احدث الاخبار

نداء عاجل إلى أهل اليمن ....

نداء عاجل إلى أهل اليمن ....
اخبار السعيدة - كتب -الدكتور / محمد عبدالله عايض الغبان         التاريخ : 03-07-2011

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:فلقد آلمنا وأزعجنا ما وصلت إليه الأمور في بلادنا ، من تأزم في المواقف إلى حد ينذر بمواجهات حتمية بين كافة الفرقاء، وعلى أكثر من صعيد في صورة قاتمة لا يعلم نتائجها إلا الله تعالى.

ولقد حذر أهل العلم والرأي فور بداية الأحداث بأن ما يجري من فوضى وتظاهرات واعتصامات وملاسنات كلامية وتهييج للشارع عواقبه ستكون وخيمة، وإذا انفرط العقد فسيصعب حينئذ التئامه .وهذا ما بدت بواده تظهر علانية ،حتى أصبحنا على حد قول الشاعر:

أرى خلل الرماد وميض جمر ... فيوشك أن يكون له اضطرام

فإن النار بالعودين تذكى ... وإن الحرب أولها كلام.

و الوضع الراهن تجاوز هذه المرحلة ، فلم يعد الكلام وحده هو سيد الموقف ،بل تبع الكلام احتراب ومناوشات وقتلى وجرحى تدمي القلوب المؤمنة .

إن الله تعالى حرم الدماء تحريما قاطعا، قال تعالى :(ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما) والتعدي على النفوس المؤمنة من أكبر الكبائر، قال صلى الله عليه وسلم : (لايزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما) وقال أيضا :( لزوال الدنيا أهون عندالله عز وجل من قتل رجل مسلم)

الحرب في بدايتها تتزين في صورة تغري ضعفاء النفوس ، وتوحي إليهم أنهم غالبون ، فتعمى بصائرهم وتقلب موازينهم

الحَرْبُ أَوَّلُ ما تَكُون فتَيَّةً ... تسعَى بِزِينَتِها لِكُلِّ جَهُولِ

حتَّى إِذا حَمِيَتْ، وشبَّ ضِرامُها،.. عادَتْ عَجُوزاً غَيْرَ ذاتِ حَلِيلِ

شَمْطاءَ، جَزَّتْ رَأْسَها وَتَنَكَّرَتْ، ... مَكْرُوهَةً للشَّمِّ والتَّقْبِيلِ.

إن الوضع خطير ، والمستفيد من هذه الفتنة هم أهل الفساد الذين يعيشون على الجماجم ، ويستروحون للدماء ، لأنها دماء غيرهم ، وهم على أرائكهم متكئون ، كل ذلك في سبيل تحقيق مآربهم ولو كان الثمن هذه الدماء البريئة في الغالب ، ألا يكفي بلادنا سوءا وفاقة وتعثر في مجالات كثيرة حتى نضيف إليها نكبات تلوى النكبات ؟ أين العقلاء وأهل الرأي والشكيمة ؟ لما هذا التحجر والتعصب للأراء والأهواء ؟

إنني أنادي الشرفاء والعقلاء من أبناء هذه الأمة العظيمة ممن وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالإيمان والحكمة قائلا لهم : قفوا أيها الشجعان في وجه هذا السفه ، أوقفوا نزيف الدماء قبل أن يستفحل الأمر، وتدور حرب طاحنة تأكل الأخضر واليابس، وستنال آثارها الجميع ،قال تعالى: ( فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ).

أن البعد عن الله سبب لهذه المصائب والنكبات ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير).

لقد تعطلت مصالح البلاد والعباد ،وأضحى الناس في ضيق شديد وحرج عظيم جراء انقطاع كثير من الخدمات العامة الضرورية والأساسية ،وأصيبت الحياة العامة بالشلل ،وانشغل الصغير والكبير في توفير الضروريات من الماء والطعام ، وإذا استمر الوضع على هذا الحال فإن الكارثة ستكون كبيرة لا سمح الله.

إن شرع الله تعالى كفل لنا الحقوق، وكلفنا بالواجبات ،فلما تخلينا عن منهج الله أصابنا هذا الاختلاف ، وقد يتطور إلى بحار من الدماء، حكموا شرع الله قبل أن يفوت الأوان ، قال صلى الله عليه وسلم : (ومالم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل الله بأسهم بينهم).

توبوا إلى الله واستغفروه ،أزيلوا المنكرات والمفاسد ، خذوا على أيدي السفهاء وأطروهم على الحق أطرا ، ردوا المظالم إلى أهلها ،لاتبطروالنعم التي أنعم الله بها عليكم ( إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).

تراحموا فيما بينكم ،واحرصوا على أمن البلد واستقراره ، واتعظوا بما حل بالأمم من حولكم (وما هي من الظالمين ببعيد ) ( ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار).

إن من يتجرأ على الممتلكات العامة أوالخاصة فيستبيحها فقد ركب خطئا في حق ا|لأمة كل الأمة ، فليست هذه المؤسسات ملكا لأحد من المسؤولين بل هي ملك الشعب .

إن الاستهانة بالحرب والاحتشاد لها دليل سفه وطيش ، وهذه العقليات الحربية يجب أن توجه سهماها إلى أعداء الأمة والمتربصين بها ، لا أن توجه إلى صدور أبنائنا وإخواننا ، إنني أنادي كل ضمير حي أن يعمل جاهدا للحيلولة دون هذه الأحداث الجسيمة .

العلماء الأبرار عليهم واجب البيان والنصح للراعي والرعية بكل وسيلة ممكنة ،

وفضلاء الأمة وكتابها وإعلامييها تقع عليهم مسؤولية الكلمة الصادقة والتقريب بين الفرقاء ورأب الصدع وحث الناس للاستجابة لداعي العقل والشرع.

إن المستفيد من هذه الأوضاع هم أعداؤنا والمتربصون بنا الساعون لتفتينا وتجزأتنا، كل ذلك بأيدينا ودمائنا وأموالنا ، وهم يشمتون بنا ولا يبذلون جهدا كبيرا في سبيل تحقيق أهدافهم الدنيئة ، فهل نصحوا من غفوتنا، ونلقم أعداءنا الحجر، وننهض ببلدنا إلى بر الآمان والعزة والمنعة.

إن بعض أهل العلم الصادقين الغيوريين الحريصين على وحدة البلد واستقراره بدأوا بالتكتل المناطقي، مما ينذر بفاجعة انقسام البلد إلى دويلات متناحرة، لأن أمل الأمة يتوجه دائما إلى العلماء في مثل هذه الملمات ، فإذا انجر أهل العلم إلى تنظير السياسيين الموتورين الطامعين في المناصب والكراسي من خلال الدعوات الانفصالية والتكلات الغريبة فما ذا بقي للأمة من أمل بعد انجرار أهل العلم إلى هذا المنحدر الخطير .

إن أي تكتل يؤدي إلى ا نقسام وتشظي وشروخ فإنه يفقد مشروعيته وجوازه، ولا مانع من تكتلات تفضي إلى قوة ومنعة ، بل قديكون واجبا إذا كان خادما لعموم البلد، ولا بأس من أن تنال كل منطقة مزيدا من الاهتمام، لكن لا يكون ذلك على حساب وحدة الأمة وتماسكها .

وهنا تعرف معادن الرجال وأصحاب النظرات الثاقبة الذين لم يتلوثوا بدعوات الموتورين وأصحاب المصالح الضيقة .

إن الأمة تنتظر منكم مواقف مشرفة ضد كل مفسد وطامع ، فالله الله أن يؤتى الإسلام من قبلكم .

وواجب الجميع الاصطفاف صفا واحدا ضد إراقة الدماء، بعيدا عن الحزبية المقيتة التي جلبت لنا الويلات ، وزادتنا فرقة وانقساما، وشغلتنا عن كثير من الواجبات دون أن تقدم لنا شيئا ،وبدل أن نتبارى في تسمية أيام الجمع بأسماء تفرقنا ولا تجمعنا ،فلنتفق على جمعة واحدة ، نسميها جمعة حرمة الدماء وإعادة الحياة العامة إلى طبيعتها وتوفير الخدمات للناس ، ولينادي خطباء الجمعة في عموم البلد بصوت واحد: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا). اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم .

اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن ، واحفظ لنا ديننا وأنفسنا وأموالنا وأعرضنا ، وردنا إليك ردا جميلا ، اللهم ول علينا خيارنا وابعد عنا شرارنا وفجارنا، واجمع كلمتنا على الحق والهدى ، وأهلك من في هلاكه صلاح للإسلام والمسلمين.

وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين .

 

m.algabban@gmail.com

عدد القراءات : 4417
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات