احدث الاخبار

الجمعيات الخيرية والدعوية والأمل المنشود

الجمعيات الخيرية والدعوية والأمل المنشود
اخبار السعيدة - بقلم - الدكتور محمد عبدالله عايض الغبان         التاريخ : 02-04-2013

 

أفرزت الهجرات الكبيرة من البوادي والقرى إلى المدن والتجمعات السكانية الكبيرة الحاجة الماسة والضرورية إلى خدمات متنوعة تقدم للمجتمعات عن طريق المنظمات الخيرية التطوعية في مجالات متنوعة دعوية وتعليمية وإغاثية وتربوية وتثقيفية ورياضية ، تسمى هذه المنظمات في البلدان الغربية بمنظمات المجتمع المدني، وهي فكرة في الأساس حسب رأيي إسلامية وإن لم تحمل الاسم نفسه، فالك......تاتيب والحلقات القرآنية منتشرة منذ القدم، والأوقاف العقارية وغيرها تصب في هذا المضمار ؛ لأنها في الغالب موقوفة على الفقراء والأيتام وعلى المدارس الإسلامية، والمدارس المسماة بالمدارس النظامية نسبة إلى مؤسسها نظام الملك في العراق وفي غير العراق ومنهجها أصبح مطبقا في عموم البلاد الإسلامية، وجامع الأزهر في مصر والزيتونة في تونس ومدارس الحديث والفقه في الشام كلها خيرية في الأساس، وقد سدت فراغا كبيرا وقامت بواجب عظيم ، والأوقاف في الحرمين أدت دورا فاعلا في التعليم وسد حاجات الفقراء وصرف رواتب ومستحقات العاملين في خدمة الحرمين الشريفين، وفي هذا العصر تنوعت الجمعيات الخيرية واتسعت في عموم بلدان المسلمين بدرجات متفاوتة ، وكان لها أثر عظيم في نشر الدعوة الإسلامية على وجه البسيطة وفي إغاثة المنكوبين وإقامة المشاريع الخدمية للسكان لكنها بعد أحداث ما يسمى بالحادي عشر من سبتمبر المشؤوم تقلص دعم هذه المؤسسات بدرجة كبيرة، وأقفل بعضها الأبواب لانعدام الدعم المادي، وألغيت بعض هذه الجمعيات بضغوط أمريكية وغربية، وتقلص العمل الخيري في عموم بلدان المسلمين نتيجة لهذه الضغوط ،وكان البديل هو انتشار المنظمات الصليبية المدعومة ماديا ومعنويا من الحكومات الغربية ، وهدفها الحد من انتشار الدعوة الإسلامية ومحاولة التبشير بالديانة النصرانية وتلميع المجتمعات الغربية في أوساط المسلمين وغيرهم ، فشكل ذلك تحد خطير أمام العاملين للإسلام، والمأمول من الدول الغنية المسلمة أن تراجع خططها وبرامجها وأن تدعم هذه المؤسسات بما يحقق المصلحة العامة للمسلمين ، ولها أن تضع من الشروط ما يحول بين وصول هذه الأموال إلى الأيدي التي توظفها في غير ما وضعت لها ، وأن تشكل جهازا رقابيا دقيقا تحسبا لأي خلل قد يقع؛ لأن هذا هو الواجب أساسا والبديل هو ما سبقت الإشارة إليه من تمدد المنظمات التبشيرية إضافة إلى ما يقوم به الصفويون في إيران من استغلال حاجات الناس ومن ثم ينشرون ضلالاتهم العقدية تحت مسمى حب آل البيت في مواطن كثيرة من بلدان المسلمين وغيرها حتى تغلغل المذهب الرافضي في بلدان لم تكن تسمع به من قبل نتيجة لتقصيرنا وخوفنا غير المبرر،
 
ثم إن الواجب على العاملين في هذه المنظمات الخيرية مضاعفة الجهود لإيجاد وسائل دعم محلية والارتقاء بالعمل من خلال عقد الدورات العلمية والإدارية لكل من يعمل في هذا المجال، وعليهم أيضا أن يتسموا بعلو الأخلاق وأن يكسبوا ثقة الناس بهذه الجمعيات وان يتعاونوا فيما بينهم وأن يتركوا الفرص لذوي الكفاءات والقدرات العالية وأن يهتموا بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب بعيدا عن أي اعتبارات أخرى غير مهنية، فمن الملاحظ أن البعض يريد أن يكون هو الرمز لا غيره ، بل ويقف حجر عثرة أما م كل من يحاول الإبداع أو التميز في أنانية مفرطة تدل على ضعف الاحتساب وحب الذات، وينتج عن ذلك عزوف بعض هذه القدرات عن خوض هذا المجال تجنبا للإثارة ولانعدام الفرص المناسبة ، كما أن بعض العناصر الشابة المتحمسة والجديدة على العمل تحاول أن تشق صفوفها باستقلالية عن العناصر القديمة مما يتولد عنه صراع شخصي ينسحب على العمل الخيري بصورة سلبية قد تكون قاتلة، ومن ثم تصبح بعض المؤسسات الخيرية جزءا من الأعباء الثقيلة التي يتحملها المجتمع، والمأمول أن توضع ضوابط حازمة ودقيقة لهذه المؤسسات وأن لا ترتبط بالأشخاص حتى يفسح المجال لكل من يجد في نفسه القدرة على خدمة دينه وأمته بالشروط المعتبرة، وينبغي ألا تكون الشهادات العلمية العالية والألقاب هي المعيار فحسب، فكم عرفنا من هذا الصنف من لايصلح لإدارة اثنين فضلا عن مؤسسة ذات نشاط متنوع وبعض هؤلاء تتضخم ثروته نظرا لتعدد مصادر دخله من هذه الجمعيات ومن الداعمين لها ثقة به وتقديرا لما يدعيه ويزعمه من قيادة وريادة للعمل الخيري والدعوي والحال أنه مشغول في الحقيقة بغرس وجاهته وبانغماسه في الملذات المتنوعة بينما غيره من العاملين الجادين يقوم بالعبء الأكبر من العمل، وما يحصلون عليه من رواتب ومكافآت لا تكاد تسد رمقهم لبعدهم عن الأنظار وعن أعين الداعمين من أهل الخير، ولربما حال بين الطرفين الصنف الذي سبقت الإشارة إليه، لكن ليعلم الجميع أن ما كان لله فهو أبقى ،وأن هذه أمانة ومسؤولية تنأى عنها الجبال ،قال تعالى: "ولتسألن عما كنتم تعملون " والطريق إلى المال والغنى له ميادينه وأساليبه ، وأما هذه المؤسسات فهي لنشر الخير وسد حاجات الناس والقيام بما أوجبه الله علينا من فروض لا تتم على الوجه المطلوب إلا بذلك سدد الله الخطى وأعان القائمين على هذا العمل العظيم على القيام بما هو مأمول منهم
عدد القراءات : 2302
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات