احدث الاخبار

العاصفة السياسية التونسية... أين ستتجه الرياح؟

العاصفة السياسية التونسية... أين ستتجه الرياح؟
اخبار السعيدة - بقلم - محمود رمضان أبو الهنود         التاريخ : 20-01-2011

شكّل السقوط المدوي لنظام الحكم في تونس الذي تربع على عرشه الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي منذ الثمانينيات ، هزيمة كبيرة لأنظمة الحكم الديكتاتورية حول العالم ،وفي منطقتنا العربية على وجه التحديد، حيث يغلب على السواد الأعظم من تلك الأنظمة الطابع التسلطي والاستبدادي وهو ما جعل من الحدث التونسي الفريد من نوعه مفاجئاً ومفرحاً للجماهير العربية التي تتوق للحرية والتخلص من سيف العصا الغليظ التي ما تورعت أنظمتنا لحظة عن إشهارها في وجه كل المطالبين بإفساح المجال أمام حرية الرأي والتعبير ، وصون الحقوق العامة للأفراد والجماعات ، فالتجربة التونسية التي قدمها لنا مجموعة من أفراد الشعب التونسي وتطورت فيما بعد لتعم قطاعات عديدة من الجماهير التونسية قدمت لنا نموذجاً ديمقراطياً قلّ حدوثه في منطقتنا العربية ، وأثبتت من جديد فشل نظرية الهيمنة على السلطة وسعي بعض الحكام لتخليد نظام الحكم عبر تعديل المواثيق وإقرار التشريعات التي تسمح بإمكانية توارث الحكم في نطاق الأسرة الحاكمة،وجاء هذا التطور ليعلن عن بداية النهاية لمرحلة من التاريخ انتعش فيها النظام الديكتاتوري ووجد له الحاضنين على مستوى العالم ، نتيجة عجز الشعوب عن اختبار قدراتها على الفعل والتغيير بحكم العراقيل والمعوقات التي أوجدتها الأنظمة والتي جعلت من حرية الأفراد والجماعات محدودة ولا تخرج عن النطاق المسموح به والذي يستبعد الكثير من الحقوق وينتهكها في وضح النهار.

البطالة والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يواجهها المواطن التونسي كان عنوان الانفجار الشعبي الذي أطاح بالرئيس زين العابدين بن على بعد احتفاظه بدفة الحكم لمدة تزيد عن العشرين عاماً ، كرس جانباً مهماً من تلك السنوات في حماية كرسي عرشه بكل ما أوتي من قوة ، فكانت النتيجة مزيداً من التقييد للحريات السياسية والإعلامية ، وتهميش الطبقات الدنيا في المجتمع التونسي التي واجهت البطالة والفقر ، بخلاف الطبقة العليا التي توفرت لها سبل العيش المزدهر، إن الحالة التونسية ليست استثناءا بين دول المنطقة التي لا تختلف معظمها عن النموذج التونسي حيث قدم لنا صورة عن أوضاع منطقتنا العربية، وما تشهده البعض منها من احتكار للحق في تداول الحكم من قبل أفراد الأسر الحاكمة ، دون العودة للشعب في اختيار ممثليه بحرية وشفافية معلنة ، إلي جانب الاستفراد الحاصل من قبل بعض الأحزاب للحق في الوصول لسدة الحكم في بلدان عربية أخرى واستبعاد الأحزاب المختلفة وهو ما أدى إلى ترسيخ للبيروقراطية على حساب التعددية السياسية وضمان الحق في ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية للقوى المختلفة المشكلة للمجتمع.

إن العاصفة السياسية التي هبت رياحها على تونس تنذر بوصولها إلى بلدان عربية أخرى ، في ظل القبضة الحديدية التي يتعامل فيها الحكام مع المنادين بالحريات السياسية والإعلامية ، وتعديل القوانين التي صاغتها أيادي معاونيهم بحيث تعطي المجال للجماعات العديدة في مجتمعاتنا بممارسة أنشطتها المختلفة بحرية تامة، وتضمن حق المواطنين في اختيار ممثليهم بطريقة ديمقراطية، وشفافية مطلقة، فأحداث تونس قد نشاهدها مجدداً في بعض الدول العربية إذا ما تيقظ الحكام ،أمام المطالبات الجماهيرية المتصاعدة بضرورة التغيير وإجراء الإصلاحات الدستورية والقانونية لضمان بناء مجتمعات تتحقق فيها الرفاهية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وللتغلب على حالة اليأس والإحباط التي يشعر فيها المواطن العربي والتي تدفعه أحياناً إلى التمرد بطريقة لاتعجب الحكام.

ma_jornalist@hotmail.com

عدد القراءات : 3100
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات