احدث الاخبار

توريث الشيخوخة السياسية سيفشلها الشباب

توريث الشيخوخة السياسية سيفشلها الشباب
اخبار السعيدة - بقلم - أكرم الثلايا         التاريخ : 09-04-2011

إن الأنانية المفرطة في القيادات السياسية التاريخية في بلادنا , كان قد أفرز سخطاً عارماً لدى الشباب وان ظل لسنوات حبيس المجالس ومقايل أوساط الشباب , وكان رئيس الجمهورية قد أطلق العنان في العديد من خطاباته السياسية لفكرة تدوير المناصب القيادية في أوساط حزبه , ولكن هذه الفكرة لم تلقى قبولاً على أرض الواقع من قيادات حزبه والتي عملت  لحد الساعة على تهميش الشباب وفرض التبعية الأبوية السلطوية عليهم , ونفس المنوال سارت عليه بقية الأحزاب السياسية اليمنية حتى اليوم.

- فنجد جلياً أن قيادات الحزب الحاكم هم ممن بلغوا الشيخوخة , وورثوا أسلوبهم وطريقتهم في الإدارة الحزبية لأبنائهم ورجال الكلام فيهم لا الأفعال , ولا يطيق المؤتمرين أي رأي راجح غير رائيهم حتى وان كان خطأ فادح , كما يتعامل المؤتمرين مع الناس كما يتعامل مع الشباب اليوم وكأنهم جميعا أتباع لا مقومات شعب وطاقات أمة عريقة , ودائما ما يتعامل هذا الحزب في حكمة لليمن بمنطق ردود الأفعال , وأتضح هذا جليا من خلال ما يحدث اليوم من تعامل هذا الحزب مع شباب ساحة التغيير والأزمة برمتها , فقيادات المؤتمر لا تملك خططاً وخططاً بديلة لإدارة الأزمة والطريقة الأنجع من بين عدة خطط للتعامل مع شباب يختلف كليا عن الشيخوخات , ولكن قياداته امتلكت عدة خطط لتحقيق منافع شخصية , وهو حزب لا يعترف بالشباب في ممارسات الواقع وأن كان دائما ينادي ويغني بهم , وكل ذلك بفضل الأنانية المفرطة واعتقاداتهم إنهم رجال ولا رجال غيرهم , ولا شباب غير شبابهم.

- أما أحزاب المعارضة , فهم أيضا ممن بلغوا الشيخوخة فنجد الحزب الاشتراكي اليمني العريق , عريقاً بالفعل في قيادته البالغة من العمر عتيا وكذلك مكتبه السياسي ولأبأس أن تكون مرجعياته التاريخية شائخة ولكن ليس مقررة لمصيره من الخارج , وقريب من شيخوخة هذا الحزب هم الناصريون الأكثر قراءة وثقافة وبعد فكري تغلب عليه السرية.

- أما حزب البعث العربي الاشتراكي جناح العراق , فقد عرفت قيادته التاريخية وهي شائخة منذ العام 1989م , وحينها كنت طالباً ثائراً متأثرا بالمد القومي العربي المعادي لدولة العدو الإسرائيلي الصهيوني , لأكتشف أن جوهر هذا الحزب هو قطري عمليا لا قومي بسبب آلياته واختياره لرموز وطنية لقيادته بعيدة عن الشباب والشبيبة , لا بسبب مبادئه وقيمه العريقة وأهدافه السامية التي تظل أماني لكل العرب والمسلمين , وكذلك هو حال حزب البعث الجناح السوري.

- أما التجمع اليمني للإصلاح ذو العقيدة الاستحواذية وصاحب الخطط والخطط البديلة المثيرة للإعجاب التنظيمي , فهو أيضا مسيطر عليه من قبل المؤسسين التاريخين الذين تجاوزوا الشيخوخة بجيل أو جيلين من أنصارهم وأعضاء الحزب الشباب , ويصر شيوخ هذا الحزب على أن يبلغوا هدفهم في حياتهم من الوصول للحكم ولاشي غير الحكم , وبرغم أن شباب هذا الحزب أثبتوا أنهم أكفاء من شيوخهم , إلا أن فكر التوريث لازال سائد بحكم قوة التاريخ وسطوة المال , وأن أخذ شكلا ديمقراطياً انتحابياً , إلا انه في الحقيقة شوروياً توافقيا أتفاقيا بين قيادته وشيوخه على حساب شبابه وأعضائه وأنصاره , وإذا ما أسهبنا قليلاً فيه لوجدناه يفرغ طاقات شبابه من خلال تعيينهم أو انتخابهم ليس ذلك مهما , في الإدارات الوسيطة , ويصبغ على بعضهم بأي شكل من أشكال مراتب  عضويته  كشرف عضوية مجلس شورى الإصلاح وجمعياته ولكن القرار النهائي ليس من شأن الشباب , وليس أدل على ذلك من قدرة شيوخ هذا الحزب على امتصاص قدرات شبابه القيادية في الشارع , أمثال السيدة \ توكل كرمان القيادية الناشطة والتي تستحق بجدارة رئاسة هذا الحزب انتخابيا , فقد التصقت بالشارع وهموم شبابه وهموم عامته , وبفضلها صار التجمع ينظر له عالميا بأنه حزب سياسي معتدل , وبرغم أن أغلبية أعضاء ومناصري هذا الحزب من السيدات , إلا أن قيادته من أصحاب الشيخوخة الذكورية التي ترفض بشدة ولاية المرأة كما ترفض قيادة الشباب له سياسيةَ , وإذا وجد فيه قيادات شابه فيه أمثال الشيخ \ حميد الأحمر الكًفء أداريا في توزيع الأدوار حزبياً وأمثاله كثر في التجمع , إلا انه وصل لمثل هذا المنصب القيادي بحكم إرث التاريخ وأن أخذ شكلاً ديمقراطيا انتخابيا , وإذا ما قورن بالسيدة \ توكل كرمان عضو مجلس شورى الإصلاح وانجازاتها العديدة على الأرض والتي كانت أول من دقت مداميك خيام التجمع اليمني للإصلاح في أوساط ثورة ساحة التغيير بجامعة صنعاء لتسبق كل رجال حزبها وفي حضوري شخصياً , فأن كفة المقارنة شعبيا تصب لصالح السيدة توكل كرمان , وتنظيميا لصالح الشيخ \ حميد الأحمر , ولست أقلل من شأن أي مواطن يمني بقدر ما أحاول وصف حالة النظام التعددي السياسي اليمني وأترك التقييم للمختصين وشباب الثورة خاصة وللشعب اليمني عامة.

- وتنطبق رؤيتي على بقية الأحزاب السياسية في اليمن وتختلف بنفس متفاوتة بين حزب وأخر في الأسلوب وشيخوخة القيادة من شبابها , وتجتمع الأحزاب السياسية في اليمن في سيئة واحدة لها وجه مادي ووجه أخر سياسي ........

1- فالوجه المادي أننا لا نعرف من أين تمول نشاطات هذه الأحزاب فالمخصصات المالية الرسمية لا تفي بتشغيل وصيانة سيارات قيادات هذه الأحزاب ناهيك عن إصدار صحف ودوريات واجتماعات وتسيير مظاهرات وتخييم  و.و.و.و.و ...ألخ ... ومهما بلغت التبرعات فهي عقلانيا لا تفي بالغرض مهما وثقت , كما أن أغلب أعضاء هذه الأحزاب لا يدفعون الاشتراكات المالية لعضويتهم أن لم يكن الكل , وان همس البعض أن الحزب الحاكم يسخر أموال الدولة لنفسه , فمن يتسخر على بقية الأحزاب السياسية اليمنية ؟ ... الإجابة يعرفها جميع الشباب اليمني وتتجاهلها القيادات السياسة !!

2- أما الوجه السياسي وهي أن جميع الأحزاب لا تمتلك برامج سياسية واقعية قابلة للتحقيق , فقد قرأت البرامج السياسية للأحزاب فلم أجد برنامج واحد لأي حزب يحدد أرقام أو نسب مئوية لخطط تنموية اقتصادية يعرضها لتحقق نتائج لأهداف منشودة , فبرامج الأحزاب عبارة عن سطور فضفاضة وأهداف عامة , وإذا ما تمعنا جيدا نجدها متشابه لحد كبير مع اختلاف التعبير والألفاظ والمترادفات وكأن الذي وضعها شخص واحد , نسخ ولصق.  

- إذن لا أحد أفضل من أحد في شخصه أو في حزبه وليس أدل على ذلك من أن الأغلبية من اليمنيين هم مستقلين يمقتون ويلعنون الحزبية السياسية وتتجاوز نسبتهم 66% واغلبهم من الشباب , فمن أين تحشد الأحزاب السياسية في الحاكم والمشترك الملايين المؤيدة لهم في ساحة التغيير بجامعه صنعاء وميداني التحرير والسبعين ؟ ... الإجابة المنطقية أنهم يكذبون , كما كذبوا علينا قبل حرب صيف 1994م , مع احتفاظ البعض بمواقعهم وتبادل البعض الأخر المواقع والأدوار.

- الخلاصة ... أن التجربة أثبتت أن الأحزاب اليمنية القائمة فاشلة , فاحتقرت الشباب حتى ثأر , وخربت ودمرت اليمن لأسباب شخصية ومصلحيه , وبأساليب دونية أشبة بأساليب عصابات المافيا ولاعلاقة لها بالعمل السياسي النزيه ,,, وحان الوقت للجهة التشريعية في اليمن إعادة النظر في النظام التعددي السياسي برمته في تجرد كامل من انتماءاتهم الحزبية , ووضع الضوابط الدستورية والقانونية والمعايير العملية , ووضع شروط موضوعية وعامة وملزمة لتشكيل أي حزب أو لاستمرار أي حزب قائم , ومنها السماح لتشكيل نواة حزب جديد من أوساط شباب الثورة اليمنية تحت  التأسيس فورا , حتى ينجز أعضاء مجلس النواب المنتخبين من الشعب ومنهم الشباب , وتشجيع المستقلين من الشباب في ساحة التغيير وخارجها على تحقيق ذلك من قبل رئيس الجمهورية بصفته رئيس دولة لا رئيس حزب , وتشريع جميع أعضاء مجلس النواب بتجرد من صفاتهم الحزبية لتوفير دعم مالي لهم , أن كانوا نواب لليمن والشعب لا نواب للأحزاب , فالجميع لا يزال يستلم رواتبه ولم يقدموا استقالتهم (النواب) , بينما شباب ثورة التغيير بلا رواتب , وإلا فإننا سنواجه ثورة شبابية أخرى قادمة من جديد بعد حين لن تسمح للأحزاب بركوب موجتها مرة ثانية , وستعصف بكل الأحزاب القائمة والنظام التعددي السياسي اليمني الفضفاض والهش , على طريق بناء دولة مدنية ونظام سياسي حديث وقوي.

Althulaia72@gmail.com

عدد القراءات : 2138
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات