احدث الاخبار

البحث العلمي مفتاح تطور الشعوب!!

البحث العلمي مفتاح تطور الشعوب!!
اخبار السعيدة - بقلم - أ.د/ سالم محمد مجور*         التاريخ : 03-03-2014

أن أبجدية البحث العلمي تبدأ من المدارس الابتدائية ، وأن إصلاح التعليم العام ، وتدريب التلاميذ من نعومة أظفارهم على رؤية ما حولهم بعيون وعقول واعية قادرة على التقاط الأشياء والحكم عليها ، أوالتعامل معها بفهم ، يقتضي وقتاً أطول وإعداداً سليماً لجيش من المدرسين المؤهلين الذين سيوكل إليهم أمر إعداد علماء المستقبل ، وما تحتاج إليه الأوطان من خطط وبرامج قابلة للتنفيذ وقادرة على العبور بهذه الأوطان من وضعها الراهن إلى المستقبل والنهضة العلمية المنشودة.ومعظم الجامعات في الوطن العربي عموماً وفي اليمن حصوصاً تعاني من أزمات مالية وما ترصد لها لا يكاد يتجاوز ما يسمى بميزانيات التشغيل ، ولا مكان فيها لشيء اسمه البحث العلمي الذي ينبغي أن يتم الإنفاق عليه بسخاء ليتمكن الباحثون من اكتشاف الطريق الصحيح إلى التطورالقائم على المعرفة ، والتخطيط والمنهجية وليس على الاجتهادات والعشوائية فالحقيقة الموضوعية تؤكد إنه ما من سبب في تعثرالأبحاث العلمية سوى غياب التخطيط وضاءلة الإمكانات.

 

المجتمعات في الدول المتقدمة تدعم المؤسسات البحثية ماديًا ومعنويًا ، ولا تبخل عليها بالمال أوالإمكانات ، حتى إنه في كثير من الأحيان تنظم المسيرات والتجمعات مطالبة الحكومة بالإنفاق بسخاء لإجراء المزيد من البحوث العلمية في مجالات التنمية بينما تنظرالمجتمعات العربية نظرة سلبية إلى البحث العلمي، وربما يرجع ذلك للتنشئة الاجتماعية التي جعلت من الشعوب العربية غير مدركة لخطورة تدهور البحث العلمي العربي ، وتأخرنا عن ركب الحضار.فواقع التمويل العربي للبحث العلمي.يختلف كثيرًا عن المعدل العالمي للإنفاق على البحث العلمي ، يعد القطاع الحكومي الممول الرئيس لنظم البحث العلمي في الدول العربية، حيث يبلغ حوالي 80٪ من مجموع التمويل المخصص للبحوث والتطويرمقارنة بـ3٪ للقطاع الخاص و7٪ من مصادرمختلفة. وذلك على عكس الدول المتقدمة حيث تتراوح حصة القطاع الخاص في تمويل البحث العلمي في اليابان ما بين 70٪ ، و52٪ في الولايات المتحدة الأمريكية.

 

وتعتبردولة الكويت أحد النماذج المشرفة في مجال البحث العلمي ، حيث تقوم بفرض نسبة معينة من أرباح الشركات لدعم( مؤسسة الكويت للأبحاث العلمية) تقدم كمعونة من القطاع الخاص، وكمورد إضافي لحركة البحث العلمي في جامعاتها ومراكزها البحثية.وينبغي هنا أن نؤكد على دورالقطاع الخاص في دعم البحث العلمي وانه سيكون أول المستفيدين من نتائجه على المدى الطويل. وأمثلة ذلك كثيرة في العالم فأن في أغلب جامعات العالم نجد أن المراكزالبحثية فيها يقوم على تمويلها ودعمها الشركات الكبرى ، أوالقطاع الخاص عامة. والإسهام الضعيف من قبل القطاع الخاص للمؤسسات البحثية يرجع إلى عدم تقديرالقطاع الخاص لقيمة البحث العلمي وجدواه. إضافة إلى عدم كفاية الميزانيات التي ترصدها المراكز والجامعات ومؤسسات المجتمع للبحث العلمي .

 

والبحث العلمي يعتبر من أشق وأرقى النشاطات التي يمارسها العقل البشري على الإطلاق ، وهو نوع من الجهاد المقدس، من أجل صناعة الحياة وتحقيق التطور والنهوض، وهذا الجهد المنظم لا يمكن أن يجري في فراغ، حيث ينبغي توفير الدعم و الأموال وبناء المنشآت والمعامل والأدوات، وتأهيل الكوادر البشرية، وخلق الحوافز المادية والمعنوية، التي تجعل من الإنتاج الفكري عملاً يستحق المعاناة والجهد المتواصل. ويعتبر البحث العلمي المحرك الأساسي والرئيسي للنظام العالمي الجديد في ظل عددا من الأحداث المتسارعة والمتلاحقة, ودافعا اساسيا لتعجيل التنمية الاقتصادية بمفهومها الواسع وتعد ركنا اساسيا من اركان المعرفة الإنسانية فبدون البحث العلمي لا يمكن التوصل لعلاج مشاكل الانسانية, ولا ينظر للبحث بأنه رفاهية علمية بقدر ما ينظر اليه كاستثمار ناجع, وعادة يقاس البحث العلمي بعدة مؤشرات منها نسبة الإنفاق من الناتج المحلي الاجمالي والنشر العلمي وعدد الأبحاث المنشورة وبراءا ت الإختراع,

 

والتطور الذي تشهده كل الدول المتقدمة في العالم سببه اعتمادها على البحث العلمي كسبيل هام للنجاح والتطور وما شهدته الصين والهند وماليزيا وغيرها من الدول الاسيوية في السنوات الاخيرة من تطور كان سببه اعتمادها واعطاء الاهتمام للبحث العلمي.الرئيس الامريكي باراك اوباما كان اول قراراته عند توليه سدة الحكم في الولايات المتحدة الامريكية زيادة ميزانية البحث العلمي، والحكومة المصرية زادت مخصصات دعم البحث العلمي بزيادة تقدر بحوالي 130% عما كانت عليه.وبعض الجامعات الغربية تصرف الواحدة منها على البحث العلمي اكثر مما تصرفه دول العالم العربي مجتمعة. والبحث العلمي هو صناعة للحياة ومن لا يصنع حياته لا يستحقها لانه يعيش على ما يصنعه الآخرون له والبحث العلمي يمثل حالة رقي وتطور للانسانية والعقل البشري ومن لا يملك عقلا ولا يستفيد منه فهو في عداد الموتى اصلاً.

 

ونحن في اليمن صدر قرار جمهوري يتعلق باعتماد نسبة2% من الموازنة السنوية لصالح البحث العلمي لكن ماحدث أن وزارة المالية قامت باستقطاع20% من الموازنات التشغيلية وهي في الاساس ضئيلة جداً.بل ان الوزير(صخر) ذهب الى ابعد من ذلك حيث رفض صرف بقية الاعتماد المرصود في موازنة العام الماضي 2014م دون أي مبرر .رغم أن هذه المبالغ هي عبارة عن التزامات على المركز للغير.لذلك نقول وبمرارة شديدة كيف يمكن يتطور أي بلد في العالم دون الاهتمام بالبحث العلمي.واليمن لايمكن ان يخطو خطوة الى الامام الا بأعطاء أهمية حقيقية للبحث العلمي.وقبل هذا وذاك علينا التخلص اولاً من الصخور التي تقف حجر عثرة أمام مهام مراكز البحث العلمي في البلد .وينبغي أيضاً تفعيل القرار الجمهوري فيمايخص نسبة الـــ2% من الموازنة السنوية لصالح البحث العلمي .

 

* المدير التنفيذي للمركز اليمني

 للدراسات الاجتماعية وبحوث العمل

 

عدد القراءات : 6426
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات