احدث الاخبار

المنطقة العربية.. إلى أين ؟

المنطقة العربية.. إلى أين ؟
اخبار السعيدة - بقلم - محمود رمضان أبو الهنود         التاريخ : 31-01-2011

توالت الهزات السياسية مؤخراً على العديد من العواصم العربية الرئيسة والمركزية في المنطقة بعد فترة طويلة من حالة الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي التي عاشتها تلك الدول والتي نجحت خلالها في دفع عجلة التنمية الشاملة ، والنهوض بمقوماتها الاقتصادية والصناعية والبترولية التي تأخرت عن اللحاق بها بحكم الصراعات والحروب التي مزقت وحدة الوطن العربي من جهة ، وأدت إلى زرع كيان جديد وغريب عن الجسد العربي والإسلامي ألا وهو إسرائيل ، في منطقة على درجة عالية من الحساسية والأهمية على مستوى العالم، حيث تنبع آبار النفط والغاز المصدر المهم للصناعات العسكرية والتكنولوجية في أوروبا والولايات المتحدة ،إضافة للموقع الجغرافي والسكاني المعقد والمتشابك بحكم التداخل الطائفي والديني بين مجموع السكان ، وهو ما جعلها مصدراً دائماً لمطامع وتدخلات الدول الاستعمارية ، وساحة للعديد من الحروب والمعارك الشرسة والتي غيرت شاكلة المنطقة وأعطت مبرراً جديداً للتواجد الأجنبي بحجة توفير الحماية لدول المنطقة من الأخطار المحدقة التي تتهددها ، ومساعدة دول الشرق الأوسط على مواجهة الجماعات المتشددة والمصنفة من قبلها بدعم الإرهاب وذلك ضمن الخطة الأمريكية لمواجهة الإرهاب على المستوى العالمي ،خصوصاً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والتي استغلتها الولايات المتحدة لتمرير مخططاتها واستخدامها كوسيلة ضغط على الكثير من الدول العربية لتبرير وجودها العسكري في المنطقة.

فرغم النجاح الذي حققته الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها تحديداً بريطانيا وإسرائيل في حروبها الأخيرة التي شهدتها المنطقة وعلى رأسها حرب العراق ، وهو ما اعتبر نجاحا أيضاً لفكرة " التدخل العسكري في وقت الأزمات " ، بقيت المنطقة تشهد نمواً متصاعداً لبعض الدول العربية والإسلامية في قدراتها العسكرية والاقتصادية ، واتساع نفوذها الإقليمي ، كمصر والسعودية وإيران ، وهو ما شكل انزعاجا وتخوفات لدى إسرائيل الحليف الأكبر لأمريكا ، دون توفر الإمكانية للتعامل مع تلك البلدان بنفس الأسلوب الذي تم التعامل به مع العراق ، وهو ما استدعى البحث عن وسائل جديدة تحقق النتائج المرجوة بنفس الفعالية والدرجة المطلوبة ،حتى رأينا الولايات المتحدة تروج لفكرة ومصطلح " الشرق الأوسط الجديد " ،الذي يؤسس للانفتاح على إسرائيل باعتبارها جزءاً من دول المنطقة ، ولتشجيعها على تقديم تنازلات سياسية وجغرافية في محادثات السلام العربية الإسرائيلية ، وهو ما لم يجد تجاوباً من قبل الكثير من الدول العربية نتيجة الممارسات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، وعدم وجود رغبة لدى إسرائيل لتقديم تنازلات في عملية المفاوضات الدائرة.

يبدو أن فشل الوسائل والطرق المذكورة دفع بالولايات المتحدة لمحاولة إحداث التأثير المطلوب في المنطقة من خلال فكرة " الفوضى الخلاقة " والتي تقوم على إيجاد حالة من انعدام الأمن والنظام ، يسهل معها تحقيق الأهداف المرجوة ، فكانت الأحداث التي شهدتهما كل من إيران ولبنان قبل فترة وجيزة ، ولاحقاً ما نشاهده من محاولات زعزعة الأمن في جمهورية مصر العربية مستغلة شعارات الديمقراطية والتغيير ،لما تحتله هذه الدولة من مكانة مهمة وثقل سياسي وعسكري ، ولوقوفها الثابت إلى جانب الحقوق العربية المشروعة ، ورفض الانفتاح العربي على إسرائيل دون تقدم عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين .

بعيداً عن الانحياز لموقف طرف على حساب طرف آخر في معادلة الصراع السياسي في مصر بين الجماهير المطالبة بالتغيير ونظام الحكم السائد ، فإن الأحداث التي تشهدها مصر تشكل خطراً كبيراً على أمنها القومي وعلى أمن المنطقة العربية بأسرها ، وتظهر الحاجة الأمريكية لتغيير النهج السياسي والتعبوي الذي تسير عليه مصر منذ عهد جمال عبد الناصر والذي يعتبر إسرائيل عدواً لدوداً رغم مرور فترة طويلة على اتفاقية السلام الإسرائيلية المصرية ، وهو ما جعل من مصر تنهض طوال هذه السنين بقدراتها الاقتصادية و العسكرية والسعي لبناء جيش قوى وقادر على حماية مصر من شمالها لجنوبها بعد تجربة صعبة مرت بها مع إسرائيل في حرب العام 1967م ، ومحاولتها لبسط سيطرة أوسع على شبه جزيرة سيناء وهو الهاجس الذي تحسب له إسرائيل ألف حساب ، كما أن مصر الدولة التي تحاول إيجاد توازن بين علاقاتها مع الولايات المتحدة من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى ،

بدأت سياساتها بحاجة للتغيير من وجهة النظر الأمريكية والأخذ بمصر نحو مفاهيم وأيديولوجيات جديدة ، وتحرير المفاهيم التعبوية التي تسير عليها قواتها المسلحة منذ عهد عبد الناصر ، عن طريق التحول الديمقراطي الذي بات مطلباً متزايداً لقطاع مهم من المجتمع المصري للأخذ بمصر نحو عجلة التطور التكنولوجي والانفتاح الديمقراطي باعتباره أسلوباً قديماً حديثاً للنهوض بالاقتصاد ، وهو ما قد يؤدي لاستيعاب الزيادة الرهيبة في عدد السكان ، ويعالج البطالة المتفشية بين جموع الشباب المصري الذين جلهم من خريجي الجامعات .

كل المؤشرات تدلل على أن أحداث مصر ستنتقل إلى عدد غير بسيط من الدول العربية ، إن لم يكن بنفس الأسلوب والوسائل فقد يكون بأساليب أخرى ، وهو ما سيدخل العالم العربي في عهد جديد من الانفتاح على الحريات وبناء الأنظمة على أسس ديمقراطية يسهل معها تداول الحكم ،واحترام حقوق الإنسان احتذاء بالنموذج الغربي والأوروبي ، إلى جانب التمهيد للوصول لحلول سلمية في المنطقة تؤدي لاستيعاب إسرائيل في شرق أوسط جديد، فهل سيحدث ذلك أم أن القدر ستكون له مشيئة أخرى؟

ma_jornalist@hotmail.com

عدد القراءات : 2353
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات