احدث الاخبار

«رياح» الطبيعة والإهمال في سقطرى

«رياح» الطبيعة والإهمال في سقطرى
اخبار السعيدة - بقلم - رشاد الشرعبي         التاريخ : 23-06-2012

ساقتني الأقدار مطلع هذا الأسبوع لزيارة جزيرة سقطرى, بعد أن ظلت مجرد حلم لأكثر من 12 عاماً, ووجدت نفسي جزءاً من مكان ضربت العزلة والاهمال طوقاً محكماً عليه في الجزيرة القصية عنا ووطننا هناك في المحيط الهندي, ويعرف الآخرون أكثر منا قيمتها إقتصادياً وسياحياً وفرادتها عالمياً وأهميتها سياسياً وأمنياً.


أعلن كابتن الطائرة عن قرب الهبوط في مطار الجزيرة ودب الخوف في أوصالنا أثناء ذلك, حيث كان للرياح الشديدة التي تشهدها منذ أيام وتستمر عدة أشهر, أثرها الكبير على الهبوط المرتعش للطائرة وركابها وأجبرتنا على عدم التمتع بمشاهدة المناظر الجميلة العصية على الجفاف وشح الأمطار الذي تعانيه.


كنت وزميلي محمد الجماعي على علم مسبق باستحالة التواصل مع العالم عبر ما لدينا من خطوط تلفونية نظام (GSM), وأن شركة الهاتف النقال يمن موبايل إلى جانب الهاتف الثابت هما وسيلة جزيرة سقطرى الوحيدة للتواصل مع وطنها اليمني، وبالتالي العالم كله وعدد من الخطوط الانترنت التي لا يزيد عمرها عن عام واحد.


لم نكن نتصور أن عزلةً تامة سنعيشها في الجزيرة لأيام, ليس فقط, جراء وضع شبكة الكهرباء المتدهورة فيها نتيجة الإهمال والفساد ما يحرم الجزيرة منها 12 ساعة يومياً, لكن لأنه حتى وسيلتنا الوحيدة للتواصل مع أهلنا وأحبابنا (يمن موبايل) ستنقطع عقب وصولنا بـ3 ساعات جراء خلل أصاب أجهزة التقوية ربما وكالعادة.


أصابتني الدهشة حينما طلب منا مضيفنا بإلحاح ولازلت في صنعاء اصطحاب خضروات, خاصة الطماطم, وهي من أساسيات الحياة - كما يفترض- وتضاعفت الدهشة حينما رأينا بالمطار أشخاصاً يحملون - كشأننا - كراتين صغيرة مليئة بالطماطم والخضروات وأكياس زبادي.


حينما استقر بنا المقام لمسنا حجم معاناة سكان الجزيرة جراء تلك العزلة المضروبة من خلال رياح الطبيعة وتضاعفها سياسة الإهمال واللامبالاة الحاكمة لبلادنا كلها وتبدو في سقطرى أكثر وضوحاً, حيث تعجز البواخر عن الرسو فيها, لتبقى الطائرات الوسيلة الوحيدة والمكلفــة جـداً لتغذيتهــا باحتياجات وضروريات حياة السكان لتفتقد للكثير بمافيه الأسماك.


في ظل وضع كهذا من الطبيعي أن يزدهر الجشع ويجد له مرتعاً خصباً, فمن الصعب جداً على المواطن الحصول على كيلو طماطم بـ800 ريال وعلبة الزبادي (أصغر حجم) تصل قيمتها الى 200 ريال, وهكذا في الكثير من الاحتياجات الضرورية اليومية.


بل إن خطوط الطيران (اليمنية رحلة أسبوعية والسعيدة 3 رحلات) مزدحمة جداً ويعجز الكثيرون وذوو الحالات الطارئة (المرضى مثلاً) عن إسعاف مرضاهم, وليس فقط بسبب حجم التكاليف التي سيتكبدونها كقيمة تذاكر ونفقات للتداوي في المكلا أو عدن أو حتى صنعاء, فيما مبنى المستشفى الحكومي عرقل الفساد والاهمال خروجه للنور على التخفيف من معاناة الناس هناك.


سقطرى ليست مجرد جزيرة أو أرخبيل, لكنها جوهرة تحتاج لعناية خاصة وليس فحاماً, فيها كل المقومات الطبيعية للسياحة العالمية لكنها بحاجة للخدمات الجاذبة للسائحين إبتداء من التسويق الجيد وحتى المطعم والفندق والطريق والتاكسي ومختلف أنواع الخدمات.


لقد كانت زيارتي لسقطرى بمثابة الحلم, وكنت أراها بعيدة وقصية عنا, وبمجرد وصولي إليها وجدت إخوة أعزاء في الجزيرة لم أكن أتصور احتفاءهم بنا إلى هذه الدرجة, ولم أتخيل تلهفهم لإصلاح وضع جزيرتهم لما من شأنه تحويلها إلى منطقة سياحية, يشكون من الوضع السيء دون تذمر, يعبرون عن غضبهم من الوعود المتكررة التي لم تجد طريقها للتنفيذ دون غضب وبهدوء تام.

صحيفة الجمهورية

عدد القراءات : 2795
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات