احدث الاخبار

كفوا عن التصفيق!!

كفوا عن التصفيق!!
اخبار السعيدة - بقلم - يونس الشجاع         التاريخ : 06-02-2011

كم هو منظر المجتمعين تحت قبة البرلمان مقززاً وهم يصفقون لفخامته كلما تلا بنداً من بنود مبادرته.. وكأنهم عبارة عن دمى يتم استدعاؤها عند الحاجة لتصفيقهم.. متناسين أن التصفيق ولاء رخيص.. مغشوش.. هزيل.. هش.. مغسلة من مغاسل اليد لتلويث أدمغة الشعوب.

حتى وإن منحت تلك الأيادي المصفقة للحكام نوعاً من حكاية الفرح ورفع الروح المعنوية، إلا أنه فرح عابر سرعان ما يزول بتقشع الأزمات وثورات الجياع والعاطلين عن العمل الذين يلجأ معارضو النظام إلى العزف على أوجاعهم لإسقاطه.. فتصفيق المجتمعين تحت قبة البرلمان لمبادرة فخامته في مثل هذه الظروف وإن كان يولد نوعاً من الانطباع الجميل بالتصالح والتسامح مع الآخر، غير أنه من اللائق بهم اتخاذ مواقف قوية وواضحة قبل وقوع الفأس بالرأس تفادياً للغليان الشعبي والانفعالات والفوضى الخلاقة وكي لا يصفنا البعض بأننا قوم نعشق التصفيق حتى في مناسبات الموت والأحزان.

وفي ظني أن "التصفيق" هو أحد مسببات الوجع العربي التي يجب مراجعتها.. ففي حين لا يعي المصفقون أن تصفيقهم يجعل أحلام الحاكم لا تتوقف بالحصول على القوة المطلقة وتحقيق المجد بالسيطرة على العقول وينسيه تلك الثقوب المنتشرة في الجسد.. يشكل ذلك التصفيق منظومة من الذل والقهر داخل نفوس المضطهدين من الناس ويصبحون قنابل موقوتة قابلة للانفجار في أيه لحظة.. كل ذلك بسبب ذاك التصفيق الذي أصاب البعض بالهوس حد الجنون وأصبح جزءاً أصيلاً منهم.. غير مدركين أن في نوبات الجنون يقع الانهيار.

فكم وكم صفق وصفق الرومانيون لـ"تشاوشيسكو" الذي كان لديه أكثر من عشرة ملايين جندي يحرسونه وعندما انهار نظامه لم يجد من يصفق له في تلك النهاية المأساوية، وكذلك هو حال "ستالين" الذي جوع الملايين من الروس ونزح ملايين آخرين بسببه وهزم أقوى جيش في الحرب العالمية الثانية، إلا أنه مات مسموماً بيد واحد ممن كان يلهج بالتصفيق بحمده وهو وزير داخليته "بيريا" وشاء القدر أن يذوق الرفيق ستالين من نفس الكأس التي يرغم أعداءه وخصومه على الشرب منه.. فكما أن تلك الأيادي المصفقة لم تشفع لهما وأمثالهما هاهي تتخلى عن بعض حكام اليوم الذين لم يستفيدوا من عبر التاريخ ولم يستشعروا أنها ـ أي تلك الأيادي المصفقة ـ مليئة بالكذب ومنتفخة بالنفاق الاجتماعي والرياء السياسي.

فهل يفقه المصفق والمصفق له عواقب التصفيق؟.

Yonis210@hotmail.com

عدد القراءات : 2325
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات