احدث الاخبار

الأجانب بين وحشة الغربةوهواجس العنصريات

الأجانب بين وحشة الغربةوهواجس العنصريات
اخبار السعيدة - بقلم - محمد عبدالله عايض الغبان         التاريخ : 09-03-2013

لا يخلو مجتمع من العصبيات والنعرات فهذا يفخر بقبيلته وهذا يفخر بجنسه وآخر يفخر بعائلته ورابع يفخر بوطنه الخ...، وهذا أمر شبه معتاد ومألوف لكن العصر الحديث بما حمله من تشابك المصالح العالمية وتمركز الثروات في بلدان قليلة تولد من ذلك هجرات بشرية هائلة من بلدان ضعيفة الموارد إلى هذه البلدان نتيجة لحاجة البلدان الغنية إلى مثل هذه الهجرات من أجل البناء والإعمار والعمل في شتى مناشط الحياة لأسباب منها قلة أعداد السكان مقارنة بحجم الثروات وضعف الخبرات واستحكام بعض العادات التي تميز المهن إلى شريفة ووضيعة مع الحاجة الكبيرة لسد الفراغ

كما أن هدف هؤلاء المهاجرين هو تأمين لقمة العيش لمن يعولون في بلدانهم أو التطلع إلى تحسين ظروف دخلهم، وعاش الناس فترة من الزمن في تقبل لهذا الوضع مع ظهور بعض النعرات بين الحين والآخر ووقوع الظلم أحيانا على هؤلاء المهاجرين من بعض ضعاف النفوس، كما أن هؤلاء المهاجرين شاركوا أهل البلد الأصليين في الجرائم والجنح والفساد التي لا تخلوا منها المجتمعات قديما وحديثا نتيجة لاختلاف طبائعهم و نوازعهم وثقافتهم واتسام بعضهم بالجهل أو أنهم عاشوا في مجتمعات مفتوحة إضافة إلى ماجبل عليه البشر من صفات الخير والشر، ومع ظهور وسائل الاتصالات الحديثة من فضائيات ونت سلطت الأضواء على أخطاء فئة المهاجرين بحق وبغير حق وبخاصة الخدم منهم، وضخمت هذه الأخطاء فنتج من جراء ذلك نفور من هذه الفئة وصل إلى حد الاستهانة بسفك دمائها من بعض المتجبرين ضعاف الإيمان، ثم مع تزايد أعداد السكان الأصليين وحاجتهم إلى العمل وعدم إمكانية استياعبهم في وظائف عامة ركز الإعلام على هؤلاء المهاجرين وصورهم على أنهم ناهبوا خيرات تلك البلدان وخطر محدق بها باعتباره علاجا للبطالة

 وصادف ذلك حالة تذمرفي أوساط المواطنين مع توافر فرص أعمال كثيرة في القطاع الخاص لكن برواتب لا ترقى إلى مستوى ما يطمح إليه أبناء الوطن ولا يتناسب مع مستوى معيشتهم، ومن ثم شحن الجو العام بكراهية مطبقة ضد هؤلاء الوافدين نتج عنه تصرفات تسيء إليهم من قبيل بعض الألفاظ العنصرية واستهدفوا من قبل عصابات الإجرام أكثر من غيرهم، إلى أن تطور الأمر بعض الشيء فتسمع بين الوقت والآخر مشادات تحصل بين مواطن ووافد ينتج عنها تعديات خطيرة لأسباب لا تستدعي هذا التعدي وإن كانت أخلاق الناس على وجه العموم وصلت حدا مخيفا من الفجور في الخصومة واقتراف سفك الدماء على أتفه الأسباب، ولولا حزم المؤسسات الأمنية لتفاقمت المشكلة بدرجة كبيرة، ومما لا شك فيه أنه لا يصح أبدا أن تعيش فئات من مواطني تلك البلدان دون عمل مع وجود فرص كثيرة وكبيرة في القطاع الخاص، لكن العلاج من وجهة نظري ليس بإثارة النعرات وزرع العداوات بين المجتمعات المسلمة المثخنة بالجراح أصلا، ولا فائدة ترتجى من وراء ذلك غير ضعف الأداء والتذمر والحقد وإحداث فجوات عميقة في جسد الأمة والحال أن الحاجة إلى خدماتهم لا تزال قائمة، بل يجب العمل على تهيئة الكوادر الوطنية لتلك البلدان نفسيا وجسديا ومهنيا حتى تتأقلم مع الواقع الجديد بقدرات عالية ومنافسة جادة وبجهد ذاتي وثقافة تتسم بحب العمل والتشرف بالانتساب إليه مع التخلى عن النظرات الدونية لبعض الأعمال والعمل على إيجاد روح الألفة والتسامح في بيئة العمل على وجه الخصوص وفي المجتمع على وجه العموم والبعد عن تعميم الأخطاء وعن السخرية والتنابز بالألقاب فالنفوس البشرية واحدة في طموحها ونوازعها وحاجاتها ولا فائدة تجتنى من هذا الصخب الجارف الذي يصورنا في نظر أعدائنا بما لا يتفق وتعاليم شريعتنا وأخلاق أمتنا، قال تعالى :"وإذا قلتم فاعدلوا" "وقال صلى الله عليه وسلم " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت"

عدد القراءات : 1982
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات