احدث الاخبار

الإسلاميون.. وضرورات مراجعة الشعارات السابقة

الإسلاميون.. وضرورات مراجعة الشعارات السابقة
اخبار السعيدة - بقلم - طاهر العدوان*         التاريخ : 18-09-2012

الاخوان المسلمون لم يأتوا من كهوف تورا بورا الأفغانية ولاهم نبت غريب ظهر فجأة بعد ١١ سبتمبر هم موجودون على الارض العربية منذ اكثر من ٨ عقود ، ولم يكن مؤسسهم حسن البنا شيخ جمعية توزع الصدقات على الأيتام والأرامل انما كان صاحب مشروع سياسي كبير دفع حياته ثمنا له.من أسس اولمكتب تنفيذي للجماعة في الأردن قبل ٦٥ عاما لم يكن طلاب المدارس ولا بنشرات سرية انما كانوا من كبار موظفي الدولة ووجهاءها وتحت رعاية الملك عبد الله الاول .

ولا اريد ان أخوض في التحليلات والآراء التي واكبت مسيرة الاخوان هنا او في مصر لكني أتساءل. لماذا يتم تقبل فكرة ان جميع التيارات السياسية في العالم من يمين الى يسار قد تغيرت وتبدلت برامجها وتحالفاتها بعد انتهاء الحرب الباردة مع جعل الاخوان استثناء بالاصرارعلى وصمهم بالتخلف والظلامية ومعاداة العصر وهو قول يناقض في الوقت نفسه اتهامهم بالتحالف مع الغرب وأمريكا.

لقد وجدنا تغييرا كبيرا في سياسات ومواقف الاسلاميين عند وصولهم الى السلطة في مصر وليبيا فلقد قدموا قيادات تنتمي الى العصر الحديث بأحدث طبعاته فالرئيس المصري الدكتور محمد مرسي خبير في محركات الصواريخ خدم طويلا بوكالة ناسا الفضائية الامريكية وهو ابن جامعاتها ، اما المكلف بتشكيل الحكومة الليبية الدكتور مصطفى ابو شاقور المقرب من الاخوان فهو صاحب اكثر من مئة بحث علمي وبراءة اختراع في تخصصه بتكنولوجيا الأجهزة الضوئية الدقيقة والألياف البصرية وعمل باحثا في ناسا ووكالات الأمن القومي الامريكي وهذا لا يدل على ان الاسلاميين ظلاميين انما مؤشر كبير على انتمائهم للعصر وقدرتهم على التغير والتكيف مع متطلبات العصر.لست إخوانيا ولا قريب منهم ولكني اشعر بعدم براءة هذه الهجمة الموجهة ضد التيارات السياسية الاسلامية التي يمثلها الاخوان والتي تصل الى حد إثارة عداء المجتمعات لهم، فهذه التيارات هي جزء من لحمة المجتمعات العربية ووجودها أصيل في الحركة العربية التاريخية المعاصرة ، وعندما نعترف بانهم اكبر حزب في الأردن وفي مصر وفي تونس وغيرها فان من الاعتراف بحقوق الناس وحرية اختياراتهم ان نفكر بالصيغة الوطنية غير الاستقصائية التي تؤطرهم مع باقي التيارات السياسية في المجتمع لبناء الدولة الحديثة.

بالمقابل قد يدفع الحماس بعض قادة الاسلاميين وتياراتهم بعد وصولهم الى الحكم في اكثر من بلد الى الجري خلف أوهام القدرة على استحواذ كل شئ. هولاء هم اكبر اعداء التيار الاسلامي فالشعوب العربية لن تقبل استبدال حكم طاغية بحكم حزب شمولي .

واذا كان الاصلاح هو البوابة الكبيرة التي دخلت منها التيارات الاسلامية الى مواقع الحكم فان محاولة فرض وجهة نظر واحدة على الاصلاح لن يجعل نهاية هذه التيارات افضل من نهايات الاحزاب الشيوعية في روسيا وأوروبا ولا هو اقل ماساوية من خاتمة احزاب مبارك وبن علي وجماهيرية القذافي.في الأردن والبلاد العربية هناك قوى لا تريد ان ترى الإسلاميون يتغيرون وبعضهم اعتبر اعتدالهم ودعوتهم لتجنب العنف والتصعيد في قضية الفيلم المسئ للإسلام بانها سقطة تدل على النفاق .

ومن المؤسف ان بعض التيارات الاسلامية هي أيضاً لا تريد ان تتغير وتستسلم للبقاء في دائرة الاتهامات التي يضعونهم فيها وتستمرئ الثبات على مواقف لا تتناسب مع المناخات الجديدة وضروراتها ، كما انها لا تملك الجرءاة للتخلص من قيود الشعارات السابقة بمراجعتها والدخول الى مرحلة المساهمة في صناعة القرارات العامة والتأثير من الداخل كقوة سياسية وليس فقط قوة احتجاج في الشارع

 

*وزير الاعلام الاردني الاسبق

عدد القراءات : 1668
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات