احدث الاخبار

المبادرة الخليجية والفصام النكد

المبادرة الخليجية والفصام النكد
اخبار السعيدة - كتب - دكتور بيدر الحسن*         التاريخ : 10-05-2011

ماذا لو قبل الرئيس بالمبادرة الخليجية ووقعتها أحزاب اللقاء المشترك ورفضها شباب الثورة المباركة؟!! إنه تساؤل جدير بالاهتمام والنظر إليه بعين الاعتبار.

إنه من المعلوم قطعاً أن الثورة المباركة التي فجرها الشباب الأحرار لم تكن يوما من الأيام من ضمن الاستراتيجيات التي تبنتها أحزاب المعارضة للتغيير السياسي في اليمن أو في الدول العربية بشكل عام لأن أحزاب المعارضة اليمنية أو المعارضات بشكل عام في الوطن العربي الحبيب هي عبارة عن سندويشات لينة يبتلعها النظام الحاكم ابتلاعا دون مضغ، ولكن بعد هذه الثورات المباركة أصبحت أحزاب المعارضة سندويشات أكثر صلابة من ذي قبل بفضل الثورات الشبابية التي انطلقت من اجل التغيير  ولكن لازال بمقدور الأنظمة المستبدة إن تبتلعها ولكن بعد المضغ لأنها لا زالت مبللة من الداخل بمايونيز المصالح !!.

لنفترض أن الرئيس اليمني قبل المبادرة ووقع عليها ووقعت عليها أحزاب اللقاء المشترك  ورفضها الشعب المتمثل بالشباب المرابطين في ميادين الصمود والتحدي  وشكلت أحزاب المعارضة حكومة مؤقتة كما تنص عليها المبادرة الخليجية ما هو الموقف العملي الذي ستتخذه أحزاب اللقاء المشترك تجاه الثورة العارمة؟!! لأنها حينئذ ستكون هي النظام الحاكم وهي المعنية بالقرارات الصادرة،  هل ستقوم بقمع المظاهرات ومطاردة الشبان الأحرار كما يفعل النظام الفاسد الآن؟!! أم أنها ستقوم بنصائح مزرية للشباب بأن يتركوا ميادين التحدي والصمود والثورة؟!! لأن النظام السابق قد تنحي عن الحكم  ونالت المعارضة ما كانت تصبو إليه في التربع على كرسي الحكم.  إنها معادلة سياسية صعبة لا تفهمها أحزاب المعارضة، لأنها ساعتئذ ستكون في بوتقة واحدة مع النظام الفاسد في مواجهة الشباب الأحرار.

قد يعجب الكثير لماذا فضلت أحزاب اللقاء المشترك القبول بالمبادرات بل والهرولة نحوها ؟!!

إن الذي يقرا الأحداث عن تروي وعمق سيدرك تماما أن هذه الثورات المباركة هي في الحقيقة ثورات شعبية مخلصة قامت من أجل اجتثاث الظلم والاستبداد فهي ثورة ضد كل الأحزاب والتنظيمات والجماعات، لأن الأحزاب لا تعيش إلا في دوائر مغلقة تحاكي نفسها وتتربع على أفق ضيق من الولاء التي تمتاز به، ولذلك فإن الثورات القائمة في الوطن العربي سحبت البساط فعليا من تحت المعارضات الصفراء الفاقعة التي لا تقدم ولا تؤخر، بل شاركت الأنظمة الفاسدة في تبعات ما وصل إليه بلدنا العربي والإسلامي من مشاكل دون حلول لا أول لها ولا آخر، ولذلك نجد أن المعارضة التونسية والمصرية ابتعدت عن استراتيجياتها في التغيير لتركب الزخم الثوري العظيم لتنصهر انصهارا كاملا في بوتقة الشعب الواحد، ولو أن المعارضة المصرية أو التونسية بقت على استراتيجياتها لسحقها تسونامي الثورة ولأصبحت آفلة أفول النظام البائد ولكن تداركت الأمر وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من الثورة الشعبية المباركة، ولعلنا نذكر تداعيات مشاركة المعارضة المصرية بجميع توجهاتها في الحوار الذي دعا إليه نائب الرئيس المصري المخلوع عمر سليمان وما نتج عنه من غضب جماهيري كاد أن يطرد المعارضة المصرية ويقذفها على بعد آلاف الكيلومترات من ميدان التحرير المصري حينها استدركت المعارضة المصرية الأمر وأحست أنها تبتعد عن موطن النصر وتقترب من حافة الهاوية إذا ما عقدت اتفاقية أو وقعت مبادرة مع النظام المصري البائد، ولذلك عادت وبسرعة فائقة إلى ساحات التغيير وجعلت صوتها مرهوناً بصوت الشباب الثائر وطوت صفحة المبادرات والحوار إلى الأبد.

أما المعارضة اليمنية فإنها لا زالت تراهن على المبادرات والاتفاقيات ولا زالت تدور في فلك النظام الخاسر، ومن هنا فإن المعارضة اليمنية  ما لم تنصهر في إرادة الشعب اليمني الحر وتكون جزاء لا يتجزأ من الثورة فإنها ستحكم على نفسها  مقدماً بالنبذ مرتين لأنها أخطأت مرتين، المرة الأولى عندما وقفت في وجه التيار الجارف المعارض للمبادرات، والمرة الثانية عندما أصبحت حكومة مؤقتة قائمة على هياكل متآكلة لا تقوم على سند شعبي وإنما تقوم على سند حزبي استبدادي كما هو الحال في النظام القائم الآن، ومن هنا فإنها تكون وقعت على نفسها مبادرة أخرى بالرحيل الثاني ولكن هذه المرة بسرعة فائقة لأنها لن تجد أحدا آخر تعقد معه المبادرات والحوارات والاتفاقيات، لن تجد أمامها إلا الشعب اليمني الحر الثائر الذي خرج من أجل إقامة العدل والحرية، حينئذ ستكتب المعارضة على نفسها الانصهار ولكن ليس في بوتقة الشعب الثائر وإنما في مستنقعات النظام البائد الذي أعدها مسبقا للمعارضة، لأن النظام الجديد الذي ستقيمه أحزاب اللقاء المشترك  سيؤسس على باطل،  سيؤسس على دماء الشرفاء الأحرار في ميادين الصمود والتحدي والتي سفكها نظام على عبد الله صالح، سيؤسس النظام الجديد على إعطاء القتلة المجرمون الحصانة من الملاحقة الشرعية والقانونية، ومن هنا فإن الثورة لا يمكن أن تقبل بنظام قام أسسه على أنقاض نظام فاسد يتغذى بدماء شباب قدموا أنفسهم من أجل العدالة والحرية والشرف والكرامة .

حينئذ ستكون الثورة الثانية التي ستجتث أحزاب اللقاء المشترك إذا ما سمحوا لأنفسهم أن يتربعوا على عرش الحكم بناء على إعطاء الحصانة لمن سفك الدم الحرام وظلم ونهب وترك اليمن سليبة فقيرة منقادة في ذيل الأمم المتأخرة.

والأعجب من هذا فان أحزاب اللقاء المشترك يمتازون بسذاجة مخجلة لا تؤهلهم لأن يكونوا قادة لهذا البلد العظيم، وذلك لان النظام الفاسد جرهم ويجرهم دوما إلى كمائن محكمة ويقعوا فيها أكثر من مرة لكنهم لا يتعلموا من تجاربهم مع النظام  فإذا أضيف هذا الكمين الذي أعده علي عبد الله صالح شخصيا ونظامه تبعا فإنها ستكون هي الحالقة للمعارضة المتمثلة في أحزاب اللقاء المشترك خاصة وان النظام يريد المفاصلة بين شباب الثورة والمعارضة وهو في خطاباته دوما يشير إلى أن الشباب مطالبهم مشروعة ولكن العقبة الكؤود التي يتذرع بها الرئيس ونظامه هم أحزاب اللقاء المشترك دون غيرهم، وهو يعي تماما أن الشعب برمته هو المطالب برحيله وتنحية هو ونظامه عن الحكم، لكنه يحاول أن يختزل مشاكل اليمن في النظام والمعارضة ويتناسى عمدا شعبا بكامله يرابط في الميادين منذ أشهر مطالبا برحيله فورا، ومن هنا فانه استطاع بحنكة وذكاء في جر اللقاء المشترك إلى المربع الذي يريد لتكون نهاية نظامه مرتهنة بنهاية اللقاء المشترك، وبذلك يكون الشعب اليمني قد وضع حدا، وأزاح حقبة من زمن الظلم والاستبداد والفقر والبطالة التي تسبب بها نظاما فاسدا وساعده على ذلك معارضة خرقاء لا ترقى إلا أن تكون محطات وقود يتزود بها الرئيس اليمني ونظامه في الاستمرار في ظلمه واستبداده ويستخدمها في الخروج الآمن بعد عقود من الظلم والقهر والاستبداد لتصبغ عليه صفة الحصانة التي تبرئه من كل جرائمه، وهكذا ستكون أحزاب اللقاء المشترك هي المناديل التي يمسح بها النظام عرق رحيله من على جبينه.

حينها سيتنفس يمننا السعيد الصعداء وينجلي عنه غبار الفتن والإحن التي زرعها النظام البائد ليطل على عالم أفضل بكل قوة وعزة واقتدار بفضل أبنائه الشرفاء وشبابه الأحرار الذين لم يألوا جهدا في تقديم كل التضحيات من أجل بناء يمنٍ جديدٍ حافلٍ بكل ما يستلزم تقدمه وازدهاره ليرقى إلى مصاف الأمم المتقدمة .

           طالب علوم سياسة الجامعة الإسلامية العالمية الماليزية

عدد القراءات : 5797
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات
عامر
كلام في الصميم... يدل على ان الكاتب قرا الواقع قراة صحيحة نتمنى من المعارضة ان تعي ما يدور وراء الكواليس لتكون فريسة النظام ... وان تلتحم مع شباب الثورة لتكسب والا فانها خاسرة
الحميري
بوركت اخي الحبيب على هذة الكلمات الرئعه نعم افضل للقاء المشترك ان يكون فطن ويلتحق بشباب الثورة الذين عملو مالم يعمله احد منهم طول عشر سنوات يتركو الأمر لهم وهم اعرف كيف يحققو حلمهم الذي يحلم به شعب
الكريمي
نعم ينبغي لاحزاب اللقاءالمشترك ان يقفوا وقفة جادة مع شباب الثورة لانهم بسبب هرولتهم وراء المبادرات كانوا سببا في تاخير النصر وتحويل الثورة العارمة الى ازمة سياسية..مقال الدكتور بيدر مقال اصاب الحقيقة
مختار العقلاني
بورك فيك اخي ونحن ننبه المعا رضه اننا اذ رئينا اخطائهم ولم يتم تصحيحها فانننى سنضل معتصمين نطالب برحيلهم مثل اسلا فهم
al fares.m.h.m
كلام في الصميم فعلي الشباب الطاهر النقي الذي ينظر الي الحزبيه انها وسيله وليسة غاية ان يتحرر من قبضة المشترك وانا علي يقين انه سوف يحقق اهدافه بكل كبرياء مرفوع الرئس والهامه. اتمناان يعو الشباب ذالك.
بنت اليمن
كلام جميل وواقعي يجب على المعارضه ان تسير وراء شباب الثورة وتتخلأعن كل مساومه على حساب الشعب اليمن اشكر الكاتب واتمنى منه ان يظهرعبر القنوات ويبين للشعب الحقيقه بهذ الفكر السليم الذي يدل على حبه لشعب
منيف الحداد
اشكرك اخي الحبيب بيدر.و ثق اخي ان هناك قيادات وعباقره في اللقاءالمشترك لن يخطو خطوه إلا وهمهم اليمن.اتمنا منك ان تضمد جراحهم وتدعوى لمصابهم وتشد عزيمتهم.فهم في رباط 4أشهر انت قد تكون تجهل اتعابه.
سمر
ما ذكرة الكاتب شيءواقعي وها نحن سمعنا اليوم بعض الاخبار بان السلطة والمعارضة سيوقعون على المبادرة التي هي بمثابةالكارثة على اليمن لان على صالح حتى ان ترك السلطة سيعود يمكر باليمن لان عنده حصانة ياساتر
يمنيه مغتربه
تحليل واقعي من سياسيي ينظر للواقع بادراك وتحليل مايحاك ولا يستبعدان ينزل احزاب المؤتمر الى الساحات والانضمام للشاب لاسقاط المشترك كما رددها عبده الجندي والرئيس من قبل ودرنا بنفس الدائره
sumaiyafree
اريد ان اشكر الكاتب على هذاالمقال والذي يسلط الضوء على قضية يتجاهلها او يريد ان يتجاهلها بعض من الشباب الثائر في الساحات والمنتمين لاحزاب اللقاءالمشترك، وهي رسالة تحذيرية لهم ، الوطن اغلى
عبدالعزيزمحمد الحميري
بارك الله فيك اخي الحبيبي ونا مل من احزاب اللقاء المشترك ان يعوا ما تقصده ويدركوا ما يدور حولهم (( وياليت لوكانت ثورتنا ثوره شابيه بغض النضر عن لقاء مشترك وغيره
المتفائل
جزاك الله خيرا اخي البحيب على مقالك الرائع وقد اظهرت مشكلة قد يجهلها الكثير ولكن لابد من وضع الحلول لها فحبذا لو تسرد لنا في نقاط سريعة الحلول التي يمكن اتخاذها لحل المشكلةبأقل الخسائر ... بورك فيك
هيثم الزغروري
كم انت رائع استاذي بيدر ... كلام في الصميم .. تماما كماقلت ((حينئذ ستكون الثورة الثانية التي ستجتث أحزاب اللقاء المشترك))
د. محمد سلطان
أتفق معك بالرأي أخي حول ما طرحته و لكن أرى بأن المعارضة تعاملت مع المبادرة بحكمة و مع النظام بنفس الأسلوب حيث وضعوه بزاوية ضيقة لم يستطع أن يفعل شئ سوى القتل و التدمير و انكشف لبقية من لم يعرف حقيقته