احدث الاخبار

دولة النظام والقانون

 دولة النظام والقانون
اخبار السعيدة - كتب - احمد صالح الفقيه         التاريخ : 11-07-2011

منذ قيام ثورة 26 سبتمبر شهد اليمن حروبا أهلية، وانقلابات عسكرية، واتصف الوضع في البلاد بسوء الادارة، وعدم الاستقرار. وتشير إحصائية محلية إلى أن اليمن شهد خلال 33 عاما من حكم الرئيس الحالي علي عبدالله صالح 450 حربا كبيرة وصغيرة اشتبكت فيها الدولة مع مواطنيها.

وما شهدته المحافظات اليمنية من قمع وحشي للمواطنين الذين خرجوا للمطالبة لحقوقهم، وما شهدته صعدة من قصف وقتل وتدمير همجي، وما شهده الجنوب من قمع وحشي للاحتجاجات السلمية بلغ حد القتل والاغتيال ما هي إلا حلقات في مسلسل الطغيان وحكم الطاغية الجاثم على صدور اليمنيين طوال هذه الفترة.

اشترى النظام ولاء  كل راغب ذي نفوذ، قادر على تجنيد الأتباع وحمل السلاح، بغرض إدامة حكمه وتجنب أي معارضة مؤثرة. فجمع في جعبته السلفي والصوفي والجهادي وجعل كلا منهم يغني على ليلاه شريطة ألا تكون ليلاه معادية للنظام. وقلدته قي ذلك المعارضة، الوجه الآخر للنظام، فضم اللقاء المشترك ذلك الخليط العجيب، وظننا أنها خطوة مباركة ينتقل فيها المتناقضون من الاحتراب إلى الحوار والعمل المشترك. وقد اندلقت الجعبة، جعبة النظام وجعبة المعارضة، وخرجت أحشاؤها هذه الأيام، فإذا العسكري المتعصب السلفي الذي طالما كان عصا النظام إلى حليف لمن قتلهم بالأمس عبر التجمع اليمني للإصلاح، الذي اثبت انه تجمع للجهاديين والإرهابيين والسلفيين من كل نحله، وإذا بأحد أعمدته الزنداني ينادي بالدولة الإسلامية وكان إرهابيي أنصار الشريعة والقاعدة في أبين لم يكونوا إلا رجع الصدى.

الإصلاح يقاتل في الجوف لمنع تمدد الحوثيين كما يقول، ويقمع شباب الثورة السلمية بالتعاون مع حليفه الجنرال، ويتشدق بأنه يقود آو يخوض ثورة سلمية في صنعاء، بينما أنصاره يخوضون الثورة السلمية بالسلاح من أرحب إلى نهم إلى الجوف إلى مأرب إلى تعز وأبين.  ما لم يره حلفاء الإصلاح- على سفوره الشديد- فقأ أعين المجتمع الدولي فكان موقفه من الثورة في اليمن انه لن يسمح بتسليم البلاد إلى التجمع الظلامي مهما كان الثمن فأبين خير مثال على سوء المصير.

التجمع الذي طالما كان في هويته ونشأته وتاريخه اداة سعودية في اليمن يتصرف المكون الاخواني فيه بردة فعل على تصريح الامير نايف عقب أحداث الحدي عشر من سبتمبر "ان الاخوان المسلمين سبب كل المشاكل التي عانت منها البلاد" ولكنهم يعملون متلمظين لعودة شهر عسلهم السعودي فيقدمون الخدمة المجانية تلو الأخرى.

دولة القانون:

لقد وضع كثير من الفلاسفة الشروط التي يجب أن تتوفر في السلطة ومن يمارسها . فحسب ارسطو يجب ان تتوفر في من يملكون السلطة المطلقة ثلاثة شروط هي:

1-         الاخلاص لنظام الدولة

2-         الكفاءة لاداء مهام وظائفهم

3-         الفضيلة والعدالة بما يتفق مع نظام الدولة

 ومن الواضح أن الرئيس الذي حكم اليمن حكما مطلق السلطات دون محاسبة لا تتوفر فيه أي من هذه الخصائص؛ فهو وأعوانه لا يخلصون لنظام الدولة ( الدستور) بل يخالفونه باستمرار، واقرب مثال تسخير القوات المسلحة وقوات الأمن لمصلحة الأسرة الحاكمة والسيطرة على مقدراتهما من قبل إفراد الأسرة ضدا على الدستور الذي تحرم مواده ذلك. كما أنهم يفتقرون إلى الكفاءة لإدارة البلاد بدليل انتهاء الدولة اليمنية على أيديهم إلى الفشل. وهو أعوانه يفتقرون الى الفضيلة والعدالة بدليل نهبهم للمال العام بشراهة جنونية لا تصدر إلا عن أعضاء عصابة تفتقر إلى الأخلاق والقيم، إضافة إلى نهبهم لحقوق وممتلكات آلاف المواطنين بدون وجه حق وعلى نطاق واسع وهو من أهم أسباب الاضطرابات في الجنوب اليوم.

أما ثوماس هوبز فيرى في كتابة اللوياثان ان الدولة :

1-         لابد ان تكون تحت سيادة حكومة قوية تكبح جموح الناس واطماعهم.

2-         وان اهم وظيفتين للدولة هي ان تؤكد سياستها في علاقتها بالدول الاخرى وان تحتفظ بسلطتها على مواطنيها.

3-         وانه ليس من المهم ان يحترم الناس السلطة او يحبوها بل المهم ان يرهبوها، وان يقبلوا بها، لانها تؤمن منفعتهم الشخصية بحمايتهم من بعضهم.

اما جون لوك فيرى:

1-         انه بالقانون تكرس مصلحة الفرد، وبواسطته تحمى حقوق الملكية الخاصة والحريات الشخصية، ويقتضي القانون امتناع الدولة عن التعرض لهذه الحقوق.

2-         وان الدولة هي نتيجة الإيجاب وهو بمثابة عقد تنشأ السلطة بموجبه بإيجاب المواطنين.

واعتقد أن أهم أسباب إخفاق الأنظمة العربية وفي مقدمتها اليمن في تحقيق الاستقرار والتنمية والتقدم، هو مزيج من ثلاثة أخطاء مدمرة أوجزها فيما يلي:

1-         ضعف الوعي الدولتي لدى القيادات (فكر بناء الدولة)، فألغت الفصل بين بنية الدولة الدائمة بطبيعتها والسلطة السياسية المتغيرة بطبيعتها، وهذا نتيجة لخروج أركان الدولة على القوانين المتوفرة التي تنص على ذلك.  فانشات أنظمة دول يستأثر بها الحزب القائد، او الرئيس وأهل بيته الأمر الذي أدى إلى تهميش الأغلبية الساحقة واستعدائها، فانعدم كل من الشرعية والاستقرار النابعين من رضا المواطنين، والحكم الرشيد الناشئ عن المواطنة المتساوية، وتكافؤ الفرص.

2-         عدم بناء دولة النظام والقانون التي يسود فيها القضاء العادل العادي القوي بما يحقق سيادة القانون وهيبته، ولجات عوضا عن ذلك الى مخالفة القوانين واعتبارها حبرا على ورق لا يستحق الاحترام ولا يلزمها، أو لجأت إلى إحكام الطوارئ والمحاكم الاستثنائية، وتلاعبت بالهيئات القضائية وحرمتها من الاستقلالية، بل واسوأ من ذلك ما حدث في اليمن من ضخ لضباط الأمن إلى النظام القضائي والنيابة العامة حتى أصبحا مكونين من ضباط الأمن وبنسبة تفوق 80%. وساد صراع على السلطة بين القيادات بسبب فقدان الشرعية، فتكرس حكم مراكز القوى والخروج على القانون، وهو ما ادى الى تعثر التنمية التي تستلزم سوقا موحدة يحكمها قانون سائد على الجميع يشيع الثقة والطمأنينة لدى المستثمرين.

3-         استئثار (الثوار) و الانقلابيين وأشياعهم بوظائف الدولة الحساسة والفنية (أهل الثقة بدلا من أهل الخبرة) وهو ما أدى إلى تهميش ذوي المعرفة والخبرة ودفعهم إلى الهجرة، الأمر الذي أدى بدوره إلى فقدان التراكم المعرفي في بنية الدولة وانقطاعه، وهو ما كان سببا في كثير من السياسات والمغامرات والقرارات الخاطئة في مختلف المجالات وأوصل هذه الدول إلى مهاوي الفشل في آخر المطاف.

عدد القراءات : 2373
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات