احدث الاخبار

فتح وحماس تحت ضغط المرحلة

فتح وحماس تحت ضغط المرحلة
اخبار السعيدة - فتح وحماس تحت ضغط المرحلة         التاريخ : 20-11-2011

لقاء القمة المرتقب بين حركتي فتح وحماس في نهاية الشهر الجاري سيكون استجابة لضغط المرحلة على التنظيمين الأكبرين – فتح وحماس - ، باعتبار أن كلا منهما رقما صعبا له حجمه وتأثيره ليس فقط على الشارع الفلسطيني ، بل على القرار السياسي الذي يتعلق بالمصلحة الوطنية العليا لشعبنا الفلسطيني ، وباعتبار أنهما شركاء في كثير من التحديات الموضوعية القائمة ، والتي تلقي بظلالها الثقيلة على أجندتهما وأهدافهما التي وصلت إلى طريق مسدود ، فلا خط التسوية أجدى ، ولا خط المقاومة أثمر ، والنتيجة مزيدا من معاناة المواطن الفلسطيني الذي يدفع الثمن ليس على الصعيد السياسي فحسب ، بل وصل تأثير الانشقاق إلى جميع الأصعدة الأخرى والتي منها الاجتماعية والاقتصادية وحتى النفسية ، وضرب مقومات المواطََنة ، خاصة عندما يتم اعتقال المواطن الفلسطيني على خلفية رؤيته ، وعندما يُحرم من حقه في الوظيفة والعمل والسفر ، ويُمنع من المشاركة في مؤسسات العمل المدني على خلفية رأيه السياسي ...

 

سيلتقي الطرفان قريبا ، وسيتفقان رغما عن أنفيهما بتأثير قوة ضغط المرحلة التي هي أكبر من إمكانيات الوحدة الوطنية بين جميع القوى والفصائل الفلسطينية مجتمعة – فيما لو حصلت - ، فكيف بفتح أو بحماس منفردة ! . ، لذلك كان لا بد من التعددية السياسية ، ومن ثم تحمل المسئولية التاريخية المشتركة في اتخاذ القرار وإدارة الصراع ، سيتفق الطرفان تحت ضغط المرحلة بدلا من ضغط القواسم المشتركة التي تُغلّب المصالح العليا للشعب الفلسطيني ، من خلال قواسم مشتركة كثيرة كانت يجب أن تجمع بينهما من قبل ، مثل تهويد القدس ، والهجمة الاستيطانية ، والسور اللا واقي ، وبطش آلة الحرب الصهيونية ، واستمرار مسلسل القتل والاعتقال اليومي بحق شعبنا الفلسطيني .

 

ننتظر لقاء القمة المرتقب بين الزعيمين مشعل وعباس على أمل أن يحترموا عقول شعبهم ، فلا يكون لقاءً على ورق وأمام الكاميرات ، فقد انفق الطرفان من قبل على آليات عمل محددة تصب في مجال المصالحة ، ولكن لم يتم تنفيذ شيئا منها ، فلا زال المناضلون من الطرفين في السجون ، ولا زالت الهجمة الإعلامية متبادلة بينهما .

 

سيلتقي الطرفان تحت تأثير ضغط المرحلة ؛ لأن الشعب الفلسطيني يمر اليوم في أخطر مراحله النضالية التي عرفها وأشدها صعوبة ، وسيلتقي الطرفان بعيدا عن المخاوف والتهديدات التي تلوح في الأفق ، كما ذكرت صحيفة - إسرائيل اليوم - بتاريخ 17/11 أن الإدارة الأمريكية وجهت تحذيرا إلى رام الله يفيد أن أي وحدة مع حماس يعني قطع المساعدات المالية عن السلطة فورا ( انتهى كلام الصحيفة ) ، خاصة أن ثمة بدائل وأوراق ضغط كثيرة بأيدي الفلسطينيين لو اتحدوا ، وان هذه البدائل والأوراق يمكن تفعيلها بقوة من خلال العمق العربي والإسلامي الحاضن لقضيتنا ، ولعل تجربة حكم حماس في غزة دليلا قويا على ذلك .

 

سيتفق الطرفان رغم شروط إسرائيل وأمريكا والرباعية الدولية بشأن الاعتراف بإسرائيل ، والاعتراف بالاتفاقيات السابقة التي وقعتها السلطة ، ووقف الإرهاب ( كما يسمونه ) ، ورغم كيل العالم بأكثر من مكيال ، فقد التزمت السلطة الوطنية الفلسطينية بجميع ما طلبه العالم منها ، ولم تلتزم إسرائيل بشيء ... وبات الأفق مغلقا أمام كل القوى والفصائل الفلسطينية بجميع مشاربها وتوجهاتها ، وما تتعرض له المنطقة من عصف رياح التغيير ، والتي ربما تكون لصالح طرف فلسطيني على حساب طرف فلسطيني آخر ، مما يدفع الطرف الآخر إلى مزيد من التنازل وفق أجندته وحساباته التكتيكية الخاصة به ، تحت ضغط المرحلة ، وربما ليس بسبب المصالح الوطنية العليا لشعبنا الفلسطيني وهذا ما لا نتمناه ، مما يعني أن هناك مكرا سياسيا من نوع ما يخفيه كل طرف عن الآخر ، اتخذ المصالحة شكلا تكتيكيا لتحقيق أهدافه ، ولا أقصد هنا التشكيك بأي طرف ، فنحن جميعا كمستقلين ومراقبين ننتظر منهما مصالحة حقيقية ، ترتقي إلى حجم المسئولية التاريخية الملقاة على عاتق قيادات شعبنا ، وليست مصالحة تقوم على أساس ( أنا فقط ) ، ونبش الماضي ، ونكء الجراح ، ومن ثم العودة إلى الوراء من جديد ... ننتظر مصالحة يجب أن تعتمد جميع كفاءات وطاقات شعبنا المغمورة واللامعة ، ومشاركتها في مصير الوطن ، مصالحة تعلمت من الماضي كيفية بناء الحاضر والمستقبل ... مصالحة تستفيد من تجارب الشعوب التي نزعت استقلالها من بين أنياب ومخالب أعدائها ، مجتمعة لا متفرقة رغم تناقضات توجهاتها وميولها ، ومع ذلك فقد اتفقت فيما بينها على المصالح الوطنية العليا لشعوبها ، فالمصلحة الوطنية العليا لشعبنا لا يمكن أن تأتي بتغيير مفاجئ وسريع على خط سياسي انتهج شكلا ما من أشكال النضال لفترة طويلة ؛ لأن ذلك يعني نفيا لمصداقية ذلك الخط أو النهج ، ومن ثم انفضاض أنصاره ومؤيديه عنه لصالح خصومه السياسيين ، بل إن المصلحة الوطنية العليا لشعبنا تقتضي وبالضرورة تهيئة الجماهير ، والوقوف بجانبها ماديا ومعنويا ؛ من اجل استيعاب مراحل التغيير في جميع أشكاله وطرقه النضالية .

لقد عجز خيار السلام مع إسرائيل في مسيرته التي استمرت لحوالي عشرين عاما ، ولم ينتج عنه شيئا ، باعتراف جميع القادة الفلسطينيين بجميع توجهاتهم خاصة قادة فتح ، كذلك وبسبب عزم السيد الرئيس عباس على عدم رغبته في ترشيح نفسه لفترة رئاسية جديدة ، وبعد أن بات مقتنعا بان الاسرائليين لن يعطوه شيئا على طبق من ذهب ، فهو معني الآن أكثر من قبل بالاتفاق مع حماس لعله يتمكن من إصلاح ما وقع من خلل الانقسام الكبير للصف الفلسطيني في عهده قبل نهاية مشواره السياسي ، لكل ما سبق تأتي أهمية اللقاء المرتقب بين القائدين الكبيرين - مشعل وعباس - بتأثير ضغط المرحلة .

 

سيتفق الطرفان رغم العقلية التي أفرزت الانقسام ، والتي لا زالت سائدة وتسعى للمصالحة والوحدة ، وعلى تلك العقلية أن تنتظر المفاجآت على الصعيد الفلسطيني الداخلي ، وعلى صعيد الاحتلال ، فهل ستتمكن تلك العقلية من أن تحتوي المفاجئات القادمة بشكل يجسد مسئوليتها التاريخية أمام شعبها والعالم ، فتعيد ثقة شعبها بها ؟ .

إن عقلية الانقسام هي لا زالت عقلية المصالحة ، وهي العقلية التي ستضطر رغما عن انفها للسير فوق حقول من ألغام الملفات التي تنتظرها ، بعد حفلات التوقيع ، والمصافحات والقبلات ، وبريق الإعلام ، وربطات الأعناق ، والفنادق الفاخرة .

 

لا بد من تحمل المسئولية التاريخية ، ولا بد من أن نمتلك العقلية التي تمكننا من القفز على كل الجراحات والأجندة والارتباطات ، وإلا فسوف يحكم التاريخ ويحاكِم ... فلا كرامة بدون ثمن .

 

للاتصال بالكاتب

من داخل فلسطين 0599421664

من خارج فلسطين 00970599421664

tahsen-aboase@hotmail.com

عدد القراءات : 2191
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات