احدث الاخبار

الشعب يريد .. " نهاية سلمية "

الشعب يريد ..
اخبار السعيدة - بقلم - عبد الحبيب العزي         التاريخ : 23-03-2011

الأحداث المتسارعة تباعاً بعد جمعة الكرامة الدامية في ساحة التغيير بصنعاء ، أكدت ورسخت – وبما لا يدع مجالاً للشك – ذلك المفهوم القائل " بأن كل قطرة دم يريقها النظام على المعتصمين في الساحات ، إنما تُسرِّع من نهاية أجله " ، وهذا ما حصل وما لمسناه فعلاً خلال الثلاثة الأيام الماضية .

إن ذلك السيل من الاستقالات المتتالية في صفوف النظام والحزب الحاكم خلال الثلاثة أيام الماضية ، من قبل وزراء في الحكومة ، وسفراء في الخارج ، وقيادات عليا ومتوسطة في الحزب الحاكم ، ثم قادة ألوية عسكرية ، وضباط  وصف ضباط  وجنود وأفراد في القوات المسلحة ، ومشايخ قبائل ومدراء إدارات ، وغيرهم .... الخ ، من قائمة طويلة لا يتسع مقال كهذا أو حتى صحيفة بكاملها لذكر أسماؤهم  جميعاً ، كل ذلك يدل دلالة واضحة على مدى هشاشة واهتراء ذلك النظام البائد ، ويؤكد للمشككين ، أنه لم يكن هناك وجود فعلي لهذا النظام أصلاً على أرض الواقع ، في طول البلاد وعرضها طوال السنين والعقود الماضية ، وإنما كان عبارة عن حكم تملكه عائلة بعينها مع مجموعة أفراد يحيطون بها ويسيطرون على خيرات البلد ومقدراتها وتتشابك مصالحهم في المتاجرة بها .

لقد أثبت الشعب اليمني - بمختلف شرائحه وانتماءاته - سلمية وحضارية اعتصاماته ، حين ترك "بندقيته" في منزله ، وتوجه إلى الساحات بفكره وعقله بشكل سلمي ، رافعاً مطلبه في ورقة صغيرة خطها قلمه ، مجسداً بذلك نضوج وعيه السياسي بحقه المشروع في التظاهرات والاعتصامات السلمية ، التي كفلتها الدساتير والقوانين الدولية ومنها الدستور اليمني ، وكذا قوانين حقوق الإنسان ، ثم نضوج وعيه كذلك بأن السلاح التقليدي لم يعد هو الأسلوب الحضاري لانتزاع الحقوق في عالم اليوم " عالم الانترنت والفيس بوك" ، وأن السلاح الناعم  بات هو " عدسة الكاميرا" التي تنقل الصورة الحقيقية دون تحريف أو تزييف ، وهو بالطبع  ما لا يروق لأنظمة القمع العربية المحتضرة .

 هذا الأسلوب الحضاري من قبل شباب الثورة  في الاعتصامات أغاض النظام الذي تعود على القمع والقهر ، فحاول جاهداً استفزازهم وتفريقهم بجملة من وسائله البدائية والغير أخلاقية كالبلطجة ، وترويج الكذب والافتراءات عبر وسائله الإعلامية التي هي في الأساس ملك للمعتصمين ، ولمَّا ترفع الشباب عن مواجهة أساليبه تلك ، لجأ إلى الغازات السامة لقتلهم ، ثم ضاق صدره ذرعاً بصمودهم الأسطوري فاستخدم أسلوب القتل المتعمد بالرصاص الحي  مع سبق الإصرار ، وهي كانت المسمار الاخير في نعشه المتهاوي .

ولأن الثورة كبيرة بأهدافها .. وعظيمة بقيمها ومبادئها ، فهي تستوعب كل من انضم إليها من أبنائها ، وتحتضن كل من التحق بها من المستقيلين من النظام ومن الحزب الحاكم ، حتى ولو أتو إليها متأخرين ، ونحن بدورنا نحيي ونشيد  بمواقف كل أولئك الأحرار المستقيلين من الحزب الحاكم ، ونعتبر أن كل تلك الاستقالات تعكس الروح الإيجابية والمسئولة لدى كل أولئك المستقيلين ، وأن الانحياز للثورة هو انحياز للقيم على إطلاقها وبكل مفرداتها ، وبنفس الوقت هو انحياز لذوات أولئك المستقيلين .

بتقديري أن الرئيس صالح لم يستطع قراءة المشهد اليمني على حقيقته حتى هذه اللحظة ، وأنه قد جانب الصواب في تهديده الأخير بالحرب الأهلية ، وقوله بأن الشباب المعتصمون هم الضحية ، واتهامه لأحزاب المشترك بأنها تريد الانقلاب على نظام حكمه ، الذي لا زال مصراً على أنه " النظام الشرعي " ، وهو بذلك يشخصن القضية بينه وبين خصومه من قادة اللقاء المشترك ، وبالأخص الشيخ / حميد الاحمر ، متجاهلاً الشباب وهم العنصر الأساس في هذه الثورة  ، ويبدوا أنه لم يستفد من دروس سلفه المصري والتونسي ، الذين لم يجدوا في نهاية المطاف سوى الاستسلام للواقع من حولهم ، حتى وإن كانوا مكرهين .

إن جموع الشباب ومعهم كل جماهير الشعب ، الذين ما فتئت حناجرهم تطالب برحيل النظام منذ ما يقرب من شهر ونصف تقريباً ، قد أعلنوا ومنذ اللحظة الأولى لانطلاق ثورتهم أنها سلمية وفقط سلمية ، وأنهم لن ينجروا وراء أي منزلق للعنف مهما كانت حدة القمع الذي سيلاقونه ، وأنهم مستعدون لتلقي الرصاص الحي من أي كان ، بصدورعارية تماماً ، وكل ما يأملوه هو نهاية سلمية ، تتحقق فيها كل مطالبهم المعلنة عبر هتافاتهم اليومية ، بعيداً عن التهديد والوعيد ، الذي ما عاد ينفع مع شعب يقول بأنه قد عرف طريقه وأنه لن يظل الطريق بعد ذلك أبداً .

*كاتب – ومستشار للتحرير بمجلة المرأة والتنمية

الصادرة عن الاتحاد النسائي العربي واتحاد نساء اليمن

عدد القراءات : 1920
Share |
اضف تعليقك على الفيس بوك
التعليقات