احدث الاخبار

شباب الثورة.. صنعاء ليست القاهرة

شباب الثورة.. صنعاء ليست القاهرة
اخبار السعيدة - كتبت - رشا ناصر القيفي         التاريخ : 24-07-2011

قد يستغرب البعض عنوان المقال، ففي مقال سابق لي كتبت مخاطبة الرئيس ومحذرة له من  محاولة جر البلاد للعنف ومحاولة تطبيق السيناريو الليبي مذكرة إياه بالفوارق بين اليمن وليبيا ,,,, وهنا أحاول أن أقوم بالمثل مع إخواني الشباب في الحديث عن حسم الثورة والقرارات السياسية والثورية.

 

 شباب الثورة لقد صورت الثورة اليمنية، ملامح القدرات الفردية للشباب في الساحات، كما صورت ووضحت حب اليمنيين لليمن، بكل طوائفهم شباب مستقلين، شباب متحزبين، أو حتى مواليين للنظام. وأنا هنا عندما أقول مواليين للنظام لا أقصد من تعدى على أرواح وممتلكات الناس بالقتل والتخريب ولكن اقصد من وقف في صف النظام يدعو للتغيير على أساس الحوار.. حتى من أبناء الجنوب الذين كانوا ينادون بفك الارتباط والذين خفتت أصواتهم مع بدء الثورة في انتظار أن ينصفوا ويؤخذ لهم حقهم... إلا ان ما كان غيابه ظاهراً، هو العمل الجماعي والقيادة الثورية وخلق الاصطفاف الشعبي، ويرجع ذلك لأسباب عدة نذكر بعضها هنا كفوارق بين اليمن ومصر، صنعاء والقاهرة حتى يتسنى لنا استدراك أخطاءنا:

 

-قفزات مطالب شباب الثورة

 

لم تبدأ مطالب الشباب في صنعاء كما بدأت في القاهرة بحيث تتمكن من جمع أكبر قدر ممكن من شرائح المجتمع اليمني حولها، فهي وإن بدأت برفض مشروع التوريث إلا أن مطالبها تصاعدت وبسرعة متأثرة بالأحداث من حولها، فكان رفضها للحوار  والاستماع وتنازلات النظام غير منظم وأسرع مما يجب "علماً بأننا نعلم جميعنا أن النظام لم يكن صادقاً فيما قال" حتى وصل الشباب بمطالبهم لمحاكمة النظام قبل أن يتم إسقاطه، الأمر الذي زاد من تمسك النظام بسلطته وقتالها دفاعاً عنها فكلما تأزم الوضع أكثر كلما رضخ الثوار لشروطه

 

 -الخطاب السياسي للثوار وخطاب النظام

 

كان الخطاب السياسي للثوار في مخاطبة المجتمع خطاب للعقل والوعي  وخطاب مثقفين وخطاب يخاطب عقول سياسية، ولا ألومهم على ذلك فالشباب لازالوا في طور فهم طرق التعامل، إلا ان النظام الذي يعلم  وخبر الشعب اليمني كثيراً استخدم خطاب استفزاز المشاعر، وخاطب القلوب، فأهل اليمن أرق قلوباً وألين أفئدة، فكان خطاب النظام أقرب لقلوب العامة من خطاب الشباب.

 

-الواجهات الحزبية

 

 تصدر تمثيل الثورة الشبابية، الشباب المتحزب، لأن الشباب المستقل جديد على التجربة السياسية،  الأمر الذي شكل أزمة ثقة بين الشارع والثورة الشبابية، فالشارع الذي لا يثق في المعارضة أصلاً ولا قياداتها ولا يرى فيها أي اختلاف عن النظام، بل في بعض الأحيان يراها أسوأ من النظام....لم يستطع ان يثق في ان الثورة شبابيه... بالإضافة الى بعض تصريحات المعارضة الغير محسوبة والتي كانت عبئً على الثورة  وحملاً عليها..

 

 -مجزرة الكرامة والصدمة

 

مجزرة الكرامة الضربة القاصمة للنظام, فشل الشباب في استغلالها، من خلال استنفار واستفزاز الشارع بالتصعيد المتواصل..... هدوء الشباب وانضمام الكثير من أصحاب الملفات التي تحمل الكثير من علامات الاستفهام وفي طياتها كثير من الخطوط الحمراء تحت كلمة فساد.... ممن كانوا من أركان النظام السابق للثورة .... والذي لم يكن الإشكال الرئيسي ولكن الترحيب الكبير حيث تجاوزت حيا بهم, لتصل الى  تشرفنا بهم, الأمر الذي جعل الناس تفقد الثقة في أفضلية ما قد تأتي به الثورة.

 

 كل هذه العوامل أدت الى خلخلة الاصطفاف الشعبي، ما حدث للرئيس وموقف الشباب والاحتفال كان مأساة من المآسي التي أصابت ثورة الشباب, وبغض النظر عن كل ما فات فلازال هناك عدة عوامل للتفريق بين صنعاء والقاهرة.

 -الجيش

ليس الجيش اليمني بأقل وطنية من الجيش المصري, إلا ان الولاءات في اليمن تختلف عنها في مصر، فالولاء في اليمن للأسرة... القبيلة... الحزب..... ثم الوطن.... وعليه فإن الانقسامات الحادثة في جيش الأسرة الحاكمة وليس جيش الدولة هي مشكلة من مشاكل الحسم الثوري.

 

 -المناطقية والسلاح

 

 إن طول عمر الثورة قد سمح لكل حزب وجماعة ان تعود لتغرد خارج السرب؛ وسمحت للنظام بخلخلة صفوف الثورة التي لم يكن لها مجلس قيادي واحد، حيث لا يمكننا ان نطلق على  اللجنة التنظيمية الخدمية مجلس قيادة معترف به فعلياً. لآن اليمن كما كان قبل بدء الثورة مهدد بالانقسامات في ظل كثرة الحركات الداخلية... وبسبب استئثار مناطق على مناطق للسلطة والثروة، ولهذا فإن أي حل سيطرح وأي حكومة ولو انتقالية ستبني على الوضع الحالي لن  تستطيع التقدُم خطوة واحده.

 

 -الجارة الشقيقة

 

 ان ما تمر به اليمن من أحداث؛ والتدخل الخارجي الذي تمارسه الشقيقة الكبرى من فرض وصاية واضحة على الثورة من خلال  المبادرة السعو اماراتية من جهة، ومن خلال تقديمها الدعم المادي والمعنوي للنظام، الذي ينبثق في الأساس من مراعاتها لمصالحها في اليمن، كما  كانت طول فترة ما بعد الامامة، وذلك حفاظاً على المساحة الجغرافية من أرض اليمن التي ضمت اليها، وان يظل خاضعا لها من الناحية الاقتصادية.

 

-أزمة الثقة

 

 تعتبر أزمة الثقة بين الرموز القديمة والشارع ، وبين الشمال والجنوب، وبين الأحزاب وبعضها البعض، وبين الآراء والإتجاهات المختلفة هي أكبر مطب تمر عليه الثورة في اليمن, فمثلاً لم يتطهر المنضمين للثورة من فسادهم، ولم يعلنوا قبولهم لرد المظالم، الأمر الذي يجعل من الصعب على أصحاب المظالم الجلوس معهم على طاولة حوار وحديث...لأنه تنازل ضمني عن المظالم.

 

 وعليه فإن الحسم الثوري في اليمن لن يتحقق إلا بجمع الناس في صف واحد، وهو الأمر الذي يبدوا صعباً للغاية، بينما يبدو الحسم السياسي للأحداث هو الأقرب للمنطق، وعلى الثوار أن ينظموا أنفسهم لحصول تمثيل سياسي لهم يحقق الدولة المدنية ويحمي البلد، الأمر الذي بالتأكيد لن يتم دون تبني مشروع سياسي متكامل يحدد ملامح الدولة القادمة.

 

-المجلس الانتقالي

 

إن إعلان المجلس الانتقالي بهذه الطريقة الارتجالية -ودون تخوين أي من الشخصيات أو الاطراف التي أعلنته أو تبنته اعتقاداً منها أنه سيعمل على تحريك المياة الراكده، أو انه سيحقق نقلة نوعية في العمل الثوري نقول: ان عمل شباب الثورة وحدود اختصاصهم حتى الآن هو الثورة وليس الدولة، فالنظام لازال قائم فعلياً، وعليه فإنه تصرف متهور  حيث لم يستشير كافة شباب  الثورة، وأتى سابقاً للحاجة إليه، فخلق نظامين في دولة يعني وقوع حرب بين  النظامين لا مفر منها.

 

 وجاءت ردود الفعل من خلال البيانات الصادرة من بعض التكوينات والحركات السياسية، والتي كانت تعبر عن الرفض والتحفظ على المجلس.

 

يا عقال اليمن... يا مشائخ القبائل فلتعيدوا للقبيلة مكانتها التاريخية، ولتجتمع القبائل لإيجاد مصالحة، فلا تكونوا ما بين موالٍ لهذا وموالٍ لذاك، وأعلموا أن الصلح لما فيه مصلحة البلاد وأهلها فيكفي اليمن أزمات أمنية.... ستحتاج اليمن الى وقت طويل للتخلص منها.

 

 يا شباب الثورة عليكم ان تكونوا العقل السياسي المتزن في اليمن فهي لا تتحمل تهورات ولا أطماع أصحاب المطامع.. قفوا صفاً واحداً وأوجدوا قيادة موحده تستطيع إخراج البلد من المأزق السياسي الذي وقعت فيه جراء تداعيات تصرفات النظام اللامسئولة، وتصرفات معارضته اللامسؤولة، ولا تتوقعوا دولة مدنية من أحزاب المعارضة هي الوجه الأخر للحاكم، التي لم تتغير منذ أن كنتم صغارا.

عدد القراءات : 4039
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات