احدث الاخبار

أعلى من صوت الحرب

أعلى من صوت الحرب
اخبار السعيدة - بقلم - محمود رمضان أبو الهنود         التاريخ : 28-12-2010

لم تكن حرباً عادية ، تلك التي واجهتها غزة في مثل هذا التاريخ من العام 2008 ، إنها أشبه بسيناريو " مصغر " لحرب نووية قذرة، كان الفسفور الأبيض سلاحها الفتاك الذي قتل الكبار وشّوه الصغار ، وكسى غزة هاشم البهية بلباس أسود ، فغزة الثقافة ، البسالة ، الحضارة ، غزة شمس الوطن ، و عاشقة البحر المتوسط ، تلك غزة .. العصية دائماً على الغزاة ، حاضنة القادة والمناضلين ، الياسر أبو عمار ، والياسين ، والشقاقي ، وبسيسو من بين عديد الشعراء ، وقبر هاشم بن عبد مناف جد الرسول محمد ما زال شاهد على كرمها ، "و العظيم شمشون الجبار" لم تمنع قوته من أن تقبره غزة .

غزة .. الحارات القديمة قدم الإنسان، حارة الزاوية ، حارة فراس ، سوق الذهب ، غزة مساجد عريقة ، المسجد العمري ، وابن عثمان ، غزة عنوان من عناوين الثقافة والتراث العربي ، قصر الباشا ، وقلعة برقوق ، وخان الأمير يونس النوروزي ، غزة تراث إسلامي ومسيحي عريق ، حمام السمرة ، كنيسة المخيتم البيزنطية ، وموقع الشيخة لقية ، وكنيسة البركة ، كل شيء هنا لا أجمل من الوقوف لحظة فوق جبل المنطار لتشاهد البحر ، والرمال ، والمنازل المتلاصقة ، وليس أعظم من مشاهدة جزء من أراضينا المحتلة المجاورة لغزة "المجدل، وإسدود، والسبع " ،فالمنطار.. سيبقى شاهداً على جمال وسحر هذه المدينة ، و الشعراء العظام لن يتوانوا أو يكلّوا عن استراق لحظات الليل ليوصفوا تلك العروس المتوسطية ، والفنانين المبدعين سيرسمون بألوانهم الصامتة جمال غزة ، غزة هذه التي نعرفها وليس تلك التي يحاول الاحتلال أن يجعل عليها شاكلة مدينتنا ، هي ستبقى دائماً منارة للعلم وزاداً للعلماء ، وسيبقى بحرها رغم القذائف ناصع الزراق ، وسماءها صافية رغم هدير الطائرات ، وأطفالها سيبتسمون ، ويمسحون بأيديهم على قبور أعزائهم من الشهداء ، ونساءها سيضعون الذكور والإناث ولن يرهبهم صوت الرصاص ، ورجالها سيبقون هم نفس الرجال ، حيث الجود والكرم لا مثيل له ، والشجاعة والتضامن لا انقطاع له ، ستذهب تلك الغيوم المحيطة بسماء غزة ، وسيذهب الأعداء و كل شيء يؤلم غزة ،ولن يبقى الانقسام طويلاً يفرق الإخوة أبناء فتح وحماس ، فلا مجال للأحبة سوى المصافحة و العناق ، وذكريات الحرب الفظيعة لن تغيب عن أذهاننا ، وستبقى وصمة عار على جبين الأعداء والمتفرجين من عرب وعجم ، غزة ستستمر و أعدائها رغم تربصّهم بها سيتحطمون على جدارها الحصين ، بصبر وإيمان أهلها.

ستبقى غزة هي غزة بألوانها البهية .. آذان مرتفعة ، أسواق تضج بالمتسوقين ، بيوت إسمنتية وأخرى صخرية أثرية ، مقاهي ثقافية ، موالد كريمة ، جامعات شامخة ، حارات قديمة وأخرى جديدة ، نوادي ، متنزهات ، ملاهي ، أمسيات شعرية ، محال لبيع الفلافل ، وأخرى للحلويات العربية والنابلسية ، قهوى غزاوية، ضجيج لاينقطع من صوت الناس والسيارات والدراجات النارية ، .. هي فعلاً تسحرني غزة.

عدد القراءات : 2259
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات