احدث الاخبار

تحرير فلسطين من بني سهيلا

تحرير فلسطين من بني سهيلا
اخبار السعيدة - بقلم - د. فايز أبو شمالة         التاريخ : 26-06-2011

عندما يستخف المواطن بالقانون، وتتوه أمام عينيه المسافة الفاصلة بين العام والخاص، يكون السبب في ذلك هو الاستثناء والتمايز الذي صار لغة يتقرب فيها المسئول إلى المسئول، وتكون قيم المجتمع الفوقية قد أصابها السوس، ونخرها الفساد الذي شرع الاعتداء بلا خجل، وأذن باجتياز حرمات الوطن الذي فقد احترامه، وصار خرقة بالية يمسح فيها المسئولون أخطاءهم حيناً، ويرفعونها راية نضالٍ حيناً آخر، ليحتموا في ظلالها وقد رسموا عليها شعارات تحرير فلسطين!.

تحرير فلسطين يبدأ من تحرير الإنسان الفلسطيني من عدوانيته، وأنانيته، وجشعه للكسب غير المشروع، وتقديسه لملكه الخاص، وتحقيره لكل ما هو عام، تحرير فلسطين يبدأ بإعادة الإنسان إلى فطرته الأولى التي تقوم على التضحية بالنفس، والتنافس على العطاء، والتنكر لبعض المفاهيم التي غزت المجتمع الفلسطيني لفترة بالية، شجعت على التكسب السريع، ونهب ما تقع عليه اليد قبل أن يأخذه الآخرون!

ولا يتحول تفكير المواطن عن الأخذ إلا إذا تأسس تفكير المسئول على العطاء، وهذا ما شاهدته يوم أمس في المنطقة الشرقية من خان يونس، حين تجاوبت مع إصرار الزميل الدكتور موسى أبو دقة، والأستاذ حماد الرقب رئيس بلدية بني سهيلا، ورافقتهما في جولة ميدانية، لأرى بأم عيني ما طرأ على تفكير الناس، وكيف شرع المواطن في إزالة اعتدائه عن شارع الشهيد "أبو علي إياد" وسط المدينة دون استخدام القوة، فلم يعد المواطن في حاجة لأكثر من إخطار خطي صغير، يحدد له حدود بيته من حدود الشارع، ليهدم بمعول العدالة والمساواة كل تلك المباني الزائدة التي أقامها يوماً على أرض الشارع طمعاً واستخفافاً!.

لم يهدم المواطن عدوانيته على المال العام إلا بعد أن شعر بقوة القانون، ومصداقية القرار القائم على المصلحة العامة، والإصرار على التنفيذ دون تردد، وبلا تمييز بين الأسماء، ودون التفات للعائلية، ومراكز القوى الاجتماعية.

وأزعم أن الاستقرار الأمني في قطاع غزة هو السبب الذي مكن المجالس البلدية من تنفيذ عملية إعادة تعمير غزة، ورصف شوارعها دون اعتراض، وأزعم أن قناعة المواطن في ضعفه، وعدم قدرته على اختراق القرار مهما أوتي من نفوذ وعائلية كانت عوامل قوة لحكومة غزة؛ التي نجحت في تسيير حياة الناس رغم قلة الموارد.

ذات يومٍ نجح أحد سكان بني سهيلا في إقامة محلات لبيع الفواكه والخضروات وسط شارع جمال عبد الناصر في مدينة خان يونس؛ أمام المسجد الكبير، ونجح ذاك المواطن في توصيل التيار الكهربائي لمحلاته التي احتلت قلب الشارع الرئيسي، وضرب بعرض الحائط مصالح الناس، وداس بكعب حذائه على قرار المجلس البلدي بإزالته، حتى عندما توجهت إليه قوة من الشرطة الفلسطينية سنة 2006 لإزالته بالقوة، أخرج هو ومن معه عدة قطع سلاح، وأطلق النار في الهواء، فتفرقت أيدي الشرطة في كل اتجاه، وعادوا خاسرين، وظلت المحلات تبيع الاستخفاف بالقانون إلى كل الناس، إلى أن جاء يوم الحسم، وبعد أسبوع واحد فقط من سيطرة حركة حماس، حين أمهل الرجل مدة نصف ساعة فقط، كي يرحل.

لقد رحل قبل ذلك المستوطنون عن قطاع غزة عندما أدركوا جدية المقاومة.

عدد القراءات : 2694
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات