احدث الاخبار

بين صناعة الخصوم وصناعة التوافق .... اليمن بين عهدين

بين صناعة الخصوم وصناعة التوافق .... اليمن بين عهدين
اخبار السعيدة - كتب - أحمد النقيب         التاريخ : 07-12-2011

" الحكمة اليمانية تجلت في سلمية الثورة والحفاظ عليها والسير بخطوات تدريجية نحو التغيير تحقن الدم اليمني الغالي وتبني مستقبل البلاد برؤية توافقية يصوغها اليمنيون بمختلف أطيافهم وألوانهم السياسية والاجتماعية ، فلا نهضة بلا أمن ولا أمن بلا تعايش ولا تعايش بلا عدالة "

تعيش اليمن اليوم على أعتاب مرحلة الانتقال من حكم تسلط الجهلة إلى حكم توافق الكفاءات ، وثمة فرق كبير بين حكم الجهلة وحكم الكفاءات ، فالجهلة يمتلكون نزعات استبدادية وسلوكا اقصائيا تجاه الآخر يخشون المنافسة ويضيقون على المعارضين ويصادرون الحقوق والحريات يعشقون التمجيد ويسخرون إمكانيات الدولة والإعلام لصنع صنمياتهم ويصورن أن مايفعلونه رغم سخافته بأنه معجزات وهي في الحقيقة ا لكارثة التي يصنعونها بتشبثهم بالسلطة رغم الفشل الذي يلاحق هؤلاء الجهلة واجماع الداخل والخارج على سوء إدارتهم وفسادهم الذي أدمنوه لأن السلطة عندهم " فرصة العمر " و " شهر العسل " الذي يخشون انقضاءه فيتشبثون بالحكم حتى الموت او المقتل أو الهروب أو الخروج المهين ، يخشون من القادم لأنه قد يكون أجمل لشعوبهم فتلحق أولئك الفشلة المستبدين لعنة الأوطان ومن قبلها لعنة الله و التاريخ والناس أجمعين ، الحكام الجهلة يجيدون فن صناعة الأعداء ...عدوهم كل ناجح كل كفاءة كل وطني لم يبع نفسه في سوق العمالة والنخاسة ولا يخلو من الشرفاء وطن ، تضيق دائرة الوثوق بالشخوص شيئا فشيئا وتتسع دائرة الانانية معها حتى يفكر الحاكم بعد أن يكبر فيه الطغيان بتملك كل شيء في البلاد ويقصي الجميع وصولا الى التمكين للعائلة فالبدء في مشروع التوريث ، ينشغل عن واجبات الحكم الذي ليس مؤهلا له أصلا بخطط الحفاظ على السلطة فيزداد وضع البلاد سوءا وصولا الى الاطاحة بحكمه وانتهاء عصره وهذه سنة الله سبحانه وتعالى " وتلك الأيام نداولها بين الناس " ويكون خصومه الكثر عاملا مهما في إزالة تلك الحقبة والدخول في مرحلة جديدة تتطلب وجود الكفاءات لبناء البلد المدمر والخروج من الورطة التي كانت صنيعة الحاكم الفرعوني الطاغي وجنوده .

هاهي اليمن تشهد هذه الأيام ثورة شعبية سلمية هي الأرقى في أسلوبها والأجمل بسلميتها وهي سيدة زهرات شجرة النضال الوطني اليمني الشاق والطويل وفاتحة عصر الكفاءات والخبرات البانية للبلد لكن الطريق مليء بألغام النظام المتهاوي ولا بد من استمرار الثورة والنضال ومعها اليقظة و الحذر حتى إزالة كل مخلفات النظام المستبد من مسيرة الانطلاق نحو المستقبل .

من ميزات حكم " الكفاءات " امتلاكهم للقدرة على العطاء والانجاز وصنع المتغير الايجابي في حياة الشعوب معززة بتأهيل ومهنية عالية ، لا يخشون المنافسة لثقتهم بأنفسهم و لمسؤوليتهم العالية وانسحابهم فور شعورهم بعدم القدرة على أداء أعمالهم ولوجود الديمقراطية الحقيقية التي تضمن التداول السلمي للسلطة التي تجعل الحاكم يدرك أن زواله قريب وعليه أن يضع بصمته ويرحل وإلا فإنه سيرحل مع أول استحقاق انتخابي وربما بعد أول دورة تستمر 4- 5 سنوات .

حكم الكفاءات والمختصين يحمل رؤية استراتيجة للنهوض بالبلاد واقعا لا خيالا وصنع نهضة يلمسها الداخل والخارج تنعكس رفاها للمواطن بتحسين الخدمات المقدمة لهم ، حكم الكفاءات لا يقصي أحدا لأنه يعتبر انجازات الآخرين انجازا له ولكنه يعتمد في الاختيار للمناصب ذوي الكفاءات لا أصحاب الوساطات أو الأكثر ولاءا ، يلتزم حكم الكفاءات بواجباته تجاه المواطنين ويلزم المواطنين بواجباتهم تجاه الدولة في توازن يحفظ للبلاد أنها واستقرارها وهذا هو الحكم الرشيد .

ان تحقيق أول أهداف الثورة بتنحي صالح وتوقيع اتفاق نقل السلطة في اليمن يعد خطوة جيدة نحو تحقيق كافة أهداف الثورة السلمية ، وصناع ذلك الحدث وأبطاله هم الثوار والشهداء والجرحى والشعب اليمني الصابر على العقاب الجماعي الذي فرضه النظام العائلي المتهاوي

 

تحديات :

حكم الجهلة لم يترك اليمن حتى كما تركها ، بل خلف تركة ثقيلة من المشكلات والآزمات ، ابتداءا من اقتصاد منهار و فساد استشرى في مفاصل الدولة ومؤسساتها خصوصا في السنوات الأخيرة وسوء إدارة خلفت انهيارا في العملة وضعف قيمتها الشرائية ، بالاضافة الى شرخ الهوية الوطنية في جنوب اليمن والناجم عن ظلمها بنهب الأراضي والمنازل كضرر إضافي لسكان تلك المناطق اضافة الى الوضع النكبة الذي يعيشه اليمنيون عموما مادفع البعض منهم للمطالبة بالانفصال وهم كانوا أكثر ، وشمال البلاد لم يسلم من حماقات النظام المتهاوي فتعرضت صعدة لــ 6 حروب طاحنة وصولا إلى صراع شمال الشمال بين الحوثيين والسلفيين

متطلبات المرحلة

لهذه المرحلة الفاصلة بين عهدين " حكم الجهلة ، و حكم الكفاءات " متطلبات لأجل الحفظ على وحدة البلاد واستقرارها والسير بها نحو بداية طريق استعادة دورها الحضاري واللحاق بركب التطور البشري ومن أبرزها :

1- شد أحزمة النضال من كل الأحرار في البلاد لمواجهة كل مخطاطات النظام المتهاوي في إشاعة الفوضى وإعاقة مسير اليمنيين نحو مستقبلهم وبثه لسموم الفرقة والاختلاف بين أطياف الشعب المختلفة ، كما تتطلب المزيد من رص الصفوف وخلق أجواء من التعايش في جامعة الثورة الكبرى " ساحات الحرية والتغيير .

2- العمل على سرعة تحسين الخدمات وعلى رأسها الكهرباء و إعادة التسعيرة السابقة للبنزين والديزل والغاز والمشتقات النفطية

3 البدء بحوار وطني مع مختلف مكونات وأطياف الشعب اليمني لبلورة رؤية موحدة لمواجهة التحديات وحل الكثير من المشكلات وفي أولويتها القضية الجنوبية والآلية التنفيذية قد ركزت على هذا الجانب ودعت إلى السعي إلى عقد مؤتمر حوار وطني شامل

4 بذل الجهود لعدم استمرار الصرع بينهم وبين السلفيين الذي يأخذ طابعا طائفيا وقطع الطريق على التأجيج الإقليمي وتغذيته للصرع ، والعمل على بسط الاستقرار في كل المناطق ، والعمل على إشراكهم في عملية البناء في السلطات المحلية والتنفيذية لتتحول طاقاتهم من الصراع إلى البناء

المصدر : يمان
عدد القراءات : 2486
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات