احدث الاخبار

أبطأ من سلحفاة .. أسرع من غياب!!

 أبطأ من سلحفاة .. أسرع من غياب!!
اخبار السعيدة - بقلم - جميل مفرِّح         التاريخ : 23-10-2012

{ الذي يمتلك خطاً سرعة (256) يُنصح بترقية خطه إلى سرعة (512)، والذي عنده (512) يُنصح بخط (1024)، واللي عنده (1024) يُنصح بمضاعفة السرعة، وهكذا ليكون كل شيء على ما يرام، ذلك هو الأسلوب الذي يواجه به كل مَنْ يشكو مشكلات ضعف وانقطاع وتأتأة خط النت، وحين يصل إلى أعلى سرعة متوفرة لدى المشغل يجد مَنْ ينصحه بخدمات أخرى مثل : سريع، وبرّاق، وبمجرد مقابلة التسمية الوصفية «سريع - برَّاق» يشعر المستهلك بانتصار مظفر وقرب خلاص من مشكلة أو بالأصح مشكلات خدمة الإنترنت في بلادنا، والتي لا نعرف كيف يحاول المشغّلون لها خلق انطباع عام لدى المشتركين بأنها منَّةٌ أو منحة مجَّانية تستحق الشكر والثناء أيَّاً كان مستواها، متناسين أنها خدمة بمقابل ورسوم وأسعار تكاد تكون الأعلى على مستوى العالم أجمع، ما يجعل المشترك يبدو وكأنه متسوّل مغلوب على أمره وعليه أن يرضى بالحاصل.


> ذلك بالفعل ما تشعر به حين تتحدث عن خدمة الإنترنت ومشاكلها وتحاول أن تحصل، ليس على الأفضل إطلاقاً، ولكن على أفضل مما هو لديك ولو بقليل، لقد وصل الأمر بالمشترِك - طبعاً بكسر الراء - إلى هذا الهوان والمذلَّة اللذين عليه أن يدفع مقدَّماً رسوم اشتراك وتشغيل لينالهما ثم عليه، تالياً، سداد فواتيرهما شهرياً ليتأكد أو ليؤكد أنه يمني أو يعيش داخل حدود الجمهورية اليمنية.


> مأساة كبرى ومهزلة أكبر ما يلاقيه المشترك ويُواجه به من قبل الجهة المشغلة للخدمة في بلادنا، والأكثر إيلاماً حكاية المنَّة والفضل والتكرُّم، بل والتهديد أحياناً بقطع الخدمة نهائياً على مَنْ يتجرَّأ أو لا يتقبل الحاصل، وكأننا نتعامل مع تاجر محتكر لا يوفر لنا مقابل مالنا ما نريد، وإنما يفرض علينا ما يريد هو، رضينا أم لم نرض.


> المشكلة طويلة عريضة لا تكاد تنتهي، والحلول لا يكاد يوجد أقل القليل منها، غير أن ما يضاعف الحسرات والآلام ويولِّد الغيرة والاحتراق أن تعلم أن الخدمة ممتازة وممتازة جداً في عدد من الدول الفقيرة والأكثر فقراً وفي البلدان التي لم يتحقق فيها ولا قدر ضئيل مما وصلت إليه خدمات الاتصال في بلادنا في السنوات الماضية، وكأن خدمة الإنترنت استثناء خاص، أو كأن هناك مَنْ يريد أن يعيش شعباً كاملاً في عزلة تامة عن العالم وما يعيشه اليوم من صرعات وصرخات عصرية في الاتصال والتواصل، إنها تكاد تكون محاولة خلق جدار افتراضي عازل وحاجب، ومواجهة عمدية لكل مَنْ يريد أن يُوجد ثقباً في ذلك الجدار.


> أو هي - إن لم تكن كذلك - عملية تجارية احتكارية بحتة تفرض علينا ما لا نريده، وأنه مهما حاولنا ودفعنا وصرخنا واحتججنا لا تراجع عمَّا فرض، فمن التجربة والممارسة تبيَّن أن لا فرق بين الميجا والثلاثين ميجا إلاَّ رسوم الدفع وتكاليف الاتصال، كما تبيَّن أن السريع لا يسبق السلحفاة، والبرق أبطأ من شروق شمس وأسرع من غيابها.


> أخيراً، أعتقد أن زملاء وكتَّابا ومستخدمين كثيرين قد سبقوني واشتكوا واحتجّوا ورفضوا وناشدوا، ولكن لا حياة لمن تنادي، وكلما قرأنا أو سمعنا تلك الشكاوى ازدادت حدَّةً وانتشاراً وغضباً، وأعتقد أنها ستغير المعتاد وستجد مَنْ يتجاوب ويتفاعل، ووجهت بأكثر مما سبق من اللامبالاة والتعنت والإصرار على تجسيد ضدّية المتحكِّم والمتحكَّم به بعيداً وبعيداً جداً عن صورة الشراكة والخدمية والنفعية المتساوية والمفترضة، ونحن هنا إنما نزيد الشكاوى شكوى والصراخات صرخة وحالنا معجون بيأس محزن لا يسقط واجباً ولا تكاد ترفّ له عين مشفقة ولا أذن منصتة، واللهم إنك ملاذ مَنْ ضعفت سبله وقلَّت حيله، وأنت مقصد من بحّت شكواه وشاخت نجواه!!

عدد القراءات : 3227
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات