احدث الاخبار

رئيس بسبع ارواح!!

رئيس بسبع ارواح!!
اخبار السعيدة - بقلم - مصطفى غليس         التاريخ : 02-04-2011

لم يولد الرئيس صالح وفي فمه ملعقة من ذهب أو سيفاً بيده اليمني ودرعاً بالأخرى.. لقد خرج الى الدنيا باكياً مثل كل بني آدم، عاش حياة قاسية عرفها كل أقرانه وسابقيه، شاء الله وخدمته الظروف التي شهدتها اليمن في سبعينيات القرن المنصرم ليتولى رئاسة البلاد ويصبح رمزاً من رموزها السيادية.

بغض النظر عن كونه رئيساً للجمهورية بل إنساناً له كرامة، لا أدري بماذا كان يفكر محمد قحطان القيادي في أحزاب اللقاء المشترك عندما قال أنهم سيدخلون الى غرفة نوم رئيس الجمهورية لكن ما أنا على ثقة منه الآن أن الشباب المعتصمين بساحة التغيير باتوا على بينة أثبتت لهم الى أية درجة استغلهم الساسة للعبور من خلالهم الى غاياتهم أكانت حزبية أو شخصية، بعد ان عجزوا عن تحقيقها عن طريق العمل السياسي.

لن اتوغل في تبعات تصريح قحطان اللاأخلاقي، كما أنني هنا لست بصدد الدفاع عن الرئيس ونظامه فالتغيير مطلب الجميع بما فيهم المواليين قبل المعارضين ويبقى الاختلاف في الطريقة الأنسب  والأصلح للتغير.

وبعيد عن هذا وذاك فقد أثبتت الأحداث التي شهدتها الساحة اليمنية على مدى 45 يوماً أن الرئيس علي عبدالله صالح بسبعة أرواح، احتاج المصريون لثمانية عشر يوماً لتنحيه مبارك وقبلهم صمد التونسيون 23 يوماً حتى هرب بن علي على إثرها الى منفاه الأختياري، ورغم اقتراب الاحتجاجات والاعتصامات من دخول يومها الخمسين في اليمن إلا أن صالح صامد.

في تونس وقف كل الشعب ضد زين العابدين بصف الثورة وفي مصر عجز الحزب الوطني عن مناصرة مبارك باستثناء بضع مسيرات خجولة لم ترتق كماً وكيفاً للحشود المطالبة برحيل الرئيس وعلاوة على ذلك فقد طالت يد العنف والقتل والتنكيل محتجي تونس ومصر بصورة بشعة.

في اليمن الوضع مختلف فأنصار صالح ومؤيدوه الذين يخرجون للشوارع أضعاف معارضيه وهم في ازدياد يوماً إثر آخر.

سمعت أحد المطالبين برحيل الرئيس صالح وهو يتحدث عن المستجدات التي تشهدها الساحة اليمنية في الباص الذي كان يقلنا بعيداً عن ساحة التغيير – سمعته يلمح الى نفس صالح الطويل في البقاء وصموده، مستشهداً واليأس يبدو من ثنايا حديثه بمثل يمني يقول "كلما قلنا عساها تنجلي قالت الأيام هذي مبتداها".

ما سر بقاء الرئيس صالح الذي من المفترض أن يكمل عامه الـ(35) على كرسي الحكم في 2013م بناءً على نتائج آخر انتخابات رئاسية شهدتها اليمن في سبتمبر 2006م.

ثمة عوامل ساعدت وتساعد الرئيس صالح على البقاء طوال هذه المدة المديدة يصعب تفنيدها في هذه المساحة الضيقة، لكن لماذا صمد في الوقت الذي تهافت أقرانه من الرؤساء طويلي البقاء على سدة الحكم جراء الثورات الشعبية التي تجتاح بلدان الوطن العربي، بل لماذا تتزايد شعبية صالح كلما تقادمت الاعتصامات والاحتجاجات المناهضة لحكمه؟

في قراءة سريعة للمشهد اليمني الراهن يمكن القول أن الرئيس صالح يمتلك سبعة أرواح وكلما حاول معارضوه ومناهضوه وأد روحاً وجدوا أمامهم أرواحاً عدة، كل روح منها عصية على التدمير.

روح صالح الأولى تتمثل في شرعيته الدستورية التي منحها إياه الشعب اليمني في انتخابات 2006م الرئاسية، والثانية تستند على المنجزات التي تحققت في عهده ولعل أهمها وأغلاها إعادة تحقيق الوحدة اليمنية وما رافقها من تعددية سياسية وحرية رأي وديمقراطية هي الأولى بل الوحيدة في المنطقة.

أما ثالثة أرواح الرئيس صالح فمردها تسامحه مع معارضيه ومناوئيه بل ومن أساءوا في حق الوطن، عرف صالح منذ السنوات الأولى لحكمه بعفوه وتسامحه وإن كان البعض يعد تلك السمة إحدى مثالبه لكثرة ما أبداه من صفح عمن أساءوا للوطن وحاولوا النيل من منجزاته  ومقدراته ووحدته وأمنه.

وتأتي روح صالح الرابعة من مواقفه العروبية والقومية، سواءً في إيمانه العميق بالقضية الفلسطينية وتحرير الأراضي المحتلة أو بمواقفه الناصعة إزاء تكالب القوى العالمية على العراق الشقيق والسعي لاحتلاله في حرب الخليج الثانية 1990م ولعل آخر مواقفه القومية – وهي كثر – رفض بلادنا القاطع للقرار الذي تبنته بعض الدول العربية لفرض حظر جوي على ليبيا وهو القرار الذي على إثره بررت القوات الغربية قصفها وتدميرها لليبيا بغض النظر عن حقيقة القذافي.

ومن وطنيته الحقة وخوفه على الوطن ووحدته وأمنه واستقراره ولدت روح الرئيس صالح الخامسة وهاهو كل يوم يعلن قبول الرحيل عن السلطة رغم الشرعية التي منحته البقاء حتى 2013م.. يعلن رحيله بطريقة سلمية وسلسة وعبر الديمقراطية التي أرسى نهجها بعيداً عن العنف والاقتتال على السلطة والذي قد يدخل الوطن في حرب أهلية قد لا تنتهي في المدى القريب.

حب الشعب للرئيس صالح هو من منحه الروح السادسة وكاذب من يقول أن الشعب لم يعد راغباً بصالح ولعل جمعتي " التسامح 26/3/2011م"  وبعدها "الاخاء 1/4/2011م"  أكبر دليل على حب الشعب لصالح فقد خرجت الملايين لمناصرته وتأييده بل  وحمايته بعد أن أعلن القيادي في أحزاب اللقاء المشترك محمد قحطان أنهم سيدخلون الى غرفة نوم الرئيس بعد أن يزحفوا من الجامعة الى القصر الرئاسي.

أما روح صالح السابعة فقد أهداها إليه معارضوه وكارهوه قبل محبيه.. معارضو الرئيس صالح ونظامه – السياسيين منهم أو من يتزعمون تنظيمات مسلحة – كانوا وما يزالون مصدر بقاء الرئيس وهم يعملون على دعمه ومساندته من حيث يعتقدون أنهم يضعفونه.. المعارضة السياسية في اليمن وبمواقفها النزقة جعلت الشعب ينفر منها ولا يأمن من مكرها ونواياها التي كشفت الأيام سوءها، يعتقد المواطنون أن صالح ونظامه المعروف بفساده – أرحم – بكثير من قوى أحزاب المشترك وشركائه، ولعل استغلالها لثورة الشباب الحاصلة قد كشفت للكثير وخصوصاً الشباب الثائر أنها تعلي مصالحها الخاصة على المصلحة العليا للوطن وهذا ما قد يمثل المسمار الأخير في نعشها السياسي لتصبح هي وحزب المؤتمر الشعبي العام "الحاكم" في خانة واحدة.

تلك أرواح صالح السبعة التي تمنحه البقاء على كرسي الحكم كما تؤكد ذلك الأحداث، ولعل بعضكم قد يختلف معي فيما طرحته لكن هذه قناعاتي وصدق من قال أن (اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية) إن كان لكم رأي آخر.

عدد القراءات : 2924
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات
فاديه علي
كلام رائع جدا و اتمنى ان كل شعب اليمن يهب من اجل نجاة الوطن من المحن و الفتن و يعلموا ان رئيسا ليس نبياولا يجب ان نحمله فوق طاقتنه و اشكر صاحب المقاله