احدث الاخبار

قصص قصير تنشرها " أخبار السعيدة " للقاصه أسماء عبد العزيز**

قصص قصير تنشرها
اخبار السعيدة - ذمار (اليمن) - صقر أبو حسن         التاريخ : 18-12-2010

أونيـّن   جمال يصعب وصفه..تمتلك جسماً يذيب الجبال ..برقة ودلال أوربي أخبرتني أنها قبل القدوم إلينا قرأت عنّـا الكثير..مناطقنا ..أثارنا ..عاداتنا.. تقاليدنا ..رجالنا ..نسائنا حتى أطفالنا .

طلبت مني قبل أن تلتقي بأحد من المسئولين في بلادنا .. أن أذهب بها إلى أبرع ناقشة تنقش سيقانها وأذرعها حدثت نفسي : ( لا ضير من هذا ،يبدوا أنها تحب الاختلاط الاجتماعي ،لتخرج بإنجاز ناجح لأقصى درجة ، وقـد نسمي هذا أخلاص العمل .)

بمشقة وجدنا ضالتنا وبالفعل بين نقش الأرجل ..الأيدي ..الصدر ..الظهر  لا أدري هل هناك بقية..؟ وبين البحث عن قطع قماشية قطنية 100% والبحث عن بودرة أطفال ألمانية وفازلين صافي ..تجهيز طعـام فـاخـر..الخ

مر اليوم مجهد ولم نبدأ العمل بعد ! فكيف عندما نبدأ ..!؟ لا أنكــر مدى سعادتي بهذه الفرصة ..فعند اختيارك  لتكون مترجماُ وأنت لتــوك تخرجت من الكلية مع مسئولة مرموقة لهي فرصة رائعة لن تعوض أبداً . هذه الحجرة ..فندق خمس نجوم ربما هذه أول وأخر مرة أدخل مثل هذه الحجرة ، كما أنني فتاة من مدينة ريفية أكثر منها حضرية .

سأضع برنامج الزيارات في المدينة :

المطلوب زيارة كل مكاتب الآثار ..مكاتب السياحة ..المطاعم المرموقة .

غداً سنقابل المدير العام لمكتب الآثار في المحافظة ..لكن قبلها سنقابل محافظ المحافظة .. شاهدته مراراً على التلفزيون :

(رجل ذو ملامح ودوده ،وجسم رشيق ،وهو مثقف جداً ويتحدث الانجليزية بطلاقها ..ربما تعرفينه ؟..فقـد شغـل منصب سفيراً في بلادكم ولمدة خمس سنوات .)

ما إن أنهيت جملتي الأخيرة ؛ حتى لمعت عيونها بنظرات لؤلؤية ساحرة حملت معاني غامضة، صعُب عليّ تفسيرها .. تفرد طولها الأخاذ .. تجهز ملابسها في حقيبة دبلوماسية ..تفتحها ..مكتظة بالكثير من الملابس ..قماشها يمني أصيل..تصميمها أوربي.. خياطة نظيفة ..لها أغراض تشبه الحلم الجميل .

أقبع في غرفتي ..مغمضة عيناي ..أسمع صوت رياضتها ؛أوه ..هذا يعني أننا في الصباح ، حريصة جداً على الوقت ..الغذاء .. الرياضة،  ثلاثي مقدس لديهم ربما هذه هي أسرار نجاحهم لمن يفهم ، وأحمد الله أنني كشعبي ..لا أفــهم أوأننا نتخيل ذلك .

حتى قهوة الصباح لم أشربها ..! طرقات على باب غرفتي..تكتشف أنني لا زلت بين النوم واليقظة ،تصرخ في وجهي ، أسرعي هيا يجب أن تتناولي الإفطار وتمارسي الرياضة لماذا انتم خاملون هكذا ..؟

أي كائنات  أنتم ..!!؟

تستطرد ..أسفه جداً ..لم أقصد ..لكن تنامون كثيرا وتعملون قليل لهذا لا زال بلدكم من أكثر البلدان تخلفاُ وفقراً..ساعدوا هذا البلد أرجوكم ..

حتى نظراتي ..جوفاء لا لب فيها ..لم أدري ما هــو الرد المناسب في موقف كهذا..؟

بسرعة جنونية أكلت ..أترديت ملابسي القاتمة: عباءتي .. مقرمتي ..برقعي ..جواربي ..كفوفي ...الخ

تنظر إلى مندهشة ..تبتسم ..وتصرخ :

-   أوه أنتِ تشبهي طبقات ... الــ ( أونيّن ) ( you are like the lyres of  onion)

-    شكراً (thank you   )

تضحك عالياً .. تردد ..طبقة فوق طبقة

-     آسفة ..لا تقلقي عزيزتي  ( Sorry ..Don't worry my darling.. )

-    لا عليك (Never mind  )

يجب أن أبحث عن معنى أونين ..أتذكرها جيداً ..لكن كيف لم أعرفها ..يبدوا أن الإرهاق أثر كثيراً ..يبدوا أنها مصطلح علمي ..وتخصصي أدبي ..عندما تنشغل هي مع السائق

سأبحث عن الكلمة في قاموسي الالكتروني .. آه تعني بصلة ..أنا أشبه البصلة ..وأنا قلت لها شكراً لأنها شبهتني بالبصلة ؟ ماذا قصدت ؟  أه ..ربما قشور البصل ...

وصلنا لمكتب المحافظ ..تسير بكامل الأنوثة والأناقة ..عطرها الفرنسي النافح ..فستانها اليمني بإشراقه أوربية ..ذراعين مرسومين وساقين مخضبين .. تبدوا كعروس فاتنة ..ما الذي يمكن أن يحدث في هذا الاجتماع الفريد من نوعه ، كوكبة من الحاضرين ..مجلس محلي ..تجار وكلاء ..الخ

أكثر من مئة شخص ..قاعة كبيرة ..مجلس الشيوخ لدينا ولديهم أيضاً ..لم تستوعب أين هي ..؟

السيدة / هــلن ترحب بكم سعيدة جداً أنها هنا ..

لا يحتاج إلىّ المحافظ فهو يتكلم بطلاقة معها .. مسئول فريد من نوعه .. يرحب بها ..يمد يده إليها ..تمد كفها المخضب يصافحها ..تقترب أكثر..فأكثر ..تتهيأ لتقبيله ..يدفعها بلطف ..لا تفهم ..يمسكها بعنف تتوقف بعد جهد ..فهمت أخيراً.. انه لا يرحب على الإطلاق بهذا النوع من التحايا ،وبين دهشة الجميع تهدأ وتقعـد.. تتصنع نظرات الاندهاش والبراءة  .. يعلن المحافظ بداية الاجتماع ..يتساقط مطر من : ابتسامات ..همسات ..إشارات ، قلوب مختلفة الأحجام  تتطاير هنا وهناك وتذوب لنغرق في دمائها ..عيون هائمة .. علامات الرضى الخفية بادية عليها .

يبدوا اجتماع لا نهائي ..أترجم بقشوري الداكنة .. تطاردني مع كل جمله فكرة المقارنة بيني وبين البصل ..هــل حقاً أشبه البصلة ؟ .. تخيلتني بصلة محروقة .

ينتهي الاجتماع أخيراً وبعد ثلاث ساعات، من الحوار والنقاش ..لم تجوع فقد كان فطورها دسماً ،أما أنا فمعدتي تموء.

بدأت أتخيل البصل وقشوره الملتصقة وراء بعضها ،ربما أحب منه المحروق مع اللحم المشوي ..الخبز الشامي  .تبتسم تضحك ..إيماءات كثيرة تتعمدها ..ترفع ذراعيها ..ترتب شال رقبتها لتظهر بعض نقوش صدرها .المحافظ الوسيم .. لا يتجاوب لإيماءاتها .. بدأت ملامحه بالامتعاض وهو يقول بالعربية وبصوت خافت  :( زادت مناقشاتكم اليوم عن الحد المتعارف عليه من فضلك لا تحرجونا فهي ضيف ..هل نسيتم وقت القات ..؟

تصيح القاعة بصوت واحد ..( اليوم نبطل ...)

تحتقن دماء وجهه ..أصبح امتعاضه واضحاً ،يبدوا أنه سيضطر الآن ليدعوها للغداء .

(أخبريها أن الغداء اليوم صنعاني أصيل )

يبدوا أنه غير رأيه ..قرر أن أحدثها أنا .. يتجنب النظر لعينيها ..لا أدري هل هذه علامة انتصارها أم انتصاره هـو..!

يستطرد ماداً يده (ادخليها هذه القاعة فهي مخصصة للنساء ..)

يبدوا أنه في قمة غضبه ..

(أدخليها وتعالي بسرعة ..همس بأذني ..)

أقعدتها ..وخرجت إليه  بسرعة ..مرتعشة الأطراف .. مرتعدة الفرائص ..لم أتوقع الدخول في المشهد ..

-    أول مرة تترجمي ؟

-    أم.. أم.. نعم ..

-    بكم وقعتي العقد معها ؟

-    هام ..لم أفهم .؟

-    كم وعدتك؟ لا تستحي يا أبنتي ؟

-    مئة دولار في اليوم ..

-    كم أيامك المقررة معها ؟

-     عشرة أيام ..

-     هذا شيك بأسمك بألفي دولار ..أذهبي وسأخبرها أنك اضطررت للذهاب فقد فوجئتِ بخبر وفاة أحد أفراد العائلة ..

-     لكن لماذا ..؟أقصد أنني ...

-     ستجدين سيارة سوداء في الباب ستوصلك إلى مدينتك وستجدين غداء في السيارة ..

الله سيحميك ..سأتابع إيصالك بنفسي ..حتى يتم تسليمك لأهلك ..

لا توافقي على العمل مع أي شخص لابد أن تفهمي وتتذكري هذا جيداً ..أنتي بنت هذا البلد الطيب . لم تنهض بلد في العالم  إن لم تكن حريصة على أمثالك ، كنت ستصبحين في وضع لن يحسدك عليه أحد والحمد لله أننا وصلنا إليكِ قبل فوات الأوان .

( ماذا يعني قبل فوات الأوان ؟ إلى ماذا يرمي؟ ..هل معــقــول أنها ...  )

 أصبح مجرى الحديث يُثّقـــل شفتاي..أحجار تضرب رأسي ...غيبوبة تًوقض بركاني الكامن ..أين أنا ..؟لم أعد أدري.. أخر كلماته (أعرف أنها فرصة جيدة لتتعلمي فيها الكثير لكن فرص كثيرة قادمة لكن ..خطرها سيكون أقــل بالتأكيد فأنتي ستكونين أقوى ..وفقك الله وحماك  )

انسحبت أجر أذيال الخيبة  . أرمي بنفسي لتحضني كنبة السيارة الفارهة ، و ألياً أغّــلق بابها ،بانتظاري مستطيل كارتوني يحوي وجبة غداء؛هي ألذ ما تذوقت ..بصل أسود ولحم مشوي . 

(ألفي دولار مبلغ سيؤثر فعلاُ هل فعلاً هذا مسئول ؟ ) برغم خيبة أملي  إلا أن روحي تملئها الغبطة فما زالت بلدي تجد الخير.. لم أفهم الموقف حتى اليوم..وليس مطلوب مني أن أفهم كل ما يحدث ..

(أنا مترجمة فقط ، وسعيدة كوني أونيّن أيضاً ).

قليل عقل ..

(1) لا أدري لماذا ؟ كنت أفرح عندما تنعتني أمي  مبتسمة ومغنية ( قمري صنعاء جنني ) بينما تصرخ بشده حين تنادي أخي مردده يا خاااااادم ...

(2) أحببت أن أبدوا مستحقاً للتصفيق وزملائي يُضّربون بشده ..دفاتري بحمد الله نظيفة ..مرتبة ..معطرة ..وعكسها تماماً لآخرين من الزملاء .. أتذكر ذات مرة أحببت أن أكون رئيسا للفصل وكان زميلا لي رئيسا تحديته وتحداني ...أمتدد برق شعاعي ومد زميلي كذلك برقه وكونا نقطة شعاعيه أحرقت قلبه وأشعلت كبريائي ..استعنت بخالي فهو صديق حميم لمعلمي ..جاء إليه وأحترق فصلنا من شدة شوقهما حيث تعانقا بحرارة حارقة   ..وبالفعل لم تبرد حرارة اللقاء إلا وأنا رئيسا للفصل .. ( مقبوعاً على كرسي الرئيس ) كان هذا أول دور قيادي لي وأول تجربة ديمقراطية مارستها .

(3) لزميلي في الجامعة شعر مجعد وأملك الحق  الحصري للتسريح بكل أنواعه؛ فقد وهبني الله شعرا رائعا يميل إلى الشقرة ..لا أدري لماذا تحلق روحي حين ينظر لي بحسرة متمنيا امتلاكه لبعض من خصلات شعري ..؟؟!!يحلف الجميع بطولي الأخاذ وجسمي المتناسق ..إبداعي في اختيار ألوان ما أرتدي من ثياب خبرتي فيما أشتري .. لباقتي ..ملامحي السمحة تجعل زميلات ينجذبن إلى ويختلقن الأعذار لمحادثتي .. قدراتي العقلية العالية  ..قوة تحملي .. قلة كلامي .. محافظتي على وقتي .. الكل يتحدث عني ..عن اكتمالي ..مشاعر النشوى التي أشعر بها كواحد من أبناء أهم عائلة في بلدتي ..الغيوم التي أراها فوق رؤس البنات ..القلوب المنثورة هنا وهناك عند مروري بجانبهن ..كل هذا يجعلني أرغب في الطيران والتحليق عاليا ..لماذا ؟؟

(4) لدي ولدين أحدهما يملك ما كنت أملكه والأخر ما ملكه أخي .. !! هاهي زوجتي تربتُ على كتف الأول وتلمع عيناها التي تملئها اللآلئ  حين تنظر إليه ..وبيدها الثانية تدفع أبني الأخر مرددّة (( خااااااادم )) بعد مرور عشرون عاماً .. أسائل نفسي لماذا هذه المفارقات؟! التي سنظل  نشعر بها .. ووجدت الإجابة أخيراً ..!! باختصار كنت قليل عقل ..وأجيب عن الجميع وكل من فكر هكذا.. هو ببساطة إنسان قليل عقل ..

دورة تدريبيــة

أخر مره ظهر مرتدياً.. ابتسامة مؤثره ....يرنو بنظره هارباً من عيناها ..تستشعر دقات قلبه القوية ، بصوت مرتعش ينثر كلمات مرتبكة ..أكد لها ظنونها  فيه ،.

-   حبيبتي  أعتقد أني سأغيب عنكِ مدة أسبوع أو أسبوعين ... لديّ ...

ترد بابتسامة مهزومة .. مخرجه زفرة حارقة ..

-    أسبوعين إلى أين ولماذا.؟!

-    تعرفين أهمية عملي الأمني ..الذي يستوجب سفر دائم  ،وعليّ حضور الكثير من الدورات التدريبية فالدولة حريصة على تأهيل رجال أمنها؛ نتيجة حساسية مهامهم وأهميتها وبلادنا تمر بأوضاع ...

تدور بها الدنيا ..تتحول نظراتها تائهة ... قلبها جامد الإحساس و ثمة صدى لمكالمة.قديمة

(( هل تصدقين لقد اضطررت أن أكذب على زوجتي لنتمم زواجنا و أحافظ على مشاعرها في نفس الوقت ... قلت لها أنني في دورة تدريبية لمدة أسبوعين أو ثلاثة لم أحدد لها الفترة ...لا أفضل التحديد ... أحب الراحة بلا قيود ... كما في كل دورة تدريبية ها ها ها ...  ))

بالرغم من  مرور  شهر لا زال يتّـملكها.. إحساس لم تعهده من الحسرة والندم .. تحيط بها مرارة الغربة تتأمل الشارع ومن خلف نفس الشباك الذي طالما  التصقت به لتنظره ليالي طويله .. أوه لا تصدق أنه قادم نعم سيارته الفارهة.. يظهر أخيرا تبدوا ملامحه مختلفة  .. زواياه لامعـه.. يطرق الباب .. يفتحه ..هي لا تتحرك رائحة عطر فاخر  تصل إليها قبله  وعلى غير عادته ..

يتسمر مندهشاً..

(ااه ..صباااااااااح ااالخيير ..إااعتقدتك غير موجوده ؟! لما لم تفتحي الباب ؟ )

تلقي بنظراتها فقط.. لتمد يدها له بباقة حمراء ..برزت منها بطاقة كبيرة ..مكتوب (عليها  ألف مبروك زواج سعيد لزوجي العزيز)

عرض وزير

لم يكن الأمر واضحاً .. لذا يفترسني القلق ..و صور شريرة يستعرضها ذهني ..فقد لا أجد مكان التدريب ..أو قد يكون المدرب مملاً وغير معروف ؟؟ التأخير يسبب الضيق..  وعدم الالتزام يجعلك تكره كل شي .. تقطع جملة صاحب التاكسي العرض التصويري وحبل أفكاري  الممتد

-    بشق الأنفس وصلنا إلى الشارع المطلوب  ..يا أختي.. أسف جداً الزحمة شديدة كما ترين ..

ملامح ودودة تظهر إنها أمي مطبوعة في عقلي الباطن تعزيني ..قد فعلت ما بوسعك ..ليس زمن المعجزات الآن يا أبنتي .. زمن المعجزات قد ولى .. حاولي ولا تقتلي نفسك فلن يقف أحد إلى جانبك إذا ما حصل لكي شيء لا سمح الله ..

تبرز بناية كبيرة جدا ..يحتضنها فناء واسع جدا أنه أشبه بمدينة كبيرة .. أجري مسرعه ..تنزلق أقدامي من حذائي  وكأنها قد طُليت بمادة لزجة أظنها (حساء باميا )على الأرجح  يبدوا أن الحذاء اكبر من مقاسي أو أن الارتباك والتوتر قد أثر على أقدامي فتقلصت.. ولماذا اتعب نفسي ..سأنظر إلى الورقة.. آه ..العنوان :وحدة إيفاد

أوه يا إلهي قمراء تقف هناك ... أقترب منها ..

-    من فضلك وحدة تدريب  إيفاد ؟!

-    أنتي أسماء ؟ تسأل بكل رقة

بصوت بليد ....تأتي الإجابة

-    هااااااااااااااااااه ..؟!

-    أنتي أسماء ؟!

-    هااااااااااااااااااااه ...؟!!

-    من هنا ..

تشير لي في اتجاه ... ترتجف قدماي وأحس أن الدماء ستقفز من وجهي ..

تبزغ قاعة فيروزية مضيئة ..وأنثى بملامح هندية تستعرض لوحة ورقية ( فليب شارت ) ..وعلى الجانب الأيمن رجل خمسيني يقف وقفة واثق الخطوة أطرق طرقات خفيفة على الباب ..يشير لي بالإيجاب .. الخ

وبكل هدوء أضع جسدي على أقرب  مقعد ..لا أصدق لقد قعدت بعد كل هذا العناء ..

(أهلا أسماء  ..أسماء التأخير غير مقبول مرة أخرى .. أرجوا ذلك ؟ )

تجحظ عيوني  ..تلتصق شفتاي ببعضها .. وكأني قد لمحت هذا الرجل في مكان ما .. الغرابة أن الكل هنا يعرفني و لا أعرف أحد.. شيء ،بداء الرجل يعرض ويقلب الصور بجهاز العرض ويتحدث عن الكثير..المشاريع .. أنواعها ..أساليب التقييم ...الأدوات ....الخ  الصمت يغلف المكان و بطريقة عجيبة لا أحد يناقش ولا يسأل المعلومات عميقة ..مكثفة  .. المشاركين  مدراء ..يختفي حتى صدى الصوت ... لمــاذا يا تُــرى ؟

(سأطرح عليكم  سؤال كتمرين عملي  .أرجوا .. أن تنظموا أنفسكم في مجاميع لتجيبوا عليه .. كل مجموعه خمسة وانتم لكم قاده  وتفهمون هذه الأمور ولا داعي لتدخلنا  ..و أعتذر للجميع فلدي اجتماع هام سأنتهي منه وأعود إليكم  ...)

بداء الكل يستعد ليكون قائد مجموعته ... يطل علينا رجل ثلاثيني ..يبدوا مرتب وأنيق ..وسيم الملامح ذو صوت هادئ ...تعالي يا أسماء أنتي المرأة الوحيدة في مجموعتنا ..  أحملق إليهم ولا أعرف شيئاً .

-    لا حظتوا الوزير ..بدا اليوم مرتبكاً ( أحدهم يفتح النقاش )

-   لست معه فيما قال معلوماته.. قديمة جداً مع احترامي الشديد ..

يعلق آخـــر :

-   يخلط كل المعلومات مثل (العرايسي)

هنا تفوهت :

-   هل تقصدون أن هذا المدرب وزير سابق .. ؟!

-    أي سابق يبدوا أنك لا تشاهدين الإخبار أو تقرئي الجرائد أنة الوزير لا زال وزير بل من أبرز وأهم الوزراء ...ألا تعرفينه !؟ كيف يعرفك ولا تعرفينه ؟!!

-   لا أدري ملامحه تبدوا مألوفة لكن لم أعرف من هو؟ لن أكذب عليكم ؟ بالمناسبة كيف يعرفني الجميع هنا ؟!!

-    ..طبعا أنتي المتأخرة الوحيد ..لذلك الكل عرفك حتى الوزير .. ثم كما انك المرأة الثانية هنا ..

-   لابد أن نتكلم مع الوزير لنوضح له فنحن كبار المدراء ونفهم الأمور جيدا

-    ربما الوزير يريد اختبارنا ..؟! فهو داهية كما تعرفون ..

-   يا أخي الوزير مشغول ..ليس لدية وقت للاختبارات

-   من يدري ؟

-   ما رأيك يا أخت أسماء ؟

-  والله  لا أفهم شيئاً

-  أهل ذمار مصائب رفضت الإدلاء بأي رأي و بطريقة دبلوماسية

صوت ملائكي ..الأخوة المشاركين جميعا .. الأخت /أسماء من فضلكم سيناقشكم الدكتور/ محمد أيلان  بدلا عن الوزير

وبدأت المناقشة التي لم يبقى أحد باستثنائي دون أن يعطي رائيه بالأخطاء الفادحة ..المعلومات الغير واضحة والمتداخل من المفاهيم القديمة التي احتواها عرض الوزير ..قلة التركيز والألوان الفاقعة التي شوشت تفكير المشاركين كما أن نوعية الخط لم تروقهم لابد من التحديث ..الدولة ستظل دقة قديمة .

ما زاد الحوار سخونة أن الدكتور المناقش أبدا رائية واستيائه .. بل والمح مدى الخطاء الكبير في اختيار الوزير ليكون مدرب فالمسئولين منشغلون ولا يحق لهم أن يدربوا إلى جانب مسؤولياتهم العملاقة ..إذا كان الوزراء يدربوا ويدرسوا وهم وزراء ..ما هو الدور الذي تركوه لنا ؟؟

سؤال حاول الدكتور / أيلان أن يواريه ويغلفه بين جملة وتعابير وجهه ، لكنه كان واضحاً كثور أسود بين قطيع أبيض  .

وفجأة ترتبت ملامح الدكتور / أيلان رافقها انضباط المشاركون ..حيث أشرق الوزير ليستكمل عرضه ..وعاد القاعة لسابق سكونها  ..وما عدت أسمع سوى صوت الوزير ..و التمتع بألوان عرضــة ( الزاهية ).

قطع و سكر

تتبعثر لتتجمع ....  ومن ثم تترتب لتتشكل  في جو احتفائي بهيج  ... تحاول كل قطعه حلوى جاهده أن تكون الأجمل ..الأبهى من هي يا ترى القطعة الأكثر حظاً..؟!  سيختارها الوزير ويخطفها ليتذوق حلاوتها، بعد أن يفتتح المعرض التشكيلي ..لبست كل قطعة أروع ما لديها لتبدو في أحسن حلة ، تحلم كل قطعة أن تعانق أسنان الوزير، التي ستكون حتمــاً أنظف وألطف من أسنان كل الموجودين ومع كل هذا التوتر .. يدخل الوزير مرتبكاً ... تشرق حمره خفيفة على خديه المتجعدين   ليفاجئ الجميع  .. (القليل من الشاي من فضلكم ).. وبشيء من الخجل ... بدون سكر ..فهو يجعلني أعاني   .. عندها فقط تحولت كل القطع إلى جثث  وغرق الجميع ..في دمائها اللذيذة ...

تطلعات مرآه

تقف لتطالع وجهها ..هل فعلاً يبدوا وجهها هكذا ؟  ربما لا تعي المرآة ما تفعله هذه اللحظة ... تكتشف أنها سمراء أكثر من اللازم ...  تعزي نفسها أملك ملامح مؤثرة ..! وهذا هو المطلوب

تقنيـــــــــــة

قبل هذا الوقت من كل يوم يجهز الغداء وتبدأ البنات في إعداد بقيه المأكولات السريعة التحضير ... تشكل البنات الخمس مع الأم دائرة متوسطة كما تشكل الخالة وأبنائها دائرة صغيرة مجاورة .

**قاصه من ذمار

عدد القراءات : 5419
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات