احدث الاخبار

المحكمة الجنائية الدولية...والسيادة الوطنية – السودان نموذجاً

المحكمة الجنائية الدولية...والسيادة الوطنية – السودان نموذجاً
اخبار السعيدة - صنعاء - يحيى الضيقي         التاريخ : 20-03-2009

أكد القاضي / إن المحكمة الجنائية الدوليّة الحالية قد أنشئت على طريقة المحاكم الدوليّة السابقة أي لمحاكمة المهزوم الذي هو الطرف الضعيف وليس لمحاكمة كل من ارتكب جريمة من الطرفين. جاء ذلك في الحلقة النقاشية (المحكمة الجنائية الدولية...والسيادة الوطنية– السودان نموذجاً
) ضمن سلسلة فعاليات مركز منارات .
 وأضاف الماوري : "وهذه المحكمة  وإن تأسست وفقا لمعاهدة دوليّة إلاّ أن نظامها قد استند إلى القواعد التي نظمت المحاكم الجنائية الدولية المؤقتة التي سبق ذكرها وإلى قواعد محكمة نورمبرج . فقد انطوى نظامها الأساسي على ثغرات خطيرة   تفقد ها صفة المحكمة طبقا للشروط القانونية المتعارف عليها دوليا، وأهم هذه الثغرات:
أجاز نظام المحكمة الأساسي لمجلس الأمن أن يطلب إليها وقف إجراءات أي من الدعاوى المنظورة أمامها ، وحتّى إذا كانت رؤية المجلس للسلم والأمن الدولـيـين ليست بمعياره المعهود وهو معيار الازدواجية والانتقاء كما هو معروف، فإن علاقته بالمحكمة على أي نحو تلغي استقلالها بل تنزع عنها صفة المحكمة، ويؤكد ذلك أن المجلس باشر "وصايته " فعليا على المحكمة قبل أن تُباشر هي عملها حين أصدر قراره رقم 1422 في انتهاك بيـّن لمبدأ استقلال القضاء المعروف الذي هو شرط أساسي من شروط القضاء النزيه.
لايوجد حتّى الآن أمام هذه المحكمة نص قانوني محل إجماع دولي، يُحدّد الجرائم التي يُمكن المقاضاة على أساسه أمامها، والعقوبات المترتبة عليها بما يجعل قيامها على مبدأ عدم رجعية القوانين وعلى مبدأ المشروعية في تحديد الجرائم والعقوبات أي"لا جريمة ولا عقوبة إلاّ بنص " مما يجعل النص على ذلك في نظامها الأساسي، ليست له أي قيمة من الناحيّة الفعليّة.
عدم دخول جريمة العدوان في اختصاص المحكمة! وهي أساس كل الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدوليّة روما !!
عدم ذكر الجرائم الأشد خطورة في اختصاص المحكمة يعد خللا كبيرا في نظام هذه المحكمة وقد حصل هذا بسبب أوامر من دول معيّنة تمارس العدوان في أبشع صوره  وتستخدم الأسلحة المحرمة والإبادة الجماعية ضد الشعوب الضعيفة أو المستضعفة .
أن المحكمة تفتقد أهم ضمانة من الضمانات الأساسيّة لتحقيق العدالة، و هي حق الدفاع للمتهمين أمامها الذي يعتبر من أهم حقوقهم .
أن المحكمة لم تخرج عن القاعدة التي تسير عليها المحاكم الجنائية الدوليّة التي عرفها العالم في بناء أحكامها على الظنون والشبهات، والافتراضات القائمة على مجرّد الظروف المحيطة بالوقائع التي لا ترقى حتّى إلى مستوى القرائن، ودون أن تكون ملزمة ببنائها على أدلة قانونيّة قاطعة.
افتقاد المحكمة لضمانات  العدالة  فيما يتعلّق بتعدّدِ درجات التقاضي.
 
وأشار القاضي الماوري   بقولة : لا خلاف بين فقهاء القانون والقضاء العربي والدولي على كون مذكرة اعتقال البشير سياسية بحتة ولا تكتسب أي صفة  قانونية وانه لا يحق للمحكمة الجنائية الدولية من الأساس مسائلة البشير أو محاكمته، لأن السودان ليست طرفاً في المعاهدة التي أنشأت هذه المحكمة . وبالتالي فإن قرار أوكامبو بالقبض على الرئيس عمر البشير ومحاكمته أمام المحكمة الجنائية الدولية التي أنشأتها هذه المعاهدة، هو طلب مخالف لقواعد القانون الدولي.
لأنه من المقرر والثابت في قواعد القانون الدولي- بغير خلاف- أن المعاهدات الدولية لا تسري إلا على الدول الأطراف فيها، وأنه لا يمكن إجبار دولة على الالتزام بأحكام معاهدة، أو الخضوع لها، دون أن تكون طرفًا فيها.
إن القاعدة المستقرة في القانون الدولي منذ عدة قرون هي أن سيادة الدولة مطلقة، وأن الدول لا تلتزم إلا بإرادتها.
إن ميثاق الأمم المتحدة قد حفظ لكل دولة حق مواجهة أي تهديدات لأمنها واستقرارها وسلامة أراضيها وحقها في التصدي لأي إعمال عنف أو فتنة داخلية أو تمرد على السلطة الشرعية .
 وحول موقف النظام العربي في مواجهة تعسف محكمة الجنايات الدولية قال الماوري متسائلا : فهل نتوقع موقفاً عربياً جاداً هذه المرة تجاه قضية البشير والسودان التي لا نشك في إن كل زعيم عربي يدرك الأهداف الحقيقية من ورائها وهي التدخل في شئون السودان وإضعاف دورها القومي والاستيلاء على ثرواتها خصوصا في دار فور ؟.

* توطئة
تأسست المحكمة الجنائية الدولية في العام 2002م، وتعتبر أول هيئة قضائية دائمة ذات اختصاص دولي في محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، (باستثناء محكمة العدل الدولية التي لها صفة دائمة ولكنها تختلف عن المحكمة الجنائية إذ أنها محكمة بين الدول ولا تختص بمحاكمة الإفراد) وبحسب نظام المحكمة الجنائية (نظام روما) فان ولايتها تكميلية لولاية القضاء الوطني وليست ولاية أصلية ولهذا فإنها لا تكتسب الولاية القضائية في محاكمة أي متهم إلا إذا تخلت المحاكم الوطنية في الدول الأعضاء الموقعة على نظام روما عن ولايتها أو كانت غير قادرة على التحقيق أو الحكم في تلك القضايا، أو في حالة انهيار نظام الحكم في الدول الأعضاء نفسها،ولهذا فان الولاية الأصلية تظل ثابتة للقضاء الوطني كما تقتصر صلاحية المحكمة على النظر في الجرائم المرتكبة بعد 1يوليو/2002م وهو تاريخ نفاذ اتفاق روما للمحكمة الجنائية الدولية.

المصدر : خاص
عدد القراءات : 4523
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات