احدث الاخبار

" لا تكرهوا غزة " هكذا أوصى فيكتوريو

اخبار السعيدة - بقلم - مصطفى محمد أبو السعود         التاريخ : 21-04-2011

ليس سهلاً أن تجدَ من يُساندك بسهولة ، ويُقاتل معك من أجل مبادئك النبيلة ، ويُسابقك نحو الألم ، ويتلقى عنك سِهام الموت ، ويعيش في بيتك الذي يفتقد لأدنى مقومات الحياة ويتضخم بكل عوامل الموت المبكر ، ويتبرع بنقل آلامك ويضعها على مائدة الكبار الذين يتجاهلون الحقيقة ، والصغار الذين يفتقدونها .

ليس سهلاً أن تعيشَ في ظِلال أرائك التي تراها أنت على حق ، دون أن تدفع أنت وهي الثمن غالياً من دمكما ولحمكما ، وليس سهلاً أن تتبنى مولود غضب عليه الكثيرون ، ليس لأنه ناقص الأعضاء ، أو ناقص الوزن ، بل لأنه كامل الإرادة ، وجاء من رحم الوطن فقط ، وليس من رحم مختبرات المصالح والقوة التي اغتصبت طهارة الإنسانية الحقيقية ، وتركتها تسبح في دمائها دون شفقة أو رحمة .

فبعدما تحجرت حناجر البشر من شدة الصراخ ، وأغلق الساسة أذانهم ، واستسلموا بكامل إرادتهم للرحيق المسموم الخارج من أفواه ذئاب مملكة الحقد ، وتخدرت شرايين النفوس الضعيفة بالمزيد من سحر الوعود الرائعة الشكل ، والخاوية المضمون ، كانت الإنسانية على موعد مع ميلاد أُناس من طراز رفيع .

فكان الصحفي والناشط الايطالي "فيكتوريو أريغونى" من المتضامنين الأجانب والإخوة في الإنسانية الذين تركوا حياة الرفاهية ، وجاءوا ليقاسمونا العذاب والجوع ، ليكونوا شهداء معنا ، وعلى أعدائنا الذين لم يترددوا في ذبحنا لأننا رفضنا أن نذبح مبادئنا في حضرة رغيف الخبز.

لقد جاء المتضامنون الى فلسطين ليقولوا ما لم يستطع قادتنا قوله ويعلنوا البراءة من القوانين التي نظرتْ بألفِ عينٍ ، وسَخِرت من الحق ، وسَخَرت كل دساتيرها لخدمة الظالم ، وسارت معه حيثما يُريد ، وخلعت كل ملابسها وتنازلت عن عفتِها أمام إغراءه ، ونظرت بنصفِ عينٍ وعلى استحياء الى جراح الضعفاء ، وسارت خجلاً إذا طلب منها المظلوم أن تنصفه ، إذا جاء وقت القضاء.

جاء المتضامنون ليقولوا لن ننضم لحزب الألسنة الخرساء التي لا ترغب في مساعدة العدل كي يتمكن من المشي على قدميه ، رغم أن مرارة المشهد أقوى من حرارة الكلمات ، وليعبروا عن تضامنهم مع الإنسانية التي تُقتل على ضفاف فلسطين في تغافل من القانون الدولي ، والقاضي بإعدام أحلام الشعوب ، وإجبارهم على عقد قرانهم على المذلة ، وإسكانهم في أبراج الأوهام .

إن مقتل "فيكتوريو "هو محاولة لمنع إيصال صوت غزة الى العالم بلسان غربي مُبين ، ومنع كل مساندة لآهات الشعب المُحاصَر، ومنع خروج غزة من ضِلال المسميات الباطلة التي زرعها المغضوب عليهم في عقول الضالين .

هذه حاثة نكراء ، وتنسجم مع رغبات العدو الصهيوني الذي يسعى للتشكيك في المبادئ التي نُناضل من أجلها ، فنحن شعب لم نتعود على خيانة الضيف ، لأن تعاليم ديننا تمنعنا من الخيانة حتى لو اختلفنا معه في الديانة ، فهو رجل يقاتل معنا ولا يقاتلنا .

إن الاستنكار الذي لاقته هذه الحادثة هو أكبر دليل على أن الشعب الفلسطيني يحترم من ضحى بسعادته من أجل أن يقاسم الفقراء والمظلومين والباحثين عن الحرية ، حياتهم ، مهما كان الألم شديداً .

نقول لفيكتوريو "ستبقى ساكناً في قلب غزة ، مثلما سكنت غزة في قلبك ، ونقول للمتضامنين العبارة التي وجُدت على صدر فيكتوريو " أصدقائي المتضامنين مع فلسطين ، لا تكرهـوا غـزّة .

*كاتب من فلسطين

 mmomna@hotmai.com

عدد القراءات : 1981
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات