احدث الاخبار

حتى و لو فشلت , يكفيك شرف المحاولة

حتى و لو فشلت , يكفيك شرف المحاولة
اخبار السعيدة - بقلم - د. محمود عريقات         التاريخ : 20-05-2012

تعريف الفشل مجازي, فلا يوجد فشل مطلق , ففشل الانسان في مشروع او قضية ما , هو فشل جزئي , فقد يكون فشل في الوصول الى الغاية المرجوة لكنه في الواقع حصل على بعض الانجازات , فبعض الناس يرى ان عدم الوصول الى الغاية المطلوبة هو قمة الفشل و البعض الاخر يرى ان مجرد البدء في المشروع مثلا هو نجاح , و بين هذا الراي و ذاك يبقى المهم هو رايك انت , و الذي يجهر بالقول و يطالب بحقه عند تعرضه للظلم , يكون بذلك قد حقق نجاحا حتى و لو لم يستعيد حقه المسلوب في الوقت الحالي, فالكل يعلم ان لا حق يضيع و وراءه مطالب , و ان لا بد للفجر من بزوغ , و ان اسمى درجات الشجاعة هي قول كلمة حق عند سلطان جائر ظالم , و العبرة بالنهايات كما يقال , اما السكوت عن الظلم و الخنوع للظالم فهي ليست من صفات الانسان و لا حتى الحيوان , فالانسان من اكرم مخلوقات الله , و الانسان خلق حرا و لم يخلق عبدا ذليلا, و من يخاف و يخشى المطالبة بحقه فهو عبد ذليل و لا فائدة ترجى منه , المثل القائل " بوس الكلب من فمه حتى تاخذ حقك منه " , هو ما يعتمده هؤلاء العبيد , فلو طالب كل بحقه كما يجب لما تجراء عبيد الكراسي و المناصب الفاسدين على المساس بحقوق الناس , طبعا ليس تقوى منهم و انما خوفا من فقدانهم لمناصبهم , و المطالبة بالحق لا تدخل تحت بند السب و القذف كما يدي بعض الجاهلين ساقطي القيد, فنقدك لموظف عام هو نقد لادائه الاعوج لمهام وظيفته و ليس نقدا لشخصه , و ذكرك لاسمه هو للتعريف بهذا الموظف الفاسد و كذلك لاعطائه فرصة لاصلاح ذاته , و لكن لا احد من هؤلاء يريد اصلاح ذاته , فالكثير من هؤلاء احترف لعق الاحذية و يريد يتمنى ان يقوم الناس بلعق حذائه, فمن شب على شيء شاب عليه , و المضيع لحقه و الساكت عن الحق هو شيطان اخرس, فالشعب الفلسطيني و على مدى عقود طويلة لم يضيع حقه و لم يسكت عنه بل ناضل من اجل نيله , و طور من اساليب نضاله , و تحدى العقبات و الصعوبات , و لكنه لم يسترد حقه كاملا , فهل هو فشل و عليه الاعتراف بفشله؟ الجواب طبعا لا , فمجرد عناده و مثابرته لنيل حقه هو نجاح بحد ذاته , مع الاخذ فالاعتبار قوة خصمه و ما يتلقاه عدوه من دعم مالي و عسكري ضخم, ومكافحة الفساد و كشف الفاسدين هو بحد ذاته نوع من انواع النضال عند الشعب الفلسطيني , فوجود الفاسدين و عدم محاسبتهم يصب في مصلحة الاحتلال , فالفاسد بفساده ينفذ اجندة الاحتلال في بث الفرقة و الكراهية بين الناس و هدم المؤسسات الوطنية, و هو بذلك يقدم خدمة مجانية للاحتلال , و عليه فالشعب في غنى عن خدمات هذا الفاسد , و الساكت عن حقه الذي سلبه هذا الفاسد يؤدي و عن غير قصد خدمة للاحتلال تتمثل ببقاء هذا الفاسد في منصبه , و المتتبع لاخبار السفارات الفلسطينية في العالم يلحظ الكم الكبير من الموظفين الفاسدين ماليا و البعض اخلاقيا , و ان كانت الصفة الانسانية من النادر وجودها عند موظفي السفارات الفلسطينية , فالهم الاول و الاخير للكثير من هؤلاء الموظفين هو جمع اكبر كمية من الثروة في فترة بقائهم في منصبهم و التي تمتد عند الكثير منهم الى ان ياخذ الله سبحانه و تعالى امانته , ففي قانون السلك الدبلوماسي الفلسطيني بند يحدد فترة البقاء في المنصب بخمس سنوات كحد اقصى و لكن الكثير من موظفي السفارات الفلسطينية يقبع في منصبه منذ عشرات السنين و لا يزال , و هم ذو خبرة كبيرة عظيمة و لكن ليس في العمل الدبلوماسي او الوطني و انما في التجارة و المحسوبية , هم خبراء في الاضطهاد , اساتذة في الفساد بمختلف اشكاله , اضف الى ذلك السلوك النفسي الغير سوي الذي يرقى في كثير من الاحيان الى مرتبة المرض النفسي مستعصي العلاج , والسفارة الفلسطينية في الصين تحوي العديد من امثال هؤلاء الموظفين الجاهلين او الغافلين عن اساسيات و مهام و ظائفهم , المنشغلين بامور لا علاقة لها لا من قريب و لا من بعيد بمهام وظيفتهم الدبلوماسية او الادارية , حتى وصل بهم الحال في بعض الاحيان الى تهميش و اضطهاد الموظف الجديد المبتعث للعمل في هذه المؤسسة اذا لم ينطوي تحت لوائهم , فالموظف الصالح بالنسبة لهؤلاء انسان سخيف تافه لا يعرف مصلحته, فهؤلاء الههم المال و دينهم المحسوبية و عقيدتهم الفساد و اسلوب حياتهم لعق الاحذية و نقطة ضعفهم المنصب, و عليه فلو طالب كل ذي حق بحقه , و زادت الشكاوي ضدهم , زادهم ذلك خوفا , فهم جبناء في داخلهم و ان حاولوا ان يبدوا غير ذلك , و حالهم الى زوال و ان ارادوا غير ذلك , فالعمل على فضحهم و كشف مؤمراتهم و اساليب فسادهم يسرع في زوالهم و الخلاص منهم , و يجعلهم عبرة لمن ياتي بعدهم , اما من يفضل السكوت عن حقه و ينتظر الاخرين , فان نجحوا في مسعاهم كان معهم و ان لم ينجحوا في استرداد حقهم امن غضب موظفي السفارة , فسوف يعيش حياته خانعا مقهورا فاقدا لحريته , و من حاول و طالب بحقه حتى و لو فشل في استرداده في الوقت الحالي , فهو في الحقيقة لم يفشل و يكفيه شرف المحاولة.
 


mahmder@hotmail.com

عدد القراءات : 2069
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات