احدث الاخبار

«أفلا تتفكرون» ؟

«أفلا تتفكرون» ؟
اخبار السعيدة - بقلم - بدرية البشر         التاريخ : 17-01-2011

اعتاد العرب على الانقلابات العسكرية، أو تدخل القوى الأجنبية لتغيير النظام الحاكم، لكن الشعب التونسي غيّر التاريخ العربي المعاصر، فانقلب بنفسه على الحاكم من دون هذين. ولأن من يتولى السلطة هو من قاد الانقلاب، فمن العدل أن يطلب الشعب أن يقود نفسه، أي أن يطالب بالديموقراطية والتعددية وتشكيل الأحزاب وتفعيل دور المعارضة، إلا أن الخطر الذي تعيشه تونس اليوم هو فراغها السياسي بسبب عدم وجود نخب سياسية فاعلة في الساحة السياسية، وهذا ما أنتجته عقود القمع السياسي.

خرج زين العابدين بن علي بسبب شرارة أطلقها صاحب عربة خضار جائع يفتش عن لقمة عيش كريمة من حملة الشهادات الجامعية، وعندما تقدمت الشرطة لمصادرة عربته لم يكن أمامه سوى الاحتجاج، وما وجد طريقة أكثر وضوحاً وقسوة من النظام الذي اضطره لهذا سوى أن يشعل النار في نفسه. فمما يخاف الجائعون؟ بربكم... من الموت أم من السجون؟

من شرارة الاحتجاج على الجوع توالت أضواء الكشف، وأول ملفاتها هو الملف الذي يلعب دور البطولة في تاريخ الحكم المنفرد والمستبد، ملف الفساد. شبكته وأبطاله وآثاره. تستطيع اليوم أن تفتح أي قناة، لتتفرج وتستمع وتتابع ذيول الإخطبوط الذي تنامى في غفلة المراقبة والمساءلة والعدل وفي طمأنينة الخلود واستبداد القبضة البوليسية.

سيفضح الشعب الهائج والدائخ بنشوة النصر كل شيء، ابتداء من عدد أحذية السيدة الأولى كما في قصة سيدة الفيليبين الأولى في الإمبراطورية المنهارة، وانتهاء بأرصدة الأنسباء وأبناء العمومة، وكل من أسهم في بناء إمبراطورية الفساد التي لم يخجل بعضهم في تزويقها بأسماء إسلامية لذر الرماد في العيون، مثل المصارف التي كتب عليها «مصرف إسلامي».

السؤال الأهم بالنسبة لي: لماذا غدا المشهد التونسي هو المشهد العربي بامتياز؟ لماذا يرفض القراء اليوم أي حديث غيره، ويرفض المتابع أي مقطوعة موسيقية غيرها؟ هل لأن هذا المشهد يحقق أحلامهم، أم أنه يطرح أسئلتهم التي يودون طرحها على حكامهم مثلما بدأ بطرحها التونسيون في شوارعهم؟ أين الخبز؟ أين الماء؟ أين فرص العمل؟ أين حرية التعبير؟ أين التعددية؟ أين العدل والحرية؟

يؤكد المحللون السياسيون على دور الإعلام الجديد مثل الفيس بوك وتويتر في الإطاحة بالنظام، على رغم كل جيش النظام وقبضته والتي مهما حكمت الأرض لا تستطيع التحكم في الفضاء، فقد استطاع التونسيون تنظيم أنفسهم وتكثيف انتفاضتهم في ثوان عن طريقة رسالة قصيرة عبر تويتر أو الفيس بوك أو الإس إم إس.

في إيران أطيح بنظام الشاة عبر شريط الكاسيت، وبعد 30 عاماً أطيح بزين العابدين عن طريق الفيس بوك. التكنولوجيا الإعلامية تتقدم، لتصبح نصيرة الحرية والإرادة، في حين ظننا أن الجوع قادر على حجب التقنية والمعرفة والوعي بحقوق الإنسان. لكن التاريخ يسجل أن الحرية والعدل والمساواة هي قيم سابقة على الدولة وعلى الجوع، السؤال الذي دهمني بمجرد خروج ابن علي من تونس وأهله هو: ماذا لو أن صدام حسين فعل مثله وخرج من العراق قبل أن تدخل الجيوش الأجنبية، أما كان جنبنا شر الدماء التي سالت لولا أنه اختار أن يهرب كفأر ويموت كجرذ؟

عدد القراءات : 2652
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات