احدث الاخبار

الرضاعة الطبيعية الخالصة.. قصة نجاح

الرضاعة الطبيعية الخالصة.. قصة نجاح
اخبار السعيدة - بقلم - د. مروان سعيد طاهر         التاريخ : 06-01-2011

الرضاعة الطبيعية المبكرة و الخالصة تقلل من وفيات الأطفال و تحميهم من سوء التغذية و تجعل شبابهم اصح و أكثر حيوية و اقل عرضه للإصابة بالأمراض المزمنة كالضغط و السمنة و السكري إضافة إلى منافع كثيرة لصحة الأمهات. لكن بسبب استفحال الجهل وانتشار الأمية في أوساط المجتمع اليمني و بين النساء خاصة فأن 12% فقط من أطفال اليمن ينعمون بالرضاعة الطبيعية الخالصة. و إن كانت حملات التوعية و التثقيف تحصد وعي ايجابي إلا انه لازال هزيلا و ضعيفا في مقاومة ثقافة شعبية موروثة أكثر تحكما في اتخاذ القرار و أكثر ضررا على صحة الأطفال و الأمهات معا. هنا نقطف ثمرة من ثمار التوعية والتي كانت من نصيب احد أطفال اليمن القلائل و المحظوظين.

في يوم مشرق زاه جميل رأت الدنيا و احتفلت بقدوم طفل يمني آخر ..اسمه اكثم .. كل ما يرغب به والديه أن ينمو و يكبر بصحة جيدة و جسم قوي و عقل راجح سليم قادر على الإنتاج و الإبداع و خدمة بلده و أمته ..بعلم أبو اكثم أن أول خطوة لتحقيق هذا الحلم هي الالتزام بدقة بتطبيق قواعد الرضاعة الطبيعية الخالصة هذا ما عرفه من خلال المشاركة في العديد من الدورات التدريبية و الندوات التثقيفية التوعوية الموجهة للشباب و المنظمة من قبل عدة جهات مهتمة سواء حكومية أو مدنية أهمها التحالف الوطني للأمومة المأمونة. نقل أبو اكثم كل ما يعرفه إلى زوجته بعد فرز الكتب و تفنيد المقالات سواء في المجلات أو الانترنت لجمع آخر ما طرحه العلم في مجال الرضاعة الطبيعية الخالصة كيف لا والأم لها الدور الأساسي و المحوري في تنفيذ هذا المشروع .. مشروع بناء و إعداد فلذات الأكباد و الذين سنسأل عنهم يوم القيامة.

أول تطبيقات الرضاعة الطبيعية كانت إرضاع اكثم خلال الساعة الأولى بعد الولادة رغم التعب و الإرهاق مع مساعدة الأم في اخذ وضعية الإرضاع الصحيحة. قاوم الوالدان بإصرار إحدى العادات الصحية السيئة لنساء اليمن المتمثلة بتأخير أول رضعه إلى ما بعد الساعة أو حتى الساعتين من الولادة بحجة تعب الأم و عدم قدرتها أو عدم ورود الحليب و هذا خطأ كبير. فالرضاعة المبكرة للطفل مع ملامسة جلد أمه تبقيه هادئا دافئا منتظم ضربات القلب. الرضعة الأولى تمكن الطفل من الحصول و الاستفادة مما يطلق عليه السائل الذهبي أو هبة الحياة و هو "حليب اللبا" الذي يحتوي مكونات لها فوائد و منافع جمة للطفل. ثم اتبعا أهم قواعد الرضاعة الطبيعية و هي أن تكون خالصة .. حيث اعتمد اكثم على حليب أمه كغذاء أساسي دون أي إضافات أخرى بما فيها الماء. و في هذه الجزئية بالتحديد اصطدم الوالدان بعادات صحية شديدة السلبية متأصلة و منتشرة على نطاق واسع في المجتمع اليمني منها الإصرار على إعطاء الرضع الماء أو تحضير سوائل أخرى كالينسون أو الشعير أو عصير العسل أو ماء و سكر حتى أن البعض يعتقد أن حليب الأم غير كافي لإشباع الرضيع فيتم إضافة مصدر غذائي أخر و هو الحليب الصناعي. هذه كلها معتقدات و مفاهيم خاطئة ناضل أبو اكثم في مواجهتها و صمد تحت ضغوط اجتماعية شديدة لتجاوزها و بيان ضررها. فقد اثبت علميا أن حليب الأم وحده كافي لإشباع الطفل الرضيع منذ الولادة حتى الشهر السادس لان معدة الرضيع تكون صغيرة جدا و تسع 5-7 مل فقط في اليوم الأول و 25-30 مل بعد اليوم الثالث و 45-60 مل بعد اليوم السابع. كما أن عدم إضافة الحليب الصناعي يزيد من لثم الرضيع لحليب أمه مما يؤدي إلى توليد كميات اكبر. أما خطر إضافة السوائل الأخرى يكمن في مذاقها الذي يقلل من شغف الرضيع لحليب أمه و هذا الشغف مطلوب و أساسي لاستمرار إدرار الحليب الطبيعي. و من قواعد الرضاعة الطبيعية الخالصة التي مارسها اكثم هي الرضاعة عند الطلب سواء في النهار أو الليل، لان أبواه يعلمان أن الرضاعة عند الشبع أمر يجافي الصواب تماما.

مرت الأيام و الأسابيع و الشهور و اكثم ينمو و يكبر و تتسع ابتساماته و تعلو شهقاته و يصر على الاستمرار في تشجيع أبويه في مواصلة النهج الغذائي السليم الذي يستحقه.. يأخذ بيدهم ليجتازا مراحل صعبة في مواجهة المفاهيم المتوارثة الغير مفيدة بل و الضارة في معظم الأحيان ... و يساندهم في ترسيخ ثقافة صحية جديدة مبنية على أسس علمية مثبتة.. و بترانيم أغانيه الغير ملحنة ساعدهم على الاستمرار و الصمود أمام التخويف المستمر من المجتمع الذي تنبأ بنمو هزيل و ضعيف لاكثم بسبب الرضاعة الطبيعية الخالصة هذا أذا لم تفارقه الحياة جوعا أو عطشا و غيرها من التنبؤات المتشائمة. لكن ها هو اكثم ألان ذاهب إلى شهره السادس و هو يقتات على حليب أمه فقط و متأنق بصحته المثالية و وزنه المثالي و لم يشكو من أي أمراض و الحمد لله... كأنه يقول يا أباء جيلي و يا أمهاتهم أما آن الأوان لتكرروا التجربة لنحيا جميعا بصحة و عافية.. أما آن الأوان لتصدقوا العلم و تقبروا الممارسات المتوارثة الغير صحية... أما آن الأوان لتبنوا امة قوية استثنائية قادرة على تحقيق المهام الصعبة المستقبلية في نهضة البلد و تضميد آلامه.

drmrwan@yahoo.com

المصدر : نقلا عن صحيفة الثورة
عدد القراءات : 7947
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات