احدث الاخبار

من (171) إلى (8000000) !!

من (171) إلى (8000000) !!
اخبار السعيدة - بقلم - د. رياض يحيى الغيلي*         التاريخ : 23-01-2013

 

تفتقر كثير من مؤسساتنا الخدمية خاصة الحكومية منها إلى أبسط مفاهيم (خدمة العميل)، فموظفو (خدمة العملاء)  يتعالون على جمهور العملاء ويعاملونهم بكبرياء كما لو كانوا يتوقعون من العملاء أن يشكروهم لأنهم يسمحون لهم أصلاً بدخول هذه المؤسسات، وهم بالتالي يعتقدون أنه ليس من حق العميل أن يصرخ أو يشكو ، بل يعتبرون الشكوى وقاحة وتجاوزاً للحدود ، ومن يجرؤ على الشكوى أو التعليق على أيٍّ من الأنظمة البيروقراطية المتبعة في المؤسسة فقد يعاقب العميل باستدعاء (البودي قارد) لسحبه على وجهه إلى الخارج .
 
استبشرت خيراً عندما بدأت مؤسسة المياه بوضع جدول أسبوعي لتوزيع المياه على أحياء أمانة العاصمة وإذاعته صباح كل يوم عبر أثير إذاعة صنعاء ، واستبشرت أكثر حين يدعو قارئ الجدول -من موظفي مؤسسة المياه- المواطنين إلى الاتصال على الرقم (171) في حال وجود أي شكوى ... فوراً رفعت سماعة الهاتف واتصلت على الرقم المطلوب شاكيا انقطاع عن حارتنا لأكثر من أسبوع ثم تأتي يوم واحد وتنقطع لأسبوع وهكذا .. كل ما وجدته من هذا الرقم أن سألني عن المنطقة التي أسكن فيها وأعطاني رقماً لا يرد مطلقاً على متصليه .. فار الدم في عروقي وقلت أهذا هو ما يريدونه حرق دم المواطن من خلال هذه الأرقام المجانية التي لا جدوى منها ؟
 
المفترض أن الرقم (171) هو رقم طوارئ المياه وعليه القيام بواجب الخدمة الكاملة والفورية والتعامل مع شكاوى العملاء بكل لباقة وكياسة ، وليس المطلوب منهم توزيع أرقام المناطق للشاكين لا لشيء إلا لمعاقبتهم على اتصالهم بطوارئ المياه ، ونفس الأمر تماماً يحدث عند الاتصال بطوارئ الكهرباء .
 
وأذكر ذات مرة أن المؤسسة العامة للاتصالات ممثلة بـ (يمن نت) قامت منتصف العام الماضي بحملة دعائية لترويج خدمات النت عالي السرعة ، وروجت للرقم المجاني (800000) ولكنها للأسف وضعت على سماعات هذا الرقم أشخاص لا يجيدون الرد على العملاء ، أذكر ذلك الاتصال جيداً ، ولا زلت أحفظ الحوار الذي دار بيني وبين الموظف الموضوع على سماعة هذا الرقم .. أذكر كيف كان رده جلفاً مستفزاً متجرداً تماماً من أي معنى للباقة أو الذوق أو الكياسة التي لا بد أن تتوفر في موظف يستقبل مكالمات العملاء ..
 
شكوت الأمر إلى الأخ / صادق مصلح مدير عام المؤسسة فاعترف أن هؤلاء الموظفين وضعوا في هذا المكان قبل أن يتلقوا التدريب اللازم لأداء وظيفتهم على الوجه الذي يرضي العميل .. قلت له حينها : أن لا يكون هناك رقم كهذا أصلاً . خير من وجود موظف لا يحسن الرد على جمهور العملاء ... الطريف في الأمر أن الحال لا يزال كما هو إلى هذه اللحظة .. وعلى القارئ أن يجرب !!
 
حتى الرقم (118) الذي لا يرد إلا نادراً لا يقدم معلومات كافية أو صحيحة للمتصل فأغلب الأرقام التي يتم الاستفسار عنها إما مفصولة أو لا ترد .. وإذا أعطاك الموظف أو الموظفة رقماً تتحاشى أن تطلب منه مزيداً من التفاصيل أو الأرقام البديلة لأنه يتحدث إليك من (طرف نخرته) .. الذين زاروا مصر يدركون جيداً الفرق بين رقم (118) الخاص باستعلامات اليمن والرقم (140) الخاص باستعلامات مصر .. قبل شهر كنت في القاهرة وأبهرني القائمون على خدمة العميل من خلال رقم الاستعلامات حيث الرد الودود الذي يشعر العميل بالراحة والطمأنينة ويشجعه على طلب المعلومات أياً كانت تفصيلية .
 
فمتى تتخلى مؤسساتنا عن كبريائها وغطرستها وتخضع منتسبيها للتدريب والتأهيل الذي يجعلهم يقدمون خدمة راقية تليق بالعميل كما هو الحاصل في أرض الله قاطبة ..
 
*أستاذ إدارة الجودة الشاملة المساعد
عدد القراءات : 2137
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات