احدث الاخبار

أبناء وصاب .. وأبناء حاشد.. مقارنة ما بعد "الثورة الشبابية"

أبناء وصاب .. وأبناء حاشد.. مقارنة ما بعد
اخبار السعيدة - بقلم - عبد الكريم المدي         التاريخ : 17-01-2013

 

عندما حاول المعتصمون من أبناء وصابين، الاعتصام السلمي، قبل أيام، في سوق شميلة بالعاصمة صنعاء، وتحديدا أمام قسم الشرطة المتواجد في نفس السوق، للمطالبة بإلقاء القبض على قتلة الشاب عبداللطيف العماد، الذي استشهد ظهر الجمعة 5 يناير 2013، في محله التجاري، وسط تراخٍ وانفلات أمني واضح ومتعمد .. تقاطرت باتجاههم قوة عسكرية ضخمة كان ينقصها فقط الطائرات الحربية وبطاريات الصواريخ جو/ أرض.وبدلا من أن تقوم تلك القوة بمطاردة القتلة الذين قتلوا نفسا مسلمة بغير حق، وتحمي –أيضاً- المعتصمين السلميين، قامت بفتح نيران أسلحتها صوبهم، وبشكل غير مبرر أو مسبوق.ولمن لم يعلم ما جرى حينها، وكم سقط من الضحايا المعتصمين، نقول له إنه تم استشهاد شابين آخرين من أبناء وصاب (المعتصمين)، وجرح العشرات.. أما الشهيدان فهما: محمد صالح الريمي، والآخر وليد الوائلي.. ومن الجرحى إبراهيم ناصر الشرفي، وحسين محمد علي الفقيه.. وغيرهما.أما المقارنة المؤلمة التي نطرحها هنا للتأمل وتعرية الواقع المشوه، فتتمثل في أنه حدث (مصادفة) قدرية، وفي نفس اليوم الذي كان فيه أبناء وصاب معتصمين في شميلة، وبطرق سلمية، ودون تمظهر بالسلاح أو أي استفزاز للسلطات، كان عدد من أبناء قبيلة "حاشد" معتصمين بكامل عتادهم وعدتهم العسكرية المعززة بشبكات الاتصالات وغرف العمليات وخطوط الإمداد وغيرها.. أمام مكتب النائب العام في العاصمة صنعاء.. ومع هذا، لم تقترب منهم أية وحدة أمنية أو حتى شرطي يتبع "الشرطة الراجلة"، فيما أبناء وصاب السلميون، والذين يعتصمون من أجل المطالبة بإلقاء القبض على قتلة معروفين، يتم الاعتداء عليهم ببشاعة وكبرياء لاحدود لهما. وقد كانت نتيجة ذلك معروفة لمعظم الناس، حيث استشهد وجرح العشرات منهم. وحول هذه النقطة تحديدا، أو قل المقارنة، ن أعلّق، وسأدع التفسير واستخلاص مصدر هذه الازدواجية في المعايير من قبل أجهزة الأمن والحكومة وواقعنا عموما، لكم.
 
• بالطبع إن كل هذه الجرائم التي ترتكب بحق أبناء وصاب وغيرهم من أبناء المناطق، في شميلة والحصبة وشارع الخمسين وغيرها من الأماكن، تؤكد أنه لم يحدث شيء اسمه تغيير، وأن كفاح وتضحيات اليمنيين، ومن ضمنهم العشرات من أبناء وصاب الذين استشهدوا وجرحوا في الجامعة وغيرها، ذهبت سدى.
 
لأنه حينما خرج أبناء وصاب وعتمة وتعز وريمة والمحويت والحديدة ولحج والضالع وإب للساحات، وأذكوا شرارة "الثورة الشبابية"، بل ومثلوا دمها وديمومتها، كان من أهم أهدافهم هو البحث عن العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية، وإيجاد الدولة المدنية.. لكنهم، للأسف الشديد، اكتشفوا مؤخرا، وبعد أن خسروا وضحوا بالكثير، أنه لم يتحقق من تلك الأهداف والشعارات النبيلة والمشروعة التي ناضلوا وخرجوا من أجلها، حتى ما يساوي ثمنه قطرة دم واحدة سفكت في الجامعة وغيرها., ليبقى سيد الموقف هو الجهل والمناطقية، بل والانهيار الكامل لشيء اسمه "قانون" وعدالة ومساواة..
 
لهذا لن نكون مبالغين إذا ما قلنا بكل شفافية وتجرد واعتراف رجولي وأخلاقي، إن أبناء وصاب وغيرهم أدركوا أنهم كانوا وقودا لمعارك غيرهم، وأدوات لتحقيق مصالح غيرهم، فيما معركتهم الحقيقية والمشروعة، والمعركة الوطنية العامة والشاملة (ضد الظلم والإقصاء والتهميش والتحقير والفساد)، لم يكن ذلك المكان مكانها، ولا الموعد موعدها، ولا الشهداء شهداءها، ولا الإعلام إعلامها، بدليل أن الظلم بقي، وقوة التهديد ضد المجتمع المدني ما زالت تتخصب وتتوالد أكثر مما مضى، ومن نفس تلك المصادر والجهات والنخب التي تحمل فكرا واحدا وهدفا واحدا، بل وتنبع من نفس ذلك الاستنساخ التسلطي التقليدي، الذي عرفه اليمنيون، لظلام عصور جثمت فوق صدورهم وعقولهم وأحلامهم لقرون عدة خلت.
 
في الحقيقة نود التأكيد هنا أننا لم نكتب حول هذا الموضوع بدوافع مناطقية أو عاطفية، إنما هي الحقيقة التي لابد لها أن تقال. فما حصل في شميلة مؤخرا من استرخاص وهمجية وقتل كان ضحيته أبناء وصاب، وبتلك الصورة المقيتة والمعيبة والحقيرة، وعلى يد "العيون الساهرة"، يقود في الحقيقة، لتشظي مرايا الواقع بعشرات الأسئلة، وعشرات المقالات، وعشرات المظاهرات، وعشرات "الثورات" في وجه هذا التسلط والقتل والتحقير والعنترة والقوة والغلبة والاستعلاء على كل القوى المدنية عامة، وعلى أبناء تلك المناطق خاصة، الذين حاولوا، منذ عقود، أن يكونوا مدنيين ودعاة حرية وعقلانية وشراكة ومدنية وسلام لكل أبناء اليمن.,ولنا أن نرجع في هذا الأمر لآخر دليل على ذلك، والمتمثل بالمشاركة الكبيرة لأبناء تلك المناطق كـ"وصاب وعتمة وتعز والحديدة وغيرها"، في ما سمي بـ"الثورة الشبابية السلمية" المخطوفة، التي كان لهم فيها حضور كبير واستثنائي، إذا لم يكونوا هم زادها وزنادها، حيث اعتقدوا بأنها ستحررهم من الوقوف عند الأطلال الخالية من مفهوم العدالة والمساواة، لكنها ظلت مجرد أحلام افتقدت لحظتها التاريخية وعناصر نجاحها، ليبقى الواقع كما هو خالياً من كل معنى وقيمة إنسانية وثورية أخلاقية عادلة., وأتساءل هنا: هل حقا أن حادث "شميلة" الأخير، وما حصل من خلاله من استرخاص واضح لدماء أبناء وصاب، قد وسع دوائر وبقع الرفض لهذه السياسات لدى أبناء وصاب وغيرهم؟
 
ومع أني أفضل أن أترك الإجابة للناس حول هذا التساؤل، لكن أستسمحكم عذرا في طرح رأيي، وما ألمسه حول هذا الأمر..فأنا -على الصعيد الشخصي- ألمس بعد حادثة وجريمة "شميلة" الأخيرة، بحق أبناء وصاب، المواطنين اليمنيين المسالمين، أن بقع الرفض بالفعل اتسعت، وأن هناك تناميا واضحا لسخط الناس على هذا الواقع السيئ، والذي يتنافى مع قيم العصر والحرية وحقوق الإنسان..!
 
بقي في الختام أن أذكّر الحكومة وقيادات الأجهزة الأمنية المتهمة بقتل وجرح العشرات من أبناء "وصاب" في شميلة، بتاريخ 6 يناير 2013، بأن أعظم شيء يعمله الإنسان -الذي هو في مكانهم- في حياته، هو تقديم استقالته.
 
ولأبناء وصاب أذكّرهم أيضا بأنه لا يضيع حق وقضية عادلة ووراءهما مطالبون أحرار..
عدد القراءات : 2438
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات