احدث الاخبار

يمن جديد .. مستقبل محفوف بالمخاطر ؟؟؟

يمن جديد .. مستقبل محفوف بالمخاطر ؟؟؟
اخبار السعيدة - كتب - عبدالاله الانسي         التاريخ : 29-11-2011

وقع الرئيس اليمني علي عبدالله صالح المبادرة وآليتها التنفيذية يوم الأربعاء الماضي هو وقيادات حزبه الحاكم (المؤتمر الشعبي العام)، وكذلك قيادات المعارضة في تكتل "اللقاء المشترك" بعد مماطلات دامت اشهراً وتضمنت تراجعاً ثلاث مرات عن توقيع المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية وتنص الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية على مرحلة انتقالية أولى تبدأ من تاريخ التوقيع وتنتهي بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة خلال تسعين يوماً يبقى علي عبدالله صالح خلالها رئيساً شرفيّاً للبلاد وتشكل حكومة وحدة وطنية برئاسة شخصية تنتمي للمعارضة، ثم تبدأ مرحلة انتقالية ثانية من تاريخ إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية ولمدة عامين، وتنتهي بإجراء انتخابات نيابية ورئاسية بعد الاستفتاء على دستور جديد.

لعبت دول مجلس التعاون الخليجي عامة والمملكة العربية السعودية خاصة الدور الأهم في التوصل إلى حل للأزمة اليمنية، ليس فقط بحكم الدور العربي المتصاعد الذي تلعبه هذه الدول ولكن أيضاً لأنها تعتبر بالتأكيد -وبالذات السعودية- أن اليمن "شأن خليجي" نظراً لأن ما يحدث فيه تكون له تداعياته بالضرورة على الدول الخليجية، وفي هذا السياق قيل في تبرير عدم معالجة الجامعة العربية للأزمة اليمنية -مع أن المشابهات بينها وبين مثيلتها السورية التي اتخذت فيها الجامعة من الخطوات ما لم يسبق له مثيل في تعرضها للشؤون الداخلية لدولة عربية منذ نشأتها حتى اليوم- أن الدول الخليجية تفضل أن يكون التعامل مع الأزمة من شأنها حتى تضمن أن يجيء حلها بما لا يتعارض مع مصالحها.

قد يظن كثيرون أن التوقيع على المبادرة الخليجية على النحو السابق بيانه هو نهاية للأزمة اليمنية، والواقع أنه مجرد بداية لحلها، وهي بداية محفوفة بعديد من المخاطر كما يظهر سواء من قراءة الواقع اليمني أو من النظرة المقارنة للوضع اليمني بغيره من بلدان "الربيع العربي"، فالواقع اليمني محفوف بمخاطر تهدد التنفيذ الأمين للمبادرة، والأوضاع في مصر وليبيا على الأقل تشير إلى أن استحقاقات ما بعد نجاح الثورة في تحقيق أول أهدافها لا تقل خطورة عن استحقاقات هذا النجاح، ولنعرض في السطور القادمة بعض هذه الاستحقاقات التي يتعين على اليمن الوفاء بها في أعقاب توقيع المبادرة.

1- "شباب الثورة"، القوى الرافضة للمبادرة في الساحة اليمنية لأنها تعطي الرئيس علي عبدالله صالح حصانة من المحاكمة على ما ارتكبه بحق الشعب اليمني، بينما هناك سبب لا يُشار إليه علناً ولكنه مفهوم ضمناً، وهو أن المبادرة تلقي بثمار الثورة في كفة الأحزاب السياسية التقليدية وعلى رأسها أحزاب "اللقاء المشترك" التي كانت قد أدمنت الحوار مع نظام صالح أو الاحتجاج عليه بوسائل تقليدية ولم تأت بنتيجة تذكر، بينما كان الشباب من خلال تحركاتهم في الشارع اليمني وصمودهم إزاء استخدام القوة المفرطة في التعامل معهم، والتضحيات التي قدموها بدمائهم هم الذين حركوا المياه الآسنة في المشهد السياسي اليمني، بل وحولوها إلى دوامة كانت هي صاحبة الفضل فيما يحدث اليوم من تطورات في الساحة اليمنية. صحيح أنه يمكن أن يكون لهم دور هنا أو هناك أثناء المرحلة الانتقالية، لكن المبادرة على الصعيد الرسمي لا تضمن لهم شيئاً. ويشبه ذلك كثيراً الموقف السياسي في مصر الذي شعر معه شباب ثورة يناير بأن الأمور قد آلت لغيرهم، وأن البرلمان القادم سيضع نهاية رسمية لدورهم، ومن هنا كان تفجيرهم لما سمي بالثورة الثانية سعياً لتصحيح المسار بما يحافظ على جوهر الثورة وروحها من وجهة نظرهم.

والملفت للنظر أن الحوثيين قد ضموا أصواتهم إلى معارضي المبادرة، وأصدروا بياناً بهذا المعنى اعتبر أنها تعيد الشعب إلى المربع الأول، وأن "أي اتفاق مع النظام خيانة لدم الشهداء والجرحى، واستخفاف بتضحيات الشعب اليمني، وطعنة موجهة للثوار الأحرار الذين تحملوا كل أنواع المعاناة والسجن والتعذيب والقتل لأكثر من عشرة أشهر". وإذا تذكرنا التفسيرات التي تذهب إلى القول بأن الحوثيين يتحركون بالتنسيق مع إيران التي تقف خلفهم وتساندهم فإن الأمر يبدو من هذه الزاوية مفهوماً، على أساس أن المبادرة وتوقيع الفرقاء المتناحرين عليها يضيفان إلى صدقية دول مجلس التعاون الخليجي عامة والسعودية خاصة.

2- استحقاق المرحلة الانتقالية -أو المرحلتين في الواقع- ويكفي أن نشير إلى أن حكومة الوحدة الوطنية قد تكون مجرد حاصل جمع لأطراف متضادة ومتساوية الأمر الذي قد يعرضها لأزمات، ويشل قدرتها على الحركة، وليست الحالة اللبنانية ببعيدة، وهناك أيضاً عملية إعادة بناء المؤسسة العسكرية التي لابد أن تنطوي على صعوبات في الانتقال من جيش الفرد إلى جيش الوطن، ويدعم من هذا التحليل أن علي عبدالله صالح لا يبدو راغباً في أن يكون دوره في المرحلة القادمة شرفيّاً، فقد ذكر في الكلمة التي ألقاها في الرياض بمناسبة توقيع المبادرة أنه سيكون "من المتعاونين الرئيسيين مع حكومة الائتلاف القادمة التي يشارك فيها الإخوان في المعارضة والمؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه". ولاشك أن لنظام صالح رجاله، وأن هؤلاء الرجال سيكونون ممثَلين في حكومة "الوحدة الوطنية" ومن هنا يمكن لصالح أن يستمر في لعب دور ما في العملية السياسية في اليمن.

وأخيراً وليس آخراً فإن ثمة تحديات تواجه اليمن لم تخلقها الثورة، فهي موجودة من قبلها، وإن كانت ملابسات الثورة بما أدت إليه من إضعاف نظام الحكم اليمني قد فاقمت من بعضها على الأقل، ولنأخذ أهم هذه التحديات وأخطرها على الدولة اليمنية وهو المطالبة بانفصال الجنوب. ومن المعروف أن الحراك الجنوبي قد بدأ في جنوب اليمن كرد فعل للمظالم التي لحقت بأهل الجنوب في أعقاب هزيمة الحركة الانفصالية التي قادها علي سالم البيض في1994، فضلاً عن الممارسات الخاطئة للنظام التي شعر معها أهل الجنوب وكأنه واقع تحت احتلال الشمال وليس شريكاً له في دولة واحدة. وفي بدايات الثورة، ومع رفض شبابها النظام وسياساته من حيث المبدأ، بدا أن الثورة توحد الشماليين مع الجنوبيين على الصعيد النضالي، وبعد أن كان "الحراك الجنوبي" قد تحول من حركة مطلبية إلى حركة انفصالية بزغ الأمل في أن الثورة سوف تقضي على سبب المظالم في الجنوب والشمال معاً، وهو النظام القائم، وبالتالي تصبح المطالبة بالانفصال غير ذات موضوع، وبدأت "الفيدرالية" تظهر كصيغة جديدة مثالية للعلاقة بين شطري اليمن، غير أنه لوحظ في الآونة الأخيرة العودة لمطلب الانفصال على نطاق واسع، وثمة ما يشير إلى أن دولاً بعينها تغذي هذا الاتجاه، وبالتالي فإن نظام الحكم الجديد في اليمن سيكون مطالباً بمواجهة عاجلة لخطر انقسام الدولة وتفتت الوحدة.

وليست مشكلة الجنوب وحدها التي ستصادف النظام القادم في اليمن، فما زالت مشكلة الحوثيين دون حل، وما زال نشاط "القاعدة" قائماً، ويشير هذا كله إلى أن الثورة اليمنية بتوقيع المبادرة الخليجية لن تختلف عن مثيلتها في كل من مصر وليبيا، فتغيير رأس النظام على أهميته ليس هو المشكلة الرئيسة، وإنما ثمة طريق طويلة مليئة بالمصاعب يتعين السير فيها وصولاً إلى تحقيق الطموحات المشروعة للشعب اليمني.

عدد القراءات : 2038
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات