احدث الاخبار

اشتراط الحوار بين ممثلين عن الجنوب والشمال يعني عودة صالح والبيض لطاولة المفاوضات

اشتراط الحوار بين ممثلين عن الجنوب والشمال يعني عودة صالح والبيض لطاولة المفاوضات
اخبار السعيدة - بقلم - عبدالناصر المودع         التاريخ : 27-12-2012

 

يشترط فصيل على سالم البيض وبعض القوى الجنوبية، بأن يكون الحوار حول القضية الجنوبية بين طرفين شمالي وجنوبي. وحدوث هذا الأمر يعني أن يكون هناك طرف يمثل الجنوب وأخر يمثل الشمال. وبالنظر إلى واقع الحال في اليمن اليوم، فإن السؤال الضروري الذي سيطرح لتحقيق هذا الشرط هو؛ من سيمثل الجنوب ومن سيمثل الشمال؟

فالسلطة الحالية في صنعاء برئاسة الرئيس هادي، لا تصلح لتمثيل الشمال، كون الرئيس هادي ورئيس حكومته باسندوة ينتميان للجنوب. وفي المقابل لا وجود لسلطة مستقلة تحكم الجنوب وتسيطر فعليا على الأرض، يمكنها الادعاء بأنها تمثل الجنوب.

ومادام أنه لاوجود لممثلين عن الشمال والجنوب، فأن الحل الوحيد أن يتم استدعاء الطرفين اللذين كانا يحكمان الجنوب والشمال عشية الوحدة ( الحزب الأشتراكي بزعامة البيض ، والمؤتمر الشعبي برئاسة على صالح) إلى طاولة الحوار ليتفاوضا من جديد على موضوع العلاقة بين الدولتين الشمالية والجنوبية.

ورغم أن هذا الاستنتاج يبدوا تهكميا، إلا أنه الاستنتاج المنطقي الوحيد الذي يتماشى مع اشتراط التمثيل الشمالي والجنوبي في الحوار. وعلى من لديه استنتاج أخر، نطالبه بإيضاح حل مشكلة التمثيل. وأما القول بأن الجنوب لديه رئيس شرعي؛ وهو (علي سالم البيض) فهذا القول غير صحيح بالمرة، فمن أين أستمد (البيض) شرعيته؟ هل استمدها من أنه كان أمين عام الحزب الأشتراكي الحاكم قبل الوحدة؟ فإي منطق يمنح أمين عام حزب شرعية تمثيل منطقة كان يحكمها؟. فهذا الحزب، وبشهادة البيض نفسه وقادة الانفصال، لم يعد يمثلهم، وإيديولوجيته الداعية للوحدة، هي سبب ما يعتبرونه مشكلة الوحدة.

إلى جانب ذلك، فإن الحزب الاشتراكي، حين حكم الجنوب، لم يصل للسلطة عبر انتخابات ديمقراطية تنافسية حقيقية، تجعله يدعي بأنه كان ممثلا للجنوب، فذلك الحزب وصل للسلطة عبر العنف – حين سيطرت الجبهة القومية (السلف التنظيمي للحزب) على الجنوب خلال فترة الاستقلال – وأستمر في السلطة عبر القسر والقهر ودورات الدم والعنف الذي مارسه ضد خصومه، ولم يسلم منه قادته المؤسسيين.

وأما القول بأن علي سالم البيض هو الرئيس الشرعي للجنوب على أساس أنه كان رئيس مجلس الرئاسة للدولة الانفصالية، التي أعلنت في 21 مايو 1994، فهذا الإدعاء لا تسنده حجج قانونية أو سياسية، فتلك الدولة لم تحظى بأي اعتراف من أي دولة في العالم، ولم تعترف بتلك الدولة إلا الدولة الغير شرعية فيما يسمى (جمهورية أرض الصومال) فلا الأمم المتحدة ولا حتى الدول التي دعمت الانفصال أعترفت بتلك الدولة. وعليه فإن تلك الدولة لم تمتلك إي أساس شرعي أو قانوني، يمكن أن يدعي من كان رئيسها بأنه ممثلا لها.

إضافة إلى ذلك فإن الدولة الانفصالية في الجنوب عام 1994، لم تنبثق سلطتها من انتخابات ديمقراطية وحقيقية قام بها سكان الجنوب، بل تم الإعلان عنها من قبل مجموعة صغيرة من الأفراد، لم يكن لهم أي صفة أو حق بالإعلان عن قيام دولة في الجنوب نيابة عن سكانه. وهنا قد يثير البعض مسألة فوز الحزب الإشتراكي بمعظم مقاعد الجنوب في انتخابات 1993 البرلمانية، على اعتبار أن ذلك الفوز يعني، تفويضا من قبل سكان الجنوب للحزب ولزعيمه (علي سالم البيض) بحكم الجنوب والتحدث نيابة عنه، وقد تبدوا هذه الحجة مقنعة، إلا أنها ليست صحيحيه، ففوز الحزب الاشتراكي بأغلب دوائر الجنوب – رغم ما شاب ذلك الفوز من شبهات - لا يمكن تفسيره بأنه تفويض للحزب بأن يعلن الانفصال، فتلك الانتخابات تمت لغرض إيصال ممثلين لمجلس نواب دولة الوحدة، وليس لجمعية تاسيسية مهمتها صياغة دستور أو مستقبل الجنوب، ولهذا لا يمكن تجيير ذلك الفوز بأنه تفويض للحزب وزعيمة بالتصرف في الجنوب كما يحلو له. والدليل على ما ذكرت؛ أن دعوة البيض بالانفصال جوبهت بالرفض من قبل قوى جنوبية كثيرة كانت من أهم الأطراف التي شاركت في سحق مشروع الانفصال.

سيقول قائل أن قضية التمثيل يمكن حلها بسهولة من خلال انتخابات حرة تتم في الشمال والجنوب يقوم كل طرف بانتخاب من يمثله. وعلى ما يبدوا عليه هذا الطرح من وجاهة، إلا أن تطبيقه صعب جدا، إن لم يكن مستحيل. فقيام انتخابات حقيقية، في الجنوب والشمال، تتطلب إجراءات معقدة، وفترة زمنية قد تمتد لعشرات السنين، في حال تم القبول بها أصلا. ففي البداية؛ ينبغي وضع اليمن تحت الوصاية الدولية الكاملة، إي أن تحكم اليمن من قبل الأمم المتحدة قبل الانتخابات وأثنائها وبعدها، وسيترتب على ذلك حل للسلطة الحالية ومؤسسات الدولة المختلفة، خاصة المؤسسة العسكرية والأمنية، وإحلال قوات دولية محلها لتشرف على عملية انتخابية نزيهة وشفافة في الشمال والجنوب. وهذا الأمر يستحيل حدوثه، في الوقت الحالي أو حتى في المستقبل، فجميع دول العالم، تقريبا، معارضة لأي تقسيم جديد لليمن، وليست مستعدة أن تساهم في مشروع كهذا. وعلى افتراض تم وضع اليمن تحت الوصاية الدولية، فإن هناك مشاكل كثيرة ستثار من أهمها تحديد من هو الجنوبي؟ ومن هو الشمالي؟ فالمعروف أن هناك تداخل واختلاط سكاني كبير بين الشماليين والجنوبيين. فنسبة كبيرة من سكان الجنوب، حاليا ومن قبل الوحدة، ترجع أصولها لمناطق شمالية، وهناك وضع مماثل لجنوبيين يعيشون في الشمال. فكيف سيتم التعامل مع هؤلاء؟ هل سيتم طردهم قبل الانتخابات؟ أو فرزهم عبر فحوصات جينية؟. إضافة إلى ذلك، هناك المغتربون اليمنيون من الشمال والجنوب، كيف سيتم التعامل معهم؟ بمعنى كيف سيتم تعريف من يعود أصوله لأحد الشطرين؟ وكيف سيتم الاتفاق على منحه حق التصويت؟.

ولمن يقلل من هذه المسائل عليه أن يطلع على قضية الصحراء الغربية، والتي لازالت مسألة تعريف من هو الصحراوي الذي يحق له الاستفتاء ترواح مكانها منذ أكثر من 23 عام.  

ان من يطالب بشرط التمثيل الجنوبي الشمالي، إما جاهل لا يعرف نتيجة شرطه، أو أنه مصاب بحالة من الشيزوفرينيا (انفصال عن الواقع) فهؤلاء يعتقدون أن الزمن لم يتحرك منذ يوم 22 مايو 1990 (يوم إعلان الوحدة). فوفقا لهم؛ فان علي سالم البيض لا زال رئيسا لجمهورية اليمن الديمقراطية، كما وان هذه الدولة لازالت حية، ولديها العضوية في المنظمات الدولية والإقليمية، وعلمها يرفرف في الأمم المتحدة، كما قال الدكتور ناصر الخبجي – احد قادة الانفصال - في مقابلة له مع قناة الميادين.

أن الإصرار على أن (علي سالم البيض) لازال الرئيس الشرعي للجنوب، ومن ثم فإنه الممثل الشرعي للجنوب، لا يعني إلا أن (البيض) لديه تملك حصري ودائم للجنوب، وهذا الإدعاء يشبه حق ملوك القرون الوسطى بتملك الشعوب التي كانوا يحكمونها.

منذ 30 نوفمبر 1967 أبُتلي الجنوب بطبقة سياسية من أنصاف المتعلمين والأميين، دمروا كل مكونات الدولة التي بنيت في عهد الاستعمار البريطاني، وأنشئوا دولة فاشلة بكل المقاييس. ولسوء حظ الجنوب؛ أن هؤلاء لازالوا هم نفسهم من يدعي قيادته، كما أنهم يُمنون أنفسهم بحكمه في المستقبل.

عدد القراءات : 2258
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات
ناجي الشريف
الحل عوده برلمان 1993 ليقوم با الحوار لانه يمثل الشمال والجنوب وكانت انتخابات في حينها نزيهه الى حدً ما لان الطرفين كان يملك قوه تفرضه