احدث الاخبار

جريمة الحديدة دخيلة على أبناءها

جريمة الحديدة دخيلة على أبناءها
اخبار السعيدة - بقلم - محمد حسين النظاري*         التاريخ : 02-01-2011

• أفزعتني الجريمة الشنعاء التي ارتكبت بحق أسرة بأكملها بمحافظة الحديدة , وهو نفس الإحساس الذي راود الجميع , فجريمة كهذه أتت على عائلة العزي بأسرها وبطريقة وحشية تنم عن انعدام الشفقة والرحمة التي انتزعت من قلب الجاني الذي نفذ جريمته وفق ما نشاهده في أفلام الرعب فقد تقمص صورة ذئب بل هو الذئب بعينه , كيف وهو لم يدع أبا ولم يرحم أما ولم يترك زهرة صغيرة مازالت في صباها , وما يجعلنا نطالب بإعدام الجاني هو قيامه بالجريمة مع سبق الإصرار والترصد بحسب ملابسات الجريمة .

• لم اصدق أن تحدث مثل هذه الجريمة في مدينة الحديدة , فهذه المدينة المملوءة بالحب هي مسقط رأسي واعرف جيدا الطيبة التي تميز أهلها , فهكذا جريمة هي ليست من أخلاق أهل الحديدة الذين جبلوا على استقبال الوافدين إليها بكل ترحاب , فاتحين لهم قلوبهم قبل بيوتهم , هنا تحية كبيرة لرجال البحث الذين سرعان ما القوا القبض على الجاني وفي أيام معدودة لينقلوا صورة حسنة عن استتباب الأمن في مدينة الحديدة و وحسنا فعل محامونا في الحديدة الذين رفضوا الترافع عن المجرم لان مثله مجال للدفاع عنه في إزهاق أرواح عزل مهما كانت دوافع الجريمة بينه وبين رب الأسرة.

• إن مدينة تدب فيها الحيوية ويعكف ساكنيها على مزج الليل بالنهار فرحا وسرورا , فالحديدة تفتح ذراعيها لزوارها في أي ساعة شاءوا المجيء إليها , فهي مدينة الأمن والسلام والحب والوئام , نعم فبالرغم من قساوة الحياة الاقتصادية على أهل الحديدة إلا أنها لم تُنسهم طيبتهم ولم تغير من سجاياهم الحسنة التي عُرفوا واشتهروا بها .

• لو زار أحدكم الحوك أو الميناء أو الحالي أو الصديقية أو غليل أو الصبالية أو الدمغة أو الشهداء وغيرها وغيرها من حارات وأزقة الحديدة لعرف وبكل بساطة أن الأناس الطيبون ما زالوا يعيشون على وجه الأرض , فمن عادات أهل هذه المدينة أن كل واحد منهم يحرس جاره فما من سارق يجرؤ على دخول حارتها القديمة لأنه يعرف ان الجميع سيهب للنجدة من أول صرخة يطلقها مستغيث ولا فرق حينها بين من هم من أبناء الحديدة أو الوافدين عليها , وهذا بالضبط ما فعلته عاملة النظافة حين افتقدت سكان البيت الذي كانت تتعهد بنظافته ليساورها الشك ولتدل على وقوع هذه الجريمة.

• سكان الحديدة لم تزدهم حرارة الشمس إلا دفئا و لا البحث عن لقمة العيش الحلال إلا صبرا , فعندما ترى البحر تدرك بأنه قد تعلم الكرم من أهلها فيسوق خيراته للجميع , وعندما تحظى للانتقال في ريفها من اللحية إلى الخوخة ترى بساطة ساكنيها وطيبتهم المغلفة بحب الضيف والسعي إلى إكرامه وإدخال البهجة على قلبه .

• إن سكان هذه المدينة محبون للوطن عاشقون للوحدة , تراهم في الصفوف أولى دفاعا عن كل شبر من هذا الوطن الغالي , هم السباقون قبل غيرهم للمشاركة بفاعلية في كل انتخابات رئاسية أو برلمانية أو محلية وفيها حصل فخامة الأخ الرئيس حفظه الله على اكبر نسبة تصويت لان أهلها عشقوا محبته, ومع هذا فهم في أمس الحاجة إلى المزيد من المشاريع خصوصا تلك التي من خلالها يمكن استقطاب عشرات الآلاف من أبناءها التواقين كالورش والمصانع , نعم فالحديدة استفادت من خلال احتضانها للعيد السادس عشر للوحدة الخالدة بكثير من المشاريع ولكنها مازالت تواقة إلى أكثر من ذلك

 فهي تبادل الوطن والقيادة الحب والوفاء وتستحق على ذلك عناية واهتماما اكبر , وهنا نقول بأن الحديدة قد افتقدت بالفعل المحافظ محمد صالح شملان بل وخسرته ولكن عزائنا بأن انتقاله قد بدأ يثمر في وزارة الثروة السمكية .

• الكهرباء ورغم أنها تحسنت في الآونة الأخيرة إلا أنها تظل الشغل الشاغل للحديدة خصوصا وان الصيف مقبل وهو الجو السائد على المدينة طوال العام , فينبغي وضع الحلول الدائمة , والحدية تستحق أن تقرَ لها تعرفه خاصة بفاتورة الكهرباء التي تثقل كاهل الميسورين فما بالنا بعمال الأجر اليومي كالحمالين في الميناء والأسواق وسائقي الموترات وغيرهم ممن تعج بهم هذه المدينة الجميلة , كما أن مشاكل الصرف الصحي وان حل بعضها إلا أني من منطقة الحوك والتي تغزوها المجاري إلى داخل البيوت ومن كثر ردم البيوت خوفا من وصول تلك المياه أصبحت تلك البيوت منازل تحت الأرض .

• رصف الحارات بالحجارة من الأشياء الجميلة التي طرأت على مدينة الحديدة , ولكن العيوب التي رافقت تلك العملية جعلتها مشوهة فلا يمر يوم إلا وتقتله تلك الحجارة المرصوفة إما بداعي الحفر للمياه أو الكهرباء أو الهاتف , هذا الم يكن اقتلاعها بسبب رداءة الرصف والذي لم يراعى فيه الجوانب الفنية , كما بعض البيوت قد نزلت عن مستوى سطح الأرض بداعي مساواة الأرض المرصوفة مسبقا مما جعل تلك البيوت تبدوا وكأنها قبور .

• رغم هذا كله إلا أن سكان الحديدة تراهم كل صباح يستيقظون وعلى وجوههم البسمة وكأنهم قد ملكوا الدنيا وما فيها , لأنهم وبكل بساطة رضوا بالقناعة وحمدوا الله تعالى على ما رزقهم , فهم لا يطلبون أكثر من العيش الذي يحفظ لهم كرامتهم , وكرامتهم كبيرة جدا فمن زبيد اقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند فتح خيبر وفد يقرب من بضعة وخمسين من أهل اليمن سماه الرسول - صلي الله عليه وسلم - بالأشعريين وبأنهم أرق الناس أفئدة, فلقد قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم – لأصحابه يقدم عليكم غداً قوم هم أرق قلوباً للإسلام منكم , فقدم الأشعريون وفيهم أبو موسي

 الأشعري , فلما دنوا من المدينة جعلوا يرتجزون يقولون,غدا نلقي الأحبة محمداً وحزبه , فلما قدموا تصافحوا , فكانوا هم أول من أحدث المصافحة .

*باحث دكتوراه بالجزائر

mnadhary@yahoo.com

عدد القراءات : 2571
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات