احدث الاخبار

جـدل المبادرة الخـليـجـية

جـدل المبادرة الخـليـجـية
اخبار السعيدة - صنعاء (اليمن) إبراهيم غانم         التاريخ : 08-04-2011

المؤشرات الميدانية تتجه نحو القول إن صالح يفضل اللعب في مربع القوة، غير أن مجمل المشهد العام يؤكد أن الثورة الشعبية قاب قوسين أو أدنى من الانتصار وأن علي صالح نفسه بات مقتنعا أن لا مناص من الرحيل.

لم يجد نظام صالح ما يقوله عن المبادرة الخليجية سوى القول إنها “غير ديمقراطية” محتجا على التصريح القطري على مضمون أهم بنود المبادرة رغم أن علي صالح هو من طلب التدخل الخليجي أو السعودي بالأحرى.

فهل نحن أمام مناورة لتحسين ظروف المفاوضات اللاحقة أم أمام إرادة الذهاب إلى مقامرة: تفجير الموقف عسكريا وإغراق اليمن في موجة عنف قبل الاندحار الأخير؟.

المؤشرات الميدانية تتجه نحو القول إن علي صالح يفضل اللعب في مربع القوة، غير أن مجمل المشهد العام يؤكد أن الثورة الشعبية قاب قوسين أو أدنى من الانتصار وأن علي صالح نفسه بات مقتنعا أن لا مناص من الرحيل.

قبل المبادرة الخليجية كان علي صالح طلب التدخل السعودي عندما بحث وزير خارجيته إلى الرياض قبل نصف شهر، وقالت وسائل الإعلام حينها إن علي صالح استنجد بالسعودية من الثورة الشعبية حيث تحصل على “نجدة” تمثلت بإرسال آليات عسكرية لقمع الاحتجاجات عبر ميناءعدن، إلى أن ترددت معلومات أن الرياض غير متحمسة لضمان علي صالح من الملاحقة القضائية بعد تنحيه من الحكم.

بعد ذلك كشف الشيخ حسين الأحمر أن علي صالح كتب بخط يده “مبادرة” من خمسة بنود وسلمها للسفير الأمريكي بصنعاء تنص على تخلي الرئيس عن صلاحياته لنائبه، مشترطا عدم ملاحقته أو أفراد أسرته أو أحد من نظامه. في حين طالب ممثلو المعارضة في اجتماع بمنزل القائد العسكري علي محسن، بتنحي الرئيس عن السلطة.

في الأثناء تصدع نظام علي صالح وكان على وشك الانهيار مع تلاحق الاستقالات من المؤتمر والتحاق السفراءوالقبائل بالثورة التي أيدها قطاع كبير من الجيش والكثير من ضباط الأمن بعد ارتكاب القوات التي يقودها أقارب صالح مجزرة ضد الثوار السلميين في ساحة التغيير بصنعاء المعروفة بمجزرة جمعة الكرامة.

محتوى التطورات يعني أن نظام صالح فقد شرعيته الشعبية ولم يعد أمامه إلا الرحيل.

كان من المنتظر أن يعلن علي صالح التزامه بمبادرته يوم السبت 26 مارس بعد أن ترجى الحاضرين في الاجتماع الذي حضره سفير أمريكا والاتحاد الأوروبي في منزل علي محسن بتأجيل “جمعة الزحف”.

بعد أن تأجل زحف الشباب إلى القصر أعلن علي صالح أمام حشد من أنصاره يوم الجمعة في ميدان السبعين، أعلن تمسكه بالسلطة وعادت المفاوضات إلى نقطة الصفر.

نظر المراقبون إلى جلب الحشود بالأموال العامة إلى ميدان السبعين على أنها مجرد مناورات في الوقت الضائع، لكن علي صالح أعقب ذلك بتصعيد العنف ضد المعتصمين سلميا في أكثر من محافظة، وسقط شهداء جدد في محافظتي تعز والحديدة وتكشفت محاولة فاشلة لاغتيال علي محسن الأحمر قائد الفرقة الأولى مجرع التي تحمي الثوار في ساحة الاعتصام.

وكان صادق الأحمر (شيخ مشائخ حاشد) كشف مخططا لاغتيال شخصيات سياسية واجتماعية كما كشف شباب ثورة التغيير مخططا لاغتيال عشرات الناشطين منهم في ساحة التغيير، في حين فشلت سياسة النظام في إشاعة الفوضى في المحافظات عبر سحب قوات الأمن المركزي وجمعها في العاصمة وحول قصر الرئاسة الذي بات فيه علي صالح معزولا عن العالم.

بين القبول بمغادرة السلطة وتركيز الاهتمام على عدم الملاحقة القضائية ثم الذهاب إلى استخدام القوة ضد المحتجين وربما ضد كل الخصوم السياسيين، يبرز سلوك مزدوج يبعث القلق في الداخل والخارج، أما الثورة فلم تعد محل جدل مع استمرار صبر ممثليها في ميادين الاعتصامات التي تشمل معظم المحافظات.

توقف الحوار حول الرحيل من السلطة في صنعاء، لكن وزير الدفاع الأمريكي كان يناقش الأوضاع اليمنية مع المسؤولين السعوديين في الرياض بعد أن أظهرت أكثر من عاصمة أوروبية قناعتها بنجاعة رحيل علي صالح سلميا عن السلطة.

جاءت المبادرة الخليجية كما يراها المحللون لصالح تلبية مطلب علي صالح، مايعني قبول السعودية استضافته على غرار زين العابدين بن علي وبدون مشاكل..

لا معنى للفذلكة الكلامية حول إعلان المبادرة، فلا علي صالح ولا عبده الجندي يصلحان أستاذين للديمقراطية، كما أن التنحي الذي كشفته قطر من المبادرة مجرد تحصيل حاصل، فلم تعد مشكلة صالح الخروج بحد ذاته بل “الخروج المشرف” كما نقل سياسيون من المقربين منه.

الأرجح أن صالح سيقبل المبادرة كلية، وقد رحب بها فعلا، لأنها تترجم موقف حلفائه: الخليج والولايات المتحدة الأمريكية، في حين تحذر منظمة العفو الدولية من صفقة منحه حصانة عن المساءلة القضائية عما ارتكب من جرائم بحق المتظاهرين. ويعد فريق من المحامين في اليمن وأوروبا ملفا موثقا عن الجرائم المرتكبة بحق المواطنين في الثورة السلمية والحراك الجنوبي وحرب صعدة لتقديمه إلى محكمة الجنايات الدولية.

البرلمان الأوروبي طالب محكمة الجنايات الدولية بفتح تحقيق مستقل عن جريمة جمعة الكرامة وهو مطلب أكدت عليه 18 منظمة دولية مهتمة بحقوق الإنسان، مطالبة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بعقد جلسة خاصة باليمن.

لا منجاة أمام علي صالح، إذاً، إلا بالقبول بالصفقة. وربما تذكر وسائل الإعلام في قادم الأيام أن الممانعة المؤقتة التي أظهرها إزاء المبادرة الخليجية لم تكن سوى عدم تصديق علي صالح أن حلفاءه تخلوا عنه مثلما لم يكن مصدقا أن شعبه لا يقبله إلى هذه الدرجة.

يطالب الثوار بمحاكمة “السفاح” على صالح، وقد طلبوا من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية تجميد أرصدته وأقاربه تمهيدا لاستعادتها، حيث قدرت بعض المصادر الصحافية أنها حوالي 50 مليار دولار. وكانت مصادر متطابقة توقعت أن يقرر الاتحاد الأوروبي الاثنين المقبل تجميد أرصدة صالح وأقاربه، فإذا لم يحدث ذلك فإنه مؤشر على إمكانية إفلات صالح من العقاب، وتمرير الصفقة: الرحيل مقابل السلامة, سلامة المجتمع من أي نزيف آخر وسلامة صالح وأقاربه وأركان نظامه من الملاحقة القضائية على جرائمه وفساده.

ما تزال المباحثات المزمعة في الرياض رهن السجال، وما يزال ممثلو الثورة اليمنية في الساحات.. وبحسب توصيف قناة الجزيرة الأثيرة عند اليمنيين “الشعب يصنع ثورته”.

 

المصدر : thawratalbon.wordpress.com
عدد القراءات : 2426
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات
ابن خارف
الشعب كله مع الشرعيه وفخامة الرئيس بدون تدليس وكذب والجموع المليونيه التي تكتض بها العاصمة ايم الجمع استفتاء حقيقي على شرعيته خاصة بعدظهور تجار الحروب والانفصاليين والقاعدة عملاء الخارج ناهبي الاراضي