احدث الاخبار

حوار حول قانون الأحوال الشخصية وضياع الهوية

حوار حول قانون الأحوال الشخصية وضياع الهوية
اخبار السعيدة - القاهرة (مصر) - حوار - دينا سعد         التاريخ : 09-07-2010

أن قانون الأحوال الشخصية المقترح لا يزيد عن كونه مسعى لهدم الأسس الأخلاقية للمجتمع الإسلامي في مصر، وتخريب لآخر حصون الشريعة الإسلامية، حيث تقف وراءه شلة من العلمانيين والتغريبيين الساعين لتدمير الكيان الأسري الإسلامي، عبر تطبيق مقررات المؤتمرات السكانية المشبوهة، وبنود اتفاقية "السيداو" بهدف تجريف الهوية الدينية للأسرة المسلمة.

وتابع د.سعد بالتأكيد على أن إلغاء خانة الديانة في البطاقة الشخصية يشكل إعلانًا رسميًّا بتحول مصر لدولة علمانية، والقضاء على آخر مظهر من مظاهر تطبيق الشريعة في مصر، بل ويفتح الباب أمام دخول البلاد لنفق مظلم، لا يدرك اللاعبون بالنار مخاطره على أمن مصر واستقرارها، مشددًا على أن المعارضة الشديدة لهذا الأمر ستجبر النخبة المسيطرة على إعادة النظر فيه، رغم الضغوط الأمريكية المتصاعدة في هذا الصدد.

وأوضح د.محمد سعد أن هدف القانون المقترح فض بكارة المرأة المسلمة، والاتجاه بها صوب النماذج الغربية من تفسخ وعري، حيث لا تنكر النخبة المصرية حاليًا توقها لتحقيق هذا الهدف تحت عناوين براقة، مثل: تمكين المرأة تنفيذًا لمقررات الأمم المتحدة المشبوهة، المقررة طبقًا لنتائج مؤتمرات السكان المتعاقبة، الدائرة في فلك هدم الكيان الأسري الإسلامي واستبدالها بوسائل محرمة، وإباحة الإجهاض ووسائل منع الحمل، سعيًا من جانب الغرب والدائرين في فلكه لتكرار نموذج التفسخ الأخلاقي والديني الذي يعاني منه الغرب.

ويري د.سعد أن وضع قيود أمام تعدد الزوجات أمر مخالف للشريعة الإسلامية، ويعكس رغبة من قِبل البعض لفتح أبواب الزنا والفجور، وإغلاق قنوات العفة والاحترام، فالتعدد في أغلب الأحيان يكون حلا لمشاكل مستعصية، وتكريسًا لوفاء الرجل لزوجته غير القادرة على القيام بالأعباء الزوجية، حيث يضمن احتفاظه بها، كذلك دوره المهم في معالجة قضية العنوسة المستفحلة في الدول الإسلامية، ومن ثَم يرى أن هذا الأمر خطير جدًّا، ويعكس النوايا الخبيثة لمن يطالبون به.

والتفاصيل الكاملة للحوار في السطور التالية:

س: لاشك أن مشروع القانون الجديد والخاص بالأحوال الشخصية يتضمن عددًا من القنابل الموقوتة، وفي مقدمتها إلغاء خانة الديانة من البطاقة الشخصية، فما رأي سيادتكم في هذا الأمر؟

ج: يعد المساس بخانة الديانة بمثابة لعب بالنار، ومخاطرة غير محمودة العواقب من قِبل بعض العابثين، والذين لا يدركون تداعيات الأمر، من كونها إعلانًا رسميًّا بتحول مصر لدولة علمانية، وهدم المادة الثانية من الدستور والخاص باعتبار الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، وفضلًا عن أن المساس بقانون الأحوال الشخصية الجديد يسقط ذرائع البعض ومزاعمهم بأن الشريعة الإسلامية تطبق في مصر.

ولا يجب علينا أن نتغافل هنا عن أن إلغاء خانة الديانة يحمل في طياته مخاطر جمة على أمن مصر القومي، فقد تجبر تطورات بعينها البعض على الزعم بأن الأغلبية في مصر قبطية، وترغب في حماية قوى دولية، وساعتها لن يجد النظام دليلًا على خطأ هذا الزعم، وسيحدث نوع من خلط الأوراق ستدفع مصر ثمنه، رغم أنني أعتقد بأن النظام لن يكون قادرًا على تمرير هذا التعديل بسبب المعارضة الشديدة تجاهه من القوي الشعبية والإسلامية، والتي لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه محاولات تحريف الهوية الإسلامية، وتحويلها إلى كائن مسخ، باعتبار هذه المسألة خط أحمر لا يجب الاقتراب منه.

ولدي يقين أن طرح مسألة شطب خانة الديانة من البطاقة الشخصية لا يتجاوز كونه رغبة من النظام في خطب ود واشنطن، تمهيدًا لزيارات سيقوم بها مسئولون رفيعو المستوى للولايات المتحدة، ومن الطبيعي أن يسبق هذا الأمر تقديم إشارات إيجابية للأقباط وغيرهم، غير أن النظام لن يستطيع المضي قدمًا في هذا الإطار خوفًا من الغضب الشعبي.

س: أشارت تسريبات إلى أن القانون يتضمن عددًا من القنابل الموقوتة، والتي تهدم الكيان الأسري الإسلامي من أساسه؟

ج: لا يجب أن نتجاهل أن هذا القانون هدفه الأول فض بكارة المرأة المسلمة، والاتجاه بها صوب النماذج الغربية من تفسخ وعري، حيث لا تنكر النخبة المصرية حاليًا توقها لتحقيق هذا الهدف تحت عناوين براقة، مثل تمكين المرأة تنفيذًا لمقررات الأمم المتحدة المشبوهة، المقررة طبقًا لنتائج مؤتمرات السكان المتعاقبة، الدائرة في فلك هدم مؤسسة الزواج، واستبدالها بوسائل محرمة، وإباحة الإجهاض ووسائل منع الحمل، سعيًا من جانب الغرب والدائرين في فلكه لتكرار نموذج التفسخ الأخلاقي والديني الذي يعاني منه.

وفي هذا الإطار يأتي السعي لإقرار حزمة من التعديلات تبدو ظاهريًّا في صالح المرأة، مثل منع تعدد الزوجات والخلع دون موافقة الزوج، ورفع سن الحضانة للأطفال من سن 8-15عامًا، ورفع سن الزواج، ووضع قيود على مؤسسة الزواج فيما يخص شهادات الخلو من أوبئة، وتقديم شهادات الفحولة الجنسية، بشكل يُحوِّل الزواج من مؤسسة للمودة والرحمة إلى ساحة للصراع والمشاكل الاجتماعية، متغافلين عن الآثار السلبية للقانون فيما يخص ارتفاع معدلات العنوسة، التي تجاوزت 13مليون حسب أرقام رسمية، وانتشار ظاهرة الزنا، والأطفال مجهولي النسب.

س: أكدت أن هذه التعديلات تصب ظاهريًّا في صالح المرأة فيما تصعد الضغوط عليها في الحقيقة، فهل تفسر لنا هذا الأمر؟

ج: فيما يخص مسألة رفع سن الحضانة إلى سن 15 عامًا فأظنه يمثل عبئًا شديدًا على المرأة، ويصعد من حدة الضغوط عليها، فتربية طفل في هذه المرحلة أمر شديد الصعوبة، ويحتاج لجهد مضاعف من المرأة لرعاية الطفل؛ جسمانيًّا وصحيًّا ونفسيًّا وتعليميًّا، وهو ما لا تستطيع المرأة تحمله، وأعتبر أن استمرار سن الحضانة حتى سن 8 سنوات مناسب جدًّا كما ينص القانون الحالي، وأعتقد أن رفع السن سيزيد من معاناة المرأة، مثله مثل الخلع العلمانى الباطل ، الذي حرمها من جميع حقوقها.

وكذلك يُعد حظر تعدد الزجات أمرًا منافيًا لتعاليم الإسلام، الذي أباح للرجل هذا التعدد شريطة العدل بين الزوجات، أما رغبة الواقفين وراء القانون بفرض حظر أو وضع ضوابط فأراهم مخالفين لكتاب الله وسنة رسول الله، لاسيما أن التعدد له منافع على طرفي العلاقة الزوجية، فربما تصاب المرأة بعارض يجعل قدرتها على مباشرة الحياة الزوجية أمرًا شديد الصعوبة، وهو ما يجعل استمرار هذه الحياة محل شك، وربما تكون المرأة عاقرًا ويفضل زوجها الاحتفاظ بها، فضلًا عن أن التعداد مشرع لحكمة من الله، قد يكون سببًا في علاج عديد من المشاكل، منها ظاهرة العنوسة المنتشرة في عديد من المجتمعات العربية، غير أن هناك ملاحظة يجب الإشارة إليها، وتتمثل في عدم التعسف في استخدام هذا الحق، وعدم اللجوء إليه إلا في حالات الضرورة، فربما يؤدي التعسف في استخدام هذا الحق إلى تخريب عديد من البيوت، ومع هذا أتحفظ بشدة على دخول القضاء طرفًا في هذه المسألة، أو بتعقيد المسألة بوضع قيود، لاسيما أن للتعدد وجوهًا إيجابية كثيرة.

س: من المسائل المطروحة في هذا القانون نصه بصراحة وبشكل قاطع على حظر ختان المرأة، وفرض عقوبات قانونية على المخالفين، فما تعليقكم؟

ج: هذا التعديل المقترح مغرض، وهدفه إشاعة الفاحشة في المجتمع الإسلامي، وهدم أسس الفضيلة، وتحويل الفتيات إلى قنابل موقوتة، وفتح الأبواب أمام فتنة خطيرة لا تبقي ولا تذر بذرائع واهية من عينة أن الختان اعتداء على حقوق المرأة، ويسبب لها تداعيات نفسية وجسمانية خطيرة، رغم أن أغلب الدراسات أكدت أن ختان المرأة في حالة التزامه بالمعايير الدينية المحددة من قِبل رسول الله صلي الله عليه وسلم: (اخفضي ولا تنهكي) [روه الحاكم في المستدرك، (6297)، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير، (236)] في حديث أم عطية والمعايير الطبية يشكل وضعًا صحيًّا ممتازًا للفتاة، ويخلق نوعًا من التوزان البيولوجي لها، ومن ثَم فأعتقد أن هذا الحظر لو أجيز لن يتعاطى معه الناس بشكل إيجابي، بل سيلجئون ـ كما يحدث حاليًا ـ لطبيب ثقة مسلم لإجراء الختان، باعتباره مكرمة للمرأة، وعدم السير في فلك راغبى الانحلال، الراغبين فقط من وراء هذه التعديلات في تحويل المرأة المسلمة لبغي، وإشاعة الزنا والدعارة، وتنفيذ النموذج الغربي في بلادنا مهما كانت مخاطره، وليس أدل على حرصهم من عدم اقترابهم من ختان الرجل كون السادة من اليهود يختنون، لذا فلا مشاحة في استمرار هذا الأمر.

س: تضمن القانون المقترح كذلك عددًا من البنود الخطيرة، منها رفع سن الزواج للفتيات، وضرورة إحضار شهادات طبية للخلو من الأوبئة، فما تقييمك لهذا الطرح؟

ج: رفع سن الزواج في العالم الإسلامي مخطط خبيث، تسعي منظمات الأمم المتحدة منذ عقود لتنفيذه بحجج مختلفة، مثل إعطاء الفتاة فرصة لما يسمونه بالتثقيف الجنسي، وممارسة الرذيلة خارج مؤسسة الزواج لتحقيق أكبر قدر من الدفء في العلاقة الزوجية بحسب مزاعمهم، سعيًا منهم للقضاء على منظومة العفة والفضيلة والشرف التي كرسها الإسلام، فهم ينظرون للأسرة المسلمة على أنها الكيان العصي على الاختراق، والحصن الأخير لدى العالم الإسلامي لمقاومة الغزو الغربي بأساليبه المختلفة، سواء أكان عسكريًّا أو مدنيًّا أو ثقافيًّا؛ لذا فالقضاء عليها بشتى الوسائل وتكريس ظواهر أطفال السفاح، وتكوين أسر خارج مؤسسة الزواج ـ هو أهم أهداف الغرب من وراء هذه المساعي، ومع هذا فأنا أعتبر أن رفع سن الزواج لن يضير الأسرة المسلمة، لاسيما أن الأوضاع الاقتصادية المعقدة التي تمر بها المنطقة، قد جعلت تأخير الزواج أمرًا طبيعيًّا فضلًا عن وجود قنوات بديلة لن يستطيع القانون سدها لمن يرغب في تزويج ابنته أو نجله مبكرًا.

س: لم نتطرق إلى مسألة الشهادات الطبية التي يشترط القاون تسليمها قبل تسجيل عقد الزواج.

ج: أظن أن هذه النقطة من الإيجابيات القليلة التي يتضمنها القانون، لاسيما أنها تشكل حصنًا لبناء أسرة مسلمة صحية يتمتع أبناؤها بصحة جيدة، وقدرات ذهنية مقبولة، لاسيما أن وجود طفل معوق في العائلة يحول حياة الأسرة لجحيم؛ لذا فالأخذ بهذا الأمر جيد، بشرط ألا تستغل بعض الأسر مثل هذا الأمر لوضع تعقيدات أمام المتقدم للزواج، مثل اشتراط تقديم شهادة فحولة جنسية، كأن الزواج قد تحول لساحة مصارعة، وأعتقد جازمًا أن اشتراط الخلو من الأوبئة سيفتح الأبواب أمام الرشوة والفساد، ودفع أموال لاستخراج هذه الشهادة، وهو ما يعقد الأمر ولا يقدم حلولًا له.

س: تضمن مشروع القانون المقترح نصًّا غريبًا يتمثل في تحديد سكن بديل للزوجة في حالة وقوع الطلاق، وذلك قبل البدء في تسجيل عقد الزواج!

ج: أراه من الأمور الغربية التي ترفع الأعباء على كاهل الساعي للزواج، عبر حجج واهية ولا طائل من ورائها، في ظل تزايد مشاكل الزواج، وزيادة أعبائه، لاسيما أن الظروف الاقتصادية لا تتطلب إيجاد مثل هذه القيود، بل التخفيف منها تشجيعًا للشباب على الاقتراب من القنوات الشرعية لتكوين الأسرة، بدلًا من حثهم على ترك الفضيلة والانضمام لطابور العنوسة الطويل، والذي يحمل تداعيات وآثارًا اجتماعية ونفسية مدمرة للشباب والفتيات، لذا فمن غير المناسب طرح هذا القانون، لاسيما أن هناك بدائل مناسبة لهذه القوانين ذات البعد التغريبي والعلماني داخل العديد من المؤسسات الإسلامية في مصر، بدلًا من المضي قدمًا في تقليد الغرب وتنفيذ مقرراته المشبوهة والمرفوضة من كافة الشعوب الإسلامية، لما تتضمنها من مخالفات شرعية فجة.

س: تحدثت مصادر عن تضمن القانون الجديد تعديلًا لقانون الرؤية الحالي، وإعطائه بعدًا إنسانيًّا، فكيف تنظر للتعديل الجديد؟

ج: قانون الرؤية الحالي يتضمن عديدًا من النقاط السلبية، مثل تحديد أماكن غير إنسانية للرؤية مثل أقسام الشرطة، والحدائق والمنتديات، بحيث أغرت الصعوبات العديد من الأزواج مخالفة القانون، والوصول لاختطاف أبنائهم والهروب بهم بعيدًا، وأظن أن الأمر كان يحتاج لتعديل، ولكن هذا التعديل لا يصب في وضع اسم الأب على قوائم الممنوعين من السفر خلال مدة الرؤية، وإيجاد قيود غير واقعية على الأب، وأظن أن هذا الأمر يحتاج لجهد كبير للوصول إلى رؤى يتَوافَق عليها الطرفان، بشكل يعطي الرؤية بعدًا إنسانيًّا، لاسيما أن هذه المسألة تشهد مشاحنات بين الطرفين، تكون لها تداعيات مدمرة على نفسية الطفل، مما يتطلب تعديل الوضع الحالي.

س: برأيك كيف تنظر إلى رد الفعل المتوقع على هذا القانون من قِبل القوى الشعبية والإسلامية؟

ج: هذا القانون سيشعل معارك شرسة داخل المجتمع، وسيخلق حالة استقطاب واسعة، حيث ستعلن القوى الإسلامية الحرب على عديد من النقاط الأساسية منه، كإلغاء خانة الديانة من البطاقة الشخصية باعتبارها اعتداء على الهوية الإسلامية لمصر ومجاملة لبعض الطوائف، والذي كان يمكن إرضاؤها عبر إلغاء خانة الديانة للمسيحيين، شأنهم شأن البهائيين، أما المسلمون فسيرفضون هذا بشكل قاطع، وسيعلنون معارضته بكل السبل، وهو ما سيتكرر مع تقييد تعدد الزوجات، وحظر الختان، وأعتقد أن هذا القانون ستجرى له تعديلات جذرية لتلافي الانتقادات الموجهة إليه.

عدد القراءات : 3868
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات