احدث الاخبار

اليمن بين فكَّي كمَّاشة

اليمن بين فكَّي كمَّاشة
اخبار السعيدة - بقلم الشيخ / الحسين بن أحمد السراجي         التاريخ : 26-03-2011

في الوقت الراهن تعيش اليمن مرحلة خطيرة من الإنقسام والتجاذب فكمثيلاتها في تونس ومصر وليبيا والبحرين وعمان والأردن والعراق والمغرب وحتى السعودية – وإن تم تجاهل الأمر - هناك احتجاجات ومطالب شعبية وجماهيرية تنادي بالتغيير والإسقاط والإصلاح ونيل الحقوق

من هذه المطالب ما هو في حدود المعقول ومنها ما هو مشروع ومنها ما قفز فوق المتوقع حتى وصل حدَّ المستحيل .

مطالب التغيير نحو الأفضل والإصلاح المالي والإداري ونيل الحقوق والمواطنة ومكافحة الفساد والمحسوبية والتوريث مطالب معقولة ومشروعة تعجز الأنظمة عن مقارعتها أو الوقوف في وجهها وإن صمدت فلأمد غير بعيد فإرادة الشعوب لا تقهر ، أما مطالب الإسقاط فقد قفزت فوق المعقول وبلغت درجة المستحيل وإن تحققت في تونس ومصر فحالة فريدة وربما شاذة لا يجب التعويل عليها نظراً لاختلاف الوعي , وموبقات الشعوب العربية واليمن خصوصا وهي ( العصبية والقبلية والطائفية والمناطقية والمذهبية ) وتعويل تحقيق الإسقاط على نموذجي مصر وتونس قفزٌ غريب ينم عن عدم وعي بتركيبة البلاد الإجتماعية وعدم معرفة بالواقع الذي نعيشه أو مغامرة غير محسوبة النتائج .

وبالعودة إلى معاناة اليمن كبلد وشعب ووقوعه بين فكين أو فكي كمَّاشة لا تعي مخاطر ونتائج المغامرات سألج إلى الموضوع دون الإسهاب في حقيقة الراهن :

الفك الأول :

المعارضة السياسية المتمثلة في أحزاب اللقاء المشترك وبعض منظمات المجتمع المدني المحسوبة عليه ومجموعة من الشباب البريء من الحزبية , للمعارضة كل الحق في المطالبة بالإصلاحات والتغيير نحو الأفضل وكبح جماح الفساد ومحاكمة رموزه والشعب اليمني برمته يقف خلف المعارضة التي تعرضت لنكسات كثيرة تتمثل بعدم التزام السلطة بالاتفاقيات التي يتم إبرامها بين الطرفين مما أدَّى لاختلال الثقة بل انهدام جسورها , وعدم تصديق السلطة في أيِّ وعود أو مبادرات عامل أساس في رفض كافة الحلول والوساطات مما أوصل الأمر حدَّ المطالبة بإسقاط النظام في خطوة تعدَّت حدود الواقع مُرَاهِنَةً على نموذجي تونس ومصر.

لقد وقعت المعارضة ربما في مغامرة غير محسوبة النتائج ولا أدري كيف غاب عن قادتها- وفيهم الحكمة والسياسة والحنكة والحصافة - إدراك حقيقة الواقع والتركيبة السياسية والإجتماعية للمجتمع اليمني .

لقد اتفق الجميع في المعارضة على عداء علي عبدالله صالح وتحديد موقف منه وذلك في اعتقادي عامل التوافق والإتفاق فيما بين أحزابها وخصومتها مع علي عبدالله صالح كشخص ما يدفع هذه الأحزاب للمغامرة بالوطن في موقف سُلبت فيه العقول وغابت الحكمة , فما علي عبدالله صالح مقارنة بوطن سيحترق فيما لو استمرأت المعارضة ركوب موجة التيه الراهنة ؟

شرارة فتنة الجمعة الدامية التي سقط خلالها أكثر من خمسين شهيداً مائتي جريح في أقل من نصف ساعة كافية لإيقاظ من رفض الإستيقاظ بأن النتائح ستكون كارثية لو ظلت موجة القفز فوق الواقع مستمرة .

شرارة فتنة الجمعة الدامية فتحت أعين الكثير ممن كانوا راكبين موجة المغامرة وأوقظت عقولاً شِيْءَ لها أن لا تستيقظ .

في نظري فإن الرئيس قدَّم كل ما لديه وأسقط كافة المبررات لدى المعارضة ولم يبق إلا تقديم نفسه لهم بينما المعارضة وحتى اللحظة لم تقدِّم شيئاً باستثناء النفخ في كير الفتنة والدفع بالوطن نحو المجهول .

آمل أن تستفيد المعارضة مما قدمه الرئيس فإن لم يكن فيه نتائج مرضية فمن أجل الوطن .

لقادة الفك الأول :

أناشد دينكم وأخلاقكم وإنسانيتكم ووطنيتكم _ التي لا يساورني فيها شك _ أن توقفوا نزف الدم اليمني وتعبئة الشارع حفاظاً على الوطن ونسيجه الإجتماعي

أعلم أنكم قد تعرضتم للكثير من المماطلات والتسويف والإلتفاف على ما يتم إبرامة لكن الوطن اليوم في خطر وماذا ستخسرون لو أعطيتم الفرصة الأخيرة وإن حدث شيء من المماطلة فقد صار لدينا أقوى من كل سلاح وأمضى من كل حدٍّ وهو الشارع وبه وفيه سنحصل على ما نريد , أستحلفكم بالله تلبية هذا النداء فآمالي العريضة تُعَوِّل عليكم الإستجابة .

الفك الثاني :-

وسائل الإعلام المحلية والعربية التي طغى عليها الحيف والتجنِّي فلا أدري أهو جزء من سياسة هذه القنوات والوسائل إحراق البلدان وتفكيكها ومن ثم الجلوس على تلالها بعد الخراب كمؤامرة يصعب تفكيك طلاسمها حتى الآن ؟ أم أنَّ دافعها هو الخصومة مع النظام وتصفية الحسابات ؟

أو أن من يتحمل مسئولية توجهات هذه الوسائل هم مراسلوها الذين غلب عليهم اللون السياسي المعارض الذي بدوره أبعدهم عن الحياد والمهنية فأوقعوا هذه الوسائل في شرك العداء والتجنِّي ؟

سأتوقف معلقا على بعض هذه الوسائل :

قناة الجزيرة : تكاد تكون قناة المعارضة بامتياز ولا لوم من سحب تراخيص مراسيلها وإغلاق مكتبها ففي الأمر (إنَّ) .

قناة العربية : تنحو منحى الجزيرة وإن بدرجة أقل فلا أدري سبب اختيارها هذا التوجه إلا إذا كان توجه الداعمين لها !!!

قناة العالم : على خطى الجزيرة والعربية وما أثَّر على توجهها قليلاً هو إنشغالها بأحداث البحرين .

قناة المنار : قناة المقاومة وسيد المقاومة لكنها تفرد مساحة لايستهان بها لأحداث اليمن بلون واحد وهذا مَعِيْبٌ في حقها .

قناة الحرة : أجدها معقوله بعض الشيء وإن كانت ميولاتها للمعارضة أكثر

الـBBC : لربما القناة الوحيدة الأكثر واقعية والاقرب لتحري الدقة والمصداقية برغم تعرُّض مراسلها للبلطجة ذات مرة .

قناة سهيل : معارضة بإمتياز ولا تحتاج إلى تعليق .

قناة السعيدة : كانت جيدة حتى الأسبوع الماضي فتغيرت فجأة وبدون سابق إنذار .

وسائل الإعلام المحلية / الصحف والمواقف الإليكترونية :- تدفع نحو الفتنة وتشعل الحرائق , وفي غالبها نجدها راكبة موجة المغامرة بالوطن ونسيجه الإجتماعي والقفز فوق الواقع وتكاد تكون بلا حيادية .

هذا الفك خطير وهو يلعب دوراً في تشكيل قناعات الناس حيث تكمن الخطورة في التحريض والإثارة والدس والكذب والإفتراء , وقد ظهرت الكثير من الفضائح وعرف الناس الكثير من الزيف ولا زال الحال مستمراً وصولاً للطوفان .

لقادة هذا الفك :

لن أقول كلمة ) إتقوا الله ) فطالما سمعتموها والبعض سخِر واستهزأ بها لكني سأقول : لطالما تحدثتم عن شرف المهنة وميثاق الشرف الصحفي فالتزموا به يرحمكم الله ، أما الطوفان الذي تدفعون بالبلد إليه فالله عز وجل أرحم وألطف .

أملي أن تداووا الجراح وتوقفوا النزف وتؤلفوا القلوب وتوحدوا الطاقات بدل هدرها وتقاربوا بين الأطراف يا قوم السلطة الرابعة ورواد صاحبة الجلالة .

عدد القراءات : 2390
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات
أبو المجد
أحنت ياشيخ وزاد الله الوطن من امثالك آمين
يماني أصيل
كأنك نبض الوطن والله ما أجد سوى القول شكرا