احدث الاخبار

اللص جبان مهما تسلح

اللص جبان مهما تسلح
اخبار السعيدة - كتب - احمد صالح الفقيه         التاريخ : 12-06-2011

قلت في مقالة سابقة "أن مسرحية النقل إلى الرياض للعلاج لم تكن إلا وسيلة لتهدئة الأمور ومنع انفلاتها، ولا تزال المسرحية مستمرة من خلال التقارير التي تبث عن حالة الرئيس وتلك الأخرى التي تتحدث عن اتصال فلان وعلان به."

 

وما الأخبار المتضاربة حول صحة الرئيس إلا مناورة وعملية خداع واسعة، تهدف في رأيي إلى إحياء المبادرة الخليجية، وضمان العفو عن رموز النظام الذين سيستمرون في الحياة السياسية لاعبين أساسيين، لضمان الاستثمار السعودي فيهم. وليس بقاء المؤتمر بمعزل عن قياداته الفاسدة بالأمر السيئ، بل هو في الظروف الراهنة حيوي لمصلحة البلاد، يضمن توازنا بين القوى السياسية يمنع الاستبداد مستقبلا.

جاء في الاخبار ان الفريق منصور عبدربه هادي القائم باعمال رئيس الجمهورية قابع في داره بينما يسيطر أخوا الرئيس، وابنه، وأبناء اخيه الثلاثة، على السلطة، ويديرون شؤون البلاد المالية والادارية والعسكرية، بل وأن احمد علي عبدالله قابع في دار الرئاسة ويرفض مغادرته كما يرفض السماح للقائم بالاعمال ممارسة عمله من هناك.

 

وبطبيعة الحال فان التصرف في شؤون الدولة (الدولة هنا مجاز) دون صفة تخولهم ذلك، هو اغتصاب للسلطة، وسرقة ايضا اذا اقترن بالتصرف بالاموال والممتلكات العامة. وهو ما يلصق بهم صفة اللصوص التي يحملها عنوان هذا المقال.

 

إن تفكيك الاستبداد لن يتم إلا بعكس الآلية التي جعلت وجوده ممكنا، وأمدته بأسباب القوة،  وهي آلية قائمة على تحويل السلطة الى مؤسسة عائلية وعشائرية، فجرى وضع اهم وحدات القوات المسلحة والامن تحت قيادة من ذكرنا اعلاه من افراد الاسرة والعشيرة، ثم وضع مؤسسات ووزارات هامة تحت سيطرة الاصهار والاقرباء والاصدقاء. اذن فتفكيك الاستبداد يستلزم حتما اقالة الجميع من مناصبهم التي تولوها دون استحقاق من كفاءة او جدارة، وكف ايديهم بل ومحاسبتهم على ما سلف منهم من جرائم.

 

ان اتخاذ هذه الخطوة الضرورية قد يدفع هؤلاء الى مواقع التمرد، وهو امر حسن ان حدث، لانه يعني استئصال شأفتهم والقضاء عليهم مرة واحدة والى الابد. ولا اظنهم مقدمين على التمرد على القرارات الشرعية القاضية باقالتهم، فاللص جبان مهما تسلح.

 

الناظر الى تجمعات اليمنيين الثائرة في ميادين التغيير والحرية من جهة، والاخرى الموالية للرئيس في ميادين السبعين والتحرير واشباهها من جهة اخرى، يلمس بوضوح الى اي حد يجتمع الملاك والشيطان بداخل كل انسان، والى اي حد تبلغ قابلية الحشود للايحاء والتاثر دون إعمال الفكر او الاستفادة من ملكات الحكم والتمييز.

 

. وللجماهير عبر التاريخ ادوار منها ما اتسم بالسلبية عبر الدعم الذي اعطته لقوى استبدادية او لايديولوجيات فاشية واوصلتها الى سدة الحكم، او عبر التضحيات العظيمة في سبيل قضايا وطنية واجتماعية، وهو ما يجعلها تجمع بين القدرة على التدمير والقدرة على التضحية الكبرى البناءة في آن واحد.

 

فجماهير ميادين التغيير والحرية التي حرك خيالها شعار سلمية، الذي اسقط طاغيتي مصر وتونس، اصرت على سلمية تظاهراتها وتقبلت بصدور رحبه كل اشكال القمع اللاانسانية رافضة اللجوء الى العنف. وهي بذلك ترسخ الجانب المسالم النزيه الشريف في نفوس افرادها، وتغلبه على الجانب الشيطاني الامار بالسوء فترتقي في مدارج الانسانية والمدنية.

 

بينما يلعب الرئيس دورا ضخما بالنسبة لجماهير ميادين السبعين والتحرير واشباهها، فهي تتماهى مع عنفه وبلطجته، وتسلك سلوكه، لانه مثلها الاعلى، فإرادته وسلوكه يمثلان النواة التي تتحلق حولها وتنصهر فيها. والجمهور هناك عبارة عن قطيع لا يستطيع الإستغناء عن سيد، فهو جمهور يحترم القوة، ويمارس العنف، ولكنه وقريبا سوف يدوس بأقدامه صور الديكتاتور المصاب المحترق المخلوع، لأنه قد فقد قوته ووسامته ودخل، من ثم، في صنف الضعفاء والمشوهين.

عدد القراءات : 4281
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات