقية وتشرذم قوى الشعب ذاتها وليس الاحزاب وحسب ، ان غياب ثقافة المشروع الوطني ولحمة النسيج الاجتماعي والقوى الفاعلة المغيرة وارادة التغيير توفر للحكومة والحكام في العراق في الوقت الحاضر نوعا من الحصانة ، انما لا يمكن الاعتماد عليها لوقت طويل ، اذ ان متلاحقات الظرف العام على ساحة الشرق العربي وانعكاساتها المحلية تنذر بالكثير مما لا يمكن توقعه من الهوامش التي يمكن ان تنقلب الى متون في غضون دقائق او ساعات او ايام وحتى اسابيع فنحن العرب بطيئون في الاستجابة للحوافز الناعمة ، وتظاهرات المدن العراقية يمكن عدها تراكمات ناعمة لهذه النذر وهي ستنقطع عن الفعل اذا لم تتواصل وتطور ادواتها ، كما يجري في مصر ومن قبلها في تونس وعلى اي حال لايمكن وضع هذه التظاهرات على الرف ، بل يمكن احتسابها سوابق ، كما تم احتساب انتفاضة الكهرباء في البصرة التي اطاحت بوزير الكهرباء ، ولا احسب ان تصريح المالكي انه لن يرشح لدورة ثالثة وتنازله وعدد من النواب والوزراء عن نسبة من الرواتب والدعوة لتخصيص 15 بالمائة من الموازنة للتوزيع على المواطنين تم بسبب هذه التظاهرات ، وان لم يتبعد عنها كثيرا ، او يمكن ان يكون له اثر سلبا او ايجابا في الفعاليات الشعبية ، فهي اولا اجراءات غير كافية لتحدث تراجعا ، كما ان التظاهرات ليس في الافق ما يوحي انها ستتحول الى عاصفة لنقول ان عدم كفاية تلك الاجراءات الفوقية الضئيلة القيمة والتي لا تمس الجوهر سيحدث تقدما وتصاعدا انفجاريا.

واذ نتفق مع ما قاله السيد الياسري بان التظاهرات التي تشهدها اكثر من منطقة أو مدينة عراقية ليس في الافق ما يوحي انها ستتحول الى عاصفة، بسبب دور النظام والاحتلال معا في اللعب على الموضوع الطائفي مستغلين بساطة الوعي لدى اوساط واسعة من ابناء الشعب العراقي خلال سنوات الاحتلال الثماني الماضية، قبل أن يكتشفوا هذه أللعبة ألقذرة وما وراءها من أهداف لا تخدم أحدا سوى المحتل الامريكي وعملاءه، على حساب مصالح العراقيين وكرامتهم وسيادة بلادهم. إلا أننا نرى انها ستشكل نواة لتراكمات متصاعدة باتجاه تشكل وبلورة حالة إنفجارية تقودها جموع الجياع والمحرومون والمضطهدون والمقموعون لتفجير ثورتهم التي ستتجاوز كل التوقعات.

iraqliberation@gmail.com

عدد القراءات : 6080
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات