احدث الاخبار

قانون الحصانة سيء السمعة

قانون الحصانة سيء السمعة
اخبار السعيدة - بقلم - د. عيدروس نصر النقيب         التاريخ : 20-05-2012

عندما وافق السياسيون اليمنيون المعارضون على منح الضمانات بعدم محاسبة المجرمين من السلطة السابقة تحت بند الضمانات التي وردت في المبادرة الخليجية التي تجسدت لاحقا في ما عرف بقانون الحصانة، كانوا حالمين إلى درجة بعيدة فقد توقعوا أن يهلل الطرف الآخر فرحا بحصوله على هذا المغنم ونجاته من المساءلة على كل ما فعلة طيلة ثلث قرن من الفساد والعبث والقتل والتدمير والانتهاك والإجرام مما لم يفعله لا إمام ولا سلطان ولا استعمار أجنبي في اليمن، وتوقع الكثيرون أن الخروج من هذه اللحظة سيمثل لحظة الانتقال باليمن من الفساد إلى النزاهة ومن الاضطراب إلى الاستقرار، ومن العشوائية والهمجية إلى مرحلة الدولة، بل إن هناك من توقع أن إقرار هذا القانون هو آخر المصاعب أمام اليمن لتنتقل بعد ذلك إلى مرحلة البناء والتنمية وإحقاق الحقوق التي غيبها نظام الفرد والعائلة طوال عقود من الزمن، لكن الطرف الآخر كانت له حساباته وأجندته الخاصة فصار علينا أن ننتظر مجموعة من الضمانات والحصانات لكل فرد من أفراد العائلة ولكل تابع من العصابات التابعة لها، فصار بمقدور أي صبي من العائلة، أن يتمسك بما ملكه رب العائلة حتى يأتي جمال بن عمر ليقنعه بالتخلي عن هذا الدكان الذي استلمه من أبيه أو أخيه أو عمه، ذلك ما حصل مع أحدهم في اللواء الثالث حرس جمهوري ومع قائد الدفاع الجوي ومع مدير المؤسسة الاقتصادية العسكرية، وما قد يحصل مع كل الصبية المنتميين إلى العائلة الحاكمة، من قادة الكتائب والفصائل وربما الحظائر، فما بالنا بقائد الحرس الجمهوري والأمن المركزي والأمن القومي ومن في مستواهم ممن قسم رب الأسرة بينهم المؤسسة العسكرية والأمنية لتغدو أقرب إلى الإقطاعيات منها إلى مؤسسة ذات وظيفة وطنية محترمة.

ما كان هذا ليحصل لولا قانون الحصانة الذي فتح شهية هؤلاء للتمادي في ارتكاب المحرمات وانتهاك الحرمات وارتكاب الموبقات حتى بعد أن يفترض إنهم قد صاروا يمتثلون لرئيس جديد وشرعية جديدة، يفترض أنها في طريقها لتستجيب لإرادة الشعب في التغيير.

من الواضح إن قانون الحصانة قد تحول من وسيلة للمساومة المقبولة المستهدفة إحداث انتقال سلمي سلس للسلطة من حكم العائلة إلى حكم الدولة، إلى أداة لابتزاز الوطن والمواطن، والمجتمعين المحلي والإقليمي بل والدولي على الكثير من التنازلات المطلوب تقديمها للمحصنين، الذين جعلتهم الحصانة يشعرون بأنهم قد أصبحوا «طاهرين كما ولدتهم أمهاتهم».

تطلب تسليم سلاح الطيران واللواء الثالث حرس جمهوري، تطلب أكثر من شهرين من المعاناة والتوتر الذي اصطنعه المحصنون، رغم إن قرارات الاستبدال صدرت عن رئيس يفترض إنه قد حصل على أول أغلبية في تاريخ الانتخابات اليمنية، وهو ما يبين ان الحديث عن الشرعية التي كان يقول أفراد العصابة وزعماؤها أنهم يدافعون عنها، إنما هي شرعية زائفة ومصطنعة ذلك لأن ولاءهم وإخلاصهم لم يكن للمكانة الدستورية لصاحب (الشرعية) بقدر ما كان لشخص الرجل الذي استمات الجماعة في الإخلاص له حتى بعد فقدانه لتلك الشرعية.

كم سيتطلب الأمر من الوقت والطاقات والإمكانيات حتى يزول مفعول ذلك القانون سيء الصيت والسمعة الذي تحول إلى وصمة في جبين كل يمني وفي جبين البرلمان اليمني على وجه الخصوص؟

أعتقد أن على البرلمانيين أن يكفروا عن هذه الخطيئة من خلال إرفاقها بقانون آخر مكمل لهذا القانون، وذلك من خلال سن تشريع يقضي باعتزال كل من يستفيد من الحصانة، الحياة السياسية والوظيفة العامة وذهابه إلى حيث يشاء، وسن تشريع آخر يقضي بمضاعفة العقوبة على كل من يقترف أي جناية من المستفيدين من قانون الحصانة حتى يرتدع هؤلاء ويحسبون حساب لكل فعله يقدمون عليها.

برقيات


* كم أتمنى أن يتزامن حلول ذكرى 22 مايو مع إجراءات شجاعة من قبل الرئيس هادي وحكومة الوفاق الوطني تشعر الجنوبيين بأنه ما يزال لهم نصيب من الاحتفال بالذكرى من خلال الدعوة لحوار خاص بالقضية الجنوبية بين السلطة والحراك السلمي الجنوبي، يناقش الخيارات المتاحة, لإقناع الجنوبيين بأن مشاركتهم في مؤتمر الحوار الوطني لن تكون لمجرد الاستدراج وتكرار الخديعة مرة أخرى.

* أحد أفراد العائلة المتنفذين ممن وجهوا قواتهم لقتل شباب الثورة، يحمل صورة ارنستو تشي جيفارا ويقيم الفعاليات التضامنية مع شعب فلسطين.. نعم إنه يتضامن مع الشعوب التي لا تعاني من ظلم عائلته وأقاربه، أما الشعب اليمني فلا يستحق العدل ولا التضامن، ولا حتى أن يعامل كما تعامل الشعوب لأنه تصدى له ولأسرته.

* قال الشاعر الأندلسي أبو البقاء الرندي:
يا غافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ إن كنت في سِنَةٍ فالدهرُ يقظانُ
وماشيًا مرحًا يلــــــهيه موطنهُ أبعد حـــمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ؟
تلك المصــيبةُ أنستْ ما تقدمها وما لها مع طولَ الدهرِ نســــيانُ



aidn55@gmail.com


نقلا عن المصدر أونلاين

عدد القراءات : 1682
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات