احدث الاخبار

الهزيمة والعقاب

الهزيمة والعقاب
اخبار السعيدة - بقلم - د. فايز أبو شمالة         التاريخ : 26-05-2011

عندما ينجح "نتانياهو" في ترويج أكاذيبه، وتسويق تطرفه العقدي كعمل إنساني، ويصفق له وقوفاً مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين 31 مرة، فمعنى ذلك أن "نتانياهو" قد انتصر، وفي المقابل هنالك مهزوم، ومن هؤلاء المهزومين خصوم "نتانياهو" السياسيين داخل إسرائيل، ولاسيما حزب "كاديما" الذي استسلم قادته لمنطق "نتانياهو" المتطرف، الرافض للانسحاب حتى حدود 67، واعتبروه موقف حزبهم؛ بل وراحوا يرددون جملة نتانياهو عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية كدليل على صواب رؤيتهم، إنهم يهربون من الهزيمة من خلال التساوق مع التطرف العقدي الذي تقوم عليه الدولة العبرية.

أما المهزوم الرئيس أمام "نتانياهو" فهم قادة السياسية الفلسطينية الذين رهنوا مصير القضية الفلسطينية بالمفاوضات، وعلقوا مصير المفاوضات بالثقة في سياسة "أوباما"، وقدرته على هزيمة "نتانياهو" مثلما هزمه الرئيس الأمريكي السابق "بيل كلنتون" قبل اثني عشر عاماً، لقد ظن الكثير من الساسة الفلسطينيين أن تطرف نتانياهو لا يجد له سوقاً في أمريكا، وسينفرط عقد ائتلافه الحكومي قريباً، ليفوز بالانتخابات حزب "كاديما"، وتعود عجلة التفاوض للعمل من جديد، وينتهي الحرج الذي وقعت فيه القيادة الفلسطينية.

لقد نسي أولئك القادة أن يدققوا في الزمن، وأن يقرءوا الواقع في إسرائيل بشكل واعٍ، وخدعوا أنفسهم بإدعائهم أن المجتمع الإسرائيلي يميل للسلام، وان "نتانياهو" طفرة متطرفة، ستزول سريعاً، بل لقد جرى سهلاً على لسان السيد عباس القول: إن أغلبية الإسرائيليين يؤيدون السلام، وقد ردد منظرو التسوية مقولة: إن الشعب في إسرائيل نادم على فوز "نتانياهو"، وإن إسرائيل في عزلة دولية بسبب سياسة "نتانياهو" المتطرفة.

لقد فاجأ "نتانياهو" اليهود قبل أن يفاجئ العرب، وحقق لإسرائيل نصراً تاريخياً، وهو يعرض بضاعته السياسية في أهم أسواق العالم، وتجد من يدفع فيها أغلى الأثمان، إلى الدرجة التي عقب فيها أحد اليهود قائلاً: لو ألقى "نتانياهو" خطابه داخل الكنيست الإسرائيلي لما حظي بهذا التصفيق، وهذا التأييد، وهذا التعاطف الوجداني، على الكونغرس الأمريكي أن يروج لهذه البضاعة السياسية الإسرائيلية داخل أوروبا.

وماذا بعد الهزيمة؟ ماذا سيفعل القادة الفلسطينيون الذين تلقوا الضربات القاضية من مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين؟ هل يمتلكون الجرأة السياسية للاعتراف بأن الذهاب إلى الأمم المتحدة في أيلول هو كذبة كبيرة، ومحاولة للتستر على العجز، ومدارة للفشل بالانتظار، في الوقت الذي يعمل فيه الزمن لصالح المستوطنين الذين بلغ عددهم في الضفة الغربية والقدس 650 ألف يهودي كما أشار إلى ذلك "نتانياهو"؟

إن هذا العدد 650 ألف مستوطن يهودي ليذكرنا بالعدد نفسه الذي أغتصب فلسطين، وأعلن عن قيام دولة إسرائيل سنة 1948، إنه عدد المصائب التي تحتم على القيادة الفلسطينية أن تحاسب نفسها برجولة، ولاسيما أنها تفردت بالقرار السياسي عشرات السنين.

 على القيادة السياسية أن تعترف بفشل نهجها، وأن تعلن عن هزيمة خط المفاوضات، وأن تخلي بشهامة وشرف ساحة العمل السياسي الفلسطيني!.

عدد القراءات : 2104
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات