احدث الاخبار

ضياع حضارة وتدمير شعب… الحكومة المصرية ضيعت الزراعة ودمرت الصناعة

ضياع حضارة وتدمير شعب… الحكومة المصرية ضيعت الزراعة ودمرت الصناعة
اخبار السعيدة - بقلم -ا.د. محمد سعد*         التاريخ : 25-01-2011

"الحكومة"، تُحارب الفلاح المصرى, وتستهين به!!، مما يُهدد بإمكانية انهيار الزراعة فى مصر.. تواصل تجاهل حكومات 52" للفلاح المصرى، وتركه وحده يواجه تقلبات الجو, وتوفير المياه, وارتفاع أسعار الأسمدة وتركها لمبدأ العرض والطلب مما يرفع من تكاليف إنتاج المحاصيل.. الفلاح المصرى يعانى على مدى العصور, ولا يسمع أحد شكواه.. فحكومتنا فى شغل شاغل عن الفلاح ومشاكله وقضاياه, ومعاناته بعيدة عن إدراك الحكومة الرشيدة التى تصب جل اهتمامها على رجال الأعمال.

 

الإهمال الحكومى للفلاح قائلاً: إن معاناة الفلاح المصرى وإهماله بدأ مع يوليو 1952م, والتى كانت تعتقد أن القطاع الصناعى أكثر نموًا وإنتاجية من القطاع الزراعى لذلك كان كل اهتمامها موجهًا للصناعة، والدليل على ذلك أن الخطة التنموية الأولى فى مصر بعد 52 كانت خطة صناعية, كما نلاحظ أن 52 لم تقم بحفر ترعة جديدة أو مصرف مثلما كانت تفعل الحكومة منذ عهد محمد على.

 

ووضح أن جهل عساكر 52 كانت تعتقد أنها نستطيع أن تنشئ قاعدة صناعية فى مصر تنافس بها دول الغرب وأمريكا واليابان لكن للأسف لم تستطع, وخسرنا قطاع الزراعة.

 

وأضاف سعد أن خطط التنمية تنقسم إلى نوعين: خطط من القاعدة إلى القمة والعكس خطط من القمة إلى القاعدة.. وتعنى الخطة الأولى أن التنمية تبدأ من القرية التى تُحدد احتياجاتها من التنمية ثم تنقل هذه المتطلبات إلى المركز الذى تتبعه, ليقوم المركز بدوره بتجميع احتياجات القرى وينقلها إلى المحافظة, وتقوم المحافظات بنقل احتياجاتها من التنمية إلى الوزارات التى تجتمع وتُنسق فيما بينها وتتخذ قرارات التنمية, وبالتالى يحدث النمو فى المحافظات بطريقة منسقة. لكن للأسف -والكلام للدكتور "سعد أن الدولة حاليًا تهتم بالتنمية المركزية وليس من القاعدة إلى القمة، بمعنى أن الحكومة هى التى تُحدد من يحتاج إلى تنمية ولهذا نجد ميل للحكومة نحو المحافظات الغنية مثل القاهرة والإسكندرية فى حين يعانى الوجه القبلى والريف من أشد الإهمال.

 

وأضاف الدكتور "سعد" أن ثانى شىء أضرَّ بالزراعة فى مصر, الطريقة التى تم بها تنفيذ قانون الإصلاح الزراعى بعد انقلاب 1952م, حيث جاء قانون الأرض الزراعية, وقرر القانون توزيع الأراضى الزائدة على صغار الفلاحين بواقع 2 إلى 5 أفدنة على أن يسددوا ثمن هذه الأراضى على أقساط لمدة ثلاثين عامًا وبفائدة 3% سنويًا, لكن ذلك لم يحسن من وضع الفلاح كثيرًا حيث عمل كثير منهم باليومية.. وقد ظلّت مساحة الأرض كما هى لم تزد فى حين تزايد عدد السكان.. فقد ارتفع سكان مصر من 20 مليون نسمة فى الستينيات إلى 84 مليون نسمة حاليًا، فى حين ظلت مساحة الأرض الزراعية كما هي, بل ويمكن القول بأن المساحات التى قامت الحكومة باستصلاحها ذهبت كلها فى عمليات البناء على الأرض الزراعية.

 

أما الطامة الكبرى -كما يصفها الدكتور سعد- فقد جاءت من استخدام الميكنة الزراعية, حيث استفاد ملاّك الأرض من أدوات الزراعة الحديثة.. مثلاً أصبح محصول القمح من السهل جمعه فى وقت قليل وأقل مجهود.. لكن كان لهذه الميكنة جانب سلبى حيث وفّرت فى الأيدى العاملة فساء حال المزارعين الذى يعملون باليومية أكثر, واضطروا للهجرة إلى مهن أخرى مثل قطاع العقارات.

 

إن الحكومة المصرية قد رفعت يدها تمامًا عن الفلاح وتركته وحده فى مواجهة الظروف المختلفة اعتقادًا منها بأن القطاع الزراعى يسير بطريقة تلقائية دون حاجة للتدخل من جانبها وهو فهم خاطئ, فالزراعة تحتاج مجهودًا كبيرًا واستخدام الميكنة بطريقة منظمة.

 

وأكد أن إهمال الحكومة للفلاح والزراعة يمكن أن يتسبب فى العديد من المصائب للاقتصاد المصرى, مثل ارتفاع أسعار الأغذية مع عدم حدوث توسع فى الرقعة الزراعية, وقلة استيعاب القطاع الزراعى للأيدى العاملة, فقد كانت الزراعة يعمل بها 12 مليون عامل، وحاليًا تقلص العدد إلى 4 ملايين فقط.

 

وحول عدم قدرة الفلاح على توصيل صوته للسلطات التنفيذية والتشريعية، قال سعد: إن الذين يترشحون فى انتخابات مجلس الشعب أو الشورى ويحملون صفة "فلاح" هؤلاء ليسوا إلا رجال أعمال. وهم فقط يترشحون باسم "الفلاحين" حتى يحصلوا على الصفة فقط, فى حين أن الفلاحين الحقيقيين لا يترشحون, بالإضافة إلى أننا نلاحظ أنه لا يوجد تعريف دقيق لمن هو "الفلاح" فى انتخابات مجلس الشعب.

 

وحذَّر أن إهمال القطاع الزراعى عمومًا يمكن أن يُشكل مصيبة كبرى للبلد, فالأمن الغذائى هو الهاجس الذى يسيطر على العالم كله فى الوقت الحالي.. وهناك توقعات بأن العالم بعد ما يتعافى من الأزمة المالية الراهنة سيقبل على مجاعة حقيقية.

 

وأكد أن أوروبا بدأت تستعد لتلك المجاعة منذ فترة طويلة حيث عقدت مؤتمرًا فى جنيف منذ 20 عامًا قررت فيه أن السودان هو مخزن الأمن الغذائى عند نفاد الطعام فى أوروبا.. لماذا؟ لأن السودان يمتلك 150 مليون فدان, و100 مليون فدان كمراعٍ.. وكل ما ينقص السودان الأيدى العاملة والترع تصل لتلك الأراضى لريها بالمياه.

 

وأضاف أن أكبر أخطاء مصر الاقتصادية كان الانفصال عن السودان, ورحم الله "النحاس باشا" حينما قال: تقطع يدى ولا تقطع السودان.. لهذا لابد لمصر أن تتجه للسودان بقوة.. فهى سلة غذاء مصر والوطن العربي.. فى نفس الوقت لابد أن تدرك الحكومة أهمية الزراعة وأن معيار التقدم فى العالم الآن أصبح التقدم فى الزراعة.. والدولة التى تملك القمح وغيره من المحاصيل الأساسية هى الدولة القوية التى تستطيع أن تتحكم فى العالم.

 

إن إهمال الحكومة للفلاح يأتى بسبب رغبة الحكومة فى إلغاء الدعم بالكامل عن كل المواطنين, كما أن صندوق النقد الدولى يُطالب مصر بذلك ويُطالبها أيضًا برفع سعر الطاقة وخصخصة الخدمات المختلفة.

 

وأكد أنه فى الوقت الذى يضغط علينا الغرب لإهمال الزراعة, وللأسف تستجيب الحكومة لذلك, نجد أن الغرب نفسه يقوم بدعم الزراعة والمزارعين وبكل قوة وذلك من أجل أن يسيطر الغرب على العالم ويصبح المنتج الرئيسى للعديد من الحاصلات الأساسية.

 

وأضاف الخبير الاقتصادى أن الفلاح المصرى أصبحت تحاصره المشاكل من كل جانب, وتخلت عنه الحكومة بالكامل حتى أصبح فعلاً "ملطشة", فالفلاح يعانى فى (المياه وارتفاع أسعار الأسمدة, وارتفاع أسعار البذور) وغيرها.

 

وأوضح أن مخاطر محاربة القطاع الزراعى ستكون لها عواقب وخيمة من ارتفاع أسعار الأغذية, والخضروات والجبن واللحوم.. فى الوقت الذى تؤكد فيه المؤشرات العالمية أن العالم مُقبل على أزمة غذائية قادمة بعد ما يتعافى الاقتصاد العالمى من أزمته الراهنة, لذلك لابد من دق الأجراس والتنبه لخطورة تجاهل الفلاح ومحاربته, فالحكومة المصرية بعيدة عن الوعى بمشاكل الفلاح, ولا تملك استراتيجيات لمواجهة المخاطر القادمة, مثلاً ما هى استراتيجية الحكومة فى حالة تعرض الدلتا للغرق إذا ارتفع منسوب مياه البحر بسبب ظاهرة الانحباس الحرارى؟!!.

 

ويقول محمد الدسوقي, مزارع: إن الحكومة تتجاهل تمامًا الفلاح "دايمًا إحنا لوحدنا", وأكد أن أسعار الأسمدة ترتفع يومًا بعد يوم حتى أصبحنا لا نشترى للأرض الكمية التى كنَّا نشتريها فى السابق, وحتى إذا نجحنا فى الحصول على محصول جيد نجد مشكلة فى تسويق المحصول, فإذا كانت الحكومة هى التى ستقوم بالشراء وجدناها تعرض علينا سعرًا منخفضًا لا يصل أحيانًا لما دفعناه فى تكاليف الزراعة.

 

وضرب مثالاً بأن الفلاحين حاليًا أصبحوا يتجاهلون زراعة محاصيل معينة مثل القطن الذى قلت مساحته جدًا وذلك بسبب إصرار الحكومة على دفع مبالغ ضئيلة فى قنطار القطن رغم أنه محصول يمكث فى الأرض فترة طويلة ويحتاج إلى أسمدة وأيدى عاملة.

 

وأكد أنه بسبب معاناة الفلاحين يضطر أكثرهم إلى بيع أراضيهم لإقامة مبانٍ عليها أو يقومون بالسفر إلى القاهرة للعمل فى أى مهنة أخرى .

 

الحكومات ضيعت الصناعة والزراعة والتعليم

*أستاذ الكمياء الحيوية - جامعة القاهره

 

saadhealthcare@hotmail.com

عدد القراءات : 2966
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات