احدث الاخبار

توكل كرمان وواجب حزب الإصلاح نحوها

توكل كرمان وواجب حزب الإصلاح نحوها
اخبار السعيدة - كتب - الدكتور/ محمد عبدالله عايض الغبان         التاريخ : 18-10-2011

حزب الإصلاح اليمني حزب إسلامي حديث النشأة، ظهر للعلن كبقية الأحزاب بعد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية عام 90م، ويضم في تكويناته الإخوان المسلمين الجماعة الإسلامية المعروفة التي أسسها الإمام حسن البناء رحمه الله في بلاد مصر، وأنشئت تكوينات مماثلة في شتى بلاد المسلمين مستمدة منهجها من الجماعة الأم .

والإخوان هم العنصر الأهم في هذا الحزب، وما عداهم فهو إما متعاطف معهم، أو ممن انضم إلى الحزب بدافع تلمس المصالح كحال بقية الأحزاب في الساحة اليمنية .

هذا الحزب كان له دور كبير في الساحة اليمنية في شتى ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والتعليمية، ويحظى بحضور جماهيري كبير، ويعد أفضل الأحزاب السياسية تنظيما بشهادة الجميع، ومواقفه الرسمية من قضايا الأمة المعاصرة هو مساندتها بشتى الوسائل وبكل حزم ودون أي تخاذل .

وأهداف الحزب تتمثل في السعي لإعادة الوحدة الإسلامية تحت خلافة واحدة، والطريق إلى ذلك في نظرهم هو المشاركة الفعالة في الحياة السياسية ترشيحا وانتخابا، وبذل كل ممكن للوصول إلى سدة الحكم لقيام دولة تتخذ من الإسلام منهجا للحياة العامة وما يتبع ذلك من أطر ووسائل حديثة لقيام مثل هذا النظام .

لست أهدف هنا إلى تقييم الحزب وتقويمه فذاك مجال آخر، لكن يبدو لي كما يبدو لأي متابع أن الحزب تمدد كثيرا في منهجه وأطروحاته نتيجة عدة عوامل، وتشكلت تيارات داخل الحزب تبنت آراءا كثيرة من قبيل التجديد ومسايرة العصر والتأقلم مع الواقع المتغير والقبول بالآخر شريكا وحليفا وإن كان مناقضا لأهداف الحزب ومنهجه الأساسي؛ لأن المرحلة حسب زعمهم تحتم ذلك، وبناء عليه تبنى الحزب قضايا كثيرة كانت من قبيل الممنوعات لديه. أو كانت محل نظر لكل بنودها أولبعضها، مثل الديموقراطية بكل ما يترتب عليها من آثار والتزامات، وتبني قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالحقوق والحريات، ومنها ما يطلق عليه قضية المرأة وحقوقها السياسية والاجتماعية ومساواتها للرجل في الحقوق والواجبات رغم مافيها من مناقضة تامة لشريعتنا، كما أن الحزب لديه القابلية التامة للتحالف مع جميع الأحزاب ما وجد منها وما لم يوجد، ولا يمانع من تقاسم السلطة مع أي حزب ولو كان حزبا ماركسيا، هذا على الأقل من الجانب النظري .

ولا يصح أبدا أن تحاسب أي جماعة أو مذهب او طائفة على تصرفات أفرادها المعزولة عن إطارها التنظيمي المنهجي، ولو فرض أن تمت المحاسبة بهذه الطريقة فإنها مرفوضة؛ لأنها قامت على غير العدل والإنصاف، قال تعالى :(ولا تزر وازرة وزر أخرى).

لكن ما سأتناوله في هذه العجالة يتعلق بمرئيات القطاع العريض والقيادي المؤثر في حزب الإصلاح المتبنى لمنهج التجديد والتغيير في الفكر الإسلامي المتأثر بالمنهج الذي رسمه ونافح عنه الترابي السوداني، إذ أصبح هذا المنهج مدرسة قائمة لها روادها ومنظروها، وهذا الفكر يسبح عكس التيار، ولا يمانع من أي تجديد تحت أي إطار طالما وهو يتسم بالعصرنة، ويتخذ المصلحة وسيلة للقيام بهذا التجديد، وقد أشرت إلى ذلك في مقاطع مختصرة ضمن صفحتي على الفيسبوك تحت عنوان :حصوننا من الداخل (العصرانيون) فليراجعها من شاء.

هذا المنهج المتوغل داخل حزب الإصلاح من المتلقفين له الداعين إليه بحرارة وإصرار الصحفية الثائرة :توكل عبدالسلام كرمان، وليس هذا من قبيل إفشاء الأسرار، بل هو حقيقة ماثلة ظاهرة للعيان ، أخذت كرمان على عاتقها حمل هذا الفكر منذ فترة قبل أوبعد نزع حجابها، وطرحته في وسائل الإعلام بكل قوة، ودافعت عنه بشتى الوسائل الممكنة، ورمت خصومها ومعارضيها بكل القبائح والنقائص، وانغمست في هذا الفكر تعب منه كل ما يستجد من أفكار ورؤى، وتقذف به إلى الساحة متجاوزة كل الثوابت والممنوعات ،وغايتها في ذلك كسر الحواجز العائقة أمام المرأة المسلمة، والزج بها إلى الحياة العامة لتشارك الرجل في كل شؤون الحياة وعلى قدم المساواة دون مراعاة للفوارق الجسمية والنفسية والعقلية بين الجنسين، بل وتخالطه حيثما حل متجاوزة كل قيمة وفضيلة تربت عليها المرأة المسلمة في مجتمعاتها المحافظة؛ ولهذا اعتبرت خلع نقابها أول القيود التي حطمتها، ويظهر أن في جعبتها قيودا أخرى تستحق التحطيم لم يحن الوقت للإفصاح عنها، بل أفصحت وبكل وضوح عن معارضتها لكل الضوابط الشرعية التي تخص المرأة المسلمة، ومنها قرارها في بيتها المنصوص عليه في القرآن العظيم، وغالت في هذا الجانب، وخالفت كافة المسلمين وإجماع أئمة الدين القاضي بعدم جواز تولية المرأة المسلمة الولاية العامة أي الخلافة ، وعدت ذلك من أساطير أبي لهب على حد زعمها في مقال نشره موقع (مأرب برس) قبل مدة، ولم تراع في ذلك النصوص الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة وتقريرات أهل العلم وتأريخ المسلمين العريق، وتجاوزت كل ذلك بأسلوب استعلائي ضاربة عرض الحائط كل هذه المكونات، وقد حاورها كثير من الشباب تذييلا على مقالها، وحاولوا قدر الإمكان ثنيها عن الخوض في غمار هذه الموضوعات بهذا الأسلوب الاستفزازي المتعجرف، لكنها أصرت على موقفها متخذة من بعض شذوذ الآراء المعاصرة حول هذه القضايا منهجا وسلوكا تتبناه وتدعو إليه، بل أشارت إلى أنها تابعة في طرحها هذا لبعض القيادات الإصلاحية .

وشغلت نفسها والمجتمع كثيرا حول ما يسمى بقضايا المرأة في مجتمعاتنا الإسلامية والعربية بوجه عام، والمجتمع اليمني بوجه خاص، وكأن المرأة المسلمة مسلوبة الإرادة، وتعيش في قبو مظلم لم تنل حقوقها عبر التأريخ الاسلامي، وهي بحاجة إلى مخلص ينتشلها من واقعها، واستعانت كثيرا بالمنظمات الغربية، وشاركت في مؤتمراتهم واجتماعاتهم وندواتهم، وحظيت بتلميع إعلامي غربي كبير، زاد من عنفوانها وجرأتها على النقد وتجاوز الثوابت والقيم، وهذه المنظمات المشبوهة حريصة كل الحرص على كل ما فيه إفساد المرأة المسلمة وانسلاخها من دينها وعفتها بحجة حماية الحقوق والحريات، وهي كذبة كبرى صدقها بعض المخدوعين من أبنائنا، فيرون في المرأة الغربية مثالا وأنموذجا للتقدم والرقي، وأنها نالت حقوقها فساوت الرجل في كل الميادين، وعند أدنى تأمل لهذه الكذبة الكبرى سنلحظ بأن مشاركة المرأة الغربية في الحياة السياسية ضيئلة لا تكاد تذكر، فهاهي أمريكا رائدة الديمقراطية والمثل الأعلى للمفتونين بها من أبنائنا وبناتنا لم تتزعمها أي امرأة منذ إنشائها ، وهذه دول أوربا انظر إلى حكوماتها وبرلماناتها تجد أن مشاركاتها لا تعدو أن تكون من باب ذر الرماد في العيون، لكن ما نجحوا فيه حقا هو سلخ المرأة من عفتها وأخلاقها، وجعلها سلعة مبتذلة ومتعة للرجل حيثما حل، واستطاعوا ضرب قيم الأسرة والولاية حتى غدت المرأة الغربية في حالة يرثى لها، وتود الانفكاك من هذا الوضع البائس الذي يحول دون تحقيقه أمور كثيرة، وخيرلها ولمن سار قبلها في هذا الطريق أن يعتزوا بالدين الذي ينتسبون إليه، وأن تسلط سهامهم مناصرة للمرأة الغربية وأن يسعون جادين في مساعدتها للخروج من النفق المظلم الذي تعيشه، والحياة التعيسة التي تتذوق مرارتها .

وبلغت الجرأة بهذه المرأة أن تصدت لمسائل شرعية واجتماعية يجبن أئمة الاسلام من الخوض فيها، ولا مانع لديها إطلاقا من أن تنقد وترد بعنف وسخرية على من لم يسايرها في المخطط المرسوم لها من قبل المنظمات الغربية الكافرة، وقد أثيرفي وقت سابق موضوع سن تحديد سن الزواج في البرلمان اليمني كمتطلب من متطلبات حقوق الإنسان التي تقرره المنظمات المشار إليها، وتلح بضرورة تقنينه ببلوغ الفتاة الثامنة أوالسابعة عشر من عمرها ؛لأنها قبل هذا السن قاصرة وغير مؤهلة للزواج، وخاضت الصحافة اليمنية في هذا الموضوع الخطير بعصبية وتشنج بغرض تمرير المشروع ، وكان لهذه الصحفية نصيب الأسد، فأظهرت حماسا منقطع النظير، ودافعت عنه بكل قوة، وصبت جام غضبها على أهل العلم والدين، ووسمتهم بالشذوذ الجنسي، وأنهم يستلذون بنكاح الرضيعة ومن هي في سن الحضانة، كنوع من التنفير والتبشيع والتشهير، ولم تبال بأحكام الإسلام وفقه أئمة المسلمين وعلمائه السابقين واللاحقين، وهذا التشنج والحدة إزاء أحكام الإسلام وحملة الشريعة يتناقض مع ما تنادي به من ديموقراطية وحرية، وكان الأجدر بها وبمن يشاركها في هذه القضية الوقوف بحزم في وجه هذه القرارات الجائرة التي تمنع المرأة حقها في الزواج الشرعي حتى تبلغ هذا السن في الوقت الذي تبيح فيه الزنا برضى الطرفين تحت أي سن، أي عاقل يرضى بهذه السخافة والانتكاس؟ ( أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون)، إنها شريعة الغاب وحثالة أفكاردعاة الرذيلة ومنتكسي الفطرة السليمة وشذاذ الآفاق.

وتمادت هذه الصحفية الثائرة على القيم والمبادئ فاخذت تمجد العهد السابق لحكومة الجنوب الماركسية الملحدة، وتنعتها بأفضل الألقاب وأجمل الألفاظ، وتحسرت على ذاك الماضي الحضري المدني الحداثي في تصورها استغفالا لصغار السن، وتنكرا لكل الشرفاء والفضلاء والشهداء الذين عانوا من جراء الإلحاد والبطش والقهر الذي رزح تحت ظله ملايين اليمنيين في عصر يوصف بأنه من أحلك العصور الظلامية التي مرت بالبشرية على امتداد تأريخها .

وحانت فرصتها في الأحداث الأخيرة المسماة بثورة الشباب لتتسلق على الظهور ، وتركب موجة الثورة، وتتصرف حيالها وكأنها القائد الفعلي لها متجاوزة كل الأطر والحسابات، بل تجرأت فأنشأت مجلسا وطنيا دون مشاورة للمؤثرين الفعليين في الأحداث، فمات هذا المجلس في مهده، ومن خلال مشاركتها في الاعتصامات والمسيرات يظهر أنها لاتبالي بسفك الدماء، وترى أن ذلك من متطلبات الثورة، وكل همها أن تكون رائدة وقيادية فيها؛ لتدخل التأريخ من أوسع أبوابه. وخير لها ولأمثالها القرار في البيوت وبناء أسرهن بدلا من مزاحمة الرجال والاختلاط بهم وليدعن الحياة العامة لأصحابها وذوي الرشد والحصافة .

وجاءت المفاجأة القاتلة لتزيد من غرورها وغيها، فيعلن من هولندا فوزها مع أخريات من أفريقيا بجائزة نوبل للسلام لهذا العام، ومن ثم انهالت عليها التهنئات والتبريكات من شتى أنحاء المعمورة، وعلى جميع الأصعدة وتسابقت الفضائيات لأجراء المقابلات معها فاظهرت من خلال هذه المقابلات قوة ارتباطها بالدول الاستعمارية وتلقيها للمعونات المادية والمعنوية من الخارج لتموين أنشطتها وبرامجها، وظهرت ملتحمة في صورة تذكارية تجمعها بسفراء الدول الأوربية المعتمدين في صنعاء، وكشفت عن رسالة وجهتها إلى الرئيس الأمريكي تشيد به وبدور أمريكا في نشر قيم العدالة ومناصرة الحقوق الإنسانية في العالم على حد زعمها متناسية قتل مئات الآلف من البشر في العراق وأفغانستان على يدي الجلادين الأمريكان والمشاركة في قتل الفلسطينين وتهجيرهم وإذلالهم واحتلال أراضيهم، وانخدع السذج والعامة من أبناء اليمن بهذه الصورة المبهرة، في حين أن هذه الجائزة يهودية بامتياز، وتخدم قضايا اليهود، فقد نالها زعماء الصهيانة قتلة أبناء فلسطين والجاثمون على أرضها المباركة وزعماء أمريكا ومن سار في فلكهما من زعماء الدول العربية، ونالها الملحد نجيب محفوظ تشجيعا له على جرأته في إظهار الإلحاد والطعن في خاصرة الأمة .وموقف الشرفاء من هذه الجائزة من كونها يهودية وتدور في هذا الفلك ظاهر وجلي، وتستهجن كل عام كحقيقة مسلم بها، لكن هذه المرة انقلبت المعادلة لتصبح الجائزة وساما وشرفا يعتز به من قبل البعض، وكأن انشغال الناس بالثورة وإعجابهم بموقف كرمان منها أنساهم خلفيات هذه الجائزة وخبايها، وهذا عذر قديكون مقبولا من عامة الناس الذين يتأثرون بأي مظهر، لكنه غير محتمل بتاتا من المثقفين والمفكرين وبالأخص الإسلاميين منهم .

وفي هذه المرحلة بالذات بات لزاما على قادة الإصلاح الوقوف بحزم ضد ما تقوم به هذه المرأة من نشاط مشبوه وتطاول على ثوابت الأمة وحرماتها وعفاف المرأة المسلمة وحجابها والزج بها إلى الاختلاط والبروز، مما يعني هدم كيان الأسرة المسلمة، وإضعاف هيبة الولاية والقوامة، إضافة إلى وجوب قصرها على عدم المساس بمصادر الشريعة كتابا وسنة، وحفظ جناب علماء الأمة من التطاول عليهم أو المساس برصيدهم الفقهي والعلمي، فإن عجزوا عن توقيفها فالتبرؤ منها ومن أفكارها وأفكار من يسايرها علانية هو المتعين؛ لأنها محسوبة على هذا الحزب الاسلامي الكبيرالذي نكن له الاحترام والتقدير، ويجب أن تسري هذه التصفية فتشمل كل ناعق بالفكر التجديدي العقلاني المشوه لتعاليم الإسلام الحقة، وأن ينضبط الجميع بمقرارت الشريعة وبقيم الأمة وثوابتها، قبل أن يستفحل الأمر فتتغير معالم الحزب وينحرف مساره .

كما أوجه دعوتي إلى الكاتبة بالرجوع إلى جادة الصواب والالتفاف حول العلماء الربانيين الصادقين، والبعد عن مواطن الشبهات، فلأن يكون الانسان ذيلا في الحق خيرا من أن يكون رأسا في الباطل ، ولأن تقتدي بأمهات المؤمنين وفضليات المؤمنات خير من أن يكون رائدها أمثال هدى شعراوي وسعداوي وعلي عبدالرازق وطه حسين وسعد زغلول وغيرهم ممن لفظهم المجتمع المسلم، ويذكرون بأسوأ الذكر بسبب دعواتهم المضللة، وليعذرني القراء الكرام إن كان هناك حدة في الأسلوب أو قسوة في الحكم فإن الدافع هو الغيرة على محارم الله والخوف من التمادي في الباطل حتى يتوهم أنه حق، ولم أر حاجة لتوثيق كلامها فآراؤها مبثوثة ضمن مقالاتها ومقابلاتها ، والله المستعان.

عدد القراءات : 2985
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات
منتظر الشروق
للأسف أن كاتب هذا المقال يهدف الى الانتشار من خلال مهاجتة لهذة القامة الشامخة التي أنجزت الكثير من أجل أمتها وحائزة على أعلى تقدير يقدمة العالم لمن يبذل الجهد في سبيل رفع المظالم عن أمتة وغيرهم
منتظر الشروق
في الحقيقة أن الانسان لا يستغرب خروج مثل هذة التنظيرات التي تهدف الى الأقلال من شأن الاخرين وزجهم في دائرة الشبهة . ولكن قد فأت الاوان . فأن تلك التنظيرات قد تم كسر شفرتها وكشف طلاسمها . أنشر
منتظر رفع الجهل عن ..
بهذه البساطة ترد المقال وتهاجم كاتبه حكم عقلك وتدبر ما كتب ولا تكن إمعة لا رأي لك.