احدث الاخبار

غزوة بدر الكبرى مدماك التأسيس الأكبر لرسالة التغيير

غزوة بدر الكبرى مدماك التأسيس الأكبر لرسالة التغيير
اخبار السعيدة - كتب - الشيخ / الحسين بن أحمد السراجي         التاريخ : 19-08-2011

حياة بائسة في عالم الضلال :تضاءلت علوم النبوءات والشرائع السماوية الهادية وخَفَت نورها وحُرِّفت تعاليمها واستبدلت أسسها ومعالم خيرها بالخرافات والأساطير والبدع والضلالات , واستبد الهوى والنزعات بالأحبار والرهبان الذين عاثوا في شرع الله وتعاليمه وهداه فساداً وإلحاداً وكفراً وشركاً ـ أولئك قتلة الأنبياء والرسل من يهود ونصارى ـ وتحول النور إلى ظلام , والخير إلى شر محض , والهدى إلى ضلال , والتقوى إلى بدع وضلالات , والإيمان إلى كفر, والصلاح إلى فساد أفرز عالما ً من الإقطاع والمستبدين الذين استهزؤوا بتعاليم السماء , وانحرفوا عن مسار الحق يأكلون أموال الناس بالباطل , ويستعبدون الأحرار ويسيطرون على الخيرات .
انقلب الوضع رأساً على عقب , فلا رب يعبد , ولا دين يدان به , ولا أحكام شرعية عادلة تُسَيِّرُ شؤون العباد وترعى مصالحهم .
العدل غاب أو غُيِّب , والحقوق غابت في متاهات النزاع الطائفي والعنصري , والظلم والبغي والعدوان والقهر معاول هدم قضت على ما تبقى من معالم إنسانية وخيرية , لا صوت فيها يعلو على صوت الجبروت والطغيان وشريعة الغاب .
العالم كله يسير نحو الهاوية .
الجزيرة العربية بأعرابها الغلاظ الأجلاف آلهتها مجموعة من الأصنام الحجرية التي يصنعها عابدوها بغباء منقطع النظير .
« أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون « المائدة :50( وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً فقالوا هذا لله بزعمهم  وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون ) الأنعام : 136
إشراقة عالم جديد :
مع كل ذلك التخبط كان لابد من إشراقة عالم جديد يعيد للحياة رونقها وللإنسان قيمته .
•   آن  لهذا العالم أن يفيق ولمجريات حياته أن تتغير, وللبؤس والشقاء أن ينتهي , ولعالم الظلم والطغيان أن يجتث من أصوله .
•   آن للأحجار والآلهة التي  تعبد من دون الله أن تتحطم ,ولكرامة العبد الضال أن تعود, وللطغاة والظلمة أن يسقطوا عن عروش الاستكبار والاستهبال,وللأحبار والرهبان والقساوسة وأصحاب الدجل أن يأفل نجمهم .
العالم بحاجة ماسة للتغيير. إنه زمن النبي الموعود الذي بشرت به رسل الله وأنبياؤه والعقلاء والحكماء والأحناف المغمورون ينتظرون سطوع نجمه وحلول زمنه . ورحمة الله ولطفه بعباده قد اقتضت ضرورة التغيير .
محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم كان هو القائد الذي اختاره الله تعالى لحمل رسالة التغيير,وهو النبي الذي اصطفاه الله من كافة البشر؛ ليكون حامل رسالة التوحيد القاضية على الشرك  والطامسة لمعالم الضلال .
« لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم « التوبة :128
مرحلة التأسيس والمعاناة :
لم تكن الأرضية لتأسيس رسالة التغيير مفروشة بالورود , وإنما كانت محفوفة بالأشواك والمخاطر. أبرز ما فيها الأذى والقتل والتعذيب والتنكيل والتشريد والطرد والتهجير لحامل لواء الرسالة وكل أتباعه العقلاء ـ وهم قلة ـ والسواد الأعظم من الفقراء والبؤساء والمستضعفين والمظلومين المضطهدين , وعلى رأسهم الموالي والعبيد الذين رأوا في هذه الرسالة الخلاص من كل المظالم والمتاعب وهدر الكرامة والأمل في عودة قيمة الإنسان ومكانته الطبيعية التي خلقه الله لها ومن أجلها .
تحملوا صنوف العذاب والتنكيل وألوانه وذاقوه بكل مراراته وقهره تضحيةً وفداءا ً لدين رأوا فيه طوق النجاة من حياة البؤس والشقاء .
لم يسلم الهادي محمد صلى الله عليه وآله من الأذى والاتهام والحصار وما أقله بأنه ساحر ولا أكثره حصار الشعب لثلاث سنوات متواليات و دماء قدميه , والتآمر على حياته .
كل ذلك لم يثنه ولم يفت من  عزائم أتباعه , وإنما زادهم صلابة ويقينا بضرورة التضحية بالأنفس والأموال وفلذات الأكباد .
« رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا « الأحزاب : 23
خرج النبي (صلى الله عليه وآله) إلى الطائف , وهاجر أنصار الدين الجديد المستضعفون إلى الحبشة مرتين وكُلِّلت بالهجرة الكبرى إلى يثرب .
مرحلة البناء (التاريخ العسكري الجهادي):
استقر النبي (ص وآله ) وأنصاره بيثرب التي اتخذها عاصمة للدين الجديد , ومركز انطلاقة الدعوة الإسلامية في كل الاتجاهات .
في يثرب لم تكن الأمور على ما يرام ولم تكن الرسالة في مأمن ؛ فالمخاطر صارت أكثر خطورة من ذي قبل فالمؤامرات تحاك من الداخل ( المنافقون واليهود ) , ورموز الضلال والشرك يخططون ويؤلبون ويستعدون القبائل المشركة على الدين الجديد , ومن فقدوا مصالحهم وطغيانهم يتوقون للقضاء على الإسلام وقتل أتباعه .
أسس النبي (ص وآله ) المجتمع الفاضل الذي ذابت معه كل النعرات والعصبيات والفوارق الاجتماعية فآخى بين المهاجرين والأنصار ونظم علاقاتهم وبنا رجالاً عظماء لن يجود الزمان بمثلهم : علي بن أبي طالب , وزيد بن حارثة , وأبو بكر, وعمر, وأبو ذر, وحمزة , وجعفر, وأبو عبيدة , والزبير , وطلحة , وابن عوف , وسعد , وأبو سلمة , وابن مظعون , وعثمان , والأرقم , وعبيدة , و خباب , وابن مسعود , وعمار , وبلال , وابن عبادة , وابن معاذ , ومعاذ بن جبل , والمقداد والقائمة تطول بالمخلصين .
ومن سيكون مثل : خديجة , وأم أيمن , والزهراء ؟
مرحلة سياسية فاصلة , وقائد محنك بارع , تلتها ضرورات تثبيت أسس الرسالة , وضمان ردع من تسول لهم أنفسهم التآمر والقضاء عليها واجتثاث شأفتها ومن هنا كان لزاماً على العصبة المؤمنة أن تتجه أنظارها نحو مهبط الوحي الأول ؛ حيث الكعبة البيت الحرام ( مكة ) معقل عتاولة الشرك ورموزه .
أ ـ السبب :
بلغ النبي (ص وآله) أن قافلة تحمل ثروة هائلة لقريش قادمة من الشام يقودها أبو سفيان فقال للمسلمين : هذه عير قريش فيها أموالهم , فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها .
تحسس أبو سفيان الأخبار حين دنا من الحجاز, وهناك بلغه استنفار رسول الله وأصحابه لغنيمة القافلة , فغيَّر طريقه ونجا , وعندما بلغ الأمر قريشا استنفرت كل طاقاتها , ونفخ الشيطان رؤوس عتاولتها فاستكبروا وأرعدوا وأزبدوا واستعدوا لحرب رسول الله وأصحابه وتأديبهم , وخرجوا بكامل فرسانهم وقادتهم وعتادهم وآلات حربهم يفوق عددهم عن الألف معهم سبعمائة بعير ومائتي فرس .
ب ـ النبي يتهيأ للحرب :
 استخلف النبي (ص وآله) على المدينة أبا لبابة حيث رده من الطريق , واستخلف على الصلاة ابن أم مكتوم , ودفع اللواء الأبيض إلى مصعب بن عمير, ودفع رايتين سوداوين إحداهما لعلي بن أبي طالب والأخرى لسعد بن معاذ وخرج بثلاثمائة أو يزيدون قليلا , كلهم يحبون الموت عشقاً للشهادة وطلبا ًللجنة في موقف تاريخي من أروع ما سمع الإنسان ووعى .
النبي ينقل لأصحابه  حقيقة الأمر , يختبرهم ويستشيرهم في آنٍ مبدياً لهم حجم قوة قريش وعددها وعتادها , فيقوم أبو بكر وعمر فيتحدثان حديثاً حسناً ثم يقوم المقداد فيقول :
يا رسول الله إمض لما أمرك الله فنحن معك والله لا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى : « فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون « المائدة : 24 ,ولكن إذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون , فوا لذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى بَرَك الغماد (1) لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه .
أما سعد بن معاذ فقال : والذي بعثك بالحق , لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد , وما نكره أن تلقى بنا عدونا غداً إنا لصُبُرٌ في الحرب صُدُقٌ عند اللقاء لعل الله يريك منا ما تقرُّ به عينك فسِر بنا على بركة الله .
النبي في بدر :
 نزل رسول الله (ص وآله) والمسلمون قريبا من بدر ( العدوة الدنيا ) (2), وقريش كانت قد نزلت (بالعدوة القصوى ) ( 3)
« إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم ولوتواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي الله أمرا ً كان مفعولا ً ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم « الأنفال : 42
إنها أخطر اللحظات في تاريخ الإسلام .إنها اللحظات الحاسمة حيث تأهب المسلمون لخوض المعركة , وقضوا ليلا هادئاً. تغمر الثقة قلوبهم , ويغشاهم النعاس والرحمة , وتمطرهم السماء مطرا ً خفيفاً يلطف لهم الجو , ويثبت الله أقدامهم :
« إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماءً ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام « الأنفال : 11
الموعد :
 صباح يوم السابع عشر من شهر رمضان من السنة الثانية للهجرة . المؤمنون ثابتون يستغيثون الله ويطلبون النصر والمدد حولهم والنصر حليفهم :
« إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين. وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم « الأنفال : 9ـ10
الأولياء والأشقياء وجها ً لوجه : تقابل الجمعان وبرز ثلاثة من أشقياء الكفر والإضلال : عتبة , وشيبة ابنا ربيعة , ولوليد بن عتبة , وطلبوا أن يخرج لقتالهم أكفاؤهم . فخرج إليهم ثلاثة من رجالات الأنصار فرفضوا قتالهم إلا أن يكونوا من قريش .
دعا الرسول (ص وآله) علياً وحمزة وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب , وتقابلوا فارساً لفارس علي قابل الوليد فقتله وحمزة قابل عتبة فقتله , واختلفت بين عبيدة وشيبة ضربتان وسقطا جميعاً , فأجهز علي وحمزة على شيبة , وذهب عبيدة شهيداً في سبيل الله .
اشتداد المعركة :
كانت الجولة الأولى لصالح المسلمين مما أغضب قريشاً فالتحم الفريقان وحمي الوطيس ووقف النبي يبتهل ويناجي ربه داعيا ً :
« اللهم إن تهلك هذه العصابة ـ يريد أصحابه ـ لا تعبد بعدها في الأرض اللهم أنجز لي ما وعدتني به « .
اشتد القتال واحتدم الضراب ورسول الله (ص وآله) يقاتل أشد القتال ويقوي عزائم أصحابه « والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا ً محتسبا ًمقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة « .فعانق المسلمون المنون بنفوس راضيةٍ مطمئنة ٍواستبسلوا في القتال , وأنزل الله الملائكة تثبت ضربات المؤمنين فتهاوت رؤوس الشرك أمام  ضربات علي وحمزة وبقية المجاهدين وراع قريش هذا المنظر وأخذها الفزع , وصاح النبي (ص وآله) فيهم « شاهت الوجوه « فانهزموا وتبعهم المسلمون , والحق جل وعلا يصور المشهد : « إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان . ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب . ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار » الأنفال : 12ــ14
النصر المؤزر :
 انجلت المعركة عن سبعين قتيلا ومثلهم أسرى. قتل على يد الإمام علي منهم جماعة كبيرة من صناديد قريش على رأسهم : الوليد بن عتبة , والعاص بن سعيد بن العاص , وعامر بن عبد الله , وطعمة بن عدي , ونوفل بن  خويلد , وزمعة بن الأسود , وغيرهم , مما جعل قريش تطلق عليه لقب ( الموت الأحمر ) .
قال العلامة ابن الأمير رحمه الله في روضته الندية :
من ببدر فلق الهام وقد       هام في الشقوة من كان شقيا ً
وانجلت المعركة بنائحة أسياد قريش وأشرافها غير من ذكرنا من قتلى الإمام علي : أبي جهل , وعقبة بن أبي معيط , وأمية بن خلف , وحنظلة بن أبي سفيان , وعتبة بن ربيعة , والنضر بن الحارث وغيرهم , بينما كان شهداء المسلمين أربعة عشر شهيدا ً فقط .
« كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين « البقرة : 249
« ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون « آل عمران :123
دروس بدر وعبرها :
امتلأت فصول معركة بدر ومشاهدها بالدروس والعبر التي استخلصها المسلمون آنذاك ونعيها نحن اليوم لنتساءل :
عدد المسلمين : ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً وعدد قريش : يزيد على الألف .
عتاد المسلمين : سبعون بعيراً وفرس أو فرسان , وعتاد قريش : سبعمائة بعير ومائتا فرس .
تسليح قريش يفوق تسليح المسلمين عتاداً وعدة .
فأي أمل لهم في النصر على أعدائهم ؟
وللإجابة على هذا التساؤل استخلاصاً لدروس وعبر هذه المعركة يمكن النظر في هذه الأمور :
• المسلمون تحركهم مشاعر العقيدة وتدفعهم التربية النبوية القرآنية التي ملأت جوانحهم حباً للشهادة في سبيل الله, وهذا الدافع مفقود عند أعدائهم .
• المسلمون تدفعهم مظلوميتهم التي واجهوها ولا قوها من قريش قتلاً , وتعذيباً , وتنكيلاً , وتشريداً , ونهباً لممتلكاتهم , وحقوقهم , وقريش هي الظالمة لهم .
• المسلمون جميعاً ـ مهاجرون وأنصار ـ في موطن الاختبار للدفاع عن رسول الله ورسالة التوحيد , وهذا عمل مهم ؛ بينما تدافع قريش عن طغيانها وكفرها .
• المسلمون يقاتلون وهم يتضرعون لربهم طالبين النصر , والعون , والتثبيت , والمدد , لإرساء دعائم الدين وقريش تقاتل طالبة النصر من أحجار تعبدها وخمر تشربها وبغايا تعاقرها والصلة والوثوق بالله عند المسلمين ترفع المعنويات وترتقي بالعزائم .
• المسلمون يقاتلون وهم أمام خيارين : النصر أو الشهادة ( يحبون الموت كما تحب قريش الحياة ) وهم أيضاً يعلمون بيقين تام أن أسس الدين وأركانه تعتمد على هذه المواجهة لذا لا بد من الثبات والصبر, فلا فرق بين الحياة والممات , وهذا خلاف ما تؤمن به قريش .
• النبي (ص وآله) كقائد رباني حكيم اعتمد في إدارته المعركة على التعبئة الإيمانية التي رفعت معنويات المسلمين خلال المعركة وهو يقاتل معهم وإلى جوارهم يفتديهم هو أولاً , وهذه البراعة ضاعفت الحماس , وألهبت مشاعر المسلمين .
• المسلمون أمام امتحان صعب وعليهم أن يثبتوا أنهم حملة مشاعل الهداية , والأمل المنشود للأمة وللأجيال المتعاقبة .
ختاما ً :
سلام على أهل بدر وعلى الدين الذي رباهم رسول الله (ص وآله) وعلى الشهداء الأبطال الممجدين الظافرين الذين ضحوا بأرواحهم ومهجهم من اللبنة الأولى للإسلام وحتى تقوم الساعة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:-
(1) برك الغماد : موضع باليمن .

(2) العدوة الدنيا : جانب الوادي القريب من المدينة .
(3) العدوة القصوى : جانب الوادي البعيد من المدينة.

عدد القراءات : 3472
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات