احدث الاخبار

مجلس حضرموت وأهلها

مجلس حضرموت وأهلها
اخبار السعيدة - د. خالد بلخشر         التاريخ : 10-05-2011

استطاع هارولد انجرامز بمعية زوجته دورين أن يقدما لحضرموت وأهلها ما لم يقدمه الحضارم المتعاقبون على السلطة في حضرموت منذ "الاستقلال" إلى اليوم, إن هذا القول ليس من دواعي التباكي على الاستعمار ولا دعوة لعودته ولا انتقاصا من قدرة الحضارم على إدارة شؤونهم، وإنما من باب الإنصاف لجهود رجل وامرأة طافا صحارى حضرموت ووديانها وهضابها في زمن لا يعرف اللندكروز الـV8.

هذه الجهود لا يستطيع أن ينكرها أحد باستثناء المزايدين السياسيين الذين لا يعرفون أبجديات التاريخ والجغرافيا ممن يصدرون صكوك الوطنية والتخوين كيفما شاءوا ولعل صلح انجرامز الذي أنهى حالة القتال والثأر في حضرموت أحد تلك الإنجازات التي يذكرها الحضارم بإكبار وإعجاب، كما أن الجيش البدوي الحضرمي قد ساند هذا الصلح وأمن استمراريته بعد أن مثلت القبائل جميعا في هذا الجيش الذي تمتع بسمعة طيبة وبمهنية عالية.

اليوم تحاول حضرموت أن تستعيد كينونتها بعيدا عن مساعدة انجرامز الذي أضحى من التاريخ، حيث شكل تأسيس مجلس حضرموت الأهلي بارقة أمل لاستعادة اللحمة والتآلف بين الحضارم على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم ووجودهم في الوطن وفي المهاجر.

بدأت هواجس تأسيس كيان يجمع الحضارم منذ سنوات، ونجحت بعض الجهات "غير البريئة" في إجهاض هذا الحلم في كل مرة حتى صارت ولادته تتطلب عملية قيصرية نتج عنها مولود "سبعاوي" يصارع من أجل البقاء رغم المحاولات المستميته لقتله في المهد - للأسف - من بعض الحضارم الذين يعملون وفقا وأجندات براجماتية أنانية متخلفة.

قبيل تشكيل المجلس دُعيت الى اجتماع تشاوري في ديوان العلامة أحمد المعلم "الرجل الذي يستمع كثيرا ويتكلم قليلا"، والذي أخجلنا جميعا بتواضعه وحسن استقباله لنا وللآراء التي طرحت كان الحديث يتمحور حول آلية العمل لتشكيل مجلس حضرموت، وللأمانة أقول: لم ألمس من الحاضرين على اختلاف توجهاتهم إلا حرصاً على تشكيل المجلس وفقا لتنوع الطيف الحضرمي. اقترحت على الحاضرين مجموعة من النقاط: أولا ضرورة تمثيل حضرموت ساحلا وواديا وصحراء . ثانيا: دعوة جميع الهيئات والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والنقابات وممثلين عن جميع الحضارم دون إقصاء أو استثناء . ثالثا: عدم الاستعجال في تكوين هيئات المجلس حيث يتطلب الأمر الاجتماع ليوم كامل من الصباح إلى المساء لإنجاز المهمة بشكل مرضٍ. رابعا: أن يتم أنتخاب هيئات المجلس ورئاسته من قبل الحاضرين بالاقتراع السري. استحسن الحاضرون هذه النقاط وتم إغناؤها بالنقاش. ولم أتمكن للأسف من حضور بقية الاجتماعات التحضيرية لانشغالي بأمور ملحة وقتئذ.

يوم التشكيل لم يكن كما ينبغي، فقد حُشر المدعوون في قاعة الغرفة التجارية التي لا تزيد أبعادها عن 10متر مربع، ولم تستوعب أكثر من 160 شخصا مما اضطر البقية للعودة بعد أن عز المكان. ومما زاد الوضع سوءاً رمي قنبلة أو طماشة أحدثت رعبا بين الحاضرين الذين تتدافعوا باتجاه الباب وانصراف بعضم حرصا على سلامته خاصة أن الاجتماع عقد في زمن حرج شهد تدهورا أمنيا ملحوظا. لم يسر الاجتماع بطريقة سلسلة، ارتفعت بعض الأصوات بشكل يثير الاشمئزاز وبرز أناس إلى الواجهة دون مصوغ تنظيمي، وزعت المهام بطريقة لا تنم عن وعي بحجم الأمانة ولا ثقل المسؤولية . انتهى الاجتماع حينئذ بصورة غير مكتملة ولكن عرفت لاحقا بأنه استكمل بآلية توافقية.

وزعت الحقائب السيادية وحقيبة الرئاسة بآلية تفتقر لأبسط مقومات العمل التنظيمي المؤسسي، ولعل تأزم الأوضاع السياسية والعسكرية قد أفرز حالة من الإرباك نتج عنها المولود(السبعاوي)، وبعدها بدأت التجاوزات التنظيمية ، وظهرت دعوات وتعليقات بين مؤيد ومعارض ، وتطورت الأمور إلى أعمال بلطجة دخيلة على ثقافتنا ، وبدأت الشكوك وعلامات الارتياب ترتسم على خارطة المجلس الوليد، أعيد التشكيل بشكل أشبه بالديمقراطي ولكن افتقد التوافقية في نظر من لم يجد له مكانا في هيئة الرئاسة، انسحب البعض واعتذر الآخر وظهرت علامات تصدع على جدار المجلس الجديد. وسمعت أصوات تدعو لمجلس آخر بمسمى مشابه وبشخوص مختلفة قد تكون من قبل المنشقين عن المجلس أو من خارج دائرة المجلس أو وفقا وتحالفات أخرى لا نعلمها.

مما لاشك فيه أن أهلنا في المهجر قد استبشروا خيرا بعد سماعهم بتأسيس مجلس حضرموت الأهلي، حيث بدأت أحلام العودة إلى أرضهم تدغدغ عواطفهم التي أنهكتها سنون الغربة المريرة وماترتب عليها من إرهاصات وإحباطات ضاعفت حالة المرارة التي تلون حياتهم ، خاصة أن معاناتهم المزدوجة يعمقها الإحساس بالألم نتيجة لأوضاعهم (المهجرية) التي تزداد سوءاً كنتاج طبيعي لسياسات بلدهم الفاشلة في تحسين أوضاع معيشتهم في دول المهجر خاصة في دول منظومة التعاون. ولكن كغيرهم تابعوا أخبار المجلس بشعور يراوح بين الأمل وخيبة الأمل، يتمنون الخير والسداد لأهلهم الذين تشتتوا وهم في ديارهم.

 

أهلنا الكرام في حضرموت وفي أرض المهجر:

تستحق حضرموت أن يكون لها مجلس واحد (لا أكثر) يضم الجميع ولا يستثني أحدا ، ولكن تترك الخيارات للجميع ليحدد من يرأس المجلس ومن يرأس اللجان بعيدا عن التجاذبات السياسية المقيتة وبعيدا عن المصالح الفئوية والفردية الأنانية. وبعيدا عن المتاجرة غير المشروعة بحضرموت وأهلها في وقت راجت فيه تجارة الذمم وتجارة الحروب وتجارة الانتخابات وتجارة المزايدات والمكايدت وغيرها.

إننا جميعا نفخر بانتمائنا لهذه الأرض الطيبة التي تتسع للجميع متى ماصدقت النوايا وأخلص الكل لحضرموت.. عندها يحق لنا القول حضرموت الثقافة والحضارة والتاريخ.

المصدر : المكلا اليوم
عدد القراءات : 2700
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات