احدث الاخبار

مظاهرة السبعين تشويش متعمد لمهمة الرئيس هادي في جنوب الوطن

مظاهرة السبعين تشويش متعمد لمهمة الرئيس هادي في جنوب الوطن
اخبار السعيدة - بقلم - ياسين التميمي         التاريخ : 27-02-2013

 

تنشغل الماكينة الإعلامية للنظام السابق بالحديث عن (مليونية) السبعين المرتقبة يوم غد الأربعاء، على نحو يكرس المؤتمر الشعبي العام، تنظيماً حصرياً لأصحاب المشاريع السياسية الانعزالية في شمال الشمال، ويأذن بتداعيات خطيرة أولاً: على المؤتمر الشعبي العام، الذي لطالما قُدم على أنه إطار وطني جامع، فيما أبقته الممارسات الفردية، المتعالية، مجرد كيان هلامي، وواجهة سياسية، وثانياً: على حالة السلام الهش الذي يعيشه اليمن حالياً.
 
ما يزال بعض رموز النخبة الشمالية، يوهمون أنفسهم بإمكانية الارتداد، على مشروع التغيير الذي اجترحه اليمنيون بدمائهم، وصرخاتهم وعذاباتهم في الميادين والساحات، وأرادوا من خلاله إعادة الاعتبار لكرامة اليمن المهدورة تحت وقع الممارسات الفاسدة التي أزكمت أنوف العالم..
 
المحيطون برأس النظام السابق، يتفنّنُون في توظيف أنانيتهم وانتهازيتهم، لخدمة أوهام السلطة التي ولَّت إلى غير رجعة، واستودعها الثائرون ضمير ووجدان الشعب اليمني، لكن هذه الأوهام للأسف، ما فتئت تلحُّ على رأس النظام السابق وتؤرقه، وتدفعه إلى هذا النوع من الخيارات المحفوفة بالمخاطر على مستقبله الشخصي، كرئيس سابق حظي دون سائر الرؤساء العرب المخلوعين بالحصانة السياسية والمالية. 
 
هاهي الجوقة التي تداولت مهمة حمل المباخر في حضرة الحاكم المطلق، على مدى أكثر من ثلاثة عقود، تذرع الطرقات في أمانة العاصمة وفي محيطها، لاستجداء المتظاهرين، لكي يتجمعوا في ساحة السبعين، وتستكمل بهم الصورة الديكورية الخادعة التي يريد من خلالها رأس النظام السابق، رد الصفعة إلى مجلس الأمن، والأخطر من ذلك تدشين مرحلة جديدة من التصعيد الذي يتجه مباشرة صوب الرئيس المنتخب والوفاقي، عبد ربه منصور هادي، ومن ثم حرق المرحلة الانتقالية وقلب الطاولة على رؤوس الجميع.
 
في هذه الأثناء يتداول البعض تحليلات لا تخلو من الوجاهة، وتشير إلى أن احتفالية المولد النبوي التي أقامها الحوثيون في شارع المائة، جنوب العاصمة وعلى تخوم سنحان، هاهي تتحول من باب رد الجميل، إلى تظاهرة سياسية في ميدان السبعين، وتأذن بتحول في عملية الارتداد المنسقة على الثورة الشبابية الشعبية السلمية، ومكتسباتها العظيمة، التي يقف عليها التحالف الجديد بين رأس النظام السابق والحركة الحوثية.
 
إنها لحظة مهمة لاختبار تجربة استخدام الشارع، في سياق هذا المشروع، لكي يقوم بالمهمة التي يعجز رأس النظام وحلفاؤه السياسيون، عن القيام بها بشكل مباشر، باعتبارها خرقاً للمبادرة الخليجية، هذه المهمة تتلخص تحديداً في رفع شعارات محتمل تطالب بإسقاط النظام..وهذا يعيد إلى الأذهان الدعوات الملحة التي كان يوجهها رأس النظام قبل التوقيع على المبادرة الخليجية وبعد التوقيع لرفع المعتصمين من ساحة التغيير، لم يكن لتلك الدعوات من مبرر إلا رغبة مضمرة في اتقاء عضب الشارع الثائر، والاطمئنان بأنه لن يقف أمام طموحه الخفي المعلن، لاستعادة السلطة بأي ثمن.
 
إن الذين غضبوا كثيراً من بيان مجلس الأمن لكونه سمَّى مُعرقلي التسوية في اليمن، عليهم أن يدركوا اليوم أن مجلس الأمن سيتخذ قرارات وليس بيانات من أجل حماية مشروع السلام والتسوية في اليمن، سيتخذ قراراته تحت البند السابع، الوضع لا يحتمل الخداع والتمويه من أي طرف.. لقد رفع بقايا النظام السابق وحلفاؤه عقيرتهم في وجه المهرجان السلمي الذي أقامه أبناء اليمن في المحافظات الجنوبية تعبيراً عن تمسكهم بالوحدة واحتفاء بمرور عام على إجراء أول انتخابات رئاسية نزيهة وشفافة.
 
ولم يكتفوا بذلك بل وظفوا كل الأدوات القذرة ضد القائمين على ذلك المهرجان، وبالأخص ضد التجمع اليمني للإصلاح، وكأنه ارتكب خطيئة.. لقد استفزهم مشهد ساحة العروض وهو يقدم صورة مغايرة تماماً عن تلك المسيرات الانفصالية، التي كادت تحتكر المشهد السياسي في الجنوب، بل وأوهمت أساطين الانفصال بإمكانية تأسيس تلك المظاهرات كمرجعيات سياسية.. ولم يكن غريباً أن تتآلب بعض من مكونات النخبة في الشمال من أجل التشويش على المقاصد العظيمة لمهرجان ساحة العروض، وحرّضُوا وتوقَّعوا نتائجَ كارثية، وعندما لم تقع، دفعوا بأدواتهم القذرة لتنجز المهمة، وتحرق الأرض والمقرات الحزبية.
 
لقد احتكرت النخبة السياسية في الشمال السلطة في هذا البلد لقرون من الزمن، وكانت تمني نفسها استعادة الجنوب المحتل عبر التفاوض مع المستعمر الإنجليزي، باعتباره جزءاً من الممتلكات المجتزأة، لكنها للأسف الشديد لم تفلح في شيئ.. يمكن أن يوفر ضمانة للاستقرار ، بل لم تورث قيماً ولا تقاليد ولا أعراف جديرة بالتقدير، أو تعكس العمق المفترض للدولة في تاريخ هذا البلد، كما لم يُنتج ذلك الاحتكار، طبقةً سياسية محترفة، ولم يؤسس لنموذج سلطوي راسخ يمكن أن يوفر ضمانات لاستقرار البلد، على العكس من كل ذلك، لم نرَ سوى طبقة سياسية متواضعة وغير متجانسة ومراكز قوى تتوزع بحسب الولاءات والتمويلات الخارجية، واقتصاد ضعيف، وشعب منهك ومتخلف، وسيادة مودعة في عهدة المجتمع الدولي.
 
ومن هنا يمكن فهم لماذا ينشغل العقل السياسي للدولة في صنعاء، بإفشال مهمة الرئيس هادي في إطفاء الحرائق المشتعلة في الجنوب وإنقاذ الدولة والوحدة، وينساق عوضاً عن ذلك، وراء مهمة خائبة لاستعادة سلطة رجل جرَّب الحكم لأكثر من 32 عاماً وخلف بلداً منهكاً، وإيهامه بإمكانية اللعب بالكروت من جديد حتى ولو كانت كروت خطيرة، بخطورة التحالف الجهوي والمذهبي الذي تُبذل محاولاتٌ جادةٌ لبنائه في شمال الشمال على حساب الدولة والوحدة.
عدد القراءات : 2018
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات