الانقلاب أم الخبائث !!
كل يوم مع كل صباح وعند كل مساء تأتينا الأخبار المؤلمة من مصر الكنانة منذ الانقلاب الآثم في 3 يوليو الماضي على كل ما هو جميل ومكتسب من ثورة يناير العظيمة . ما دعاني للكتابة اليوم هو الخبر المشئوم والحكم الجائر على سبعة عشر طالبة في عمر الزهور مدة أحد عشر عاماً وشهر وجريمتهم التي اقترفوها انتمائهم لجماعة محظورة والتظاهر ضد الانقلاب ورفع شارة رابعة .
أشعر تماماً أنكم تعتبرون مثل هذا الكلام وهكذا خبر هو الهراء بعينه وأن هذا شيءٌ لا يصدق في دولة تحررت من قبضة الطغيان والظلم على نظام ديكتاتوري لتعود إليه مجدداً من بوابة أخرى! ! .. لكن عليكم أن تصدقوا كل ذلك وأكثر في زمن العهر السياسي بقيادة الطغمة الانقلابية التي أحالت مصر إلى أرضٍ يباب إلا من بنادقهم وبطشهم وقبحهم وإجرامهم .
إن خبراً مثل هذا كفيل أن يذهب النوم من أعين الأحرار الذي بذروا بذور الحرية وضحوا بأرواحهم من أجل عيش كريم يحترم آدمية الانسان ويُعلي من القيم والحقوق والكرامة . بالأمس القريب يحبس أربعة عشر طالباً من طلاب الأزهر العريق سبعة عشر عاماً في واقعة نادرة تم على إثرها إهالة التراب على قضاء مصر المتشبع بقيم الدولة المباركية العميقة .. وبالأمس أيضاً يلقى القبض على القاضي العريق المستشار محمود الخضيري أيقونة استقلال القضاء ورمز ثورة يناير بشكل مهين وتصويره من قبل الداخلية أنه رجل مجرم هارب من وجه العدالة المزعومة .
هذه الأحداث التي ذكرتها حدثت أثناء وقبل كتابة هذه الأسطر , ناهيك عن الموبقات والكبائر والمجازر التي ارتكبها الانقلابيون منذ الثالث من يوليو الماضي مروراَ بمجزرة الحرس الجمهوري فرابعة والنهضة ومسجد الفتح والقائمة تطول والمجازر أصبحت تاريخاً في عهد الانقلاب الآثم .
كل شيء جميل تم اكتسابه من ثورة يناير تم اجهاضه في 3 يوليو , ففي هذا العهد المظلم سحقت إرادة الشعب بإزاحة الإرادة المتمثلة في شخص مرسي الذي لم يأت على ظهر دبابة كغيره وإنما جاء بانتخابات حرة نزيهة شهد بها العالم أجمع , ألغي مجلس الشورى، ثم العبث بدستور تفتخر به مصر ليتم استبداله بدستور يكتبه الهواة والفنانون ومخرجوا الأفلام الهابطة بخلاف دستور يناير الذي عكف على كتابته أكبر شيوخ القضاء وفقهاء القانون .
إنني أدعوا كل الشرفاء والأحرار والشعوب الثائرة على الظلم والاستبداد، ومنظمات المجتمع المدني التي تُعنى بكرامة الإنسان وحقوقه على الوجه الصحيح بعيداً عن الاملاءات التي تأتيها من هنا وهناك .. أدعوهم جميعاً أن يساهموا في فضح هذا الانقلاب الفاشي الذي أعاد مصر عشرات السنين للوراء ليتربع المتخمون بالنفط على عروشهم أوصياء على هذه الدويلة المرهونة لأموالهم وأعطياتهم , فعلى جميع الأحرار اليوم واجب أخلاقي ومهمة إنساية وعلى عاتقهم مهمة ثقيلة في نصرة هؤلاء الضحايا الذين يُزج بهم في السجون وهم في عمر الزهور ومقتبل العمر , وفضح هؤلاء يكون بالكلمة والقلم والمقالة والندوة والتوعية وقبل ذلك بالدعاء لهم أن يُنصروا على هؤلاء المجرمين الذي استباحوا دماء المصريين في أبشع المجازر التي لم تعرفها مصر في عصرها الحديث .
وعزائنا لأهل مصر في قضائهم وقضاتهم فالقضاء أضحى مهزلة ومسرحآ يتم من خﻻله تصفية الخصوم السياسين باسم القضاء العريق . وأبشروا بثورة عارمة تجتاح هذا الانقﻻب الآيل للسقوط لأن بناءه شيد على أكياس الملح في مصب الأنهار، لكأني أرى اليوم الذي تكسر فيه قيود الطغمة الانقﻻبية ويساقون إلى قضاء عادل مستقل بسبب جرائمهم التي ارتكبوها في حق شعب مصر العظيم .. سينكسر الجﻻد .. وستحيى عزيزة نساء وفتيات مصر العظيمات .