احدث الاخبار

الشاعر اليمني صدام الزيدي يتنبأ بتتويج توكل كرمان ويحشد انعتاقاته باكراً باتجاه "الربيع العربي"!

الشاعر اليمني صدام الزيدي يتنبأ بتتويج توكل كرمان ويحشد انعتاقاته باكراً باتجاه
اخبار السعيدة - بقلم - سماء هزّام         التاريخ : 30-10-2011

 في أغسطس من العام 2010م أصدر الصحفي والشاعر اليمني / صدام محمد الزيدي/ باكورة أعماله الشعرية بعنوان " صوب نخّالة المطر" ضمن "سلسلة إبداعات يمانية", -التي يواصل إصدارها مركز عبادي للنشر بصنعاء- في (126) صفحة  من القطع الصغير وعند البحث في  دلالات العنوان وما احتواه الديوان من نصوص واشتغالات يقف القارئ الناقد والمتعمق أمام إشارات كثيرة تؤكد أن العمل كان مقدراً له أن يصدر في نفس توقيت صدوره إذ يحمل في طياته ثورة في الرؤى والرؤيا وفي اللغة والمفردات ولعل الشاعر كان موفقاً عندما دفع به إلى المطبعة قبل اندلاع ثورات الربيع العربي بأشهر قليلة، وكأنما صدر الديوان مبشراً بـ" نخّالة المطر" ودروب انعتاقات ومراحل جديدة تنتظر الشعوب العربية.

  قبل الخوض في تقليب صفحات هذا العمل الشعري الاستثنائي بغية تقديم قراءة  انطباعية في مقتطفات من نصوصه الثورية والانعتاقية إلى أبعد ما يمكن بأسلوب جديد وصياغة واعية ومبتكرة يلحظ المتابع أن الإصدار رغم ما كتب عنه من أخبار  وكتابات نقدية في بعض الصحف ومواقع الانترنت إلا أنها كانت متواضعة .

وما جعلني أشعر بنوع من الإستغراب كيف لمثل هذه الإبداعات المتميزة أن تقف عن حدود هامشية لعشرة إلى عشرين خبراً في الإنترنت وأربع إلى ست كتابات نقدية هي أقرب إلى الانطباعية منها إلى الدراسة النقدية والأدبية المتعمقة والشاملة.

الشاعر اليمني الكبير  الدكتور / عبدالعزيز المقالح ، كان واحداً ممن أشاروا إلى المجموعة الشعرية " صوب نخّالة المطر" وكتب عنها في سطور قليلة جاء في مقدمة ما كتبه: " أهداني الشاعر صدام الزيدي ديوانه الأول الذي أسماه " صوب نخّالة المطر " وأثار إعجابي ما يتمتع به الشاعر من قدرات على التقاط مفردات الطبيعة ابتداء من المطر في رؤية شعرية بالغة الرهافة". ونعلم جميعاً ما يعني به الشاعر الكبير د. عبدالعزيز المقالح عندما يقول: "وأثار إعجابي " إنها تأكيد على الإعجاب بالشاعر وشهادة لا يمنحها المقالح إلا لمن هم جديرون بها.

 من جهته, الكاتب والمثقف اليمني المعروف / عبدالله علي النويرة ، هو الآخر كتب أن: " الأعمال العظيمة تحتاج إلى عظماء للتعامل معها "، وهذا هو السطر الأول والعبارة الأولى لمقالة نشرها الأستاذ / النويرة/ بصحيفة الثورة يتحدث فيها عن ديوان الزيدي وجاء عنوان المقالة " جائزة رئيس الجمهورية للشباب والتعتيم الإعلامي.. صدام الزيدي أنموذجاً " ويستطرد النويرة: " ذهلت  بكل  معنى الكلمة من  محتوى المجموعة الشعرية فنحن أمام مبدع من نوع آخر" وهذه شهادة من كاتب وأديب له باع طويل في الكتابة والنشر الأدبي والتوثيقي والقانوني.

كما كتب الأستاذ الناقد / هشام ورّو/ مقالة نقدية  عن العمل الشعري ذاته في ملحق "ألوان " عن صحيفة الجمهورية ملوحاً بإشارة عبر العنوان تقول " باتجاه صوب نخّالة المطر  للشاعر صدام الزيدي " حيث أبدى "ورّو" أعجاباً بالنصوص وكتب في ختام مادته النقدية   :" أهنئ المشهد الأدبي اليمني بهذه المدرسة الشعرية الفريدة والمميزة والتي استعصت علي ككاتب".

  كان ذلك أبرز ما كتب عن الإصدار الشعري الأول للمبدع اليمني الشاعر صدام الزيدي ويضاف إلى ذلك ما كتب من أخبار صحفية عن الإصدار وبعض مقابلات وحوارات صحفية أهمها مع "وكالة أنباء الشعر العربي" تضمنت حديثاً عن الإصدار في سطور مختصرة، لكن أحداً لم يكتب عن البعد الثوري واحتشادات الكتابة المتطلعة إلى الانعتاق في نصوص العمل ولعل جميع  من كتبوا مازالوا يواصلون فك شفرات الديوان الذي قال عنه الناقد والكاتب / هشام ورو/ بأنه " الديوان الملحمة" وفي الحقيقة, إن هذا الديوان   أكثر من ملحمة شعرية حيث تتجاوز محتوياته هذا الوصف إلى الرؤيا الشعرية وتمثلات الواقع العربي .

وأنا أقرأ في  نصوص  الديوان استوقفني كثير من المقاطع واحترت أمامها هل هي كلام شاعر أم رؤيا شعر؟

وإذا ما طفنا بعناوين الإصدار قبل أن نقترب من تلك المقاطع المثيرة للدهشة والأسئلة والانعتاقات اللغوية والشعرية نجدها تبدأ  بالعنوان "عصف " وتتكرر  المفردة " سأفيق " أربع مرات فيما تحضر الصورة والمفردات الطالعة من انعتاقات روح الشاعر بكثافة  ثم  تتتابع العناوين عبر حزمة من النصوص منها: " أشحذ موال ضحك لأرجوحة شاردة – احتشاد - اشتعال مودة الرايات – ألف عاصفة في دمي –  منفيٌ ألملم وحدتي – يعد ساعاته الهاربات – إلى أي المقابر سيحملون  تابوتك؟".

كل هذه العناوين وفيها تحديداً " احتشاد – اشتعال مودة الرايات – ألف عاصفة في دمي "رايات ولافتات  صارخة ومفاتيح للولوج إلى عوالم الكتابة  الجديدة  والثائرة التي يجمعها العنوان  الرئيس  " صوب نخّالة المطر" وهذا العنوان الشعري الجميل انطلاقة صوب العالم المتحرك والمتحفز والحالم والذي لا يقف عند الحدود الدنيوية  أو الأرضية بل يتعداها إلى حيث مصبات المطر والسماء العالية وعناوين الالتزام والتيقظ الروحي والإنساني   وعدم الاستسلام أوالانهزام كما يحض العنوان على التحليق  عالياً ومغادرة حالات التقوقع وهذه مجرد محاولة متواضعة للوقوف أمام هذه العنونة الجديدة والأنيقة المترامية على ثلاث كلمات والذاهبة إلى مطر السماء وتطلعات بني الإنسان.

 أصابتني قشعريرة وترددت كثيراً بينما كنت أحاول استكناه وسبر العديد من مقاطع العمل متمسكاً بما أوتيت من فهم وتأويل بمعناهما الإيجابي انطلاقا من أن الشعر هو في أهم مسلماته تلميح لا تصريح وذلك عندما استوقفني هذا المقطع الرابع والأخير من النص الخامس في الديوان الذي عنوانه, أي النص " اشتعال مودة الرايات", يقول المقطع:

" يا أُبّهة الوثن المضمخ بالهشاشة

ما خطيئتها وقد ألقت على الجمع

اشتعال مودة الرايات/

محبرة الأميرات؟"

هل نحن أمام حالة شعرية رؤيوية تمثلت الحالة النضالية للناشطة والصحفية اليمنية توكل كرمان التي مضت على درب الحرية  وتعرضت للاعتقال والقمع أكثر من مرة ومازالت  تتقدم صفوف الثوار لا تثنيها محاولات الترويع والإسكات ورعونة الاعتقال من قبل عناصر تعمل ضد أهداف الثورة الشبابية أو تعمل وفق ما يشير إليه المقطع الشعري مع : "أبّهة الوثن المضمخ بالهشاشة "؟.

ثم يمضي المقطع  متعاطياً مع ما عده الشاعر واختاره عنواناً لنص شعري تمت كتابته قبل العام 2010م وخرج إلى النور عبر الطباعة في منشور أدبي في أوائل النصف الثاني من العام 2010م أي قبل أن تتحرك حشود الثوار العرب ضد أنظمة الفساد والظلم بأشهر قليلة في ما سمي  بالربيع العربي.

 ثم ما يعني العنوان " اشتعال مودة  الرايات" أهو محاكاة تمهيدية لرايات ولافتات الثوار العرب الشباب الذين يقولون إن تحركاتهم "سلمية" ونجد أن المفردة  "سلمية" تقابل في العنوان المفردة "مودة"  كما أن كل ما تعرضت وتتعرض له الثورات السلمية من قمع وقتل برصاص ومجنزرات الأنظمة ومعسكراتها الموالية يماثله  العنوان بكامل عبارته التي تبدأ بكلمة "اشتعال" وتصبح "اشتعال مودة الرايات"

هل من شيفرة في النص تجعلنا نقول إن رؤيا كبيرة تحققت؟ وأن التي تعرضت لمحاولات القمع والإسكات التي نشير إليها بـ "الناشطة والثائرة توكل كرمان " من قبل عناصر تتبع "الوثن المضمخ بالهشاشة"؛ تنتصر لحقوق أبناء وطنها وليست مخطئة أو انقلابية فـ : " ما خطيئتها /وقد  ألقت على الجمع /اشتعال مودة الرايات/ محبرة الأميرات ؟ ".

وهل ما كتبه الشاعر أو ما أسماه بـ "محبرة الأميرات" اشتغال له دلالته ورؤياه؟, إذ تتمثل الكلمة "محبرة" مدلولات النشاط النضالي لـ توكل كرمان من أجل السلام والحرية بينما تتمثل العبارة ككل: "محبرة الأميرات" استحقاق "توكل" لـ "تاج الأميرات" كثمرة للنجاح في الكفاح وكتتويج سيجعل منها "أميرة حرية وثورة" و"ملكة سلام"؟   وهكذا أعلنت الأكاديمية السويدية اسم المرأة اليمنية "توكل كرمان" كواحدة من ثلاث نساء عالميات وأول امرأة عربية تفوز بجائزة نوبل للسلام 2011م والإعلان  تم في السابع من أكتوبر 2011

بينما كتب الشاعر نصه قبل أكثر من عامين وهو أحد نصوص  الديوان الشعري الأول له.

وحينما نكمل قراءة المقطع ذاته سنقرأ  أيضاً:  "التيه يعبث بي/ على مرأى من الصنم الكبير/ الريح تعوي في كظيم الويل/ والترحال ينفذ بي/ إلى العبث الـ يروعنا/ ويقدحنا/ ويسقي الأرض من دمنا".

ما كتبته واستدركته سلفاً ما هو إلا محاولة تأويلية للاقتراب من نصوص وقصائد تميز بها الشاعر صدام الزيدي وأدعوكم لقراءة المجموعة كاملة فهي صادرة عن مركز عبادي للنشر بصنعاء في طبعتها الأولى, العام 2010م لكنها حافلة بما يعجز القارئ العادي عن تفكيكه واستحضاره من نصوص  بشرت بقدوم شاعر متمكن يكتب نصه بإجادة وتفرد وفلسفة عالية ليحلق عالياً عابراً بالقصيدة التفعيلة والنثر وما بعدهما, أبعد من فضاءات المألوف والسائد, فاتحاً جديداً, وشاعراً ثائراً على كل أنماط وأشكال الكتابة.

وما زلت أتساءل لو أن صدام الزيدي أصدر باكورته الشعرية "صوب نخّالة المطر" بعد نهاية العام 2010 أي في بداية أو منتصف أو نهاية العام 2011 هل سيكون لها كل هذا الاندلاع المبشر بثورة الروح وهتافات الحشود والساحات الثائرة على أنظمة الظلم والاستبداد.

 ولنقف أمام سيل العبارات والمفردات  الشعرية التي حفلت بها معظم نصوص المجموعة وكم هي متعة التحاور معها واستشراف نبرتها المتحررة من كل جمود ورتابة الواقع وكيف أن الشاعر تمثل ما لم يتمثله الكثيرين من شعراء وأدباء الأمة حيث أفاق باكراً معلناً ثورته في سياق اللغة والكتابة الأدبية.. فإلى هذه النماذج التي ذهبت إلى الساحات والميادين الثائرة في العواصم والمدن العربية وكتبت عن حشود الثوار وعن الثائرات العربيات التي ستتوج إحداهن في العام 2011 بـ  "محبرة الأميرات"/ "نوبل للسلام".  ولنتوقف أمام هذه اللغة وهذه الرؤى والصور الشعرية البديعة والمتألقة, المبشرة بـ "نخّالة مطر وربيع حرية" :

"سأفيق من تيهٍ/ تمدد في ضلوعي/ ألف عام",  "ممكنات انعتاق", "طلائع الحشد الكبير",  "قذائف اللاحرب", " فجِّري الدرب بالأغنيات", " افتحي مدائني",  إلى مهرجان للعناد",  "كلاب البلادة",  "الأغبياء هنا عصبة/ نسائلهم وطناً"," أنسنته انعتاقاته/ ذات حرب ورؤيا",  "سأرجمني باكتظاظ الميادين",   "أممتها اليونيفيل/ ضمادة لضحايا الحروب", "لانعتاق الحيارى", "لاحتشاد قريحتي /المشرعة ساحاتها",  "فوضى العبارات", "ألوية المتاهة والضباب", "ساحات عامة", "البشر المغضوب عليهم", "مكتبة للجوع", "شرايين من أسيد الكلام", " شاشات للأوغاد", " معركة يومية/ ما بين الصمت وبيني", "قاضٍ متعجرف/ يسجنني قسراً " , "شارات وأراجيز", "حرب عالمية/ الصحافة عنها لم تكتب بعد " , "مجنون ثائر", " واليوم فاتحة لمشوار عام أتى", " هراوات نووية مفولذة", " سأؤلفني أبجدية فائضة/ في غياهب أدمغة العابسين",  " مثخن باحتدام التفاصيل", " وما عدت أهدأ من وابل للكلام", " في جائحات المشهد المجنون/ ما يحكي تفاصيل البداية والنهاية والذهول", "في هاجسي وجع المنافي كلها",  "في الدرب عربدة ومشنقة/ وجوع لا يطاق", " صداعٌ غريب/ يحشد مجنزراته في رأسي", "ولي في دمي ألف عاصفة", " أهيئ قارعة للهراوات", "أتوسل تلويحاً/ لأنامل تكويني",  "منفيٌ ألملم وحدتي", " باب خشبي قديم/ يكاد أن يسقط", "تجتاحني شلالات الكلام", " كانوا يصرخون: الموت لأمريكا/ الموت لإسرائيل/ وفي قرارة نفسي/ الموت لي وحدي",  "متى ستعلن الثائر؟" "وتبحث عن وطنٍ/ في كماشة هذا الخلخال", "سأطلق ساقي/ ولكن باتجاه المطر", "على أن تنتفض ثورة البهلوان",  "في مهرجانات للكبرياء", "وتمتشق شعلة تحررية",  "تستحدث مليون محكمة جنايات/ لتحاكم إخطبوطات العبث",  "تنطفئ الكهرباء عشرون مرة/ هنا في البلاد الطافية".

هكذا بشرت مجموعة "صوب نخّالة المطر" الشعرية بانعتاقات العربي وما كل هذه الفيوض والشذرات والإشارات والعبارات والجمل والرؤى الشعرية بدلالاتها وحماس لغتها إلا انطلاق حثيث نحو حياة كريمة وأوطان متحررة.

ومما لفت انتباهي عندما تصفحت عددا من نصوص الشاعر" صدام الزيدي" المنشورة في الإنترنت, هذا النص الذي بعنوان " وقامت فراشة الأزهار بالنشر في فراشة الأزهار " وهو غير منشور في الديوان إذ أنه مكتوب في إبريل 2011م ومما جاء في هذا النص الشعري التفاعلي البديع والأول من نوعه رؤيوياً ورقمياً:

" انفلتت

هل من منطق؟

صداعٌ في رأسي

وتصدعات في رأسه

ألا يفهم؟

أتذوق الدم في فمي –الآن- !!"

هل أنا من الشاطحين في النقد الأدبي إن قلت أن هذا المقطع والنص بكامله  نصاً رؤيوياً بامتياز, سيما وأن النص يتعاطى مع الثورة الشبابية وأزماتها.

أتوقف عند هذه الفيوض  الشعرية والنصوص التصدعات/نبوءات الشعر ولا بد من دراسات ودراسات للاقتراب من هذا الشاعر   "المتطلع إلى الانعتاق من طوق الانكسار" بحسب خاتمة لخبر صحفي نشرته " سبأنت" قبل أكثر من عام عن إصداره الشعري " صوب نخّالة المطر".

عدد القراءات : 4039
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات
زكرياالغندري
نعم لقد اثبتت هذه القصيده بانها رائعه..ذالك وانها تنبأة بالغائب