احدث الاخبار

درن الكلية والمسالك البولية والتناسلية مرض غامض وفتاك!

درن الكلية والمسالك البولية والتناسلية مرض غامض وفتاك!
اخبار السعيدة - متابعات - أ. د. محمد سعد عبد اللطيف         التاريخ : 15-04-2011

حسب احصائيات منظمة الصحة العالمية WHO ان حوالي ثلث سكان العالم مصابون بمرض الدرن ذات المضاعفات الخطيرة واحياناً المميتة. وقد زادت نسبته عالمياً في السنوات الماضية نتيجة الاغتراب والهجرة والفقر وترابطه مع مرض نقص المناعة المكتسبة (الأيدز) حيث اظهرت عدة دراسات اصابة حوالي 8ملايين شخص به كل سنة في جميع انحاء العالم. أ. د. محمد سعد أستشارى التغذية العلاجية و احتفالاً بذكرى الاحتفال السنوي بيوم الدرن العالمي فشدد على ضرورة التثقيف والتوعية حول هذا الوباء القاتل وأهمية التشخيص المبكر والدقيق والمعالجة الصحيحة والغذاء على شفائه بعون الله عز وجل، والحد من فتكه لحوالي مليونين شخص سنوياً، والجدير بالذكر ان العديد من المرضى المصابين به من مختلف طبقات المجتمع، قد يجهلون تماماً مزاياه فيفترضون خطأ انهم مصابون بامراض اخرى، كالنزلة الصدرية او التهاب ق

صبات الرئتين وغيرها فيصبحون بؤراً لنشر جراثيمه الى ذويهم واصدقائهم والعاملين معهم فينشر هذا المرض بطريقة عشوائية بدون اي رادع ويصيب الالوف والملايين من الأشخاص خصوصاً الفقراء منهم الذين تنقصهم ا لتوعية الطبية والوسائل التصححية في بيوتهم وفي مجتمعهم وقد ينقلونه الى اي شخص يقترب منهم او يعاشرهم مهما كانت ثروته ومقامه ومركزه الاجتماعي.

طرق انتقاله

وجرثومة الدرن mycobacterium tuberculosis مكونة من حوالي 180.000سلالة يمكن تحديد كل منها بواسطة التحاليل المخبرية وخصوصاً من خلال الفحص الجزيئي للحمض النووي وتتمتع كل سلالة بخاصية فريدة من حيث احداث الاصابة التي يمكن تشخيصها بناءاً على التاريخ المرضي لدى المريض وفحصه سريرياً والقيام بالتحاليل المخبرية كالفحص المجهري ومزرعة البلغم أو استمعال الأشعة، ويتم علاجه بالمضادات الحيوية الخصوصية لذلك الرض حسب الاختبار التحسسي التي تساعد على شفاء اغلبية هؤلاء المرضى بعون الله سبحانه وتعالى خصوصاً اذا ما شخص المرض في مراحله الاولى قبل انتشاره في كل انحاء الجسم، وذلك بطريقة مبكرة وصحيحة وعولج على يد اخصائيين يتمتعون بالخبرة الواسعة في معالجته وازالته.

وحيث ان الكلى والجهاز البولي والتناسلي يشكلان الاعضاء الاكثر اصابة بعد الرئتين، بهذا المرض المنتشر في كل انحاء العالم آفاته ومميزاته

وقبل مناقشة الآفات البولية والتناسلية بالتفصيل علينا شرح مناعيات هذا المرض ومميزاته الفيزيولوجية المرضية التي تساعد على تفهم اعراضه السريرية وكيفية انتشاره في الجسم مع مضاعفاته الخطيرة، فكما ذكرنا سابقاً فان الجرثومة التي تسببه صيهوائية اي انها تنمو في محيط اكسجيني وتتضاعف ببطء وتنقسم حوالي مرة كل 24ساعة وهي مغطية بغشاء سميك من الشمع الذي يحميها من الخلايا المناعية. فبعد الاصابة بهذا المرض بالعدوى تغزو الجراثيم الرئتين وتحث الجهاز المناعي الى حشد جيوشه من الخلايا المناعية لمهاجمة تلك الاجسام الغريبة ومحاولة التخلص منها قبل احداثها الآفات الرئوية. وهذه الاستجابة المناعية تكون مسؤولة عن التغيرات المرضية التي تبرز في هذا المرض واهمها الحبيبومات والنخر الجبني، وقد سمى كذلك بسبب تشابه بالجبن، والتفاعل الجلدي الذي يحدث بعد زرق بروتين من الجرثومة تحت الجلد ويدعي اختبار PPD الذي يوحي بوجود المرض او التعرض اليه سابقاً.

وبعد حدوث الاصابة الرئوية فقد تنتشر الجراثيم في كل انحاء الجسم وتصيب اعضاء اخرى او تبقى محصورة ومكبوتة من الجهاز المناعي لعدة سنوات بدون اية اعراض سريرية توحي بوجودها. وهذه الجراثيم الهاجعة قد لا تسبب اية آفات في المستقبل او قد تنشط مجدداً وتحدث الأمراض الرئوية وغيرها في عدة اعضاء من الجسم تحت تأثير حالة مرضية مضعفة او رضخ او كبت المناعة بنسبة 15% من تلك الاصابات الدرنية الأولية وقد تصيب الكلى والجهاز البولي والتناسلي بمعدل يفوق أية اصابات اخرى ماعدى الرئتين.

درن الكلى:

يحدث درن الكلى نتيجة انتشار الجراثيم من الرئتين إليها في الدم رغم احتمال غياب اي مرض رئوي نشيط في تلك المرحلة وامكانية حدوثه عدة سنوات سابقاً. وعند غزوها الكلية تستقر الجراثيم في الاوعية المجاورة لكبيباتها وتحصل هجرة الخلايا المناعية نحوها وتتفاعل معها مسببة الحبيبومات الخاصة لمرض الدرن. ومع استمرار الالتهاب تتلازق تلك الحبيبومات وتحدث النخر الجبني وقد تتقرح في الجهاز البولي اي في كؤوس الكلية وحويضتها وتسبب بيلة العصيات التي تؤدي الى التهاب الحالب والمثانة والاحليل. ومع تقدم تلك الافات الكلوية ينشأ تلييف فيها مع احياناً تراسب الاملاح الكلسية التي تظهر جلياً في تصوير الجهاز البولي والأشعة المقطعية على الكلى.

درن الحالب:

درن الحالب يحصل بسبب مرور الجراثيم في البول عبره بنسبة حوالي 50% من المرضى المصابين بدرن الكلية أن الآلية المرضية تشبه ما يحصل في الكلية مع حدوث تليف فيه خصوصاً في أسفله قبل دخوله الى المثانة والذي قد يؤدي إلى انسداده وتوسع الحالب الأعلى فوق الانسداد وذلك في موقع واحد او عدة قطع منه مع حصول احياناً تكلس في جداره كما قد يظهر في تصوير الجهاز البولي الوريدي بالصبغة أو باستعمال الاشعة المقطعية على الكلى والجهاز البولي التي قد تكشف ايضاً وجود حصيات حالبية او كلوية.

درن المثانة والبروستاتا:

كما هو الحال في الحالب فأن اصابة المثانة تحدث بسبب مرور الجراثيم من الكلية المصابة اليها عبره وتظهر الآفات عادة على فوهة الحالب في المثانة والذي قد يشبه احياناً حفرة الغولف اذا ما اشتد التليف في جدار المثانة. وقد يسبب الدرن في اولى مراحله التهابا حادا فينتشر في المثانة ويتبعه تقرحها وتليفها في المراحل اللاحقة. واما بالنسبة الى البروستاتا فاصابتها بالدرن نادر ويحصل عادة نتيجة غزوها بالجراثيم عن طريق الدم مع حصول تجبن وتليف داخلها مع امتداده احياناً الى الاحليل الذي يعبرها وقد يؤدي ذلك الى نخر جبتي وبروز ناسور منها الى الجلد في منطقة العجان.

درن الجهاز التناسلي:

الاعراض السريرية:

تختلف تلك الاعراض حسب الاعضاء البولية والتناسلية المصابة بالدرن ومدى امتداد المرض الذي يصيب عادة الرجال بنسبة ضعفين اصابته للنساء خصوصاً في اوائل اوخلال سن البلوغ. وبعكس الدرن الرئوي الذي يتميز بالسعال والبلغم مع احياناً نفث الدم فيه والحمى والتعب الجسدي والآم ا لصدر ونقص في الوزن والتعرق الليلي وفقدان الشهية فأن درن الكلى والمسالك البولية والتناسلية له اعراض سريرية مختلفة تشمل تكرار التبول والبيلة الدموية التي تظهر في حوالي 10% من المرضى وتظهر عادة بدون ألم او حرقان اثناء التبول والظاهرة في البول أو المكتشفة بالتحليل المجهري عليه بنسبة 50% من تلك الحالات وعادة ما تحدث البيلة القحية بدون وجود اية التهابات جرثومية في مزرعته في اغلب الاحيان. وفي بعض الحالات تكون اول علاقة سريرية تدمي المني الذي ما عاود عدة مرات فقد يوحي بوجود درن في الجهاز التناسلي. ومن اعراضه الأخرى غير النوعية حدوث المغص الكلوي والآلام فوق العانة تقرح العضو التناسلي للرجل وتورم البربخ والخصية وتخرز الأسهر والناسور الجلدي في الصفن التي قد تنذر بوجود الدرن وتدفع بالطبيب الى الاشتباه به.

التشخيص:

عند الاشتباه بالاصابة بدرن الكلى او المسالك البولية والتناسلية يجب القيام بعدة فحوصات لاثبات وجوده وكشف مدى انتشاره. ومن اهم التحاليل زرق السلين تحت الجلد وهو ما يسمى باختبار ppd فاذا ماحدث جسوء في موقع الحقنة يمتد الى 5ميلميتر او اكثر فذلك يدل عادة تعرض المريض الى الدرن حاضراً أو ماضياً، ولكن هنالك شوائب لنتائج هذا الفحص خصوصاً انه قد يوحي بالتعرض السابق للمرض ولكنه لايثبت وجوده حالياً. ومن أهم التحاليل المخبرية اجراء فحص مجهري ومزرعة للبول في الصباح على 3أيام لاكتشاف وجود بيلة دموية اوقيحية والجراثيم الخاصة بمرض الدرن ان المزارع البولية التقليدية لهذا المرضى تستغرق مابين 4إلى 8اسابيع قبل الحصول على نتائجها فلذلك استعملت حديثاً اختبارات متقدمة ومبتكرة قد تخفض تلك المدة الى حوالي 48ساعة ولكنها لاتزال تجريبة ولاتجري الا في بعض المراكز الطبية العالمية. وبعد كشف الجراثيم السلية في المزرعة يجب القيام بالاختبار التحسسي للتقصي عن حساسيتها الى انواع خاصة من المضادات الحيوية. ويجري فحص الدم لتحديد وظيفة الكلى وشدة الالتهاب بناء على سرعة التنقل وتركيز البروتين المتفاعل ومن ثم يقوم الاخصائي بالتصوير الاشعاعي على

الرئتين والكلى والجهاز البولي. ان هدف المعالجة الحفاظ على وظيفة الكلى وعلاج الدرن النشيط في أول مراحله باستعمال المضادات الحيوية والوسائل الجراحية التي قد يحتاجها المرضى في حوالي 80% من تلك الحالات.

1- العلاج الدوائي والغذائى :

من أهم المضادات الحيوية المستعملة لهذا المرض أيزونيازايد isoniazid وريفامبيسين Rifampicin وبيرازيناميد pyrazinamide واثامبيوثول ethambutol وستربتوميسين streptomycin.

التي يجب استعمالها تحت اشراف اخصائي الأمراض الخمجية، وذلك لمدة قد تتراوح مابين ستة اشهر الى سنتين بدون اي انقطاع بعد التأكد بالاختبار الحسسي عن فعاليتها ضد الجراثيم المزروعة ومتابعة المريض دورياً واعادة التحاليل المخبرية والأشعة للتأكد من نتائجها وأعراضها الجانبية خصوصاً ان بعضها قد تكون سامة للكبد او مسببة للاعتلال العصبي او أعراض سريرية شبيهة بالنزلة الوافدة او قلة الصفيحات او زيادة تركيز حمض اليوريك في الدم او القصور الكلوي أو التهاب عصب العين او الطرش. ويجب على المعالجة الدوائية ان تشمل التغذية الخاصة والصحيحة تحت اشراف اخصائي تغذية علاجية الخبير في ذلك المرض الذي ينظم حمية خاصة لكل مريض غنية بالبروتين وعالية السعرات الحرارية أهمها الفيت جولدن والهيباتوب والعصائر الطبيعية الطازجة للخضروات والفواكه والزبادى البلدى ويتممها بالفيتامينات ب 6وج والحديد والزنك والسيلينيوم والكسليوم.

2- العلاج الجراحي:

رغم نجاح العلاج الدوائي في أغلب تلك الحالات ألا انه قد تتطلب بعضها الى اجراء عمليات جراحية لتصحيح تشوهاتها او ازالة الانسداد في المجاري البولية واستئصال الكلية كلياً او جزئياً اذا ما تعطلت نهائياً مع وجود التهاب مزمن داخلها حل محل انسجتها وسبب الاعراض السريرية الأليمة او المضاعفات الخطيرة والالتهاب الدرني المستمر. وعلينا التشديد انه من الضروري قبل اجراء اية عملية جراحية ان يعالج المريض دوائياً بالمضادات الحيوية لستة أسابيع على الأقل للوقاية من انتشار الالتهاب اثناء العملية. فالجراحة الاستئصالية للأنسجة المتلوفة والتي تحتوي على جراثيم حية تقوي مفعول تلك المضادات خلال الالتهاب. وقد تستدعي بعض الحالات القيامة بجراحة تصحيحية لإزالة اي انسداد في الحالب يسبب قصوراً كلوياً. وفي حال وجود كلية معطلة أو تلك التي تحتوي خراجاً والتي قد تسبب فرط الضغط الدموي أو ناسوراً مابينها وبين الجلد فيجب استئصالها بعد التأكيد من سلامة ووظيفة الكلية المقابلة. واما اذا ما تواجد تكيف قطبي مع زيادة في التكلسات داخله فيمكن القيام باستئصال جزئي للكلية مع الحفاظ على القسم السليم منها. وفي حالات انسداد الحالب مع حدوث التهاب حاد في البول والد

م يجب تحويل البول بسرعة اما بإدخال قنطرة عبر الحالب من المثانة بالتنظير او خلال الجلد للمحافظة على وظيفة الكلية وتحسنها وازالة الالتهاب قبل القيام بعملية تصحيحية لتصحيح الانسداد مع متابعة المريض بواسطة تصوير الجهاز البولي بالصبغة دورياً للتأكد من عدم تقدم الآفات وزيادة التليف اثناء العلاج الدوائي.

واذا ما اثبتت الاشعة تشخيص ضيق في الحالب او في وصلته مع حويضة الكلية فيمكن قطعه بالليزر او بالشفرة بواسطة التنظير او القيام بعملية جراحية لتصحيحه. ونادراً إذا ما كان ضيق الحالب طويلاً أو في حال وجود تضيق في عدة اجزاء منه يمكن استبداله بالامعاء الدقيق. ويجب القيام باستئصال البربخ والخصية اذا ما احتويت على خراج او عند الاشتباه بوجود سرطان خصيوي. واما اذا ما حصل تقلص شديد في المثانة مع انخفاض شديد في سعتها فيمكن ترقيعها بقطعة من الامعاء.

saadhealthcare@hotmail.com

عدد القراءات : 76385
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات