احدث الاخبار

بعيدا عن المرض

بعيدا عن المرض
اخبار السعيدة - القاهرة "مصر"         التاريخ : 31-10-2011
حول هذا الموضوع المشوق الشائك وأبعاده، ومشكلاته، وحلوله، كان هذا اللقاء مع الدكتور محمد سعد. أكثر من عشر سنوات.على الرغم من ارتفاع متوسط العمر الصحى المستمر فإن العلماء يقدرون، حسب نتائج الأبحاث المتوفرة حتى الآن، أن أقصى معدل صحى للحياة يمكن أن يبلغه الإنسان هو سن 120 عاما.
ويرجع سبب ذلك إلى أن انقسام خلايا الجسم لا يتم بصورة غير محدودة للأبد. لذا فإن تراجع إمكانية انقسام الخلايا ونقصها التدريجي نتيجة تقدم السن يؤديان في النهاية إلى فقدان الأعضاء لقدرتها على القيام بوظائفها الحيوية.
ويحمل الحمض النووي (DNA)، الموجود في الكروموسومات داخل نواة الخلية، المعلومات الجينية اللازمة لانقسام الخلايا.
وبتتابع انقسام الخلية ينقص تدريجيا طول سلسلة الكروموسومات فيها إلى أن يبلغ طول السلسلة حدا لا يمكن معه قراءة المعلومات الجينية. وعندها يتوقف انقسام الخلية وتهرم.
ولدى الخلية اليافعة السليمة إمكانية الانقسام 50 مرة كحد أقصى طوال حياتها. أما الإنسان البالغ في سن الثلاثين فإن خلاياه يمكن أن تنقسم 40 مرة، وعندما يبلغ الإنسان سن الثمانين فإن خلاياه لا يمكنها الانقسام إلا بضع مرات معدودة.
ازدياد متوسط العمر
ويذكر د. سعد أن ارتفاع متوسط العمر الصحى الحالي يرجع إلى أسباب عديدة، أهمها:
- تحسن الرعاية الصحية.
- التقدم الطبي والعلمي.
- تحسن مستوى النظافة والتغذية.
- القضاء على الكثير من الأمراض المعدية والأوبئة.
- انخفاض معدل وفيات الأطفال حديثي الولادة.
- انخفاض الوفيات الناتجة عن أمراض القلب والأوعية الدموية (جلطة القلب، جلطة الدماغ).
- تحسن ظروف الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
- زيادة الاهتمام ببرامج الوقاية الأولية والثانوية من عوامل الخطورة risk factors لأمراض القلب والأوعية الدموية (التدخين، ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع الكولسترول والدهنيات في الدم، زيادة الوزن).
ونتيجة لارتفاع متوسط العمر المطرد فإن نسبة المسنين هي أيضا في تزايد مستمر. وتلعب العوامل الوراثية بنسبة 25% دورا مهما في تحديد ما إذا كان الإنسان سينضم إلى نادي المسنين فوق المائة عام، أما العوامل البيئية (النفسية والاجتماعية والجسمية) فإنها تحدد ذلك بنسبة 75%.
مسنون فوق المائة عام
وتبين نتائج الدراسات التي أجريت على المسنين الذين يعيشون فوق المائة عام أنهم يتميزون بعدد من الخصائص المهمة، منها:
- أنهم يعيشون في بيوتهم وليس لدى الأقارب أو في دار المسنين.
- لم يدخنوا قط في حياتهم.
- يحافظون على وزن ثابت فوق الوزن الطبيعي بقليل.
- لا يعانون من أمراض مزمنة.
- يتميزون بشخصية قوية.
- لا يعانون من الاكتئاب، أو الخوف، أو التوتر.
- نشطون في حياتهم ويمارسون العمل الجسدي والذهني.
- يتحلون بالتفكير الإيجابي والتفاؤل.
- متواضعون عند النظر في كافة أمور الحياة.
- يتقبلون الآخرين كما هم بجوانبهم الإيجابية والسلبية.
- لديهم القلب الواسع والروح الكبيرة.
- لا يوزعون الاتهامات على الآخرين ولا يحملونهم مسؤولية ما يحدث.
- يتجنبون الزعل والغضب.
- لديهم رضا عن النفس وعن الناس الذين يحيطون بهم والبيئة التي يعيشون فيها.
- لديهم حب الاطلاع وتعلم الأشياء الجديدة.
- يحافظون على الهدوء والاسترخاء في التعامل مع مشكلات الحياة.
- يرتبطون بالطبيعة.
- يتحلون بوحدة الروح والجسد والعقل.
- لا يعرفون الحسد وحب التملك أو حب الظهور أو الأزمات العائلية.
حياة الإنسان
ويمكن تقسيم حياة الإنسان إلى عدة مراحل أو فترات:
- مرحلة النمو: من الولادة إلى سن السابعة عشرة.
- مرحلة البالغين: من سن الثامنة عشرة إلى سن التاسعة والستين.
- مرحلة الحياة الثالثة أو مرحلة الكبر: من سن السبعين إلى سن التاسعة والسبعين.
- مرحلة الحياة الرابعة أو مرحلة الشيخوخة: من سن الثمانين فما فوق.

وهكذا فإن الكبر والشيخوخة هما عبارة عن مرحلة في حياة الإنسان تعقب مرحلة النمو ومرحلة البالغين، وتتزامن عادة مع انتهاء فترة العمل ودخول سن التقاعد.
التقدم في السن
وعن التقدم في السن أو الهرم (aging)، يقول د. سعد إنه ظاهرة التغيرات البيولوجية التي تطرأ على الكائن الحي بتقدم السن، والتي لا يمكن إيقافها أو إرجاعها إلى الوراء.
وتحدث في مرحلة الكبر والشيخوخة تغيرات ذات أبعاد مختلفة في حياة الإنسان، وهي:
- البعد البيولوجي الفيزيولوجي: تحدث خسائر نتيجة لتناقص القدرة على التكيف وقدرة الأداء وقدرة التحمل مما يجعل الجسم معرضا للأمراض أكثر من ذي قبل، تدني قدرات المفاصل والأعضاء يؤدي إلى نقص الحركة.
- البعد النفسي: مكاسب في المجالات التي تعتمد على الخبرة والتجربة وتراكم المعلومات والقدرة على حل المشكلات، ولكن هناك خسائر في المجالات التي تعتمد على الذاكرة قصيرة الأمد، وسرعة تقييم المعلومات.
- البعد الاجتماعي: مكاسب الحصول على نوع من الحرية الشخصية نتيجة تناقص المسؤوليات الوظيفية والأسرية، إمكانية الاستمتاع بالأشياء التي لم يعطها الإنسان الاهتمام الكافي أثناء انشغاله بمسؤولية العمل، الخبرة في التعامل مع متطلبات الحياة، تطور التفكير الإيجابي تجاه الأشياء التي تجلب الرضا والسعادة.
ولكن هناك خسارة في الدور القيادي في العمل والأسرة، الشعور بالوحدة، الخوف من المستقبل وإمكانية الحاجة إلى الرعاية من قبل الآخرين.
وتتميز ظاهرة الكبر والشيخوخة من الناحية البيولوجية بمجموعة من التغيرات الفيزيولوجية الطبيعية التي تصاحب التقدم في السن، منها:
- ضعف جهاز المناعة، وبالتالي ضعف مقاومة الجسم للأمراض المعدية مما يجعل المسنين عرضة للعدوى أكثر من غيرهم.
- ضعف قوة القلب على ضخ الدم إلى كافة أنحاء الجسم مما يؤدي إلى ضعف تروية كافة الأعضاء في الجسم.
- ضعف قدرات الدماغ على إنجاز مهامه الحيوية نتيجة لضمور الدماغ التدريجي، إذ يفقد الإنسان بعد سن الثلاثين 100 ألف خلية عصبية يوميا من ضمن خلايا الدماغ البالغة 16 مليار خلية.
- ارتفاع خطر السقوط، وما يتبعه من نتائج مؤثرة على حركة المسن، حيث إن 30% ممن هم فوق سن الخامسة والستين و50% ممن هم فوق سن الثمانين يقعون مرة أو أكثر من مرة واحدة كل عام، وينتج عن ذلك كسور مختلفة أهمها كسر عنق عظمة الفخذ، خاصة مع تزايد هشاشة العظام.
- النقص التدريجي للقدرات الوظيفة للأعصاب والعضلات (التنسيق بين الأعصاب والعضلات، قوة العضلات، حركة الجسم، سرعة الحركة ورد الفعل) ابتداء من العقد الرابع من العمر، حتى إن مجرد تغيير الموقع من الجلوس إلى الوقوف أو مجرد وضع القدم بشكل مختلف قليلا يمكن أن يؤديا إلى نتائج وخيمة.
- ضعف النظر والسمع التدريجي.
ونتيجة لارتفاع نسبة المسنين المطردة فإن المجتمعات بدأت تكيف نفسها مع هذا الوضع الجديد الذي يتطلب إجراء تغييرات جذرية في مؤسسات الرعاية الصحية والاجتماعية لتأمين الرعاية الطبية والنفسية والاجتماعية للمسنين.

كذلك فقد نشأ علم جديد ((gerontology لدراسة حياة المسنين والمشكلات الخاصة التي يعانون منها. ثلاثة نماذج لرعاية المسنين من أقارب الأصدقاء:
- النموذج الأول (بقاء المسن في بيته مع وجود أحد الأقارب معه): لقد قارب سن والد إحدى الصديقات التسعين عاما، ولم يعد يستطيع المشي وأصبحت قوته الجسدية وذاكرته ضعيفتين، لكنه يستطيع أن يأكل بنفسه إذا وضع الصحن أمامه.
أصبح لديه سيدتان خارجيتان تقومان بالتناوب بإدارة شؤون البيت ومساعدة المريض في أمور حياته اليومية (غسله، تلبيسه، تنويمه، إعطاؤه الأدوية). وتسكن صديقتنا الطبيبة المتقاعدة ابنة المريض معه في نفس المنزل وتشرف على رعاية البيت لكنها تتمتع بحرية كبيرة في السفر وقضاء حاجاتها الخاصة.
أي إن السيدتين تديران أمور البيت ورعاية المسن دون وجود ابنة المسن المتواصل في البيت.
- النموذج الثاني (انتقال المسن إلى دار رعاية المسنين مع محافظته على أشيائه الخاصة التي تعود عليها في غرفته): بلغت والدة صديقتنا هذه نحو الخامسة والثمانين، وهي تستطيع المشي والذهاب إلى الحمام بالمساعدة، والأكل بنفسها، لكن دار رعاية المسنين تقدم لها وجبات الأكل الثلاث وتغسل ملابسها وتساعدها في الاستيقاظ والذهاب إلى السرير. وتسكن ابنة المريضة في منزلها الخاص بالقرب منها وتزورها عدة مرات في الأسبوع.
- النموذج الثالث (بقاء المسن في بيته مع تناوب الأبناء في الإشراف على رعايته): والدة إحدى صديقاتنا بلغت تسعين عاما وأصبحت ملازمة للسرير تحتاج لمن يرعاها كليا من ناحية إطعامها وتنظيفها وإلباسها.
توجد سيدتان ترعيان المريضة وتديران شؤون البيت بالتناوب، مع إشراف أحد الأبناء أو البنات على أمور البيت والرعاية بالتناوب، كل حسب بعده وإمكاناته.
وأجمع كافة أصدقائنا على أن رعاية المسن مهمة صعبة للغاية، ولا يمكن إنجازها إلا بالهدوء والتناغم، وأن الأمر الذي يحرصون عليه دائما هو تقديم الشكر والامتنان لمن يقوم بهذه المهمة الصعبة، لأن الحصول على الشخص المناسب ليس بالأمر السهل

عدد القراءات : 2337
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات