إحذروا ... جَوْعَتِي
شبعنا خصومة , مللنا الغمز واللمز والملاعنة , شبعنا تشفٍّ وتَشَهٍّ لروح الإنتقام , ضقنا بألاعيب الساسة , سقطت الأقنعة وظهر العوار .ليس من ضحية سوى الوطن , ليس من مجني عليه سوى فقراء وبسطاء وبؤساء اليمن , هم من يدفع فاتورة هذا الصراع :
• أنا من تعطلت سيارتي .
• أنا من يأتي البترول فيتنازعه المتنفذون والبلاطجة .
• أنا الواقف في السرب منذ أسابيع دون الحصول على قطرة من بترول – السيارات الواقفة في الأسراب هي سيارات الفقراء أما الفارهة فلها سوق سوداء ولديها مال تشتري بأي ثمن .
• أنا الذي تلف زرعي وضاع محصولي بسبب انعدام الديزل .
• أنا الذي صرت في أمس الحاجة للماء بعد تعطل الأبار وتوقف الضخ في البساتين والسُبُل وحتى المساجد أغلقت أبوابها ووايت الماء تجاوز حاجز العشرة آلاف ريال .
• أنا الذي أقف وزوجتي وأطفالي أمام حنفيات ماء ما تبقى من سُبُل تضخ الماء في طوابير تشبه أسراب السيارات أمام محطات البترول .
• أنا الذي يعاني من الكهرباء التي أتلفت أكلي وشربي .
• أنا من ضاق بالقذارات المكدسة في الشوارع والحارات بعد توقف عربات نقلها بما قيل إن السائقين بعد تعبئتها بالديزل يقومون بشفطه وبيعه للمواطنين .
• أنا من تمتص حيتان التجارة وأغوالها ما بقي من دم في عروقه وتأكل ما تبقى من جلد يكسو عظمه .
• أنا من يعاني البؤس والفاقة , والفقر والحاجة , الجوع والذل والهوان .
ليس هناك من يدفع فاتورة الصراع وثمن الخصومات والمناكفات وألاعيب السياسة وبشاعة الحرب غيري .
• أنا المتضرر الوحيد من هذا الصراع بكل أنواع الضرر .
• أنا الضحية لأقطاب يرفعون قميص عثمان باسمي لأكتشف أني ورقة التوت التي سقطت في الخريف . واكتشفت أن هؤلاء الأقطاب لا يحسون بمعاناتي ولا يسمعون أنيني ولا يعلمون أوجاعي , إنهم في غمرة الصراع ونشوة الحديث عن تحقيق النصر وإرغام الخصم على التراجع .
جَوْعَةُ شعب :
الشعب اليمني أثبت أنه يمتلك طاقات كبيرة من الصبر , لكن هذا الصبر قد ينفد وثورة الجياع قد تنطلق في لحظة ما , الثمن الذي يدفعه الشعب المظلوم الصابر الذي يتجرع المرارات قد يتحول وبالاً على قوى الصراع ورحم الله القائل :
إحذر من المظلوم إذا جاع .
الشعب الحكيم الذي يمتلك عشرات الملايين من قطع السلاح لم ينزلق نحو الحرب الأهلية , وقف في وجه الفتنة , يقاوم دعاتها يرفض الإنجرار خلفها , لكنه جائع وجوعه يزداد من يوم إلى آخر .
الشعب الذي يخشاه العالم أسقط الرهانات وخيَّب التوقعات فبهر العالم بحكمته وإدارته لشئونه بنفسه لكن جوعه في ازدياد .
الجوع كافر طوفان جارف كما يقولون والشعب المنكوب بمن لا يشعر بألمه وشدة جوعته قد يتحول فيتغير من حال إلى حال .